العقاب من منظور إسلامي

    • العقاب من منظور إسلامي

      هذا موضوع كتبه أحد الأخوة سأنقله لكم على حلقات

      المقدمة:‏
      الحمد لله الذي أبان لعبادة منهج التربية القويمة في قرآنه المجيد، وأوضح للعالمين مبادئ ‏الخير والهدي والإصلاح في أحكام شرعه الحنيف، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي بعثه ‏الله للإنسانية مؤدباً ومربياً، وأنزل عليه تشريعاً يُحقق للبشرية أسمى آيات عزها ومجدها وعلى ‏آله وأصحابه الطيبين الأطهار، الذين أعطوا لأجيال متعاقبة نماذج فريدة في تربية الأبناء وتكوين ‏الأمم، وعلى من نهج منهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.‏
      وبعد،،،‏
      حين لا تفلح القدوة ولا تستجدي النصيحة لابد إذاً من علاج حاسم يضع الأمور في ‏نصابها الصحيح، وعلاجها الحاسم هو العقوبة.‏
      وبعض الاتجاهات الحديثة تنفر من العقوبة وتكره ذكرها على اللسان، ولكن الجيل الذي ‏أُريد له أن يتربى بلا عقوبة ــفي أمريكا مثلاً- جيل منحل متميع مفكك الكيان.‏
      ولقد طال النقاش واحتد بين التربويين المعاصرين في مسألة العقاب البدني لطلبة ‏المدارس، وحول فاعليته وسلبيته وكذلك إيجابيته وكل فريق من هؤلاء له ما يبرر أقواله، إلا أنهم ‏متفقون جميعاً على أن يتمسك كل واحد منهم برأيه بشكل غريب، وقد قال أحد علماء التربية وهو ‏‏(هوريس مان ‏‎H Man‎‏) «من المحتمل ألا يوجد في أي موضوع تربوي خلاف ملحوظ بل ‏وعداء في الرأي كذلك الخلافات الناشئة في موضوع العقاب كما لم يظهر في موضوع آخر ‏إصراراً إن لم يكن عناداً في التمسك بالآراء التي تكونت مثلما ظهر في هذا الموضوع، فمن جهة ‏يُحبِّذ العقاب كباعث للتعلم، ويشجب من جهة أخرى باعتباره شيئاً بغيضاً، إن مسألة مثيرة للجدل ‏كهذه لابد أن تستفيد من الحقائق التي يوفرها لها علم النفس والمتعلقة بالنتائج المترتبة على ‏استعمال العقاب».‏
      [/SIZE]مفهوم التربية
      التربية من الناحية اللغوية:‏
      تعود كلمة التربية إلى أصول لغوية ثلاثة وهي:‏
      ربا رَبِيَ رَبَّ
      فالأصل الأول: رَبا يربو بمعنى نما، ينمو.‏
      والأصل الثاني: رَبيَ يَرْبي بوزن خَفِيَ يَخْفي، ومعناه نشأ وترعرع.‏
      والأصل الثالث: رَبَّ.. يَرُبُّ.. بمعنى أصلحه وتولى أمره وساسه وقام عليه ورعاه.‏
      ومن أراد الاستزادة فعليه بالرجوع إلى معاجم اللغة العربية كـ لسان العرب ومعجم ‏مقاييس اللغة، ومفردات الراغب للأصفهاني، قاموس المحيط، أساس البلاغة للزمخشري.‏
      من هذا يتبين أن التربية هي إيصال الشيء إلى كماله والكمال يتوقف إلى طبيعة الشيء ‏الذي يخضع لعملية التربية لخير الفرد ولخير مجتمعه.‏
      المعنى الاصطلاحي للتربية:‏
      اختلف علماء التربية وكل من تكلم في هذا الجانب إنما نابع من الأيديولوجية التي نشأ ‏عليها، أو بمعنى أحرى على عقيدة قائلة «فإن علماء التربية المحدثين أصحاب المدرسة السلوكية ‏مثلاً ركزوا على أن التربية هي تعديل في السلوك الأفضل قد أنظر أنا إلى سلوك ما، إنه غير ‏وافٍ، غيري ينظر بخلاف ذلك» وكما قلنا أنه نابع من عقيدتهم التي تُنادي بفصل الدين عن ‏الدنيا، وبعضهم قال: أن التربية هي النمو ثم النمو ثم النمو كما يردد ذلك مؤسسة الفلسفة ‏البراجماتية أو النفعية التي يتبناها النظام الرأسمالي وهو (جون ديوي) والذي يقول: التربية هي ‏اتجاه نحو النمو وليس لديه إلا النمو.‏
      أما التربية عند المسلمين أشمل من ذلك كله، فهم يُعرِّفون التربية هي: إعداد الفرد للنجاة ‏في الدنيا والآخرة، ولك أن تقيس تحت هذين التعبيرين:‏
      ‏ - المحافظة على نظرة الناشئ ورعايتها.‏
      ‏ - تنمية مواهبه واستعداداته كلها.‏
      ‏ - توجيه هذه الفطرة وهذه المواهب نحو صلاحها وكمالها.‏
      ‏ - التدرج في هذه العملية. - إعداده للدنيا والآخرة.‏
      إن التربية عند المسلمين تركز إلى إخراج الإنسان الصالح في دينه ودنياه، وأن تكون ‏الدنيا هي مزرعة الآخرة، أي أنه ينشأ متوازياً يُعطي الدنيا حقها والآخرة حقها.‏
      ‎‎وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسَ نصيبك من الدنيا‎‎‏.‏
      هذه هي التربية بمفهومها العام وبشكلها المختصر حسب ما تمليه علينا عقيدتنا الإسلامية.‏
      وكما هي القاعدة عند علماء المسلمين الدنيا مزرعة الآخرة، والعاقل من يحسن عمارة ‏مزرعته حتى يصل بها إلى الدار الآخرة ويجنيها، وكذلك يحسن العبور على قناطر النجاة.‏
      بما أن حديثنا عن العقاب، والعقاب مرتبط بالأخلاق فنبدأ حديثنا أولاً عن:‏



      يـــــــتـــــــــــــتبع|e
    • النمو الأخلاقي عند الأطفال:‏
      إن النمو الأخلاقي يبدأ في مرحلة متقدمة عند الأطفال، ويحددها علم النفس ما بين (سنتين ‏إلى خمس سنوات) يبدأ نضوجه نوعاً ما فيستطيع الطفل أن يتخلق ببعض الأخلاقيات التي ‏يكتسبها من خلال القدوة المتحركة أمامه دون فهم المعنى المجرد لهذه الأخلاق.‏
      وهذه المرحلة مناسبة لإكساب الطفل الأخلاقيات الحميدة، لأنه مزود بقدرة فطرية فائقة ‏على اكتساب ما يُلقى إليه من خير وشر، وبما أن الخلق من الأمور المكتسبة كما قال الإمام ‏الماوردي «الأدب مكتسب بالتجربة أو مستحسن بالعادة، وكل ذلك لا ينال بتوفيق العقل، ولا ‏بانقياد الطبع حتى يكتسب التجربة والمعاناة» لذلك فإنه من السهل تشكيل الطفل بالكيفية التي ‏يريدها المربي فيغرس فيه ما شاء سلباً أو إيجاباً فإنه إذا أهملت التربية للخلفية للطفل كما يقول ‏الإمام الغزالي: «فإن الصبي مهما أُهمل في ابتداء نشوئه خرج في الأغلب رديء الأخلاق كذاباً ‏حسوداً سروقاً نماماً لحوحاً ذا فضول وكياد ومجانة، وإنما يحفظ عن ذلك بحسن التأدب».‏
      وحتى لا يصل الطفل إلى هذا المستوى الذي صوره الإمام الغزالي لابد من اهتمام البيت ‏بالتربية الخُلقية فيتحلى الوالدان بالأخلاق الحميدة ويكونا قدوة صالحة، فمثلاً في الكذب عن ‏عبدالله بن عامر ‏‎‎‏ قال: دعتني أمي يوماً ورسول الله ‏‎‎‏ قاعداً في بيتنا فقالت: تعال أعطك فقال ‏لها رسول الله ‏‎‎‏: «ما أردت أن تعطيه؟» قالت: أردت أن أعطيه تمراً، فقال لها: «أما أنك لو لم ‏تعطيه شيئاً كتب عليك كذبة».‏
      فإذا كانت القدوة الصادقة والطفل لم يقلدها فلابد من البحث عن الأسباب التي دفعت هذا ‏الطفل إلى الكذب.‏
      ومنها قد يكذب الطفل تجنباً للعقاب أو لدافع شخصي أو رغبة في تحقيق غرض شخصي ‏أو مصلحة ذاتية، وقد يكذب حُباً للظهور أمام غيره بصورة غير التي هو فيها، ولعلاج هذه ‏الظاهرة لابد من إشباع حاجات الطفل النفسية والمعنوية والمادية والإحسان إليه في المعاملة وفي ‏الثواب والعقاب، والاهتمام بغرس القيم والمبادئ الإسلامية والعمل على تربيته على القناعة ‏والرضى بما عنده، وتوفير الصحبة الصالحة، وسرد القصص التي تحث على الأخلاق الفاضلة.‏




      |eيــــــــتـــــــــبـــــــــع
    • دور الآباء في ضبط سلوك الأبناء:‏«الأب راعٍ ومسؤول عن رعيته» هكذا جاء الحديث النبوي الشريف مؤكداً دور الأب في ‏حياة الأسرة، وبخاصة ضبط سلوك الأبناء وتقديم القدوة الصالحة لهم وهو ما تزداد الحاجة إليه ‏في مرحلة الطفولة المتأخرة وبداية البلوغ.‏
      وعلى الأب أن يقوي الوازع الديني لدى الابن بالخوف من الله والصلاة والصدقة والتوجيه ‏الحسن.‏
      وهناك أمور كثيرة ينبغي على الآباء أن يتدخلوا فيها لإصلاح أبنائه منها:‏
      ‏ أ) متابعة الأبناء أثناء استذكار دروسهم.‏
      ‏ ب) مساعدتهم لتقسيم أوقات المذاكرة.‏
      ‏ ج) البعد عن النقد اللاذع والتركيز على الإيجابيات لرفع الروح المعنوية للطفل وزيادة ‏الثقة بنفسه.‏
      ‏ د) عدم إفشاء أخطائه أمام الآخرين وتجنب النصح الجماعي.‏
      ‏ ه) الابتعاد عن المشكلات المنزلية.‏
      ‏ و) الاتصال بالمعلمين بشكل دوري لتحقيق التعاون بين المدرسة والبيت.‏

      الشفقة على المتعلمين:‏
      جاء في كتاب قناطر الخيرات للشيخ أبي طاهر إسماعيل الجيطالي ما نصه: (وعلى المعلم ‏أن يعامل طلابه كمعاملته لأبنائه فهم أمانة عنده، وقد روي عن النبي ‏‎‎‏ من طريق ابن عمر ‏‎‎‏ ‏أنه قال: «وقروا من تتعلمون منه ووقروا من تعلمونه العلم» وعن عمر بن الخطاب ‏‎‎‏ أنه قال: ‏‏«تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم وتواضعوا لمن تعلمون وليتواضع لكم من تعلمونه ولا ‏تكونوا من جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم، وقد روي عن النبي ‏‎‎‏ أنه قال: «أنا لكم مثل ‏الوالد أعلمكم أمر دينكم» ولابد للمعلم أن يقصد من تعليمهم أن ينقذهم من نار الآخرة، إذ الوالدين ‏همهم إنقاذ ولدهم نار الدنيا).‏

      يــــــــــــتـــــــــــــــــبـــــــــع
    • آداب المتعلم والمعلم:‏
      وفي هذا الفصل نبدأ بذكر أهم النقاط التي ينبغي على المتعلم أن يلتزم بها وهذه النقاط التي ‏سوف أذكرها يجب أن يُربى عليها الطفل منذ نعومة أظفاره ومنها:‏
      ‏1- المبادرة إلى التعليم منذ بداية العمر.‏
      ‏2- أن يكون القصد من التعلم إرادة وجه الله تعالى.‏
      ‏3- الاتصاف بالأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن.‏
      ‏4- التفرغ للعلم وإعطاءه حقه.‏
      ‏5- أن لا يتكبر عن العلم ولا يتأمر على المعلم بل يُلقي إليه زمام الأمر كله.‏
      ويذعن لنصحه إذعان المريض الجاهل للطبيب الحاذق، وقال بعض العلماء: «ومن لم ‏يحتمل ذل العلم ساعة احتمل ذل الجهل أبداً» وينبغي أن يتواضع المتعلم لمعلمه ويطلب الثواب ‏والشرف لخدمته، وروت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي ‏‎‎‏ أنه قال: «من وقر ‏عالماً فقد وقر ربه ‏‎‎‏»، وقال علي بن أبي طالب:‏
      إن المعلم والطبيب كليهما
      فاصبر لدائك إن جفوت طبيبه
      ‏ ‏‏ ‏لا ينصحان إن هما لا يكرما
      واصبر لجهلك إن جفوت معلما

      ثم ليعرف فضل علمه، وليشكر له جميل فعله ولا يمنعه من ذلك علو منزلته إن كانت له، ‏هذا ما يتعلق بجانب المتعلم.‏
      أما ما يتعلق بالمعلم فمنها:‏
      ‏1- العقل الذي يدرك به حقائق الأمور.‏
      ‏2- الفطنة.‏
      ‏3- الذكاء الذي به يستقر حفظ ما تصوره وفهم ما علمه.‏
      ‏4- الإخلاص للعمل، لأن الإخلاص يدفع به التضحية، ولابد أن يستشعر الصبر، وقد ‏روي عن النبي ‏‎‎‏ أنه قال: «إنكم لا تنالون ما تحبون إلا بالصبر على ما ‏تكرهون».‏
      ‏5- تقوى الله تعالى.‏


      مفهوم الثواب والعقاب:‏
      إن مبدأ الثواب والعقاب من المبادئ التربوية الأساسية التي يضع لها الإسلام اعتباراً ‏كبيراً، ولولا هذا المبدأ لتساوى المحسن والمسيء قال تعالى: ‏‎‎وما يستوي الأعمى والبصير ‏والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلاً ما تذكرون‎‎‏.‏
      قال أحد الناس لمؤدب ولده: «ولا تمعن في مسامحته، فيستحلي الفراغ ويألفه، وقومه ما ‏استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباها فعليك بالشدة والغلظة».‏
      لذلك لابد من اختيار المبدأ الملائم في الثواب والعقاب حتى لا يحدث نفوراً أو تهاوناً من ‏الأطفال.‏
      إن من طبيعة الفرد البشري المزاوجة بين الخير والشر، فالخير يواجه بالإثابة والتعزيز ‏والتشجيع، والشر له زواجر ونواهٍ وهو ما يُعرف في القرآن الكريم بأسلوب الترغيب والترهيب.‏[/COLOR]



      |e يــــــتـــــــــــبـــــــــع
    • التربية بالعقوبة:‏
      أولاً نأتي إلى الطرق التي اتبعها الرسول ‏‎‎‏ في العقوبة وهي تعتبر طريقاً ونبراساً يقتدي ‏بها التربويون والمصلحون وهي كالآتي:‏
      أ- الإرشاد إلى الخطأ بالتوجيه:‏
      روى البخاري ومسلم عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: كنت غلاماً في حجر ‏رسول الله ‏‎‎‏ وكانت يدي تطيش في الصفحة (أي تتحرك هنا وهناك في القصعة) فقال لي ‏رسول الله ‏‎‎‏: «يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل ما يليك».‏
      ب- الإرشاد إلى الخطأ بالملاطفة:‏
      روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنهما أن رسول الله ‏‎‎‏ أُتي بشراب ‏فشرب منه وعن يمينه غلام (عبدالله بن عباس) وعن يساره أشياخ فقال رسول الله ‏‎‎‏ للغلام: ‏‏«أتأذن لي أن أُعطي هؤلاء؟» وهذه هي الملاطفة وأسلوب التوجيه، فقال الغلام: لا والله لا أوثر ‏بنصيبي منك أحداً فثله رسول الله ‏‎‎‏ في يده أي وضع الشراب في يده.‏
      جـ- الإرشاد إلى الخطأ بالإشارة:‏
      روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما كان الفضل رديف رسول الله ‏‎‎‏ فجاءت ‏امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل رسول الله يصرف وجه الفضل إلى ‏الشق الآخر فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا ‏يثبت على الراحلة، فأحج عنه قال: «نعم» وذلك في حجة الوداع، فلقد رأيت أنه ‏‎‎‏ عالج النظر ‏إلى الأجنبيات بتحويل الوجه إلى الشق الآخر، وقد أثر ذلك على الفضل.‏
      د- الإرشاد إلى الخطأ بالتوبيخ:‏
      روى البخاري عن أبي ذر ‏‎‎‏ قال: ساببت رجلاً، فعيرته بأمه وقال له: يا بن السوداء، ‏فقال رسول الله ‏‎‎‏: «يا أبا ذر عيرته بأمه! إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم جعلهم الله ‏تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم من العمل ‏ما لا يطيقون، وإن كلفتموهم فأعينوهم».‏
      هـ- الإرشاد إلى الخطأ بالهجرة:‏
      روى البخاري عن كعب بن مالك حين تخلف عن النبي ‏‎‎‏ في تبوك قال: نهى النبي ‏‎‎‏ ‏عن كلامنا.. ذكر خمسين ليلة، حتى أنزل الله توبتهم في القرآن الكريم.‏
      و- الإرشاد إلى الخطأ بالضرب:‏
      قال تعالى: ‏‎‎واللائي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ‏فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً‎‎‏.‏
      وروى أبو داود والحاكم عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله ‏‎‎‏ قال: ‏‏«مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع».‏
      لقد رأيتهم أن العقوبة أمرٌ أقره الإسلام، هي تأتي في المرحلة الأخيرة بعد الوعظ ‏والهجرة، هذا الترتيب يفيد أن المربي لا يجوز له أن يلجأ إلى الأشد إذا كان ينفع الأخف ليكون ‏الضرب هو أقسى العقوبات على الإطلاق، ولا يجوز اللجوء إليه إلا بعد اليأس من كل وسيلة ‏للتقويم والإصلاح علماً بأن النبي ‏‎‎‏ ما ضرب أحداً من نسائه، وقد يبدو للبعض من خلال ‏الحديث الشريف الأمر بالصلاة لسبع، والضرب عليها لعشر فيه نوع القسوة والإرغام أو منافاة ‏أو مجافاة في الأسلوب الذي يجب أن يتبعه المربي، هذا وَهْم: ألا ترى إلى الزارع في تدرجه في ‏تعامله مع غرسه من اليد إلى المقص (المجز أو المخطة) إلى الفأس من حين يظهر نبات النخيل، ‏إلى أن يكون فسيلة إلى أن يصبح شجيرة ثم شجرة.‏
      كما أن الإسلام أحاط هذه العقوبة بدائرة من الحدود وبسياج من الشروط حتى لا يخرج ‏الضرب من الزجر والإصلاح إلى التشفي والانتقام، وهذه الشروط ترتيبها كما يلي:‏
      ‏1) ألا يلجأ المربي إلى الضرب إلا بعد استنفاذ جميع الوسائل التأديبية والزجرية كما ‏سبق بيانها.‏
      ‏2) ألا يضرب وهو في حالة عصبية شديدة مخافة إلحاق الضرر.‏
      ‏3) أن يتجنب الضرب في الأماكن المؤذية كالرأس والوجه والصدر والبطن.‏
      ‏4) أن يكون اضرب في المرات الأولى غير شديدة ولا مؤلمة ويكون على اليدين أو ‏الرجلين.‏
      ‏5) أن لا يضرب الطفل قبل سن العاشر أخذاً بحديث الصلاة.‏
      ‏6) أن لا يضرب على الهفوة الأولى بل يعطي فرصة للإصلاح والتوبة.‏
      ‏7) أن يقوم المربي بضرب الولد بنفسه ولا يترك هذا الأمر لأحد من زملائه أو ‏إخوته.‏
      ومن هذا يتضح أن التربية الإسلامية قد عنيت بموضوع العقوبة عناية فائقة سواء أكانت ‏عقوبة معنوية أم عقوبة مادية، وقد أحاطت هذه العقوبة بسياج من الشروط والقيود.‏
      فعلى المربين أن لا يتجاوزها ولا يتغاضوا عنها.‏
      وكم يكون المربي موفقاً حكيماً حيثما يضع العقوبة موضعها المناسب كما يضع الملاطفة ‏واللين في المكان الملائم.‏
      وكم يكون المربي أحمقاً جاهلاً حينما يَحْلِمُ في موضع الشدة والحزم، ويقسو في مواطن ‏الرحمة والعفو ورحم الله من قال:‏
      إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
      فوضع الندى في موضع السيف بالعلا
      وما قَتْلُ الأحرار كالعفو عنهمو
      ‏ ‏‏ ‏وأن أنت أكرمت اللئيم تمردا
      مضر كوضع السيف في موضع الندى
      ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا؟‏




      |e يـــــــتــــــــــــــبـــــــع
    • موضوع اكثر من رائع عن التربية

      بارك اللة فيك واحسن اليك

      يعطيك الف عافية

      تحياااااااااتي
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • اشكر الاخوة المشرفين على نقل الموضوع وذلك لما تعانيه الساحه التعليمية من نزيف داخلي وحتى يستيقظ البركان الخامد أفضل ان يكون الموضوع هنا وليعذرني مشرفي الساحه التعليمة على هذه العبارة ولكن الحق احق ان يقال


      العفوا يا اخي ابن الوقبه تشرفنا بكم
    • خطوات استخدام العقوبة:
      تكلمنا في الفصل السابق عن الطرق لإصلاح السلوكيات التي كان النبي ‏‎‎‏ يتبعها والآن ‏نتكلم بمنظور علماء التربية:‏
      ‏ أ) تجاهل خطأ الطفل في البداية مع حسن الإشارة والتلميح دون المواجهة الصريحة ‏حتى يعض الطفل فرص المراجعة سلوكه وتعديل خطأه وحتى لا نلفت نظره بشدة ‏الخطأ فربما استمر عليه عناداً وإصراراً.‏
      ‏ ب) عتاب الطفل سراً وهي تأتي في المرحلة التالية:‏
      ومن توجيهات علماء التربية المسلمين:‏
      ألا يكثر عليه القول بالعتاب في كل حين فإنه يهون عليه سماع الملامة وركوب ‏القبائح ويسقط وقع الكلام في قلبه.‏
      ‏ ج) عتاب الطفل ولومه جهراً إذا استمر على خطأه، ولا ينبغي تكرار الجهر بالعقاب ‏حتى لا تفقد العقوبة قيمتها.‏
      والواقع أن الطفل إذا تكرر لومه وتوبيخه فإنه يمر بثلاث مراحل:‏
      ‏1) مرحلة التألم نتيجة الشعور بالذنب.‏
      ‏2) مرحلة التضايق نتيجة التوبيخ مع كراهية مصدره.‏
      ‏3) مرحلة عدم إعادة التوبيخ.‏
      ‏ د) الضرب وهو يأتي في نهاية المطاف بالنسبة إلى أساليب العقوبة المختلفة وقد أقرها ‏المربون المسلمون بعد استنفاذ كل وسائل التأديب الأخرى وأحاطوها بشروط بالغة ‏‏(سبق الحديث عنها).‏
      حتى لا تخرج عن مغزاها التربوي ولابد أن يكون الضرب على ذنب حقيقي فلا يصح أن ‏يضرب الطفل على شبه أو ظن وألا يكون شديداً مبرحاً فيخرج من دائرة العقوبة الموجهة إلى ‏الانتقام والتشفي ولا يزيد عن ثلاث ضربات فإن زاد استأذن ولي الأمر.‏
      لذلك قال رسول الله ‏‎‎‏: «علقوا السوط على الجدار وذكروهم بالله»، لأن الطفل إذا رأى ‏العصا هابها وإذا ذاقها هانت عليه، ونذكره بالله فنقول له مثلاً: إذا فعلت كذا يحبك الله ويدخلك ‏الجنة، أما إذا فعلت ما يوجب العقوبة لا يرضى الله عنك وسيغضب عليك ويعاقبك.‏
      وفي حالة صدور سلوك عدواني من طفل بأن يُلقي بقطعة من الطباشير على السبورة أثناء ‏انشغال المعلم أو يُلقي بشيء على الأرض غضباً فيجب محاولة فهم أسباب هذا السلوك:‏
      ‏ - هل كان يعمل فوق طاقته.‏
      ‏ - أم يعبر عن استيائه.‏
      ‏ - أم هناك إهانة وُجهت إليه.‏
      إن فهم أسباب العدوان تُعد الخطوة الأولى للعلاج، لأن المزيد من العقاب يؤدي إلى مزيد ‏من العناد.‏




      يــــتــــــــــــبـــع|e
    • الثواب والعقاب في مجال المدرسة:‏
      اختلفت الآراء كثيراً حول قضية الثواب والعقاب في المدرسة، فكثيراً ما نرى بعض ‏المدرسين يعاقب تلاميذه بهدف ردعهم في طريق العلم والتعلم على حين نرى بعضاً منهم يسرف ‏في استخدام الثواب ويرى أن القسوة البالغة تحط من قدر الطفل وتجعله خنوعاً معانداً متمرداً أو ‏خائفاً متردداً، وفريق ثالث يرى ضرورة التوسط بين الثواب والعقاب دون التحيز إلى جانب آخر ‏ولكي نخرج من هذه الآراء الثلاث نقرر من البدء أن التربية الحديثة تقوم على أساس رفض ‏العقاب بأنواعه وصورة كافة وتتخذ من اللين والتسامح أسلوباً سائداً في تربية الطفل، إذا اضطر ‏المعلم إلى العقاب فينبغي أن يكون في أضيق الحدود وبصورة لا تترك أثراً على شخصية الطفل ‏ونفسيته.‏
      أما فيما يتعلق برأي الإسلام في استخدام العقاب في مجال المدرسة، فهو لا يختلف عما ‏أشرنا إليه سابقاً في باب التربية بالعقوبة، ولا يمنع أن نضيف هنا إلى أن أحكام الشريعة ‏الإسلامية الغراء المنع منه إلا في حالات الضرورة القصوى وهنا يناط هذا الأمر إلى إدارة ‏المدرسة وعدد من المعلمين التربويين الأفاضل وتشكل لجنة لذلك الأمر ويتخذ ما هو مناسب مع ‏الأخذ بتدرج في عمليات العقاب وفق أسس علمية.‏
      ولكن يجب على المعلم أن يسأل نفسه:‏
      ‏ - هل وصلت إلى طريق مسدود يحتاج إلى الضرب؟‏
      ‏ - هل اتبعت الطرق الأفضل لمعالجة الموقف؟‏
      ‏ - وهل تأكد المعلم أن الخطأ سببه المتعلم؟‏
      ‏ - ما هي الأساليب الممكنة استخدامها قبل اللجوء إلى الضرب؟‏
      ‏ - ما هي الآثار المترتبة على تنفيذ القرار؟‏
      ‏ - هل هذه الأساليب تعالج الموقف؟‏



      يـــــتــــــــتبع|e
    • عفوا يا مشرفتنا احلى مسقط

      شكرا للتثبيت


      الأطفال وصفعهم يضعف ذكاءهم وقدراتهم الذهنية:‏أفادت دراسة حديثة أجريت في جامعة نيوهامبشير الأمريكية أن توبيخ الأطفال وصفعهم ‏يضعف ذكائهم وقدراتهم الإدراكية، وأكد الدكتور موراي ستراوس الأخصائي في الجامعة أنه ‏كلما زاد توبيخ الأطفال وصفعهم كلما قلت المعدلات التي يسجلونها في امتحانات الذكاء في ‏الأربع سنوات اللاحقة، وأوضح أن هذه النتيجة ليست لأن الأطفال الذين يُصفعون أغبياء، ولكن ‏لأن الصفع لأحد ذاته سبب تخلف التطور الإدراكي لدى الطفل عن المعدل المتوسط، وتبين بعد ‏جمع المعلومات عن 5آلاف طفل من عمر سنة إلى أربع سنوات أن الأطفال الذين لا يتم صفعهم ‏أو يُصفعون نادراً سجلوا ما معدله (120) في امتحانات الذكاء، في حين سجل الأطفال الذين ‏يتعرضون باستمرار للتوبيخ والصفع معدل (98) من الامتحانات نفسها مع الرغم أن المعدل ‏العام لهذه الفئات العمرية (100).‏
      وأرجع الباحثون الاختلاف في معدلات اختبارات الذكاء إلى أن الآباء الذين لا يلجأون ‏للضرب عادة ما يكونون أكثر منطقية في التفسير والاقتناع لتوضيح أخطاء الطفل بحيث تعمل ‏هذه التفاعلات الكلامية بين الطفل وأبويه على تحفيز قدراته الإدراكية.‏





      يــــــــتــــــــــــبــــــــع|e
    • مرحباااااا

      اشكرك اخي الكريم على هذه الحلقات الرائعة ..
      ونحن في انتظار المزيد منك ..
      اتمنى لك والتوفيق في الدنيا والأخرة ..
      وأسأل الله لي ولكم الأجر والثواب ...

      الهدى
    • ضوابط العقاب

      ضوابط العقاب:‏
      إن للعقاب ضوابط نوجزها كالآتي:‏

      ‏1- العقاب ليس هدفاً إنما هو وسيلة لتصحيح السلوك الخاطئ.‏
      ‏2- من الضروري أن يدرك التلميذ المعاقب الهدف من وراء العقاب هو الحرص على ‏مصلحته والأخذ بيده على طريق التعلم، وذلك من خلال الطريقة التي يتبعها المعلم ‏وليحذر المعلم أن يستشعر التلميذ فيه الانتقام أو الحرص على الانتقام منه.‏
      ‏3- أن يتناسب العقاب مع حجم الخطأ الذي ارتكبه التلميذ ونوعه دون الزيادة على ‏القسوة أو نقصان وذلك أن التلميذ إذا استشعر الزيادة في العقاب تولد لديه الشعور ‏بالاضطهاد والغبن كذلك لو كان العقاب غير مناسب استمرئ في خطئه.‏
      ‏4- كذلك على المعلمين أن يدركوا أن تلاميذهم متفاوتون مختلفون، فالتلميذ الذي لا ‏يصلحه إلا الضرب يختلف عن ذلك الذي تردعه النظرة الغضبى.‏
      ‏5- أن لا يتسرع المعلمون بإنزال العقاب على تلاميذهم دون أن يتأكدوا من أنهم ‏مستحقون هذا العقاب بالفعل.‏
      ‏6- يجب أن ينتهي العقاب بانتهاء الموقف الذي أدى إليه فلا يصح معايرة التلميذ به أو ‏تذكيره بالخطأ الذي عُوقب من أجله، وكذلك على المعلمين أن ينتبهوا لما يحدث ‏أحياناً من معايرة التلاميذ لبعضهم بسبب العقاب.‏
      ‏7- إن العقاب واجب لتصحيح سلوك الفرد لصالح الجماعة، والمعلم حين يعاقب على ‏الخطأ فهو جزء من الجماعة لديها الإحساس بالمسئولية الاجتماعية فلا ينبغي أن ‏يكون العقاب طبقاً لأهوائه الخاصة.‏
      ‏8- إذا كان العقاب على الخطأ أمام الجماعة بهدف الحد من انتشار السلوك الخاطئ ‏فينبغي أن يكون الثواب أمام الجماعة أيضاً حتى يمكن السلوك الإيجابي.‏
      ‏9- من الضروري أن يدرك التلميذ والمعلم معاً المعنى التربوي للعقاب حتى لا يفقد ‏المعلم أو أحد المودة بينه وبين تلاميذه.‏
      ‏01- من الأفضل أن نحيط أولياء الأمور علماً بالموقف العقابي وذلك لضمان استمرار ‏تعديل السلوك.‏
      ومن الملاحظ أن بعض المعلمين يبالغ في استخدام العقوبة البدنية، فعصاه لا تفارق يده ‏وحجته في ذلك أن الآباء والأمهات يضربون أبناءهم وهنا تبرير الخطأ بالخطأ.. وربما يكون عند ‏بعض المعلمين مشاكل داخلية فيعوض نفسه بالقسوة الزائدة على تلاميذه.‏
      وقد يعاني المعلم من مشاكل شخصية كالضائقة المالية أو ضعف المرتب أو تأخر الدرجة ‏المالية، كل هذه المشاكل يتعين على المسئولين الاهتمام الزائدة بالحالة النفسية للمعلم.‏
      ولا يفوتنا أن يصبح الضبط الذاتي لدى التلميذ سلوكاً تلقائياً من ضمائرهم وذلك بتربية ‏الوازع الديني الخلقي ويكون التلميذ رقيباً بنفسه على نفسه.‏






      يــــــتـــــــــــبـــــــــــع