ملاك وعيني هلاك كتب:

ما أروع البكاء

هل مر عليك يوماً بكيت فيه كثيرًا؟ هل شعرت بألم وحرقة في صدرك جعلتك تبكي؟ هل صدمت في عزيزٍ لديك فقدته فأدمى فقده فؤادك فصرت تبكي؟ هل حدث شيئاً سيئاً لم تتوقعه من حبيبك أو صديق عمرك فجعلك تبكي وتبكي؟
ثم هل مرّ عليك يوماً أردت فيه أن تبكي ولم تستطع أن تبكي؟ هل شعرت بأن صدرك يضيق عليك والألم يعتصرك وقد خاصمت الدموع عيناك؟ هل أردت أن تزيل الجبل الجاثم على صدرك من المشاكل والهموم ولكنك لم تستطع أن تبكي؟

إن سبب كتابتي لهذه الخاطرة (وهي ليست شعرًا ، ولا حتى نثرًا) ، وإنما مجرد فضفضة مع النفس من إنسان بسيط جدًا جدًا لا يعرف عن الشعر ولا النثر أي شيء ، إلا أنه يعرف كيف يخاطب نفسه بداخله ، وهذه المرة (وهي من المرات القليلة) التي سمحت فيها لنفسي بأن تسجل أناملي ما يدور في صدري وعقلي.
والسبب كما أقول هو أنه قد أتتني رسالة على بريدي الإلكتروني من إحدى الأخوات تبكي فيها مرارة الأيام وبعض المواقف ، وتتعذب وتتألم بالبكاء ،وكنت وقتها أنا حزيناً ، وتمنيت لو بكيت مثلها ، فرددت عليها وأخبرتها بأنها في نعمة أن استطاعت أن تبكي ، وأردت أن أخبرها كم أتمنى أنا أن أبكي ، فما أروع البكاء…………..

ما أروع البكاء …
ما أروع البكاء عندما يأتي من نفسٍ تعذبت … ما أروع البكاء والمشاعر قد كُذّبَتْ
ما أروع البكاء لعينٍ لم يسبق أن بكت .. ما أروع البكاء بعد أن أرهقت
ما أروع البكاء لروحٍ أشفقت .. ما أروع البكاء إذا ما تلوعت
ما أروع البكاء لأجسادٍ بالحزن أوهِنت .. ما أروع البكاء لأحاسيسٍ تمزعت
ما أروع البكاء إذا الأحبة ودَّعت .. ما أروع البكاء لمشاعرٍ تجمدتْ
ما أروع البكاء لفقد أيدٍ في الخير أبدعت .. حيث قابلتها صنوف التنكر وتنوعت
ما أروع البكاء لأشلائي التي تفرعت .. ما أروع البكاء على أحزاني التي طغت
ما أروع البكاء لفقد حبيبةٍ أبتْ .. ما أروع البكاء على مصادرها التي من قبل أنبعت
ما أروع البكاء على رحيل زهراتِ شبابي .. ما أروع البكاء على ذبولها بعد أن أينعت
ما أروع البكاء حين تتجمد العبرات بالمقل التي من قبل تجملت .. ما أروع البكاء على نظرات العطف التي تسمرت
ما أروع البكاء على الألحان الجميلة التي أنشزت .. ما أروع البكاء عليها وبها العصافير قد شدت
ما أروع البكاء على أيامي التي مضت .. ما أروع البكاء عليها وقد حسبتها تعدَّلت
ما أروع البكاء على حياتي التي ترملت .. ما أروع البكاء على صداقاتٍ من قبل توطدت
ما أروع البكاء على صوري التي تمزقت .. ما أروع البكاء على ذكرياتها التي خلّدت
ما أروع البكاء على رموزي الجميلة وقد تكسرت .. ما أروع البكاء على فقد مبادئ الحبيب التي كنت أراها من السماء تنزلت
ما أروع ما أروع البكاء بعد أن وهنت عظامي وتحطمت .. ما أروع البكاء بعدما كانت أنفي شامخةً وأصبحت في التراب وتمرغت
فلا تحزني يا نفس على البكاء .. فكل مصيبةٍ تبكيني فقد خففت
ما يبكيني يا صديقتي .. أن تحترق نفسي ومشاعري بعد أن لم تجد إلا الحسد
لم تجد عبراتٍ تزيل عنها زفرات الهوى .. فقلبي مكلومٌ من فقد نبع حبٍ صافٍ منه حياتي مراتٍ ومراتٍ ارتوت
ما أروع البكاء .. ولكن كيف البكاء ..
فهناك ما هو أصعب من البكاء
إنه بكاء القلوب
إنه تحجر الأدمعِ في العيون
إنه تسمّر المُقل
إنه جفاف أرض القلبِ في الهموم
إنه انحناء الظهرِ منَ الظنون
إنه انتظار الفراق أياً كانَ ومَتى يكُون

فما أروع البُكاء …..