محمد عبده ... الملك فيصل أدخلني دار الأيتام

    • محمد عبده ... الملك فيصل أدخلني دار الأيتام




      فنان العرب ينفي انحيازه للنساء بعد ارتباطه
      بأصالة وأحلام

      محمد عبده: الملك فيصل أدخلني دار الأيتام



      علي فقندش ـ جدة

      يعرف الكثيرون، من المحيط الى الخليج، محمد عبده الفنان، ولكن قليلون الذين يعلمون سيرته كإنسان، والجميع يجهل أنه يتلحف بالغناء ليخفي جراحه وآلامه كلما طلت عليه ذكرى والدته، وهى التي لاتفارقه صباح مساء ــ حسب تعبيره ــ فعندما يصدح في سماء الخليج فما هو إلا أنين يحمله دعاء كروان إلى والدته التي رحلت ومعها سر هذا الفتى، الذي أتى من مدارس دار الأيتام ليتربع على عرش الأغنية العربية.

      ومن هنا كانت الجوانب الإنسانية تسبق أسئلتنا المتنوعة إلى فنان العرب عقب عودته من دبي وبيروت وأبو ظبي، وكذلك رحلته القصيرة إلى تركيا؛ ليصور كليبا جديدا (دويتو) هو الأول من نوعه مع الفنانة أصالة، بعد أن سبق لهما التعاون في أعمال غير رسمية، ورددت أصالة معه العديد من أغنياته في جلسات فنية. فإلى نص الحوار:

      سألت محمد عبده عن مغزى التعاون المشترك مع أصالة، ولماذا لم يطرح في ألبومه الجديد الذي قدمه الأسبوع الماضي؟

      ــ هو عمل فردي ليس له علاقة بالعمل الموسمي، وهو مشروع غنائي مستقل من ألحان الإماراتي فايز السعيد، الذي كانت لي تجربة معه، والعمل سيكون أمام مشاهدي الفضائيات قريبا وهي تجربة تستحق المشاهدة.

      الآن أصالة، وقبلها الكويتية شمس، وسبقتهما أحلام في لقاءات غير رسمية وكذلك لطيفة التونسية، ماذا نفهم من هذا بعد أن قدمت أصواتا ذكورية، منها: عبد المجيد عبد الله في برنامج مسرح التلفزيون مع مكتشفه سامي إحسان (1405 ــ 1985)، وأيضا عندما قدمت محمد عمر في لحن «تدلل يا قمر شط الحجاز»؛ دعما لمكتشفه سامي إحسان الذي قدم أيضا علي عبد الكريم لأول مرة لساحة الفن في منتصف السبعينيات الميلادية.

      ــ ماذا أشم من رائحة سؤالك، هل تعني فصلا عنصريا فنيا؟
      أشعر أن الموضوع وكأنه مرتب، شباب ثم مطربات، الأمر لا يعدو كونه مصادفات، فلطيفة وأصالة وأحلام سبق وأن جمعتنا معا حفلات وجلسات فنية، وعبرن بشكل كبير عن إعجابهن بأغنياتي، وقدمنها بأصواتهن مرارا، ولم يكن الأمر مجرد إعجاب بتلك الأغنيات، بل إنهن قدمنها بشكل أكثر من رائع، الأمر الذي جعلني أدرس بجدية عروضهن الراغبة في أن أخص أصواتهن بألحان معينة فكانت التجربة، وأعتقد أنها جيدة، مثل تجربة «المحبة أرض» مع أحلام من أشعار البدر.

      وبالنسبة لشمس كان العمل وطنيا للكويت الحبيبة من أشعار الشيخ دعيج الخليفة الصباح، وللكويت موقع في قلوبنا جميعا، وفي قلبي خاصة، حيث كانت انطلاقتي في الستينيات الميلادية، بعد تلفزيون أرامكو، من إذاعة الكويت، وعندما قدمت لي شمس الفكرة في الغناء معا للكويت لم أتردد. ويتساءل محمد عبده قائلا: لماذا لاتحسب كل ذلك؛ دعما لجميع الأصوات في الساحة، فمهمة الفنان صاحب التاريخ والعطاء الكبير تقديم ما يمكنه لدعم غيره والقادمين للساحة، عموما انتظروا العمل المصور القادم مع أصالة، ويسعدني ألف مرة أن أغني للجميع وبكل لهجات العرب بعد أن غنيت لبلدي ووطني المملكة تاج العروبة.

      رثاء كوكب الشرق

      بهذه المناسبة دعني أسألك.. قليلون هم الذين يعلمون أن محمد عبده قدم أغنية رثاء في كوكب الشرق أم كلثوم عند وفاتها في فبراير 1975م، كيف عبرت عن صدمتك بوفاة سيدة الغناء العربي التي تعلمنا منها فن الترديد والإعادة؟

      ــ كنت في استوديو الإذاعة ومعي مهندس الصوت الشهير زكريا عامر، ففكرنا في العمل وأن يكون لي مشاركة تعبيرية عن هذا الفقد الكبير في ساحة الغناء العربي، وجاءت أغنية «بلبلي الصداح راح.. وانثنى منه الجناح»، وأذكر يومها أنها كانت من لوحات العمل الفني المرتبط بالوجدان، ورددها معي كثيرون.
      دار الأيتام
      على ذكر الفقد نعرف ارتباطك الكبير بالوالدة التي فقدتها بعد مشوار طويل لها مع العناء في نشأتك أنت وأشقائك، هل خصيتها بعمل فني محدد؟

      ــ كل الغناء كان لأمي، لقد كانت تتابع كل خطواتي الفنية، فعندما كنت أنهل من فن الكبار أمثال: الراحل عمر كدرس، مطلق الذيابي، طارق عبد الحكيم والخفاجي وغيرهم، كنت أطلعها على كل محاولاتي الأولى، وبالمناسبة توجد أغنية للطفل قدمتها في تلك الفترة وكانت من أشعار سمو الأمير عبد الله الفيصل يرحمه الله.

      ويتحامل محمد عبده على شريط ذكرياته، مواصلا: اعتبر كل ألحاني مهداة لأمي، ففي كل يوم كنت أسمعها عملا جديدا أشعر وكأنه غناء لأمي، هي الحريصة دوما على فني وعملي، وكنت أستشعر نجاح العمل مستقبليا على المستوى الجماهيري من عينيها ورأيها فيه، وأعددت أغنيات كثيرة خاصة بها ظلت في البيت ومحيط العائلة، أيضا غنيت لأبنائي جميعهم بدءا من نورا.
      هل تصور لنا بعض الجوانب الإنسانية في علاقتك بالوالدة؟

      ــ نعم.. الحديث عن الوالدة ــ رحمها الله ــ لاينتهي، فهي بالنسبة لي كل حياتي ولطالما استعرضنا الحديث عن هذه الحالة، لكن دعني أقول لك إن اهتمامها البالغ بي وبموهبتي منذ الصغر، وقبل هذا وذاك تضحياتها الكبيرة من أجلنا ونحن صغار، فمنذ التحاقي بمدرسة السبيل في أحد أحياء جدة القديمة، ومن ثم دار الأيتام، وهي تتحمل تربيتي، أنا وإخوتي، وتعمل ليل نهار، حتى أنها عملت مساعدة لدى بيوتات أهل جدة أثناء أفراحهم في حمل (العبي) الخاصة بالمدعوين.

      ويسترجع محمد عبده تضحيات والدته قائلا: لم تبخل بلحظة واحدة من حياتها لتوفر لنا فيها العيش حتى أنها أخذتنا أطفالا (أخي عثمان وأنا وأخي أحمد) إلى الملك فيصل في قصر شبرا في الطائف، منتظرة قدومه الى مكتبه؛ ليسمح لنا أو يوجه بدخولنا مدرسة دار الأيتام، كانت خطوة قوية وجريئة منها في سبيل مواصلتنا مشوار التحصيل العلمي، الأمر الذي انتهى بي للتخرج من المعهد الصناعي الثانوي في جدة وتحديدا من قسم صناعة السفن.
      وكل هذا جرى وأنا أواصل التعامل مع موهبتي الفنية، حيث عرفت طريق باب الإذاعة من برامج الأطفال في الثمانينيات الهجرية، وشاركت كـ(كورال) في القسم الموسيقى باهتمام خاص من أستاذي الراحل عمر كدرس
      .
      جيل الرواد

      كيف تنظر إلى اختيارك ضمن جيل الرواد الذين شملتهم موسوعة توثيق الغناء العربي، التي أعدها الناقد والصحافي والملحن المصري محمد قابيل قبل سنتين، خاصة أنك الخليجي الوحيد الذي أختير في الموسوعة إلى جانب ناظم الغزالي العراقي؟

      ــ طبيعي أن أكون سعيدا، والذي أسعدني أكثر دراسة قابيل الجيدة التي قدم فيها العديد من نجوم الأغنية العرب أمثال: أبو خليل القباني، هدى سلطان ونجاح سلام، وكذلك تطرقه إلى الشعراء الأبرز وفي مقدمتهم الاحمدان: شوقي ورامي.

      لماذا لم تكرر تجربة الغناء الوحيدة لك في الأوبرا المصرية، التي كانت في 2005؟ ـ

      ـ كانت مشاركتي بدعوة من الدكتورة رتيبة الحفني في مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية الرابع عشر، وكنت سعيدا بها، حيث قدمت الكثير من الألوان المختلفة، وكل شيء في ذلك المهرجان كان مختلفا، حتى الجمهور فهو غير، بالمناسبة تقدم الحضور في تلك الأمسية الشيخ الدكتور أحمد زكي يماني والسيدة حرمه، وبالنسبة لي اعتبرها مشاركة مميزة جدا.
      الإنسان والفنان

      الأسابيع الماضية قضيتها في التجوال، بماذا خرجت منها؟

      ــ نعم الأسابيع الثلاثة الماضية كانت تجوالا مستمرا بين الإعداد ومتابعة طرح الألبوم الجديد وحفل في بيروت وأبو ظبي، وتخلل ذلك رحلة أسرية مع الأبناء في دبي، حيث قضيت معهم إجازة منتصف العام الدراسي، كذلك رحلة تصوير الدويتو في تركيا.

      كرم محمد عبده في العديد من المواقع، منها ميدالية تقديرية من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله، ووسام من الرئيس علي عبد الله صالح، ومن مهرجان الدوحة للأغنية، كما منحت لقب سفير النوايا الحسنة من الأمم المتحدة ولقب فنان العرب من الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، ماذا يعني هذا؟

      ــ لايعني إلا أن الله وفقني في عملي ومهامي من أجل فن وثقافة وطني الذي صنع محمد عبده الإنسان والفنان.



      منقول
      " الدoــعــة الأســيــرة " .. صـــgتـــيـــة NEW
      هـنــــــا