العقوبة والتهديد

    • العقوبة والتهديد

      العقوبة والتهديد
      تختلف العوائل بعضها عن بعض في شكل العقوبة الموجهة للأبناء ... وكلّ يدافع عن طريقته في العقاب وأثره في التربية .. ونحن هنا نستعرض ثلاث حالات يحتاج فيها الوالدان للعقوبة والتي هي :
      1 - سوء السلوك، حين يستعمل الطفل الكلمات النابية او يسيء الى الآخرين .. فلا يجد والده غير العقوبة رادعاً عن قلة الأدب ..
      2 - التصرفات الخاطئة، وهي حالة أخرى يوجّه فيها الآباء عادة العقوبة لابنائهم حين يكون الطفل ثرثاراً او غير مبال في اتساخ ملابسه وتنظيم حاجاته ...
      3 - العناد، في عدم طاعة والديه تدفع الآباء الى عقوبة أبنائهم.
      ان الاباء وبالخصوص أولئك الذين يستخدمون العقوبة القاسية .. عليهم التريّث قليلاً ليفكروا بأنّ ما أوصل الطفل الى الحالة التي جعلته معانداً او قليل الادب او غير ذلك هي نتيجة سوء تربيتهم له ... فما هو ذنب الابناء أذن ?
      نحن لا نقول إن على الوالدين ترك أبنائهم مطلقاً دون عقاب ... بل نؤكد على اختيار العقوبة المفيدة الرادعة للطفل .. حيث نلحظ أن انواع العقوبة التي تعارف عليها أفراد مجتمعنا هي باختصار :
      الإيذاء الجسدي، بأن يستخدم الوالدان ضرب الطفل او شدّه الى احد أركان البيت أو حرق أجزاء بدنه الى غير ذلك من العقوبات الجسدية .
      الإيذاء النفسي، مثل الشتم والسبّ والقول للطفل بأنّنا لانحبك أو عدم تكليمه لمدة طويلة إلى غير ذلك من الاساليب المؤذية .
      إنّ كلّ أنواع هذه العقوبة سواء أكانت جسدية أو نفسية حسب المنظور الإسلامي للتربية خاطئة حيث ينص الحديث الشريف : (دع ابنك يلعب سبع سنين، ويؤدبّ سبعاً وألزمه نفسك سبع سنين).
      بمعنى إن السبع سنوات الأولى من حياة الطفل تحمل عنوان اللعب واللعب يعني تعليمه وإرشاده دون إلزامه وتحمّله لمسؤولية فعله .. والعقوبة تعني تحميله مسؤوليات العمل إضافة الى ان الاذى الجسدي والنفسي الذي نسببه للآخرين هو من الذنوب الجسيمة التي لا ينفع الاستغفار وحده لمحوها، بل نحتاج معها الى الديّة، والديّة ضريبة مالية تحدد قيمتها على الاثر الذي يتركه الأذى الجسدي أو النفسي .. وبدونها (الدية) لا يمكن تحقق العفو الألهي الا بعفو المقابل ورضاه.
      إن النهي عن استخدام العقوبة المؤذية للجسد والنفس .. لا تعني مطلقاً ترك الطفل يتمادى في غيّه دون فعل شيء .. فالمربي الاسلامي يدعونا الى اظهار الخطأ بشكل لطيف وبدون أذى للطفل .. ويعتبره من أفضل انواع العقوبة الرادعة لخلوها من الآثار السلبية على نفسية الطفل .. بالاضافة الى الجوانب الايجابية في إعداد الطفل في مرحلته الاولى لتحمُّل المسؤولية.
      جاء في الحديث الشريف عن أحد أصحاب الإمام المعصوم قائلاً : ( شكوت الى أبي الحسن موسى (?) إبناً لي، فقال : لا تضربه .. واهجره .. ولا تطل).
      فالمربي الاسلامي في الوقت الذي ينهى عن استعمال الضرب الذي هو ذا أثر سيء على الجسد .. كذلك ينهى عن الإيذاء النفسي (لا تطل ) اي لا تطيل مدة عدم تكليمك إيّاه (الهجر) ... والإكتفاء بهجرانه لمدة قصيرة بسبب خطئه .
      إن توضيح الخطأ للطفل من أهم الامور في هذه المرحلة ? ولكن البعض من الآباء يعاقبون أبناءهم دون ان يعرفوا مالذي ارتكبوه أو ان الام تنظر الى طفلها فلا تمنعه من عمل يمارسه .. وفي وقت آخر يتعرض للعقوبة بسبب الفعل ذاته.. إنّ هذه الحالة تشوّش الطفل كثيراً فلا يميز بين الخطأ والصواب .. وحين يأتي الطفل الى امه باكياً لأنّ لعبته انكسرت بيديه او عند اصدقائه .. وبكاؤه دليل معرفته للخطأ .. فلا يصح من الأم ان تعاقبه وتكون عليه .. فما دام يفهم الخطأ فعليها أن تكون معه تبدى تأسفها وحزنها لما حدث له.
      التهديد :
      إذا كانت العقوبة لغرض التأديب .. فليطمئن الوالدان بأنّ التهديد يضعف من أثر التأديب.. كيف ?
      لأنّ التهديد وحده دون تنفيذ العقوبة .. كأن تهدّد الأم صغيرها بالضرب أو حرمانه من شيء يحبّه .. ونفّذت التهديد، فالسلبيات تدخل في انواع العقوبة المؤذية التي لها آثار سلبية فضلاً عن عدم جدواها في التأديب .. وإذا لم تنفذ التهديد فهو خطأ جسيم آخر لأنه يضعف من شخصيها أمام الطفل.
      من هنا نلحظ ان التهديد سواء نفذ ام لم ينفذ فلا فائدة مرجوة منه ولا يصل بالوالدين الى الهدف الذي ينشدانه في تأديب الطفل .. حتى بالتهديد المثير للذعر .. مثل تخويفه بالشرطة او بمن يسرقه او بالحيوان المفترس ... ويجب على الوالدين تركه لأنّه يؤثر على مشاعره ويزيد في مخاوفه ويثير قلقه.
      ولعل سائلاً يقول :
      لماذا تقرّ التربية الاسلامية إسلوب التهديد ? كما جاء في الآية الكريمة المقدسة ?فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون? الماعون : 5 ?
      وجوابه إن العقوبة الإلهية للعبد تختلف عن العقوبة التي يستخدمها الوالدان للطفل بأنها (العقوبة الالهية) نتيجة طبيعية لفعل العبد ... مثل حصاد الاشواك لمن زرع بذرته .. أو فشل الطالب الذي انشغل باللعب واللهو في وقت الامتحان ... وتختلف عن عقوبة المربين بأنّها عارضة على الانسان ? مثل ضرب الوالدين للابن لعدم اهتمامه بدراسته، او طرد الفلاح من المزرعة لعدم زرعه النباتات المثمرة المفيدة .. فالعقوبة الالهية إذن نتيجة طبيعية لفعل الإنسان ... وعقوبة الوالدين نتيجة غير طبيعية لفعل الأبناء .. ومن هنا كان التهديد الذي استعمله القرآن يختلف تماماً عن التهديد الذي يستعمله المربّون .. فهناك اختلاف كبير بين أن تقول للطالب مثلاً :
      الويل لك إن لم تهتم بدراستك، فإنّ الفشل نصيبك.
      او الويل لك إن لم تهتم بدراستك ? فان الضرب المبرح نصيبك.
      فالنوع الاول من التهديد مفيد في التأديب والتربية، لأنّه لا يستبطن العقوبة المؤذية من جهة .. ولأنّه (التهديد) يلفت النظر ? وبدون إيذاء ? الى الخطأ الذي ينتظر الفاعل.
      أما النوع الثاني من التهديد فهو غير مفيد لعدم تأثيره في الفاعل وللأسباب التي ذكرناها في موضوع التهديد .. ومن هنا كان الاسلوب القرآني في تربية العبد باستخدام التهديد مفيداً ومثمراً ومؤثراً .
      إنّ العوامل النفسية التي تكمن وراء استخدام الوالدين انواع العقوبة القاسية تجاه أخطاء ابنائهم وكما يراها علماء التربية الغربيون .... هي مايلي :
      1 - تعرّض الوالدين في صغرهم لنفس العقوبة التي يستعملونها مع أبنائهم ? كردّة فعل نفسية يندفع اليها الفرد حين لايتمكن من رد الاذى عنه ضعيفاً في الصغر .
      2 - تنفيس لحالة الغضب التي يعايشها المعاقب بسبب توتّره من كلمة او إهانة او مشكلة يعاني منها لايقدر على مواجهتها فتنعكس على الابناء .
      3 - شعور الوالدين بالعجز تجاه تصرفات أبنائهم الخاطئة او مع الآخرين لضعف شخصيتهم وعدم ثقتهم بأنفسهم، الأمر الذي يدفعهم الى العقوبة القاسية مع ابنائهم للتغطية على ضعفهم والخروج بمظهر القوة .
    • مرحبااااااااا

      أشكرك أخي الكريم على هذا الموضوع
      الاحبة في لله

      يجب العلم هنا ان افضل انواع العقاب واكثرها تأثيرا هو ذلك الذي يتبع الخطأ مباشرة، والاكثر سوءا ان يكون هناك وعيد بالعقوبة التي لا تتم، الامر الذي يشعر الطفل بهشاشة التهديد مع التكرار، وبالتالي فإنه لن يرتدع عن الوقوع في الخطأ ويستمر في التصرف على هواه ...

      الهدى|e