المكتبة الإسلامية

    • أمهات الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .

      آمنة بنت وهب سيدة الأمهات

      هذه الشخصية العظيمة والأم الجليلة لطالما نقصت المصادر والراويات عنها ، ويمكن تلمس ملامحها من خلال صورة ابنها العظيم الذي آوته أحشاؤها، وغذاه دمها، واتصلت حياته بحياتها، لقد كان سيدنا محمد هو الأثر الجليل الذي خلفته سيدة "آمنة بنت وهب". وأن الله تعالى اختار سيدنا محمد حيث اختاره من كنانة، واختار كنانة من قريشا من العرب، فهو خيار من خيار . وما كان لها من أثر في تكوين ولدها الخالد الذي قال معتزا بأمهاته بالجاهلية : " أنا ابن العواتق من سليم".



      أنـوثة وأمـومة:

      عانت المرأة في الجاهلية، من صنوف الاستعباد والاستبداد، ومن وأد البنات وانتقال المرأة بالميراث من الأباء إلى زوجات الأبناء، وغيرها. إلا أننا غافلون عن أمومة آمنة بنت وهب، وعن فضلها في إنجاب خاتم النبيين- عليهم الصلاة والسلام. فمن الملوك العرب، من انتسبوا إلى أمهاتهم: كعمرو بن هند، وأبوه هو المنذر بن ماء السماء. وهناك كثير من الشعراء يمدحون كبار الرجال بأمهاتهم، وكذلك لم ينسوا أن يذكروا للمرأة مشاركتها في جليل الأحداث فقال "حذيفة بن غانم" :

      ولا تنس ما أسدى ابن " لبنى" فإنه قد أسدى يداًمحقوقة منك بالشكر

      وأمك سر من خزاعة جوهر إذا حصل الأنساب يوماً ذوو الخبر

      إلى سبأ الأبطال تنمى وتنتمي فأكرم بها منسوبة في ذرا الزهر

      بيئة آمنــة ونشأتها:

      تفتحت عينا الفتاة والأم الجليلة آمنة بنت وهب في البيت العتيق في مكة المكرمة ، في المكان الذي يسعى إليه الناس من كل فج، ملبية نداء إبراهيم " الخليل" -عليه الصلاة والسلام - في الناس بالحج، وفي ذلك المكان الطاهر المقدس وضعت السيدة " آمنة بنت وهب " سيد الخلق " محمداً " في دار " عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم" ، وبيئة آبائه وأجداده ، ودار مبعثه صلى الله عليه وسلم.



      آل آمنة بنو زهرة:



      تندرج "آمنة بنت وهب " من أسرة " آل زهرة " ذات الشأن العظيم، فقد كان أبوها " وهب بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي" سيد بني زهرة شرفا وحسبا ، وفيه يقول الشاعر:

      يا وهب يا بن الماجد بن زهرة سُدت كلابا كلها، ابن مره

      بحسبٍ زاكٍ وأمٍّ بــــرّة

      ولم يكن نسب "آمنة" من جهة أمها، دون ذلك عراقة وأصالة فهي ابنة برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب"... فتجمع في نسب " آمنة" عز بني عبد مناف حسب وأصالة. ويؤكد هذه العراقة والأصالة بالنسب اعتزاز الرسول صلى الله عليه وسلم بنسبه حيث قال : " ...لم يزل الله ينقلنيمن الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا ، لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما " ويقول أيضا - : " أنا أنفسكم نسبا وصهرا وحسبا " .

      نسبٌ تحسب العلا بحُلاه قلدته نجومها الجوزاء

      حبذا عقدُ سؤددٍ وفخار أنتَ فيه اليتيمة العصماء
      [SIZE=4[COLOR=green]
      " نشأة آمنة " زهرة قريش:[/COLOR][/SIZE]


      كان منبت سيدتنا "آمنة" وصباها في أعز بيئة، وما لها من مكانة مرموقة من حيث الأصالة النسب والحسب، والمجد السامية، فكانت تعرف " بزهرة قريش" فهي بنت بني زهرة نسبا وشرفا، فكانت محشومة ومخبآة من عيون البشر، حتى إنَّ الرواة كانوا لا يعرفون ملامحها. وقيل فيها إنها عندما خطبت لعبد الله بن عبد المطلب كانت حينها أفضل فتاة في قريش نسبا وموضعا ". وكانت بشذاها العطرة تنبثق من دور بني زهرة، ولكنه ينتشر في أرجاء مكة. وقد عرفت " آمنة " في طفولتها وحداثتها ابن العم "عبد الله بن عبد المطلب" حيث إنه كان من أبناء أشرف أسر قرشي، حيث يعتبر البيت الهاشمي أقرب هذه الأسر إلى آل زهرة؛ لما لها من أواصر الود والعلاقة الحميمة التي تجمعهم بهم، عرفته قبل أن ينضج صباها، وتلاقت معه في طفولتها البريئة على روابي مكة وبين ربوعها، وفي ساحة الحرم، وفي مجامع القبائل.ولكنها حجبت منه؛ لأنها ظهرت فيها بواكر النضج، هذا جعل فتيان من أهل مكة يتسارعون إلى باب بني زهرة من أجل طلب الزواج منها.


      " عبد الله فتى هاشم”


      لم يكن " عبد الله" بين الذين تقدموا لخطبة " زهرة قريش" مع أنه دير بأن يحظى بها، لما له من رفعة وسمعة وشرف، فهو ابن " عبد المطلب بن هاشم" وأمه" فاطمة بنت عمرو بن عائذ المخزومية" وجدة " عبد الله" لأبيه " سلمى بنت عمرو". ولكن السبب الذي يمنع " عبد الله " من التقدم إلى " آمنة" هو نذر أبيه بنحر أحد بنيه لله عند الكعبة. حيث إن عبد المطلب حين اشتغل بحفر البئر، وليس له من الولد سوى ابنه " الحارث" ، فأخذت قريش تذله، فنذر يومها، إذا ولد له عشرة من الأبناء سوف ينحر أحدهم عند الكعبة. فأنعم الله على " عبد المطلب" بعشرة أولاد وكان " عبد الله" أصغرهم.وخفق قلب كل شخص وهو ينتظر اللحظة ليسمع اسم الذبيح، وبقيت "آمنة"، لا تستطيع أن تترك بيت أبيها، ولكنها تترقب الأنباء في لهفة، وقد اختير " عبد الله " ليكون ذبيحا، ومن ثم ضرب صاحب القدح فخرج السهم على " عبدا لله" أيضا فبكت النساء، ولم يستطع "عبدا لمطلب" الوفاء بنذره؛ لأن عبد الله أحب أولاده إليه، إلى أن أشار عليهم شخص وافد من " خيبر" بأن يقربوا عشراً من الإبل ثم يضربوا القداح فإذا أصابه ، فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم، فذا خرجت على الإبل فانحروها، فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم، وظلوا على هذه الحالة ينحرون عشرًا ثم يضربون القداح حتى كانت العاشرة، بعد أن ذبحوا مئة من الإبل.



      عرس آمنة وعبد الله:

      جاء "وهب" ليخبر ابنته عن طلب " عبد المطلب" بتزويج "آمنة " بابنه "عبد الله" فغمر الخبر مفرح نفس "آمنة" ، وبدأت سيدات آل زهرة تتوافد الواحدة تلو الأخرى لتبارك " لآمنة". وكذلك قيل بأن الفتيات كن يعترضن طريق " عبد الله"؛ لأنه اشتهر بالوسامة، فكان أجمل الشباب وأكثرهم سحرا، حتى إنَّ أكثر من واحدة خطبته لنفسها مباشرة. وأطالت "آمنة" التفكير في فتاها الذي لم يكد يفتدى من الذبح حتى هرع إليها طالباًً يدها، زاهدا في كل أنثى سواها، غير مهتم إلى ما سمع من دواعي الإغراء! واستغرقت الأفراح ثلاثة أيام ، ولكن عيناها ملأتها الدموع؛ لأنها سوف تفارق البيت الذي ترعرعت فيها، وأدرك "عبد الله" بما تشعر به، وقادها إلى رحبة الدار الواسعة. وذكر بأن البيت لم يكن كبيرا ضخم البناء، لكنه مريح لعروسين ليبدآ حياتهما.

      فكان البيت ذا درج حجري يوصل إلى الباب ويفتح من الشمال، ويدخل منه إلى فناء يبلغ طوله نحو عشر أمتار في عرض ستة أمتار، وفي جداره الأيمن باب يدخل منه إلى قبة، وفي وسطها يميل إلى الحائط الغربي مقصورة من الخشب، أعدت لتكون مخدعاً للعروسين.



      البشرى بمحمد:


      بعد زواج " عبد الله " من " آمنة" أعرضن عنه كثير من النساء اللواتي كنَّ يخطبنه علانية ، فكانت " بنت نوفل بن أسد" من بين النساء اللواتي عرضن عن " عبد الله" ، فسأل عبد الله واحدة منهن عن سبب إعراضها عنه فقالت :" فارقك النور الذي كان معك بالأمس، فليس لي بك اليوم حاجة" .

      أدهش هذا الكلام " عبد الله وآمنة" وراحا يفكران في القول الذي قالته تلك المرأة؟ ولم تكف "آمنة " عن التفكير والرؤيا عنها وسبب انشغال آمنة في التفكير يرجع إلى أن هذه المرأة أخت " ورقة بن نوفل" الذي بشر بأنه سوف يكون في هذه الأمة نبي ... وبقي " عبد الله" مع عروسه أياما ، وقيل إن المدة لم تتجاوز عشرة أيام؛ لأنه يجب عليه أن يلحق بالقافلة التجارية المسافرة إلى غزة والشام.



      العروس الأرملة آمنة:


      انطلق" عبد الله " بسرعة قبل أن يتراجع عن قراره، ويستسلم لعواطفه، ومرت الأيام و"آمنة "تشعر بلوعة الفراق ، ولهفة والحنين إلى رؤيته، حتى إنها فضلت العزلة والاستسلام لذكرياتها مع " عبد الله" بدلا من أن تكون مع أهلها. ومرت الأيام شعرت خلالها " آمنة" ببوادر الحمل، وكان شعورا خفيفا لطيفا ولم تشعر فيه بأية مشقة حتى وضعته. وفي هذه الأيام كانت تراودها شكوك في سبب تأخير" عبد الله" فكانت تواسي نفسها باختلاقها الحجج والأسباب لتأخيره.

      وجاءت " بركة أم أيمن" إلى "آمنة" فكانت لا تستطيع أن تخبرها بالخبر الفاجع، الذي يحطم القلب عند سماعه فكانت تخفيه في صدرها كي لا تعرفه"آمنة" ، ومن ثم أتاها أبوها ليخبرها عن " عبد الله" التي طال معها الانتظار وهي تنتظره، فيطلب منها أن تتحلى بالشجاعة ، وأن " عبد الله" قد أصيب بوعكة بسيطة، وهو الآن عند أخواله بيثرب، ولم تجد هذه المرأة العظيمة سوى التضرع والخشية وطلب الدعاء من الخالق البارئ لعله يرجع لها الغائب الذي تعبت عيناها وهي تنتظره، وفي لحظات نومها كان تراودها أجمل وأروع الأحلام والرؤى عن الجنين الذي في أحشائها، وتسمع كأن أحداًًً يبشرها بنبوءة وخبر عظيم لهذا الجنين.

      وجاء الخبر المفزع من " الحارث بن عبد المطلب " ليخبر الجميع بأن " عبد الله " قد مات، أفزع هذا الخبر آمنة، فنهلت عيناها بالدموع وبكت بكاءً مراً على زوجها الغائب ، وحزن أهلها حزنا شديدا على فتى قريش عبد الله . وانهلت بالنواح عليه وبكت مكة على الشجاع القوي .



      آمنة بنت وهب أم اليتيم :

      نُصحت آمنةُ بنت وهبٍ بالصبر على مصابها الجلل، الذي لم يكن ليصدق عندهاً حتى إنها كانت ترفض العزاء في زوجها، ولبثت مكة وأهلها حوالي شهراً أو أكثر وهي تترقب ماذا سوف يحدث بهذه العروس الأرملة التي استسلمت لأحزانها. وطال بها التفكير بزوجها الغالي عليها ، حتى إنها توصلت للسر العظيم الذي يختفي وراء هذا الجنين اليتيم، فكانت تعلل السبب فتقول أن " عبد الله" لم يفتد من الذبح عبثا! لقد أمهله الله حتى يودعني هذا الجنين الذي تحسه يتقلب في أحشائها. والذي من أجله يجب عليها أن تعيش.وبذلك أنزل الله عز وجل الطمأنينة والسكينة في نفس " آمنة"، وأخذت تفكر بالجنين الذي وهبها الله عز وجل لحكمة بديعة، " ألم يجدك يتيما فآوى" ( الضحى 6). فوجدت " آمنة" في هذا الجنين مواساة لها عن وفاة زوجها ، ووجدت فيه من يخفف عنها أحزانها العميقة. فرح أهل مكة بخبر حمل " آمنة" وانهلوا عليها من البشائر لتهنئة "آمنة " بالخبر السعيد. وتتكرر الرؤى عند "آمنة" وسمعت كأن أحد يقولها " أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد، ثم تسميه محمدا".

      وجاءها المخاض فكانت وحيدة ليس معها أحد ولكنها شعرت بنور يغمرها من كل جانب، وخيل لها أن " مريم ابنة عمران"، "وآسية امرأة فرعون"، و " هاجر أم إسماعيل" كلهن بجنبها ، فأحست بالنور الذي انبثق منها ، ومن ثم وضعت وليدها كما تضع كل أنثى من البشر، وهكذا كان فقد :

      ولــد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثنــــاء

      الروح والملأ الملائك حــوله للدين والدنيا به بشـــراء

      والعرش يزهو والحظيرة تزدهي والمنتهى، والدرة العصمــاء

      وهنا اكتملت فرحة " آمنة" فوليدها بجوارها، ولم تعد تشعر بالوحدة التي كانت تشعر بها من قبل. وفرح الناس وفرح الجد " عبد المطلب" بحفيده، وشكر الرب على نعمته العظيمة منشدا يقول:

      الحمـــد الله الذي أعطاني هذا الغلام الطيب الأردان

      قد ساد في المهد على الغلمان أعيذه من شر ذي شنآن

      من حسد مضطرب العنان

      وسماه " محمدا" ، وسبب تسميته محمدا هو أنه يريده أن يكون محموداً في الأرض وفي السماء، ومن ثم توال القوم ليسموا أبناءهم بهذا الاسم.

      وشعرت "آمنة" بأن القسم الأول والأهم قد انتهى بوضع وليدها المبشر، ورسالة أبيه قد انتهت بأن أودعه الله جنينًا في أحشائها، ولكن مهمتها بقت في أن ترعاه وتصحبه إلى يثرب ليزور قبر فقيدهما الغالي " عبد الله" . وبعد بضعة أيام جف لبن " آمنة" لما أصابها من الحزن والأسى لموت زوجها الغالي عليها فأعطته " لحليمة بنت أبي ذؤيب السعدي" حتى ترضعه، فبات عندهم حتى انتهت سنة رضاعته وأرجعته إلى "آمنة". وفي الفترة التي عاش عند "حليمة" حدثت لرسول حادثة شق الصدر التي أفزعت النفوس بها.

      وفاة آمنة بنت وهب:


      حان الوقت التي كانت "آمنة" تترقبه حيث بلغ محمدٌ السادسة من عمره بعد العناية الفائقة له من والدته. وظهرت عليه بوادر النضج. فصحبته إلى أخوال أبيه المقيمين في يثرب ولمشاهدة قبر فقيدهما الغالي، وعندما وصلت إلى قبر زوجها عكفت هناك ما يقارب شهرا كاملا ، وهي تنوح وتتذكر الأيام الخوالي التي جمعتها مع زوجها بينما "محمد" يلهو ويلعب مع أخواله.

      تعبت "آمنة" في طريقها بين البلدتين إثر عاصفة حارة وقوية هبت عليهم. فشعرت "آمنة" بأن أجلها قد حان فكانت تهمس بأنها سوف تموت، ولكنها تركت غلاماً طاهراً، ثم أخذها الموت من بين ذراعي ولدها الصغير وفارقت هذه الدنيا. وانهلت أعين الطفل بالبكاء بين ذراعي أمه، فهو – بعد - لا يدرك معنى الموت . فأخذته " أم أيمن" فضمته المسكينة إلى صدرها وأخذ تحاول أن تفهمه معنى الموت حتى يفهمه. وعاد اليتم الصغير إلى مكة حاملا في قلبه الصغير الحزن والألم ، ورأى بعينيه مشهد موت أعز الناس وأقربهم إلى قلبه؛ أمه آمنة التي يصعب عليه فراقها.



      آمنة بنت وهب المرأة الخالدة

      ماتت " زهرة قريش" السيدة العظيمة، ولكنها خلدت في قلب أهل مكة، وفي قلب ابنها سيد البشر ، فهي عظيمة وأم لنبينا - صلى الله عليه وسلم. وقد اختاره الله- عز وجل - واصطفاه من بين البشر جمعاء؛ ليحمل رسالة عظيمة إلى شتى أنحاء العالم وللبشر. هذا اليتيم لم يعد يتيمًا بل كفله عمه " أبو طالب" بعد وفاة جده، وكان يحبه حبا شديدا فكان يعتبره واحداً من أبنائهم، وكان ينتظره إلى أن يأتي ويتغدى الجميع بصحبة محمد المباركة ، وعلى الرغم من أن محمّدا e أحيط بحب زوجته " السيدة خديجة" و حنان زوج عمه" فاطمة بنت أسد"، ولكن ذكريات أمه بقيت معه في كل لحظة، ويذكر كل لحظة جميلة قضاها معها إلى لحظة موتها، حتى كان ينوح من البكاء.

      وكأنه يرى ملامحها الجليلة في زوجته " خديجة" التي سكن عندها منذ أن بلغ الخامسة والعشرين من عمره. إلى أن توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين. كذلك تمثلت في بناته وفي حنوه وأبوته لهن، وهاهو يقول: " الجنة تحت أقدام الأمهات "، وجعل البر بالأم مقدما على شرف الجهاد في سبيل الله والدار الآخرة، ونجد القرآن الكريم يقرن بين العبادة والإخلاص به والبر بالوالدين، " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " .

      وسوف تظل صورة الأم العظيمة آمنة بنت وهبا تنتقل عبر الأجيال وسوف تظل باسمها خالدة في نفوسنا وفي أعماقنا فيقول الشاعر أحمد شوقي :

      تتباهى بك العصور وتسمو بك علياء بعدها علياء

      فهنيئاً به لآمنة الفضل الذي شرفت به حواء!



      سلام على " آمنة بنت وهب" سيدة الأمهات ، ووالدة أعظم شخص وأحب شخص إلى نفوسنا، خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.



      [COLOR='4B0082']ت[/COLOR][COLOR='460979']ح[/COLOR][COLOR='411270']ي[/COLOR][COLOR='3B1A67']ا[/COLOR][COLOR='36235E']ت[/COLOR][COLOR='312C55']ي[/COLOR][COLOR='2C354C'] [/COLOR][COLOR='273E43']:[/COLOR][COLOR='22473A'] [/COLOR][COLOR='1C4F31']ن[/COLOR][COLOR='175828']ج[/COLOR][COLOR='12611F']ـ[/COLOR][COLOR='0D6A16']ـ[/COLOR][COLOR='08730D']ـ[/COLOR][COLOR='037C04']ـ[/COLOR][COLOR='097F02']ـ[/COLOR][COLOR='1A7D07']ـ[/COLOR][COLOR='2C7B0C']ـ[/COLOR][COLOR='3E7911']ـ[/COLOR][COLOR='4F7716']ـ[/COLOR][COLOR='61751B']ـ[/COLOR][COLOR='727320']ـ[/COLOR][COLOR='847125']ـ[/COLOR][COLOR='956F2A']ـ[/COLOR][COLOR='A76D2F']ـ[/COLOR][COLOR='B96B33']ـ[/COLOR][COLOR='CA6938'] [/COLOR][COLOR='DC673D'] [/COLOR][COLOR='ED6542']ا[/COLOR][COLOR='FF6347']ل[/COLOR][COLOR='F75C42']س[/COLOR][COLOR='EF553D']ا[/COLOR][COLOR='E74F38']ح[/COLOR][COLOR='DF4833']ة[/COLOR][COLOR='D7412F'] [/COLOR][COLOR='CF3A2A'] [/COLOR][COLOR='C73325']ـ[/COLOR][COLOR='BF2C20']ـ[/COLOR][COLOR='B7261B']ـ[/COLOR][COLOR='AF1F16']ـ[/COLOR][COLOR='A71811']ـ[/COLOR][COLOR='9F110C']ـ[/COLOR][COLOR='970A07']ـ[/COLOR][COLOR='8F0302']ـ[/COLOR][COLOR='890004']ـ[/COLOR][COLOR='84000D']ـ[/COLOR][COLOR='800016']ـ[/COLOR][COLOR='7C001F']ـ[/COLOR][COLOR='770028']ـ[/COLOR][COLOR='730031']ـ[/COLOR][COLOR='6E003A']ـ[/COLOR][COLOR='6A0043']ـ[/COLOR][COLOR='65004C']ـ[/COLOR][COLOR='610055']ـ[/COLOR][COLOR='5D005E']ـ[/COLOR][COLOR='580067']ـ[/COLOR][COLOR='540070']ـ[/COLOR][COLOR='4F0079']ـ[/COLOR][COLOR='4B0082']م[/COLOR]
    • الدور الإيجابي للمرأة للنهوض بالمجتمع المسلم

      والمجتمع البشري مجتمع يزخر بالأحداث ، أحداث متنوعة وقضايا متجددة وأمور تحتاج إلى معالجة فلذلك كانت ضرورة الدعوة إلى الله سبحانه مع ما يستجد من هذه الأحداث وما يأتي به الزمن من القضايا العجيبة لأن الإنسان قد يندفع اندفاعاً إلى الشر- والعياذ بالله -



      الدور الإيجابي للمرأة للنهوض بالمجتمع المسلم

      محاضرة لسماحة الشيخ ، ألقيت في جامع الشراة بسمائل

      يوم الخميس 14 من رجب الحرام 1424 الموافق : 11 من سبتمبر 2003



      بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين سبحانه له الحمد كما ينبغي لجلال ملكه وعظيم سلطانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله أرسله الله بأفضل السبل وأبين الحجج وأعظم المعجزات فبلغ رسالة ربه وأدى أمانته ونصح هذه الأمة وكشف الله بطلعته عنها الغمة ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فبتحية الإسلام الطيبة المباركة أحي أخواتنا وبناتنا المؤمنات فالسلام عليكن جميعاً ورحمة الله وبركاته.

      هذا ومن المعلوم عند كل أحد أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان خلقاً سويا ومنَّ عليه بنعمه الظاهرة والباطنة و جعله متميزاً لما آتاه من ملكات وقدرات متنوعة وجعل الاتصال بين البشر اتصالاً اجتماعياً يعني كل أحد من الناس يشعر أنه بحاجة إلي بني جنسه وبسبب هذا يكون التزاحم على المصالح والمنافع ويكون التجاذب والتدافع بين الناس ولذلك كل الناس كانوا بحاجة إلى دعوة إلى الخير و أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وهذا مما يشترك فيه الذكور والإناث ومن أجل هذا كانت وظيفة المؤمنين والمؤمنات جميعاً أن يقوموا بهذا الواجب بجانب عبادة الله سبحانه وتعالى وإخلاص العبودية له ، فالله سبحانه وتعالى يقول : (( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) التوبة (71) .



      ولما كانت هذه هي وظيفة المؤمنين والمؤمنات جميعا فإن على كل أحد أن يجرب عزيمته وأن يشحذ همته من أجل القيام بهذا الواجب والاضطلاع بمسؤولياته وهذا يعني أن من آتاه الله سبحانه وتعالى بصيرة وفهماً وإدراكاً وعلماً من الرجال والنساء كان أولى لأن يقوم بهذا الواجب لأن الدعوة إنما تكون على بصيرة كما يقول سبحانه وتعالى : ((قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) يوسف (108) ، و من الواجب أن لا يشح أي أحد كان لأي طاقة من طاقاته ولا لأي وقت من فراغه ولا لأي موهبة من مواهبه بحيث يجند كل ما أمكنه من أجل الوصول لهذه الغاية والاضطلاع بهذه المسؤولية فالقضية ليست قضية سهلة لأنها وراثة النبوة ذلك لأن النبيين هم الذين اضطلعوا بهذه الرسالة والله سبحانه وتعالى بعث النبيين هداة مهتدين صالحين مصلحين يدعون الناس إلى الخير ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر وقد جعل الله مواريث النبوات من فضله على هذه الأمة إذ اختصها بهذه المواريث فكانت وارثة للنبوات في هدايتها فلذلك كان من الواجب على هذه الأمة أن تقوم بهذا الأمر وأن لا تفرط فيه ومن أجل هذا بين سبحانه وتعالى أن ميزة هذه الأمة هي الاضطلاع بهذه المسؤولية وقد قال : ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ )) آل عمران (110) ، وقد بين الله سبحانه وتعالى وجوب أن تكون الأمة هذا شأنها لأنها إن تجردت من ذلك تخلت عن خصوصياتها فقد قال تعالى قبل ذلك : ((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) آل عمران (104) .



      والمجتمع البشري مجتمع يزخر بالأحداث ، أحداث متنوعة وقضايا متجددة وأمور تحتاج إلى معالجة فلذلك كانت ضرورة الدعوة إلى الله سبحانه مع ما يستجد من هذه الأحداث وما يأتي به الزمن من القضايا العجيبة لأن الإنسان قد يندفع اندفاعاً إلى الشر- والعياذ بالله - إن لم يحصن نفسه عن الخضوع له ويحول بينه وبين الوقوع فيه و لئن كان الإنسان بنوعيه أي الذكر والأنثى معرضاً للشر وهنالك نوازع في النفس وهناك أيضاً دوافع وجواذب من قبل الناس فإن المرأة لها خصوصياتها في هذا الأمر فالمرأة هي في حاجة إلى أن تكون دائماً يقظة وأن تكون هناك من بنات جنسها من يحرص دائماً على إيقاظها وتنبيهها ؛ خشية ترديها في المهالك ، هذا بجانب كون الرجل أيضا مسؤولاً عنهاً وعليه أن يقوم بهذا الواجب ، ولكن المرأة مع المرأة أقدر على الوصول إلى الإقناع ؛ لأنها تستطيع أن تختلط بها وأن تشاركها في كثير من الأمور وأن تفضي إليها بكل ما يمكن أن تبديه من هذه القضايا حتى تصل إلى إقناعها بالخير فلذلك كانت مسؤولية المرأة أمام المرأة مسؤولية خطيرة ، والمرأة بطبيعتها تنجذب نحو عاطفتها لأن عاطفتها عاطفة جياشة فهي إن أرخي لها العنان مع الاندفاع وراء هذه العاطفة كانت قضيتها قضية خطيرة جداً وهذا كما يقول أحد شيوخنا – رحمه الله تعالى – عند ما وصله نبأ عن امرأة من مجتمعه زاغت عن السبيل وانحرفت عن سواء الصراط كتب رسالة شديدة اللهجة إلى من كتب إليه بهذا النبأ فكان من ضمن ما كتبه : " والمرأة إن أرخي لها العنان أخذت تتردى ذات اليمين وذات الشمال لا يردها إلا القبر" ولئن كان هذا شأن المرأة كما قال إن أرخي لها العنان فكيف وزماننا هذا فيه كثير من الشرور المرأة تدفع دفعاً من ورائها إلى الشر وتجذب من أمامها إلى الشر فالمرأة إذنً هي بحاجة إلى أن تصان وأن يتعاون كل من الرجل والمرأة على صون هذا الجنس فلذلك كانت ضرورة وجود الداعيات من النساء يربين الجيل على الحق وعلى الخير وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعصرنا عصر استخدم فيه المغريات من أجل إضلال الرجل ومن أجل إضلال المرأة ومغريات الحياة مغريات متنوعة فلذلك كانت الضرورة كما قلنا ضرورة داعية إلى مزيد من اليقظة ومزيد من الحذر فالمرأة يراد بها أن تدفع إلى المزاد بوسائل مختلفة وتحت شعارات متنوعة والضجيج الإعلامي وغير ذلك من الوسائل التي تتخذ من أجل إغواء المرأة لا تقف عند حد بل هي تؤدي دورها باستمرار ولئن كان أهل الشر هكذا يقومون بدورهم فإن على أهل الخير أن يسعوا دائماً إلى الخير وحسنهم هو الرجوع إلى الله تبارك وتعالى و الاستعانة به سبحانه وتعالى .



      والقيام بهذه الوظيفة وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبهذا يكون التماسك والترابط فالمجتمع البشري كما قلنا مجتمع لابد من أن يكون متكاملاً ولا بد من أن يكون مجتمعاً متماسكاً وإلا ضاع و هذا التماسك قد بين سبحانه وتعالى أنه لا يكون بين المؤمنين والمؤمنات إلا بمقوماته التي جاء بها قوله : (( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) التوبة (71) .



      ونحن نرى كيف أنه سبحانه وتعالى مع أهمية الصلاة ومع أهمية الزكاة بعد الصلاة بدأ أولاً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما ذلك إلا لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سياج للمحافظة على الصلاح ، للمحافظة على البر والتقوى ، للمحافظة على صلاح النفس و استقامتها فبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقام الصلاة وتؤتى الزكاة ويطاع الله سبحانه وتعالى ورسوله فلذلك بدأ سبحانه وتعالى أول ما بدأ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم ذكر بعد ذلك إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ثم عمم بعد ذلك طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فلذلك نحن ندعو أخواتنا وبناتنا المؤمنات أن يسابقن إلى هذا الخير وأن يحرصن عليه وأن يبادرن إليه وأن لا يتلكأن عنه .
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)
    • عليهن أن يقمن بهذا الواجب ، هناك وسائل متعددة في وقتنا هذا لقيام المرأة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : أولاً كما قلنا اختلاطها ببنات جنسها فبإمكانها من خلال اللقاءات والندوات أن توقظ بنات جنسها ثم مع هذا هناك فرص في المدارس وفرص في مراكز التعليم من أجل القيام بهذه الوظيفة وتربية الجيل الصاعد من المؤمنات على هذا الخير وبجانب هذا أيضاً هناك وسائل أخرى هناك الكلمة التي تنشر في الصحف ، وهناك الكلمة التي تبث عبر شبكة المعلومات العالمية وبإمكان المرأة أن تسهم إسهاماً كبيراً وأن تقوم بدور كبير في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا ريب أن تأثير المرأة تأثير عميق فهي أولاً قبل كل شيء تؤثر على بنات جنسها ، فللمرأة تأثير كبير على بنات جنسها ، ولها تأثير كبير أيضاً في تربية أولادها فكم من أولاد كان آباؤهم على غير استقامة ولكن استقامة الأمهات هي التي جعلتهم يستقيمون و تصلح أحوالهم ويتربون على الخير والمرأة من مرحلة مبكرة كان لها تأثير أحياناً على زوجها وكان لها تأثير على ذويها وقرابتها كما حصل ذلك عندما دخلت المؤمنات في دين الله تعالى وكن سبباً لجذب كثير من الرجال إلى الدخول في دين الله .



      فأم سليم - رضي الله تعالى عنها - كانت سبباً لدخول أبي طلحة الأنصاري - رضي الله عنه- في الإسلام واقتناعه بالإسلام وذلك أنه خطبها فامتنعت أن تقبله زوجاً إلا بعد ما يسلم واشترطت عليه أن يكون مهرها إسلامه فكانت سبباً لهدايته ولذلك فهناك كثير من النساء اللواتي أثرن على أزواجهن حتى دخلوا في دين الله سبحانه ، وكذلك من ناحية الصلاح والاستقامة هناك الكثير من النساء اللواتي أثرن تأثيراً على أولادهن مع أن آباءهم لم يكونوا من الاستقامة في شيء كصنيع بنت عاصم لعمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - عندما ربت ولدها عمر بن عبد العزيز على النهج السوي على تقوى الله - تبارك وتعالى - على سيرة جدها العظيم عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - حتى قلب مجرى الحياة السياسية في الدولة الأموية من الشر إلى الخير ومن الفساد إلى الصلاح ومن الاعوجاج إلى الاستقامة ذلك بسبب تأثيرها عليه فلأجل هذا يؤمر الرجل أن يختار المرأة الصالحة لتنشئ أولاده على الصلاح والاستقامة والخير وهذا الدور ينبغي أن لا تتجاهله أي امرأة فهي مسؤولة عن تربية أولادها كما أنها مسؤولة عن توجيه بنات جنسها.



      ونحن نرى أيضاً في التاريخ القديم كيف كانت المرأة ، كانت ذات عزيمة لا تقف عند حد كانت ذات إرادة صلبة ربما كانت إرادتها تفتت الصم الصلاب بقوتها وهذا حصل في كثير من النساء نحن نرى في النساء السابقات أن المرأة ربما كانت سبباً لتحريك الرجال إلى الخير ودفعهم دفعاً إليه وتشجيعهم على التضحية في سبيل الحق فكم من نساء وقفن وراء المعارك من أجل تأجيج الحماس في نفوس الرجال وهكذا حتى أن المرأة ربما كانت هي السبب الوحيد لئن يثبت الرجل و لا تتزلزل أقدامه عندما يواجه المعارك ويقف أمام الصعوبات .



      فالمرأة إذن يجب أن تحرص على هذا الخير وأن تربي أولادها عليه وأن تحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين بنات جنسها حتى يكون للمرأة الدور الإيجابي للنهوض بالمجتمع المسلم إلى الخير ومما ينبغي أن لا يفوت أي امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن عزة المرأة وصلاحها إنما هو في تمسكها بأهداب دينها و في حياتها وعفتها ومحافظتها على شرفها وعدم التفريط في شيء من ذلك فإن الله سبحانه وتعالى شرع من الأحكام ما ينسجم مع الطبائع والفطر فجعل للمرأة أحكام خاصة يجب عليها أن تحافظ عليها وأن لا تفرط فيها كما أن على الرجل أيضا أن يحافظ على ما شرع له من الأحكام وأن لا يفرط فيها و هناك أحكام مشتركة بين الجنسين على كل منهما أن يحافظ عليها ونجد أن من المحافظة على المجتمع أن يكون كل من الرجل والمرأة حرياً يلزم الأدب ويتقيد بقيود الأخلاق ولا ينضبط في حياته بل ينضبط بحيث تكون كل جزئية من جزئيات حياته تدور حول هذا الإطار إطار الحشمة والأخلاق والفضيلة .



      الله تبارك وتعالى أدب الرجال أولاً عندما قال : (( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )) النور / 30 ، ثم بعد ذلك أمر المؤمنات بما آمرهن به وفرض عليهن ما فرض على الرجال بجانب ما فرضه عليهن من الحشمة والوقار فقال : ((وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) النور /13 .



      نعم هذا هو الإطار الذي يجب أن تكون حياة المرأة تدور فيه كما أنه إطارُ أيضاً لما يجب أن يكون عليه الرجل من الحشمة والوقار وأن لا يكون أسارى الشهوات وإنما عليهم أن يكونوا أسارى الطاعات طاعة الله تبارك وتعالى لا يحودون عن هذه الطاعة بأي حال من الأحوال في هذا صون للمجتمعات ولكن المجتمعات الجاهلية الحديثة إنما تسعى لأجل الدفع بالمرأة لئن تكون هذه المرأة متعة مجرد متعة وأن تكون هذه المرأة قاضية الشهوات للرجال وأن لا تكون لها قيمة ولذلك سخرت المرأة تسخيراً عجيباً والمرأة تندفع مع الأسف الشديد وراء ذلك من غير أن تتفطن لما يراد بها ، فعلى المرأة المسلمة أن تكون يقظة وأن تدرك هذه المخططات العالمية الخطيرة من أجل الدفع بالمرأة إلى الفساد، فالمرأة المسلمة إنما ترى عزتها في محافظتها على دينها ، ومحافظتها على عفتها وطهارتها ، ومحافظتها على شرفها ، لا التردي والانزلاق كما يراد لها ، و مع هذا أيضاً على الكل أن يتفقه في دين الله تعالى فإن هذه المسؤوليات لا يمكن أن تؤدى إلا بالتفقه في دين الله فأي أحد يكلف أن يصنع شيئاً مثلاً لا يمكن أن يصنعه بمجرد ما يدور بباله من النظر من غير أن يكون على بصيرة بصنعه يعرف كيف يصنعه ماذا يقدم وماذا يؤخر وماذا يفعل أولاً ، إنما عليه أن يكون على بصيرة من أمره فكذلك دين الله تبارك وتعالى على أن دين الله أعظم من كل شيء فلذلك لا يخضع للتجارب ولا يخضع للعقول لأن العقول تتأثر بالمؤثرات الكثيرة المؤثرات النفسية ، والمؤثرات الاجتماعية ، فكانت العقول غير صالحة بنفسها لهداية الإنسان رجلاً كان أو امرأة وإنما دين الله إنما يؤخذ من وحيه فلذلك أرسل رسله وأنزل كتبه ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة .



      وقد بعث الله سبحانه وتعالى عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – بالرسالة الخاتمة الجامعة المانعة التي تشتمل على كل ما يحتاج إليه الإنسان وقد حض سبحانه وتعالى على التفقه في دين الله من أجل المحافظة على دينه ومن أجل القيام بالدعوة إلى هذا الدين فقد قال سبحانه وتعالى : ((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )) التوبة / 122 ، فالتفقه في دين الله من أجل الإنذار ، أي من أجل القيام بالدعوة فإذاً المرأة والرجل مطالبان بالتفقه في دين الله ليكون كل منهما يعبد الله تعالى على بصيرة ويدعوا إلى دينه على بصيرة حتى لا يتردى ويقولا غير الحق إذ الإنسان مسؤول عما يقول ومسؤول عما يعمل والله تعالى يقول : ((وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )) الإسراء/ 36 .



      وقد حذر الله سبحانه من أن يتقول الإنسان على ربه تعالى من غير علم بحيث يدعي أن هذا هو حكم الله في كذا فيحلل ويحرم من تلقاء نفسه أو يفتي من تلقاء نفسه بجهله فقد قال تعالى : ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )) الأعراف / 33 ، وقد بين سبحانه أن إبليس لعنه الله هو الذي يدعو الناس إلى أن يقولوا على الله ما لا يعلمون فقد قال تعالى : ((إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )) البقرة / 169 ، ومن أجل عظم التقول على الله بغير علم قرنه سبحانه وتعالى بإشراك في آية الأعراف وقرنه بالسوء والفحشاء في آية البقرة هذا مما يدل على حرمة التقول على الله بغير علم ومن أجل هذا كانت الدعوة من ضروراتها أن يتفقه الداعية في دين الله سواء كان رجل أو امرأة فلذلك نحن ندعو بناتنا وندعو أخواتنا إلى القيام بهذا الواجب والحرص على التفقه في دين الله من أجل تبديد ظلمات الجهل ومن أجل أن تكون دعوتهن على بصيرة يدعون إلى الله تبارك وتعالى على بصيرة وأسأل سبحانه وتعالى لنا ولكم جميعاً التوفيق بالخير وأن يهدينا سواء الصراط وأن يفقهنا في دين الله وأن ينعم علينا بأن يأخذ بأيدينا إلى جادة الصواب إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير نعم المولى ونعم النصير .
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)
    • أمهات الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .


      حليمة السعدية رضي الله عنها




      نسبهــــا:

      حليمة بنت أبي ذويب ، وأبو ذويب: عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيسا بن عيلان .(1) من قبيلة بني سعد بن بكر.من بادية الحديبية بالقرب من مكة.



      عملهــــا:

      كانت مرضعة،أي أن المرضعات يقدمن الى مكة من البادية ويفضلن من كان أبوه حياً ليزيد من إكرامهن.

      زوجهــــا:

      هو الحارث بن عبد العزى بن رفاعة



      أبناؤها:

      كبشة، وأنسيه، والشيماء
      أبناؤها من الرضاعة:

      محمد صلى الله عليه وسلم،حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، سيد الشهداء وعم النبي،أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم الرسول r.

      سبب أخذها للرسول :

      قدمت حليمة السعدية مع نساء قومها يلتمسن الرضاع من أبناء مكة،فرجعت صاحباتها بأبناء مكة ولم تجد هي أحداً ترضعه سوى اليتيم محمداً r، وقالت حليمة:"قدت في سنة شهباء( جدباء )، على أتان لي ومعي صبي لنا وشارف( ناقة )، فقدمنا مكة، فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله r فتأباه.إذا قيل أنه يتيم الأب،فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعاً غيره، فلما لم أجد غيره قلت لزوجي إني لأكره أن أرجع من بين صاحباتي وليس معي رضيع،لأنطلق إلى ذلك اليتيم فلآحذنه" فأخذته حليمة ووجدت بركة في شرفها، وثديها، وآل بيتها، وأغنامها، وأرضها التي كانت تعاني من الجدب.


      رجوع حليمة إلى مكة:

      قالت : فقدمنا به على أمه، ونحن أحرص شيء على مكثه فينا،لما كنا نرى من بركته،فكلمنا أمه، وقلت لها: لو تركت بني عندي حتي يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة، قالت: فلم نزل بها حتى ردته معنا، قالت فرجعنا به.



      حليمة ترجع به إلى أمه:

      قالت حليمة: فاحتملناه فقدمنا به على أمه، فقالت: ما أقدمك به وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك؟ قالت : فقلت: نعم قد بلغ الله بابني وقضيت الذي علي، وتخوفت الأحداث عليه، فأديته عليك كما تحبين، قالت ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك، قالت: فلم تدعني حتى أخبرتها، قالت :أفتخوفت عليه من الشيطان؟ قالت : قلت: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإن لبني لشأناً،أفلا أخبرك خبره؟ قالت:قلت: بلى، قالت رأيت حين حملت به أنه خرج منه نورٌ أضاء لي به قصور بصري من أرض الشام، ثم حملت به، فوالله ما رأيت من حملٍ قط كان أخف ولا أيسر منه، ووقع حين ولدته وإنه لواضعٌ يده بالأرض، رافعٌ رأسه إلى السماء، دعيه وان طلقي راشدة.


      افتقاد حليمة للرسول r:
      افتقدت حليمة للرسول حينما عاد لمكة فافتقدت حليمة بركته، وأصابها من اللوعة والشوق إليه .



      سبب آخر لعودة حليمة به r:

      قدم جماعة من نصارى الحبشة إلى الحجاز فوقع نظرهم على محمد rفي بني سعد ووجدوا فيه جميع العلائم المذكورة في الكتب السماوية للنبي الذي سيأتي بعد عيسى عليه السلام؛ ولهذا عزموا على أخذه غيلة إلى بلادهم لما عرفوا أن له شأناً عظيما؛ً لينالوا شرف احتضانه وذهبوا بفخره.

      حليمة والمرات الأخيرة التي التقت بالرسول r:

      المرة الأولى:

      ولقد كان رسول الله r يكرم مرضعته حليمة السعدية-رضي الله عنهما ويتحفها بما يستطيع فعن شيخ من بني سعد قال:قدمت حليمة بنت عبد الله على رسول الله r مكة، وقد تزوج خديجة ، فشكت جدب البلاد وهلاك الماشية، فكلم رسول الله r خديجة فيها فأعطتها أربعين شاة وبعيراً موقعاً للظعينة، وانصرفت إلى أهلها.



      المرة الثانية: يوم حنين.



      وفاة حليمة:

      توفيت حليمة السعدية-رضي الله عنها- بالمدينة المنورة،ودفنت بالبقيع.

      االـخـاتــــمة
      مما سبق تعرفنا على شخصية هذه المرأة الجليلة الفاضلة التي كان لها الفضل في تربية الرسول صلى الله عليه وسلم تربية صالحة وخوفها عليه، وقد رأينا هذا الموقف واضح وجلي عندما شق قلب الرسو صلى الله عليه وسلم خافت عليه حليمة السعدية و أرجعته إلى أمه. هناك مواقف كثيرة تدل عل حب حلية السعدية للرسول. فعلينا تذكر هذه المرأة وعدم دائماُ .

    • [COLOR='00BFFF']ب[/COLOR][COLOR='04BAFD']ا[/COLOR][COLOR='07B5FC']ر[/COLOR][COLOR='0BB1FA']ك[/COLOR][COLOR='0EACF8'] [/COLOR][COLOR='12A7F7']ا[/COLOR][COLOR='16A2F5']ل[/COLOR][COLOR='199EF3']ل[/COLOR][COLOR='1D99F2']ه[/COLOR][COLOR='2194F0'] [/COLOR][COLOR='248FEE']ف[/COLOR][COLOR='288AED']ي[/COLOR][COLOR='2B86EB']ك[/COLOR][COLOR='2F81E9'] [/COLOR][COLOR='337CE8']أ[/COLOR][COLOR='3677E6']خ[/COLOR][COLOR='3A73E4']ي[/COLOR][COLOR='3D6EE3'] [/COLOR][COLOR='4169E1']ا[/COLOR][COLOR='3D63E3']ل[/COLOR][COLOR='3A5DE4']ك[/COLOR][COLOR='3658E6']ر[/COLOR][COLOR='3352E8']ي[/COLOR][COLOR='2F4CE9']م[/COLOR][COLOR='2B46EB'] [/COLOR][COLOR='2840ED']ع[/COLOR][COLOR='243AEE']ل[/COLOR][COLOR='2135F0']ى[/COLOR][COLOR='1D2FF2'] [/COLOR][COLOR='1929F3']م[/COLOR][COLOR='1623F5']ا[/COLOR][COLOR='121DF7'] [/COLOR][COLOR='0E17F8']ت[/COLOR][COLOR='0B12FA']ب[/COLOR][COLOR='070CFC']ذ[/COLOR][COLOR='0406FD']ل[/COLOR][COLOR='0000FF']ه[/COLOR]
      مكانة إزكي التاريخية

      بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين ، الذي جعل في قصص الغابرين عبرا للحاضرين وفوائد للمستفيدين، سبحانه خلق فسوى وقدر فهدى وله الآخرة والأولى، أحمده بما هو له أهل من الحمد وأشكره وأتوب إليه من جميع الذنوب وأستغفره، وأؤمن به ولا أكفره وأعادي من يكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الخلق وله الحكم وله الأمر وله القهر( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه) وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، أرسله الله رحمه للعالمين وسراجا للمهتدين، وإماما للمتقين ونعمة على الخلق أجمعين، فبلغ رسالة ربه وأدى أمانته ونصح هذه الأمة ودعى إلى ربه على بصيرة حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:

      فلا ريب أن لهذه المدينة تاريخا مجيدا سجله الدهر ووعاه الزمن وحصلت به الأيام، ونحن عندما نتأمل التاريخ علينا أن نستفيد من عبره، وأن نعرف مواطن الضعف والقوة ومواطن الاهتداء والضلال، فإنه ولا ريب يوجد في كل عصر من العصور من الأخطاء ما يجب تفاديه، فكل أمة من الأمم توجد فيما بينها قضايا تاريخية تحتاج إلى عمق دراسة، والناس غير معصومين إلا رسل الله المصطفين الأخيار ولذلك يجب اجتناب ما هو خطأ وأتباع ما هو صواب على أن الله تبارك وتعالى بين لنا في قصص الغابرين عبرا للحاضرين عندما قال سبحانه وتعالى:] لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون[( سورة يوسف الآية(111) ومن المعلوم أن كل أمة من الأمم تريد أن تبني لها أمجادا لا تلتفت إلى غابرها فقط من غير أن تلتفت إلى حاضرها، فهي تلتفت إلى غابرها لتصلح حاضرها، لا لأن تتكل على حاضرها وقد أجاد من قال:

      إنا وإن أحسابنا كرمت

      نبني كما كانت أوائلنا

      وخير الناس ذو حسب قديم



      لسنا على الأحساب نتكل

      تبني ونفعل مثل ما فعلوا

      أقام نفسه حسبا جديدا




      أما الذي يتكل على الماضي ولا يلتفت إلى الحاضر من أجل إصلاحه ومن أجل بنائه فإنه ولا ريب يكون بناؤه غير عامر، لأنه من أهل الاتكال، وأهل الاتكال دائما عظاميون لا يلتفتون إلى ما يجب أن يكونوا متلبسين به في الحاضر من فضل وهدى وصلاح وعلم مع أن ذلك كله ليس بموروث، فالعلم والتقى والأمجاد لا تورث من الأسلاف، وإنما تكون هذه عوامل خير عندما تكون حوافز للإنسان إلى أن يكيف حاضره ليكون وفق الماضي السعيد ليضم طارف المجد إلى تليده وهكذا يسعى دائما صناع التاريخ، ولئن كان مما عرف عند الناس أن من لم يكن له ماض فليس له حاضر فإن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن يتكل الناس على ماضيهم من غير أن يصلحوا حاضرهم والناس دائما ينظرون إلى النتائج والعواقب ولذلك يكيفون فلسفتهم وفق النتائج التي يصلون إليها مما ينظرون إليه فمن الشعراء من يمجد من كان له ماض لأجل أن النتائج التي أبصرها كانت نتائج خير ومنهم من يكون بعكس ذلك فكما نسمع أحد الشعراء يقول:

      إذا ما رأيت أمرا حازما

      فلست ترى من لبيب لبيبا
      نسمع شاعر أخر يقول:

      من الصالحين الصالحون ومن يكن
      ويقول آخر:

      ولا غرو من تلك العصية ذي العصا



      فكل في ابنه سيء الاعتقاد

      وهل يخلف النار إلا الرماد



      لآباء صدق يلقهم حيث سيرا



      وهل نجباء القوم بنو النجب




      ومن هنا نهيب بأبناء صنعوا التاريخ، بأبناء العلماء الأفذاذ، بحفدة الرجال العظام، أن يكونوا على سيرة آبائهم وأمجادهم وليكيفوا الحاضر حتى يواصلوا نهج الماضي المجيد، لا أن يتكلوا على ذلك الماضي من غير أن يعنوا بحاضرهم، ومن المعلوم أن التاريخ مرآة تعكس جميع الماضي بحلوه ومره وصلاحه وفساده واستقامته واعوجاجه وهداه وضلاله، وما على الإنسان إلا أن يستفيد من ذلك كله فإنه كما يستفيد من تاريخ الصالحين يستفيد أيضا من تاريخ الآخرين ليتفادى أخطاءهم، والله تبارك وتعالى ضرب الأمثال الكثيرة في كتابه الكريم وشد انتباه الناس إلى الأمم الغابرة التي ضلت سبيل ربها وانحرفت عن منهج دينها ووقعت فيما وقعت فيه من العواقب الوخيمة يقول الله سبحانه وتعالى] ألم يرو كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين[(سورة الأنعام الآية6) فجدير إذن بالإنسان أن يستفيد من كل الماضي وهذه المدينة مدينة علم وإصلاح وقيادة وبطولة وحسبكم ما يقوله شاعر الإسلام الكبير العلامة أبو مسلم البهلاني رحمه الله عندما يذكر هذه المدينة فيقول:

      وأين إزكي وطيس الحرب ما فعلت



      فإن عمدة هذا الأمر جرنان




      وحسبكم أيضا أن اثنين من حملة العلم إلى عمان- وهم خمسة- كانوا من هذه المدينة، ذلك أن هؤلاء ذهبوا إلى بلاد البصرة التي كانت حاضرة علم، فتلقوا العلم عن الإمام المحدث الربيع بن حبيب رحمه الله تعالى، وجاءوا إلى عُمان لينشروا هذا العلم في ربوعها، وهذا يدل على التفوق البالغ لهذه المدينة في تاريخ العلم، وقد كان نصيبها أكثر من الثلث، ولا يعني ذلك أنه لم يكن هنالك حملة علم، ولم يأت إلى عمان من أهل عمان ومن غيرها من حمل إليهم العلم غير هؤلاء الخمسة ولكن هؤلاء الذين اشتهروا لأنهم كانوا عصبة جاءت في وقت واحد من بلاد البصرة إلى عمان لنشر العلم فيها.

      من بين هؤلاء الخمسة علمان من إزكي أحدهما هو: الإمام منير بن النير الذي نسب فيها بعد إلى جعلان لأنه سكن فيها فقيل له الجعلاني، فهو من إزكي منبتا ومنشأ ومقاما، وإنما ذهب إلى جعلان لأجل القيام بمهمته بنشر العلم هناك فنسب إلى تلك المنطقة، فهو منير بن النير بن عبد الملك من بني ريام، وبنوا ريام كما هو مشهور من قضاعة، من العلماء الذين كانت لهم مكانة علمية سامقة، وكان لهم اجتهادهم في أمور العلم ونظرتهم الفاحصة في مسائله، التي ربطوا فيها الفروع بأصولها والآراء بأدلتها ولذلك كان علما من أعلام العلم، وبجانب كونه فقيها محققا مجتهدا كان أيضا داعية مصلحا، ولذلك جاءت رسالته فيها الدعوة إلى استقامة أحوال الناس على حسب ما يقتضيه أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه ، وبحسب ما يقتضيه هدى الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته، ذكر ما كان عليه السلف الصالح من الزهد في هذه الدار الدنيا والرغبة في الدار الآخرة، وكانت له همة سامقة في أدوار تاريخه، فهو ممن شهد بيعه الإمام الجلندى بن مسعود، ولابد من أن نقف مع التاريخ وقفة تأمل ونظر، فإن التاريخ فيه الكثير من الأخطاء نتيجة الإهمال والحوادث فقد أتى الدهر بحوادث الجمة على الكثير من قضايا التاريخ فحصل اللبس بين الصحيح والخطأ، ذلك لأن الأسماء تتشابه، ولأن الحفدة قد يكونون مسمين بأسماء جدودهم فيلتبس الحفيد بالجد.

      فنجد في التاريخ منير بن النير رحمه الله تعالى كان من الذين أكرمهم الله بالشهادة تحت لواء الإمام عزان بن تميم وهو يقاوم أولئك الغازين الذين جاءوا إلى عمان تحت راية محمد بن بور، الذي سام أهل عمان خسفا وذلا بعدما تمكن في بلادهم نتيجة اختلاف كلمتهم وتفرق شملهم، وهذا الحدث وهو حدث ابن بور بور كان في عام(280هـ) بينما بيعة الإمام الجلندى بن مسعود رحمه الله كانت في عام (130هـ) وقد قالوا إن منير بن النير رحمه الله الذي أكرمه الله تعالى بالشهادة في هذا الحدث التاريخي كان عمره في ذلك الوقت (110 سنوات) ولكن همته حفزته لأن يخرج للجهاد في سبيل الله، وهذا موقف يجب أن يعاد فيه النظر، فإنه من المستبعد جدا أن يكون منير هذا هو الذي شهد بيعة الإمام الجلندى بن مسعود، ذلك لأن الإمام الجلندى بن مسعود كما قلنا بويع في عام(130هـ) بينما هذا الحدث الذي استشهد فيه منير كان في عام (280هـ) فبين بيعة الإمام الجلندى وغزو ابن بور لعمان ( 150 عاما) فكيف يكون عمره في ذلك الوقت (110) سنوات، هذا يدعونا إلى اعتقاد أن منير الشهيد هو حفيد لمنير الذي حمل العلم إلى عمان وليس هو بعينه فإنه يتعذر عند كل من يعرف الحقيقة أن يدرك أحد عمره(110) سنوات ما حدث قبل( 150) عاما ثم بجانب ذلك فإنه حسب التحري يتبين أن الإمام الربيع بن حبيب رحمه الله الذي حمل عنه العلم منير الأول توفي في عام( 170هـ) وهذا يعني أن ذلك هو وقت ولادة منير الذي استشهد مع الإمام عزان ابن تميم، وهذا اللبس في التاريخ كثيرا ما يحصل هنا عندنا في عمان نتيجة ما حدث من أحداث أتت على الكثير ما دون من التاريخ ونتيجة انقطاع الصلة في بعض الأحيان بسبب تمكن الجبابرة، وعدم اشتغال الناس بتدوين ما حصل.
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)
    • من أمثلة ما يقال بأن الإمام الخليل بن شاذان هو الخليل بن شاذان بن الصلت ابن مالك والصلت بن مالك توفي في عام( 272هـ) وابنه شاذان كان في الأحداث التي حصلت بعد وفاة أبيه ولكن لم يذكر له أي عمل عندما غزا ابن بور عمان، وهذا يعني أنه توفي قبل غزو ابن بور عمان، وحسب ما يتبين أنه توفي عام (280) هـ, بينما الإمام الخليل بن شاذان حسب ما سجل العلامة ابن مداد في سيرته بويع بالإمامة في عام (444)هـ, ومن المستبعد أن يكون بن الخليل بن شاذان بن الصلت, وإنما يتبين أن الخليل بن شاذان هو الخليل بن شاذان بن الخليل بن شاذان بن الصلت بن مالك, كذلك منير الذي استشهد مع الإمام عزان بن تميم حسب ما يبدو هو منير بن النير بن منير بن النير, فهو حفيد الذي حمل العلم إلى عمان, وقد كان لمنير الأول ذرية حسب ما يبدو, ومن بين هذه الذرية ولدان استشهدا بدورهما في مبايعة الإمام الصلت بن مالك رحمه الله تعالى, وهما العلا وهلال, وهذا يعني أن لهما مكانة علمية فالعلا وهلال هما ابنا المنير وقد بويع الإمام الصلت بن مالك في العقد الرابع من القرن الثالث الهجري, ويبدو أن الأب لو كان حيا في ذلك الوقت لا بد من أن يكون له دور وتاريخ يذكر في مبايعة الإمام الصلت بن مالك.

      والثاني من حملة العلم إلى عمان من هذه المدينة هو الإمام موسى بن أبي جابر,وكان بجانب كونه علامة محققا جامعا بين المعقول والمنقول يشار إليه بالبنان كان أيضا قائدا دينيا, ولذلك كان مرجع أمر أهل عمان في زمانه فقد كان شيخ الإسلام في عمان وهو الذي اجتمع على يديه شمل العمانيين, فبايعوا محمد بن أبي عفان أولا بعدما رزءوا بانتهاء دولة الإمام الجلندى بن مسعود وما حدث بعد ذلك من تسلط الجبابرة من بني الجلندى أنفسهم على عمان, وما حصل من تفرق الكلمة وقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يجتمع الشمل على يد الإمام موسى بن أبي جابر فبويع في عهده ابن أبي عفان إماما للعمانيين ولكنهم لم يحمدوا سيرته, وبناء على ما يقتضيه فقههم السياسي فإنهم رأوا عزله وإبعاده فكانت البيعة الثانية للإمام الثاني وهو الإمام الوارث بن كعب في تاريخ الإمامة الثانية, فكانت بيعته أيضا على يدي الإمام موسى بن أبي جابر نفسه الذي كان قد بلغ من الكبر عتيا حتى أنه وضع على جبينه ما يشد حاجبيه لكبر سنة, وكان يأتي به على السرير ليدير أمر المسلمين, وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على مكانته العلمية ومكانته الاجتماعية, ويدل على أن المسلمين بعمان كانوا ينظرون إليه نظرة إكبار فلذلك كانوا ينقادون لأمره.

      وكان سائسا حكيما, وقد تجلت سياسته في تفريق الناس الذين كانوا يخشى بأسهم عندما بويع لمحمد بن أبي عفان من أجل أن يصفوا الأمر اللذين يسعون إلى إعادة الحق وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وموسى بن أبي جابر من بني سامه بن لؤي, ومن المعلوم أن سامة بن لؤي هاجر من أرض الحجاز إلى أرض عمان بسبب خلاف حصل بينه وبين عشيرته, وهو أخو كعب بن لؤي بن غالب, الذي هو أحد أجداد الرسول صلى الله عليه وسلم, فاجتماع هذه العشيرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم إنما مع لؤي بن غالب وقد ترك موسى بن علي بن أبي جابر, وكان من بين أولاده النبغاء محمد بن موسى الذي كان من العلماء الذي يشار إليهم بالبنان.

      وكان أيضا من هذه العشيرة علي بن عزرة وهو من العلماء الأفذاذ, وعندما غزا أحد قادة هارون المعروف بالرشيد أرض عمان, وهو عيسى بن جعفر أخو زبيدة زوجة هارون بعد ما وقع أسيرا في أيدي العمانيين استشاره الإمام الوارث بن كعب في أمره فقال له إن قتلته فهو جائز وإن تركته فهو جائز, فآثر الإمام ترك قتله, وهذا يدل على مكانته علي بن عزرة التاريخية والعلمية عند العلماء والأئمة في ذلك الوقت, وكان علي بن عزرة زوجا لابنة الإمام موسى بن أبي جابر, ومن هذه الابنة الإمام موسى بن علي بن عزرة الذي كان قد تولى قيادة أمر المسلمين وإدارة شؤونهم, وكان المرجع لأئمتهم في عهده, وقد كان في عهد الإمام عبد الملك بن حميد وفي عهد الإمام المهنا بن جيفر هو الذي يدير شأن هذه الأمة, وموسى بن علي رجل لا يشق له غبار في ميدان العلم فله اجتهادات كثيرة تدل على علو كعبه في شتى العلوم ولا سيما في الفقه, فإن اجتهاداته تدل رسوخ قدمه وقدرته على استنباط المسائل من أدلتها, وقد كان منفتحا على آراء الآخرين, ولذلك كان يحذو حذو ابن عباس رضي الله عنهما في التسامح, في مقابل الإمام ابن محبوب الذي كان كثيرا ما يتشدد, بينما موسى بن علي كان بخلاف ذلك فكان في آرائه الكثير من التسامح.

      ومن رأيه كان فيما إذا تزوج أحد امرأة بإذنها وحدها من غير أن يأذن بذلك وليها ثم دخل بها أنه لا يفرق بينهما, وكان يقول النكاح بغير ولي لا يجوز, ولكن إن وقع الدخول لم أفرق بينهما, والعلماء وجهوا رأيه هذا بأنه كان مبنيا على نظرته إلى الاختلاف الواقع بين الأمة في جواز تزوج المرأة بدون إذن وليها, فجمهور الأمة يقولون بأن المرأة لا يجوز لها بحال من الأحوال أن تتزوج بغير إذن وليها لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:( لا نكاح إلا بولي وصداق وبينة) ويقول صلى الله عليه وسلم: ( كل امرأة زوجت نفسها, بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل), ولكن بجانب هذا الرأي للجمهور هناك رأي للإمام أبي حنيفة ومن حذا حذوه يرى أن المرأة هي أملك بنفسها, فلذلك رأى الإمام موسى بن علي عدم التفريق بين الرجل والمرأة إن دخل بها وتزوجها بغير إذن وليها لئلا يكون أخذ بهذا الرأي.

      ومن المسائل التي كان له رأي لا يتفق فيه مع رأي جمهور العلماء أن جمهور العلماء كانوا يرون لو أن أحدا ادعى على شركاء بأن له حقا عليهم فاعترف بذلك الحق اثنان منهم يكون اعترافهما حجة عليهم دون شركائهم, ولا يلتفت في هذا الجانب إلى العدالة وغيرها, لأن الاعتراف ليس هو بشهادة, ولكن الإمام موسى بن علي رحمه الله تعالى كان يرى أن الاعتراف إن حصل من ثقة عدل تقبل شهادته, فهو بمثابة الشهادة, إن كان هذان المعترفان ثقتين عدلين يعتد بشهادتهما, فاعترافهما يجري عليهما وعلى سائر شركائهما.

      وكان من رأيه أيضا أن أحدا لو قال لزوجته طلقتك أكثر الطلاق فلا تطلق إلا تطليقتين أخذا بمدلول قول الله سبحانه وتعالى ] الطلاق مرتان[, بينما أكثر العلماء يقولون بأنها تطلق ثلاث طلقات وذلك لأن منتهى الطلاق إلى الثلاث وفي هذا يقول الإمام السالمي رحمه الله تعالى:

      فتطلق الثنتين في المروي



      عن قاض مصرنا أبي علي




      وقد وقع في عهد الإمام عبد الملك بن حميد أن رجلين من اليهود كانا بصحار وكانا يقتتلان فيما بينهما, وعندما أحس أحدهما بالغلبة من قبل الآخر قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله, فقال من هناك من الحاضرين أعينوا أخاكم فإذا به بعد ذلك ينكر هذه الشهادة ويتراجع عنها, ووقع الخلاف بين أهل العلم في أمر هذا الإنسان, ورفع الأمر إلى الإمام عبد الملك بن حميد, فعرض الأمر على مرجع أهل الفقه في دولة الإمامة وهو الإمام موسى بن علي رحمه الله فقال: بأنه يشدد على ذلك الذي ترك مقتضى الشهادتين بعدما اعترف بهما ويغلظ عليه القول ويهدد بالقتل فإن أصر على موقفه فلا يقتل لأنه لم يعترف بأن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق من عند الله سبحانه وتعالى وهذا رأي رآه, وإلا فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على الشهادتين وحدهما إذ يقول: في الحديث الذي أخرجه الشيخان من طريق ابن عمر رضي الله عنهما " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" وأوضح القطب رحمه الله بأن شهادة أن محمدا رسول الله تتضمن الشهادة له بأن ما جاء به هو الحق من عند الله سبحانه وتعالى من غير نطق بذلك, وهذا هو الري يقتضيه كلام الإمام نور الدين السالمي رحمه الله:

      ونحن لا نطالب العبادا



      فوق شهادتيهم اعتقادا



      فمن أتى بالجملتين قلنا



      إخواننا وبالحقوق قمنا




      والمسائل التي اجتهد فيها كثيرة, ولموسى بن علي العديد من الأخوة كانوا أيضا علماء أجلاء منهم: محمد بن علي والأزهر بن علي, وللأزهر بن علي اجتهادات في الفقه, من ذلك أن جمهور علمائنا يرون أن الذي ينظر إلى فرج المرأة أو يمسه بيده تكون حراما عليه كما تحرم عليه في رأيهم عندما يزني بها, لكن الأزهر بن علي كان له رأي آخر فكان لا يرى للمس ولا للنظر حكم المباشرة بالفرج, وهذا الرأي ما كان أكثر العلماء يرون, ولكن الإمام أبا نبهان والإمام نور الدين السالمي رحمهما الله أخذا به وفي هذا يقول الإمام نور الدين السالمي:

      وذهب الأزهر ألا يحرموا



      بذيل ما الزنى به يحرم



      وهو الصحيح فتكنى الأولا



      وإن يكن من مضى عليه عولا






      هذا ضمن اجتهادات الأزهر بن علي ولمحمد بن علي أيضا اجتهادات محققة متعددة, ولمحمد بن علي ذرية فمن بينهم موسى بن محمد بن علي وكان عالما محققا أيضا, وكان له رأي لا يختلف مع رأي ابن عمه موسى بن موسى بن علي في أمر الإمام الصلت بن مالك رحمه الله, وقصة موسى بن موسى مشهورة, ولكن موسى بن محمد بن علي ظل متمسكا بإمامة الإمام الصلت بن مالك إلى أن مات, وتسلسل العلم في ذريتهم.

      ومن بين العلماء الكبار في هذه المدينة العلامة أبو جابر محمد بن جعفر صاحب الجامع المشهور, وهو من أشهر كتب الفقه القديمة, وهو المعول عليه كثيرا في الإفتاء في المذهب, حتى أن من العلماء من كان يحرص على قراءته من أوله إلى أخره المرة بعد المرة, بحيث يتلوه باستمرار بسبب سهولة ألفاظه وظهور حجته وتبسيطه للمسائل التي عرضها فيه, وقد طبع جانب من هذا الجامع ونرجو أن تكمل طباعته بإذن الله سبحانه وتعالى, وهو من حملة العلم ومن بيت علم ووالده عرف بجعفر الطيار تيمنا بالوصف الذي كان عليه الصحابي الجليل ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم جعفر الطيار رضي الله عنه, ومحمد بن جعفر تسلسل العلم في ذريته من بعده, فكانوا أهل علم وفضل وقيادة وصلاح واستقامة, وكان محمد بن جعفر رجلا أصم, وكان في مقامه اثنين من العلماء كل واحد منهما أصيب بعاهة, فأبو المؤثر كان معاصرا له, وكان ندا له, وكان زميلا له في الدراسة لأنهما جميعا أخذا العلم من الإمام محمد بن محبوب رحمه الله تعالى, ولكن وقع بينهما الخلاف الذي وقع في أمر موسى بن موسى وراشد ابن النظر وقيامهما على الإمام الصلت بن مالك, ولذلك كانت تتبادل بينهما رسائل فيها الكثير من التشديد, فقد تشدد كل واحد منهما في جانب الآخر كلان أبو المؤثر أعمى, وكان الآخر هو نبهان بن عثمان, وذكر الإمام أبو سعيد رحمه الله في كتابه (الاستقامة) بأن أمر أهل عمان في ذلك الوقت كان يرجع إلى ثلاثة إلى أصم وأعرج وأعمى:

      والأصم هو : أبو جابر محمد بن جعفر (صاحب الجامع)

      والأعمى هو: أبو المؤثر الصلت بن خميس

      والأعرج هو : نبهان بن عثمان

      ونجد أن بيوتات تسلسل فيها العلم بإزكي, بحيث يتلقى العلم الواحد عن أبيه عن جده, وهكذا يتسلسل العلم من الجدود إلى الحفدة وهذا ما حصل في بيت علي بن عزرة وفي بيت محمد بن جعفر وفي بيت منير بن النير وفي بيوتات أخرى.

      ومن بين هذه البيوتات بيت أبي سعيد الإزكوي الذي يتصور بعض الكاتبين بأنه كان شيخا لمحمد بن سعيد القلهاتي صاحب كتاب ( الكشف والبيان), فإنه كثيرا ما يحكي عن أبي سعيد وهو لم يكن معاصرا لأبي سعيد الكدمي, فيبدو أن أبا سعيد الذي يعنيه هو أبو سعيد الإزكوي الذي كان عالما في زمانه, ثم كان العلم فيما بعد في ولده سليمان بن أبي سعيد ثم في ولده محمد بن سليمان بن سعيد, ثم صار العلم في ولديه سليمان بن محمد بن سليمان بن أبي سعيد وأبي القاسم ابن محمد بن سليمان بن أبي سعيد, ثم صار العلم في علي بن أبي القاسم ولعل السلسلة امتدت إلى أكثر من ذلك ولكن لم يحفظ لنا التاريخ أكثر من هذا.

      كذلك بيت الشيخ جمعة بن أحمد الرقيشي, فإن العلم تسلسل في ذريته من بعده وكان من بين ذريته صاحب كتاب التقليد في النحو, وهو كتاب توسع فيه مؤلفه, وله بجانب ذلك رسالة مختصرة في النحو تعد اختصارا لما في هذا الكتاب المطول, ومن بين ذريته أيضا الشيخ العلامة أحمد بن عبدالله القريشي صاحب كتاب مصباح الظلام في شرح دعائم الإسلام, وهو من الأوائل الذين شرحوا دعائم ابن النظر إذ لم يتقدمه فيما أحسب إلا ابن وصاف في شرح هذا الديوان الفقهي, وكان من العلماء البارزين, وكان من بين العلماء الأفذاذ الكبار المتأخرين من ذريته ذلك الهزبر الضرغام الذي كان شريح زمانه في القضاء الشيخ محمد بن سالم الرقيشي رحمه الله.

      وجد العلم كذلك في العديد من البيوتات كبيت الشيخ شائق بن عمر, ويقال ابن عمر الأزكوي, والشيخ شائق بن عمر كان له اجتهاد في الفقه, ولعله انفرد بمسألة لم يسبقه إليها أحد من علماء المذهب فيما أحسب, فقد كان يرى أن الكاتب العدل عندما يكتب بين المتعاملين تكون كتابته حجة ولو لم يشهد في كتابته أحد, وقد سمعت شيخنا إبراهيم بن سعيد العبري يوجه هذا الرأي بأنه يرى هذى الكاتب العدل حكمة حكم القاضي الشرعي, فكما أن القاضي الشرعي عندما يقضي بين المتخاصمين يكون فصله حجة ولم يكن فصله أحد, فكذلك الكاتب العدل, لأن الله تبارك وتعالى ناط أمر التعامل بالتكاتب بين المتعاملين كما جاء ذلك في آية الدين, وقد قال برأيه هذا فيما بعد قطب الأئمة رحمه الله في تفسيره هميان الزاد وتيسير التفسير.

      وتسلسل العلم في بني ريام, وكان من بين العلماء الشيخ عامر بن سليمان, ثم ابنه الشيخ ناصر بن عامر ثم أبنه الشيخ عبد الرحمن بن ناصر.

      وكان من العلماء الأفذاذ الذين جمعوا بين العلم والعمل والزهد والصلاح والاجتهاد والمثابرة في الخير ذلك القائد الشهير العلامة أبو زيد عبدالله بن محمد الريامي رحمه الله, الذي جسد في ولايته في عهد الإمامين سالم بن راشد الخروصي والإمام محمد بن عبدالله الخليلي- رحمة الله عليهما- سيرة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في زهده واجتهاده لأمر المسلمين وحرصه على مصالحهم, حتى كان مضرب المثل وقال ممن قال من أهل العلم والخبرة والذين عاصروا العلامة أبا زيد بأنه لم يكن في عمال الإمامين المذكورين أحد كمثله في مزاياه التي تميز بها, وحسبه ثناء الإمام محمد بن عبدالله الخليلي رحمه الله عندما قال فيه بأنه رجل من رجال عمر, ولكن الله أوجده في زماننا.

      فهذه نبذة مختصرة عن علماء إزكي ونحن لسنا بصدد إحصاء علماء هذه المدينة فضلا عن الولاية, فهناك في الولاية الكثير جدا من العلماء والقادة الأفذاذ الذين كانت لهم فتوحات في عهود الأئمة لا سيما في عهد أئمة اليعاربة, عندما كانوا يقاومون البرتغاليين كالشيخ محمد بن مسعود الصارمي وغيره من العلماء القادة, وهذا نعده نموذجا لمن يريد أن يسلك هذا المسلك ويسير على هذا الدرب, وفي هذا ما يحفز همم أصحاب الهمم حتى يكونوا بمشيئة الله عصاميين يبنون أمجاد الحاضر على ذلك الأساس الذي أقامه لهم الآباء في الزمن الغابر فكما قال الشاعر:

      وخير الناس ذو حسب



      أقام لنفسه حسبا جديدا




      فنهيب بأشبال أولئك الآساد أن يحرصوا كل الحرص على تنشئة أجيالهم على ذلك المسلك والسير في هذا الدرب وأن تكون هذه الأمجاد بمشيئة الله متواصلة لينطبق عليهم قو الشاعر:

      من الصالحين الصالحون ومن يكن



      لآباء صدق يلقهم حيث سيرا




      والله سبحانه وتعالى نسأله التوفيق والتسديد والأخذ بأيدي الجميع إلى ما يحبه ويرضاه إنه على كل شيء قدير, وبالإجابة جديد نعم المولى ونعم النصير وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.




      هذه محاضرة لسماحة الشيخ أحمد الخليلي-حفظه الله-
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)
    • أمهات الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .

      ثويبة مولاة أبي لهب



      ثويبة هي جارية أبي لهب، أعتقها حين بشّرته بولادة محمد بن عبد الله – عليه الصلاة والسلام ، وقد أسلمت وكل أمهاته صلى الله عليه وسلم أسلمن .


      إرضاعها للنبي صلى الله عليه وسلم :

      كانت ثويبة أول من أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم – بعد أمه، وأرضعت ثويبة مع رسول اللّه عليه الصلاة والسلام ـ بلبن ابنها مسروح- أيضاً حمزة عمّ رسول اللّه، وأبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، ثويبة عتيقة أبي لهب.

      وقيل: انه رؤى أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار، إلا أنه يخفّف عني كل أسبوع يوماً واحداً وأمص من بين إصبعيَّ هاتين ماء ـ وأشار برأس إصبعه ـ وان ذلك اليوم هو يوم إعتاقي ثويبة عندما بشّرتني بولادة النبي عليه الصلاة والسلام ، بإرضاعها له.

      وكان إرضاعها للرسول أياما قلائل قبل أن تقدم حليمة السعدية ، وفي روايات تقول : إن ثويبة أرضعته أربعة أشهر فقط، ثم راح جده يبحث عن المرضعات ويجد في إرساله إلى البادية ، ليتربى في أحضانها فينشأ فصيح اللسان ، قوي المراس، بعيداً عن الامراض والاوبئة إذ البادية كانت معروفة بطيب الهواء وقلة الرطوبة وعذوبة الماء وسلامة اللغة، وكانت مراضع بني سعد من المشهورات بهذا الأمر بين العرب، حيث كانت نساء هذهِ القبيلة التي تسكن حوالي (مكة) ونواحي الحرم يأتين مكة في كل عام في موسم خاص يلتمسن الرضعاء ويذهبنَ بهم إلى بلادهنّ حتى تتم الرضاعة .


      إكرام الرسول لثويبة :


      ظل رسول الله يكرم أمه من الرضاعة ثويبة ، ويبعث لها بكسوة وبحلة حتى ماتت . وكانت خديجة أم المؤمنين تكرمها ، وقيل أنها طلبت من أبي لهب أن تبتاعها منه لتعتقها فأبي أبو لهب ، فلما هاجر رسول الله –صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة أعتقها أبو لهب ، وهذا الخبر ينفي ما روي سابقا بأن أبا لهب أعتقها لبشارتها له بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم .
      وفاتها :

      توفيت ثويبة في السنة السابعة للهجرة ، بعد فتح خيبر ، ومات ابنها مسروح قبلها .


      [COLOR='4B0082']ن[/COLOR][COLOR='46087A']ج[/COLOR][COLOR='411071']ـ[/COLOR][COLOR='3D1869']ـ[/COLOR][COLOR='382161']ـ[/COLOR][COLOR='332959']ـ[/COLOR][COLOR='2E3150']ـ[/COLOR][COLOR='2A3948']ـ[/COLOR][COLOR='254140']ـ[/COLOR][COLOR='204938']ـ[/COLOR][COLOR='1B512F']ـ[/COLOR][COLOR='175927']ـ[/COLOR][COLOR='12621F']ـ[/COLOR][COLOR='0D6A17']ـ[/COLOR][COLOR='08720E']ـ[/COLOR][COLOR='047A06']ـ[/COLOR][COLOR='048001']ـ[/COLOR][COLOR='147E06']ـ[/COLOR][COLOR='247C0A']ـ[/COLOR][COLOR='357A0F']ـ[/COLOR][COLOR='457813']ـ[/COLOR][COLOR='557618']ـ[/COLOR][COLOR='65741C']ـ[/COLOR][COLOR='757321']ـ[/COLOR][COLOR='867125']ـ[/COLOR][COLOR='966F2A']ـ[/COLOR][COLOR='A66D2E']ـ[/COLOR][COLOR='B66B33']ـ[/COLOR][COLOR='C66937'] [/COLOR][COLOR='D7683C'] [/COLOR][COLOR='E76640']ا[/COLOR][COLOR='F76445']ل[/COLOR][COLOR='FB6045']س[/COLOR][COLOR='F45A40']ا[/COLOR][COLOR='ED533C']ح[/COLOR][COLOR='E54D37']ة[/COLOR][COLOR='DE4733'] [/COLOR][COLOR='D6402E']ـ[/COLOR][COLOR='CF3A2A']ـ[/COLOR][COLOR='C83425']ـ[/COLOR][COLOR='C02E21']ـ[/COLOR][COLOR='B9271C']ـ[/COLOR][COLOR='B22118']ـ[/COLOR][COLOR='AA1B13']ـ[/COLOR][COLOR='A3140F']ـ[/COLOR][COLOR='9C0E0A']ـ[/COLOR][COLOR='940806']ـ[/COLOR][COLOR='8D0201']ـ[/COLOR][COLOR='880006']ـ[/COLOR][COLOR='84000E']ـ[/COLOR][COLOR='800017']ـ[/COLOR][COLOR='7C001F']ـ[/COLOR][COLOR='780027']ـ[/COLOR][COLOR='74002F']ـ[/COLOR][COLOR='700038']ـ[/COLOR][COLOR='6C0040']ـ[/COLOR][COLOR='670048']ـ[/COLOR][COLOR='630050']ـ[/COLOR][COLOR='5F0059']ـ[/COLOR][COLOR='5B0061']ـ[/COLOR][COLOR='570069']ـ[/COLOR][COLOR='530071']ـ[/COLOR][COLOR='4F007A']ـ[/COLOR][COLOR='4B0082']م[/COLOR]
    • الصوم وأثره على النفس - عامر العيسري
      بتاريخ 17-9-1424 هـ
      القسم: فقه وعقيدة
      الصوم وأثره على النفس المقدمة الحمد لله الملك القدوس، الذي جعل الصيام تزكية للنفوس، ومنجاة من كل شدة وبؤس، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله الذي أخبر أن الصوم جنة، تفضلا من الله ومنة، وعلى أصحابه الصائمين القائمين الى يوم الدين.

      أما بعد: إن الله طلب من المسلم أن يجاهد نفسه حتى يصل الى اصلاحها وصقلها وتطهيرها، وفرض علينا عبادات تعيننا للوصول الى هذا المقصد الرفيع، فالحمد للبديع. ومن هذه العبادات الصلاة والحج والزكاة والصيام وغيرها كثير. وهنا نحن في هذا المقال المتواضع الحقير سنحاول توضيح الكيفية بعون الملك المعبود فليس من السهل أن يصلح الانسان نفسه ويعرف عيبها. قال الشاعر: يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيم ونراك تصلح بالرشاد عقولنا أبدا وأنت من الرشاد عديم لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم فابدأ بنفسك فانهما عن غيها فاذا أنتهت عنه فأنت حكيم فالى المقال المتواضع وبالله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل. تعريف الصوم: الصوم لغة هو الامساك والكف والامتناع، من هنا أخذ المعنى التعبدي بمنظوره الاسلامي والذي فرضه الله تعالى على عباده. يقال صمت عن كذا بمعنى أمسكت عنه ولم أقدم على فعله، قال تعالى حكاية عن مريم عليها السلام: (قالت إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا). وقال الشاعر: خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تقطع اللجما وأما الصوم شرعا فمعناه الامساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر الصادق الى أن يحضر الليل. الإمساك عن الطعام والشراب، والامساك عن الفحش والغيبة والنميمة والكذب والامساك عن الطيش والثرثرة والمزاح الثقيل، الإمساك عن جميع المعاصي والسيئات ـ والإمساك عن الحسد والكبريا والرياء والعجر. من هو الصائم: هناك مسلم عاقل متريث متأد يأخذ الأمور بروية كما أنه يستفيد من مجرى الأحداث ـ بذكائه وفهمه الثاقب ـ العبر والدروس، يرى الحياة كل الحياة تحت المجهر وبتابع حركة ذراتها نقطة نقطة فكل ما هو غامض يظهر له معانية. قال عليه السلام: اتقوا فراسة المؤمن فانه بنور الله ينظر. إن مثل هذا النوع النبيل من المسلمين يقف عند حدود الله تعالى فهو يصوم لله بصدق وإخلاص، يصوم إعترافا بفضل الله تعالى ونعمته عليه، يصوم إيمانا وإحتسابا يراعي للصوم حرمته هذه العبادة الروحية التي يكون المسلم فيها دائما كالمتوضئ فلا يفتح عليه سوره المنيع. هناك نوع آخر من المسلمين هم عبء على الأمة الأسلامية أكثر مما يكونون عونا لها وسندا لنكباتها، هم وصمة عار على جبين الأمة ـ حين انتسبو إليها ـ بدلا مما يكونون رافعين لرأيتها مجددين لشرفها ومحافظين على صمودها ونضالها إن مثل هؤلاء بناءهم يحتاج الى وقت ليس باليسير لاصلاحهم بدلا من أن تواصل بناء صرح الاسلام من حيث انتهينا. جزءا من أنفاسنا، ويستغرقون ردحا من وقتنا، ويستهلكون كتلة من حياتنا وجهدنا المتواصل. والأصل أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس علي دماءهم وأمولهم، والمهاجر من هجر ما نهى الله تعالى عنه. فأين الضمير في وسط هذا الركام المتبعثر الاسف. إن مثل هؤلاء لا يمكن ـ أن نطلق عليهم صائمين ـ لأنهم لم يوطدوا أنفسهم ـ بل يصدق عليهم قول النبي ـ عليه الصلاة والسلام: (رب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش).. ذلك. لأن الصوم جنة، وحاجز عن المعاصي والمحرمات بل وحتى عن المكروهات، فاذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل وإذا سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم ثلاث مرأت. إن مثل هؤلاء لا يمكن أن يزكي الصوم أنفسهم أبدا لأن لكل شيء بوادر وأسباب، فهم حين لم يراعوا حدود الله، ولم يراعوا حرمة الصوم لم يكن ليؤثر في تزكية أنفسهم تزود من حياتك للمعاد وصم لله واجمع خير زاد ولا تركن الى الدنيا كثيرا فإن المال يجمع للنفاد أترضى أن تكون ربيع قوم لهم زاد وأنت بغير زاد الصوم هو الحل: يطلق ويقال للحل حلا إذا كان ـ فعلا ـ يعالج مشكلة أو قضية من القضايا الشائكة حتى لا تقف جسرا منيعا أمام الخط الذي يسير عليه الاسلام من الناحية الدينية وكذلك الرفق به. إن الاسلام بتشريعاته الربانية، وتوجيهاته المحمدية هو حلال المشاكل والازمات ولا ريب، فما من أمر شائك الا وجعل الاسلام له حلا قاطعا بانصاف وعداله كما أنه بارتياح وطمأنينة نفد. لماذا كل هذا؟ لأنه عنوان المبدأ والمصير رضاء الله تعالى، المورد والمصدر كتاب الله تعالى، عله ونهله نسبة حبيب الله، إن حديث ساعتنا الآن الصوم ودوره في تزكية النفس فهو مثلا عبادة شرعها عز وجل الى جانب العبودية. الله حين قال في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له الا الصوم فإنه لي وأنا أجري به) ـ لهدف سام ومقصد نبيل. كيف لا؟ وهل ينكر ذلك عاقل مميز؟ والصائم في حال صومه يتذكر حال الفقراء، وقلة مؤنتهم وعيشتهم جلد على عظم لاصقين بالتراب فيحنوا عليهم وعندها يتحرك مشاعره ويناشده ضميره بالصدقة والعطاء، وهنا يبدو لنا أثر الصوم وتزكيته لنفس المسلم فمن لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن لا يرحم لا يرخم، والله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه، كلها ـ وغيرها كثير ـ توجيهات ربانية وأخلاق نبوية وفي الناحية الأخرى ـ كمثال في تزكية النفس ـ إن الناس يتفاوتون في الوصول الى الاسترواح من أقرب طريق، وأن أعلى قمة الاسترواح والراحة والطمانينة الزواج الحلال ـ وبدون معارض (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسهم ازواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة). ولكن غير المستطيع عليه يجعل العفة عنوانا له حتى يغنيه الله عز وجل ـ من فضلة من منطلق قوله تعالى (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله). وحتى ذلك الحين شرع الاسلام حلا يخفف ـ على الأقل ـ من وطأة العزيزة الجنسية الجامحة والثائرة في الانسان قال عليه السلام (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فانه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) بمعنى وقاية. لماذا كل هذا؟ لأن الانسان اذا شبع وملأ بطنه طاش لبه والعكس في القياس صحيح فهل يا ترى للصوم أثر في إصلاح النفس وصقلها؟. تصور خاطئ: شيء عجاب أن يكون الشباب المسلم ملتزما أو محافظا ـ على الأقل ـ في شهر رمضان المبارك فحسب. وهنا سؤال يطرح نفسه. هل شهر رمضان هو يكفر السيئات أن يغفر الذنوب ـ استغفر الله من هذا الاعتقاد ـ أم أن الله سبحانه وتعالى هو وحده غافر الذئب، وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول لا إله الا هو إليه المصير. بطبيعة الحال إن الجواب أيسر وأوضح من السؤال نفسه ومن الشمس في رابعة الثهار، وهو في القلوب والعقول، المسلمة أرسخ من الجبال الرواسي على ثباتها وقرارها فاذا كان الجواب معلوما فإن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالاستكانة والخضوع والاستسلام له ـ دائما وبلا انقطاع منذ أن بلغنا سن التكليف حتى نفارق الحياة وتلقى الله على ذلك وعليه فقصر المحافظة على الطاعة، والبعد عن محارم الله تعالى على رمضان لا معنى له البتة ولا يغني من الحق شيئا فالحق أحق أن يتبع وما عداه أخاليط وخمان. شروط التأثير: إن من القوانين الآلهية ـ المسلم بها ـ في هذا الكون التي لا يمكن أن تتبدل أو تتغير أن المجتهد بعدها ما يستفرغ الوسع في الوصول الى هدف معين لابد أن يكون له أثر من وراء ذلك الجهد فكيف يكون الصوم مؤثرا ومزكيا ومطهرا بعد ما يستفرغ المسلم الوسع في إصلاح نفسه يتخليصها من الشوائب ومن حمأة المعاصي والشهوات، وجعلها نقية تصعد سلم السماء مع ملائكة الرحمن تبارك وتعالى. إنه ليس بالدعة والخمول، ولا بالكسل والتواني، ولا بالتسويف والتواكل، ولكن بالحركة الدؤوب، وبالجد والاجتهاد، وببذل النفس والنفيس، والغالي والرخيص، والطارف والتليد وبالأخذ بالأسباب دائما وبحكمة. بعقيدة ملؤها اليقين والثقة، بقلب ملؤه الإيمان والتوكل، بجوارح خاضعة، وجبين يحب السجود لله تعالى. أيها الأخ المسلم: إننا نحن هنا نريدك تحفيزا على لزوم التقوى ومواصلة الاتصال بالله عز وجل. كما أننا نريدك يقينا أن الصوم كاسم لا يمكن أن يكون مزكيا لنفسك ولا مطهرا لها من الأدران إذا لم يكن لديك رصيد واسع من الوازع الديني ـ أولا ـ ثم إيمان تجد طعم لذته في قلبك يكون حارسا لها من الوقوع في عمل أهل الشمال الذين توعدهم الله تعالى بأليم عقابه والعياذ بالله تعالى ـ فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، قال زهير: فلا يغرنك ما منت وما وعدت إن الأماني والأحلام تضليل إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (رب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش). فلو كان الصوم بنفسه ينفع بدون متابعة ومحاسبة مثابرة لما قال فيه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ما قال. أخي المسلم: إن الذي نستطيع أن نجزم به أن المسلم إذا صام لله إيمانا واحتسابا سيزيد إيمانه وهنا يظهر لك جليا أثر الصوم على النفس فجربه وفقني الله وإياك لتزكية أنفسنا. اللهم آمين. باب الريان: الريان باب من أبواب الجنة يدخل منه الصائمون جزاء صيامهم إيمانا واحتسابا، فالله تعالى لا يضيع أجر المحسنين قال صلى الله عليه وسلم: (من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبدالله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعى من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعى من باب الصدقة ومن كان من أهل الصوم دعى من باب الريان، قال أبو بكر الصديق ـ رضي الله تعالى عنه ـ ما على من يدعى من هذه الأبواب كلها من ضرورة فهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها يا رسول الله، قال عليه السلام: نعم وأرجوا أن تكون منهم). إيه يا أبا بكر، وإقسم لنا من صبرك وجلدك وتوكلك. أيها القارء الكريم: عليك بمجاهدة نفسك وتعويدها على الصبر حتى لا يفوتك الفضل فأنت اذا طالعت كلمة ريان في لسان العرب لابن منظور مثلا ـ تجدها تعطيك دلالة قاطعة على نعم الثواب الذي أعده الله للصائمين فقال، والريان ضل العطشان، ورجل ريان، وامرأة ريا من قوم رواء. فعلا إنه بعد الصبر على العطش والجوع في دار الدنيا لا بد من الا رتواء، والشيع تسمية الباب بهذا الاسم مناسب للمقام هنيئا لكم أيها الصائمون بابكم الريان الملآن بكل ما تشتيهه الأنفس وتلذ الأعين. * خاتمة إن الصوم سلام المؤمن فمن حافظ عليه نجا وسلم، ومن أضاعه هلك وندم. إن الله سبحانه وتعالى إنما يتقبل من المتقين إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. أخوة الإيمان جاء في الأثر أن الناس كلهم هلكي الا العالمون، والعالمون كلهم هلكي الا العاملون، والعاملون كلهم هلكي الا المخلصون، والمخلصون على خطر. فكيف لنا أن نصل الى مكان الماء والكلأ ودونه عقاب صعاب تنهك السالك الواني. كيف لنا أن نصل الى شاطئ السلامة ونحفق الخلاص والاخلاص، والعمل قليل، والطريق طويل، والناقد بصير والعقبة كؤود. شمر عن سواعد الجد، واحتسب أجرك على الله، فانه لن يترك من عملك شيئا. هذا وبالله التوفيق وهو من وراء القصد، وهو حسبي، ونعم الوكيل، ونسأله تعالى أن يوفق الجميع لكل طاعة إنه سبحانه قريب مجيب الدعاء. وما ذلك على الله بعزيز، اللهم آمين. أحمد بن سعيد الشعيلي من عوامل النصر ـ 1 الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأنصاره وحزبه الى يوم الدين، ها هو الكون ينتشي بإطلالة شهر النفحات والبركات، شهر الكفاح لتحقيق النصر تلو النصر والنجاح تلو النجاح لأمة الخيرية التي وصفت بالخيرية في خير كتاب تنزل على خير خلق الله أجمعين في خير شهر خص بليله هي خير من ألف شهر، أقف معك في مطلعه وأول جمعه في هذه السطور وقفة استبشار وتفاؤل، في ظل هذه الظروف الحالكة، والمآسي الكالحة، والمؤامرات التي يحيكها أهل الكيد للإسلام ولأهل الاسلام، أقف معك وأدعو نفسي وأدعوك الى العود الحميد الى أفياء رحاب الله الوارفة، والى تملي نعمائه الوافرة، والى اتباع المنهج السديد الذي رضيه الله سبحانه وتعالى ذو الجلال والإكرام لعباده المؤمنين، وبين معالمه سيدي وحبيبي رسول الله صلاة الله وسلامه عليه أدعوك أخي للوقوف مع آيات من كتاب الله، تنزلت في موقف ألح فيه الحبيب المصطفى بالدعاء والضراعة الى الله.. تنزلت في أجواء ظروف حالكة مريرة، كثرت فيها مناشدة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ربه، حتى قال له صاحبه وخليله الصديق رضي الله عنه: (كفاك مناشدتك ربك، فإن الله نجز لك ما وعدك) أدعوك لتتملى معي هذه الآيات المحكمات البينات لنتزود منها بأزواد وأفرة من التوجيهات الربانية التوجيهات التي استمسك بعراها الحبيب المصطفى، والذين كانوا في صف الحبيب المصطفى.. فكانت نتجية ذلك الاستمساك نصرا مؤزرا، وفرقانا بانت معه للإسلام معالم، وخفقت له رايات، وعلت له منارات شامخة كل الشموخ يقول الله العزيز الحكيم: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة: فاثبتوا، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، وأطيعوا الله ورسوله، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا، إن الله مع الصابرين، ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم يطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط) هذه الآيات الثلاث من سورة الأنفال، ما أجدر كل مسلم أن يتملاها طويل ويستضيء بأنوار هدايات أحكامها في لقاءاته المتكررة من الفئات المتعددة من أعداء الله الذين تعددت أضرابهم، وتباينت مظاهر أهدافهم، مع الفئات التي تلتقي في نهاية المطاف حول هدف واحد خسيس، هو أخذ المسلم بعيدا عن درب الهداية، والسير به في شعاب ملتوية من الباطل الزائف وصده عن صراط الله المستقيم الذي أمر أن يستمسك به، هذه الآيات أخي المسلم الكريم تحمل في ثناياها جل أسباب النصر إن لم نقل كلها، وأود أن آخذ منك وقفات لنستجلي فيها حقيقة من حقائق واقعنا الذي أمتنا هذه الأيام.. حقيقة صحوة الضمير.. حقيقة أن أمة الاسلام بدأت تفرك أعينها، وبدأت كتائبه تمطى لتنفض عنها الخمول والكسل بعد يوم دام قرونا متطاولة بدأت تشرئب بأعناقها الى بريق نور الإيمان الذي بدأت تلوح في أفق الكون الفسيح العابد المسيح بحمد الله الخاضع لجلاله.. زاهية مزدانة بوقار التقوى.. مندفعة بروح العمل الجاد الموصول بمنابع هداية الحق التي أهداها للعالمين، يفرح لرؤياها كل مؤمن تواق الى رفعة كلمة الله.. ويغتاظ لهول ما ينتظره منها كل مكابر للحق سادر ساه عما يجري حوله.. سواء أكان يعيش بقالبه في جنبات المجتمع المسلم، أم كان يعيش بقلبه وقالبه في الصف المقابل للمجتمع المسلم، أود أن أقف معك وقفات، أعاطيك فيها كؤوس المودة المفعمة ببشائر النصر المؤزر المرتقب انبلاجه من صبح هذه الآيات الثلاث بإذن الله. وفي وقفة اليوم نعيش مع الوصية الربانية الأولى: وهي قوله تعالى: (فاثبتوا) وقبل أن ندلف الى بغيتنا في هذه الوقفة نود أن نقرر أننا في معترك حامي الوطيس.. ليس مع فئه واحدة وإنما مع فئات.. ونود أن نقرر أنه يجب علينا أن نستشعر أهمية هذه الوصايا، وأن نوقن بعد ذلك بالنتيجة التي جاءت بصيغة التعليل في التعقيب على الوصية.. وذلك قوله سبحانه (لعلكم تفلحون) فهذه العبارة هي أخت العبارة التي جاءت في معرض الحديث عن كتابه الصيام على هذه الأمة.. فمناط حصول التقوى في آية كتابة الصيام مرهون بالاتيان بالصيام كما شرعه الله، ومناط الفلاح المشار إليه في هذه الآية مرهون بتنفيذ هذه الوصية.. تنفيذها بحذافيرها دون الاخلال بأي شروط من شروطها، ونود أن نشير بعد ذلك أننا كلما سرنا خطوة في طريق الكمال ونحن ننفذ وصية الله كلما اقتربنا من الفلاح الذي نصت عليه الآية الشريفة، تحقيقا لوعد الله واستنجازا لنصره فلا مبدل لكلمات الله وستبقى سننه الكونية ماضية وليكابر المكابرون في ذلك إن شاءوا، فهم أحقر من أن يؤبه بهم ولو في أحلك الأوقات فكيف وقد تجلى الصبح لذي عينين، إن صحوة الضمير المسلم وصحوة الأمة المسلمة ماضية برعاية الله ولن يقف في طريقها شيء بإذن الله. (فاثبتوا) ما هو الثبات المطلوب الذي يقتضيه الصراع المرير الذي يخوض غماره المسلم، لنصغ الى شهيد الاسلام وعملاق الفكر سيد قطب إذ يقول في ظلاله الوارفة: (فأما الثبات فهو بدأ الطريق الى النصر فأثبت الفريقين أغلبهما، وما يدري الذي آمنوا أن عدوهم يعاني أشد مما يعانون، وأنه يألم كما يألمون، ولكنه لا يرجو من الله ما يرجون، فلا مدد له من رجاء الله يثبت أقدامه وقلبه! وأنهم لو ثبتوا لحظة أخرى فسينخذل عدوهم وينهار، وما الذي يزلزل أقدام الذين آمنوا وهم واثقون من إحدى الحسنيين: إما الشهادة وإما النصر؟ بينما عدوهم لا يريد الا الحياة الدنيا، وهو حريص على هذه الحياة التي لا أمل له وراءها ولا حياة له بعدها، ولا حياة له سواها، هذا ما قاله سيد قطب وهو لعمري عين الصواب، فالثبات اليوم مطلوب من كل من جندوا أنفسهم وأموالهم وبذلوها رخيصة في سبيل الله. مطلوب من المسلم اليوم أن يثبت أولا وقبل كل شيء على التوبة النصوح، التوبة التي يقطع من خلالها على نفسه عهدا بأن لا يجده الله حيث نهاه، وأن لا يفتنقده من حيث أمره، ما استطاع الى ذلك سبيلا يثبت على ألوان من الطاعة التي تقربه الى الله، ويثبت على النأي بنفسه عن محارم الله، بحيث يبقى نقي الصفحة، ويثبت على مجاهدة نفسه ليكون قرآنا يمشي على الأرض بحيث يتأدب بأدب الله ويتخلق بأخلاق رسوله، بحيث يتخذ الحبيب المصطفى مثلا أعلى في كل جزئيات حياته، ويثبت على الحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويثبت على التواصي مع إخوانه وأهله وخلانه بالحق والصبر، يثبت على موالاة أولياء الله ومعاداة أعداءه وإعداد نفسه للقاء أعداء الله. مطلوب من المربين، آباء وأمهات، معلمين ومعلمات، بأن يثبت كل منهم في تربية أبناء الأمة المسلمة على مبادئ العقيدة الصحيحة النقية من الشوائب التي تخل بنقائها، العقيدة التي تحيي القلوب وتورثها تقوى الله وخشيته ومراقبته في السر والعلن، يثبت في تربيتهم على مبادئ العزة والاستعلاء بقيم هذا الدين بحيث يعيش الناشئ موقننا صدق اليقين مقتنعا تماما الاقتناع بأن ما يعتقده هو الحق وحده وأن ما سواه من الفلسفات والأيدلوجيات الوضعية إنما وضعت لتصرفه عن دينه، فالجيل الذي لا يعتز بدينه ولا يستعلي بمبادئه لا يجرى خلاص البشرية على يديه، مطلوب من المربين الثبات في تربية الجيل الصاعد على موالاة أولياء الله من الأولين والآخرين الى يوم الدين، وعلى معاداة كل من يناوئ هذا الدين أو يكيد له أو يعين من يناوئه ويكيد له، يثبت على تربية أبناءه على القوة ومعالي الأمور والبعد بهم عن سفاسفها، يثبت على غرس الخلق القويم والخصلة الحميدة والأدب الرفيع لكيون جيلا يحمل مشعل الهداية الى العالمين، ويكون جيل النصر الذي يرفع أمجاد أمة الاسلام ويعلي رايته خفاقة بإذن الله. مطلوب من صناع القرار مهما كان دورهم أو موقعهم في هذه لأمة أن يثبتوا، بدأ من رب الأسرة وهو يمير أهله، وانتهاء بأعلى سلطة في هذه الأمة، على أي صعيد كانت صلاحيتها، الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي بل على كل المستويات والشرائح.. التاجر والموظف والصانع والمزارع والعامل، عليهم جميعا أن يثبتوا على المبادئ التي أرساها الدين الحنيف في معاملاتهم فلا يتعمدون الوقوع في مخالفة الشرع الشريف، وعليهم أن يحرصوا على الصلة بعلماء هذه الأمة العاملين، ليقيموا أسس حياتهم، وتفاصيل معاملاتهم، على شرعة الله ومنهاج الله القويم، مطلوب منهم الثبات على معادات الذين يكيدون للذين يكيدون لأمة الاسلام، أو يظاهروا عليها أعداءها، وهذه النقطة من أهم عوامل النصر والتمكين، فلو أحسن المسلمون استخدام هذا السلاح لهز العدو شر هزيمة. مطلوب من القائمين على وسائل الاعلام أن يثبتوا على منهج الله، ومبادئ الأمانة والصدق والاخلاص لانقاذ ما تبقى من أخلاق هذه الأمة، وما بقي لها من تراثها الاسلامي الخالد، بأن يقدموا لها ما من شأنه أن ينفخ فيها روح الاستعلاء والجد والمثابرة.. أن يقدموا لها حقائق هذا الدين نقية من كل غبش وكل لبس أو خداع، بحيث يمكن بعد ذلك للأمة المسلمة أن تثبت على هويتها الثقافية الاسلامية التي تميزها على ما سواها من الثقافات، وتثبت جدارتها للعالمين بطريق عملية، وتثبت حقيتها في أخذ زمام قيادة البشرية على كل الأصعدة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وكلنا يعرف بداهة أن كل هذه المقومات موجودة حاضرة في ثنايا أمة الاسلام، ولا ينقص الأمة سوى عامل الأخلاص في إبرازها، فالامة مطالبة بالثبات على هذه المبادئ، ليتحقق لها النصر، فان الانهزامية والتردد والتخاذل والضعف ليست من شأن المسلم ابدا (يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا) هذه هي الوصية الأولى وأحد عوامل النصر التي عرفها الجيل الفريد الذي رباه محمد صلى الله عليه وآله وسلم كيف يتعامل معها كيف يستفيد منها، وعرف كذلك التابعون لهم بإحسان من أبناء أمة الاسلام كيفية التعامل معها، فمن لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم اليوم ومن يعيد الكرة لاستنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريقين من براثن الغدرين، الغدر الصليبي الحاقد، الغدر الصهيوني الجاثم على صدر الأقصى الذي بارك الله حوله، من يرجى اليوم لذلك الا الجيل الصاعد الذي بدأت بشائر ظهروه تلوح.. وهو اليوم مطالب بأن يعمل بالوصايا التي وصاه بها ربه، ولعل الله أن يوفقنا في لقاء آخر نقف مع الوصايا الأخرى التي جاءت في هذه الآيات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سالم بن عامر العيسري
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)
    • كعب بن سور العماني التابعي

      هو كعب بن سور بن بكر بن عبيد بن ثعلبة بن سليم بن ذهل بن لقيط بن الحارث بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد ؛ كان مسلماً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره، وكان كعب في الجيش الذي خرج به عثمان بن أبي العاص الثقفي من عمان، لقتال الفرس

      ، وكان له في قتالهم أثر كبير ، ثم أقام هو ومن معه من الأزد بتوّج ، من أرض فارس، ومنها وفد إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، فاستقضاه الخليفة على البصرة، وهو أول من قدمها من أهل عُمان مع أُناس من الأزد عددهم ثمانية عشر رجلاً.. وسبب استقضاء عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) له على البصرة، أنه كان ذات يوم جالساً عند عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، فجاءت امرأة فقالت: ما رأيت رجلاً قط أفضل من زوجي، إنه ليبيت ليله قائماً، ويظل نهاره صائماً، في اليوم الحر ما يُفطر، فاستغفر لها عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وأثنى عليها، وقال مثلك أثنى بالخير وقاله، فاستحيت المرأة وقامت راجعة، فقال كعب: يا أمير المؤمنين هلا أعديت المرأة على زوجها، إذ جاءتك تستعديك، قال : أكذلك أرادت ؟ قال : نعم، قال: ردّوا عليّ المرأة، فرُدّت ، فقال: لا بأس بالحق أن تقوليه، إن هذا يزعم أنك جئت تشتكين أنه يجتنب فراشك ؟ قالت : أجل إني امرأة شابة وإني أبتغي ما يبتغي النساء ؛ فأرسل إلى زوجها ، فجاءه، فقال لكعب : أقض بينهما ، فقال: أمير المؤمنين أحق أن يقضي بينهما ، فقال: عزمت عليك لتقضين بينهما ، فإنك فهمت من أمرهما ما لم أفهم ، فقال : إني أقضي لها يوماً من أربعة أيام، كأن زوجها له أربع نسوة، فإذا لم يكن له غيرها ، فإني أقضي له بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد فيهن، ولها يوم وليلة، فقال له عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) : والله ما رأيك الأول بأعجب من رأيك الآخر، اذهب فأنت قاض على أهل البصرة ، وكتب إلى أبي موسى بذلك، فقضى بين أهلها، إلى أن قُتل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، ثم في خلافة عثمان بن عفان، فلم يزل قاضياً عليها إلى أن قُتل يوم الجمل مع أم المؤمنين السيدة عائشة. وفي قضاء كعب بين المرأة وزوجها، يقول العلاّمة نور الدين السالمي (رحمه الله) في كتابه (جوهر النظام) في باب معاشرة الأزواج : وإن تكن قد طلبت إياه يلزمه إن شاء أو أباه في أربع الأيام قيل مرة أخرج هذا القول قاضي البصرة وهو العُماني على التحقيق قضى به في حضرة الفاروق فاستحسن الفاروق ذاك النظرا ومن هناك صار قاضي عُمرا وفي رواية أخرى ذكرها ابن عبد البر ، عمن روى عن محمد بن سيرين ، قال: جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فقالت : إن زوجي يصوم النهار ، ويقوم الليل، قال: أفتريدين أن أنهاه عن صيام النهار، وقيام الليل ؟ قال: ثم رجعت إليه فقالت: إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، قال: أفتريدين أن أنهاه عن صيام النهار وقيام الليل؟ قال: وكان عنده كعب بن سور ، فقال كعب: إنها امرأة تشتكي زوجها، فقال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) :أما إذ فطنت لها، فقُم فاحكم بينهما، قال: فقام كعب، وجاءت بزوجها، فقالت : يا أيها القاضي الفقيه أرشده ألهى خليلي عن فراشي مسجده زهده في مضجعي تعبده وخوف رب باليقين يعبده مفترشاُ جبينه يكدده نهاره وليله ما يرقد هو لست في أمر النساء أحمده فامض القضا يا كعب لا تردده. فقال الزوج: إني امرؤ قد شفني ما قد نزل في سورة النور وفي السبع الطول وفي الحواميم الشِفا وفي النحل فردها عني وعن سوء الجدل فحثها يا ذا على خير العمل من طاعة الله ومن بر البعل فقال كعب: إن السعيد بالقضاء من فصل ومن قضى بالحق حقاً وعدل إن لها حقاً علي يا بعل من أربع واحدة لمن عقل امض لها ذاك ودع عنك العلل وأنت من أمر الثلاث في مهل إذاً فصمهن وقمهن وصل لا ينفع القول وتضييع العمل ثم قال له: أيها الرجل ، إن لك أن تتزوج (من النساء مثنى وثلاث ورباع)، فلك ثلاثة أيام، ولامرأتك هذه من أربعة أيام يوم، ومن أربع ليال ليلة، فلا تُصل في ليلتها إلا الفريضة، فبعثه عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قاضياً على البصرة. أ هـ . ولم يزل قاضياً على البصرة إلى أن قُتل يوم الجمل مع السيدة عائشة، وكان قد اعتزل الفتنة، فقيل للسيدة عائشة : إن خرج معك كعب، لم يتخلف من الأزد أحد، فركبت إليه فكلمته، فأخذ مصحفه ونشره، وخرج بين الصفين يدعوهم إلى السلام، والقتال ناشب، فجاءه سهم فقتله. وقيل: كان المصحف معه، وبيده خطام الجمل، فجاءه سهم غرب فقتله، وقيل: ان السيدة عائشة قالت له: خلّ عن الجمل، وتقدم بالمصحف، فادعهم إليه، وناولته مصحفاً ، فاستقبل القوم، فرموه رشقاً واحداً فقتلوه، وذلك في شهر جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وكان كعب مسلماً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره.، فهو معدود من التابعين. قال العلامة العوتبي، بعد أن ذكر قصة كعب: كان معروفاً بالصلاح، وليس له عقب . أ هـ . هذا، وبعد أن ذكرت التابعي كعب بن سور، وهو أول عُماني يُعد من كبار التابعين، لإدراكه عصر النبوة، أردف ذلك بذكر سبعة عشر رجلاً من رجال العلم، ورواة الحديث، من أهل عمان، عاشوا - فيما يبدو - خارجها، مع احتفاظهم بالانتساب إليها، وقد أدرك بعضهم نفراً من الصحابة، وأولهم : عبد الله العماني
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)
    • خطبة عن بر الوالدين لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي

      بسم الله الرحمن الرحيم
      الحمد لله الذي أمر بإحسان الصلاة ورعاية القرابات وعظم حقوق الأباء والأمهات وقرن رضاه برضى الوالدين وجعل برهما سبب السعادة في الدارين سبحانه له الحمد على ما أمر ونهى وحض ووصى وخلق وسوى أحمده تعالى بما هو له أهل من الحمد وأثني عليه وأستغفره من جميع الذنوب وأتوب إليه وأومن به وأتوكل عليه من يهده الله فلا مظل له ومن يظلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصي الله ورسوله فقد ظل ظلال مبينا وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله أرسله بكل خير ودعى عليه أفضل الصلاة والسلام إلى كل بر اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وعلى كل من إهتدى بهديه واستن بسنته وسار على نهجه ودعى بدعوته إلى يوم الدين
      أما بعد
      إن من شأن الإنسان الترابط بين أصوله وفروعه وهذا من مظاهر المدنية في هذا النوع من مخلوقات الله سبحانه وتعالى وقد أمر الله سبحانه وتعالى بمراعاة هذه الناحية لإن أمر الله عز وجل ينسجم مع الفطرة ولا يستطدم ويأتلف مع الطبع ولا يختلف فقد جائت آيات الكتاب العزيز حاضة على مراعاة حق الوالدين وقد جعل الله سبحانه وتعالى برهما من طاعته بل قرن برهما بعبادته وفي هذا ما يدل على عظم حقهما في ميزان الإسلام يقول الله تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) في هذه الآية الكريمة يعلمنا الله سبحانه وتعالى كيف نتعامل مع الآباء والأمهات فقد وصى الله تعالى فيها أولا بأن يعبد الله تعالى ولا يشرك به ثم ثنى بعد ذلك بتعليمنا أداء حق الوالدين وبين سبحانه وتعالى أن من حقهما أن لا يتظجر أحد مما يصدر منهما في حالة الكبر لأن الكبر مضنة صدور بعض الإيذاء منهما لولده غير أن الولد مأمور بأن يتحمل ذلك من غير أن يتأفف ومحمول بأن يخضع لهما جناح الذل من الرحمه وأن يدعو الله سبحانه وتعالى بأن يرحمهما كما ربياه صغيرا فهما قد تحملا أذاه في حالة صغره وكانا يحنوان عليه فكم من ليلة سهراها وكم من مشقة تكبداها لأجل هذا الطفل الصغير الذي أصبح رجلا كبيرا بفضل الله ثم ببرهما ورعايتهما له وقد شاء الله سبحاتنه وتعالى أن يوجد في نفوس الأباء والأمهات من الحنو في نفوس الأبناء والبنات مالا يوجد في أي نفس أخرى ولذلك يفدي الأب والأم ولدهما بنفسهما وبما يملكان من مال يجوعان ليشبع ويعريان ليكتسي ويتحملان كل مشقة ليرتاح فهما جديران بأن يقابل إحسانهما بالإحسان وقد قرن الله سبحانه وتعالى شكرهما بشكره في قوله (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) ويقول سبحانه وتعالى موضحا ما يجب على الولد من حق لوالديه ولو كانا على الشرك (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
      ذلك لأن فتية من الذين أمنوا لصنوف من الأذى من آبائهم وأمهاتهم الذين بقوا على الكفر رجاء أن ينثنوا عن عقيدتهم وأن يعودوا إلى جاهليتهم وكان أولك الفتية مع ما يكابدون صابرين على هذا الأذى فِأنزل الله سبحانه وتعالى ما يسلي قلوبهم ويوصيهم بحق آبائهم وأمهاتهم وإن كانوا على الكفر ذلك لأن شركهم لا يمنعهم حقوقهم وإنما يجب بجانب ذلك أن لا يطاعا في معصية الله سبحانه ومن ذلك عز من قائل (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون) وضرب الله سبحانه وتعالى مثلين للناس مثلا للذين يوفون حقوق الله سبحانه وتعالى وحقوق الأباء والأمهات ومثلا للذين يكونون بعكس ذلك فهم لا يبالون بحقوق الله ولا بحقوق الأباء والأمهات وبين مصير كل واحدة من الطائفتين في قوله (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ * وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ) فلينظر الإنسان مالذي يرتضيه من هذين المصيرين هل يرتضي أن يكون من الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من الجن والأنس فصاروا يوم القيامة من الخاسرين أو يرتضي أن يكون من الذين يتقبل الله عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون وقد جائت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حاضة على مراعاة حقوق الأبوين ومحذرة من التقصير في حقهما قالرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( لا يدخل الجنة عاق لوالديه ولا مدمن خمر) وعندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكبر الكبائر قال(الإشراك بالله وعقوق الوالدين) ويقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام( أربعة نفر حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها العاق لوالديه وآكل الربا وآكل مال اليتيم ظلما) فهؤلاء حق على الله أن لا يدخلهم الجنة وأن لا يذيقهم نعيمها إلا تابوا وأحسنوا الصلة بالله تعالى بآبائهم وأمهاتهم وأدوا حقوق الله سبحانه التي فرضها في أموالهم وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عليه الصلاة والسلام ( أحي والداك ) قال له نعم ,قال له (ففيهما فجاهد) وجاء في الأحاديث ما يدل على أن من أحسن الصلة بوالديه كان من جزاء الله سبحانه وتعالى له أن يهبه ولدا صالحا يبره كما بر بوالديه وأن من أساء السيرة في بوالديه فجزاءه كذلك أن يهبه الله تعالى ولدا يبتليه به يسيء معاملته كما أساء معملة والديه فأتقوا الله عباد الله وأحسنوا الصلة بآبائكم وأمهاتكم صلوهم في هذه الحيات الدنيا بحسن المعاملة وصلوهم بعد مماتهم بالإستغفار والدعاء وبالإحسان إلى الذين يحبونهم من الناس وبما تحبون أن يحسن به إليكم أولادكم بعد مماتكم من الصدقات أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فأستغفروا الله يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم
      الخطبة الثانية
      الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين أحمده تعالى بما هو له أهل من الحمد وأشكره وأتوب إليه من جميع الذنوب وأستغفره وأومن به ولا أكفره وأعادي من يكفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى أتباعه وحزبه إلى يوم الدين
      أما بعد فيا عباد الله إن الله سبحانه وتعالى قد جمع الوالدين في التوصية بهما خيرا ثم بعد ذلك نبه على ما قدمته الأم من التضحيات وما كابدته من مشقات في حمل هذا الولد وفي مراعاته بعد ولادته وفي هذا ما يؤذن بأن حقها أعظم من حق الأب وقد جاء ذلك صريحا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله عز وجل يقول (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) ويقول عز من قائل((وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) وجاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبين أن حق الأم أعظم من حق الأب فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له يارسول الله من من الناس أحق مني بحسن الصحبة قال له (أمك) قال له ثم من قال له ( أمك) قال له ثم من قال له (أمك) قال له ثم من قال له ( أبوك ثم الأقرب فالأقرب) فأنظروا كيف ذكر حق الأم ثلاث مرات ثم عطف بعد ذلك حق الأب على حق الأم مرة واحدة بثم الذي تقتضي المهلة والترتيب ثم ذكر حقوق الأقربين فالأقربين في هذا ما يدل دلالة واضحة على أن حق الأم أعظم الحقوق فيجب على الإنسان أن لا ينسى أبدا حق أمه وكيف ينسى حقها وبد كانت مضحيا براحتها وبكل عزيز لديها في سبيل راحة هذا الولد لقد حملته كرها ووضعته كرها وثم بعد\ ذلك إشتغلت بإرضاعه مدة طويلة ثم إشتغلت بعد ذلك بتربيته وسهرت عليه الليالي الكثيرة فحقيق بالإنسان أن يتذكر حقها وأن يرعى صلتها وأن يحفظ ودها وأن يتقرب إليها بما يرضيها من البر والإحسان وأن يواسيها بكل خير وأن يتحيل في الوصول إلى رضاها فالإنسان يجب عليه أن لا ينسى هذه الحقوق وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان وقد روس أن رجلا لقي عبدالله إبن عمر رضي الله تعالى عنهما وهو يطوف بأمنه على ظهره حول البيت العتيق فقال له يا ابن عمر أتراني قد أديت حقها فقال له لا ولا بطلقة واحدة وقد روي أيظا مثل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم روي عنه أفضل الصلاة والسلام رأى رجلا يطوف بأمه فقال له يارسول الله هل أديت حقها ؟ قال له لا ولا بزفرة واحدة يعني أنه لم يؤدي حق زفرة واحدة من الزفرات التي صدرت من الأم في حال الوضع فكيف ينسى هذا الإنسان حقوق أمه وكيف ينسى حقوق أبيه الذي حلب عليه
      فأتقوا الله ياعباد الله واستوصوا بآبائكم وأمهاتكم خيرا وصلوا وسلموا على إمام المرسلين وقائد الغر المحجلين فقد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في محكم كتابه حيث قال عزمن قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) اللهم صلي على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وأرض اللهم عن خلفائه الراشدين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن سائر الصحابة أجمعين وعن المؤمنين والمؤمنات إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الرحمين[/
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)
    • أمهات الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) . ( الحلقة الرابعة والأخيرة ) .

      بركة بنت ثعلبة أم أيمن

      حاضنة الرسول صلى الله عليه وسلم




      أم أيمن شخصية إسلامية لها مكانتها ومنزلتها العالية في قلب رسول الله صلي الله عليه وسلم.




      اسمها :

      بركة بنت ثعلبه بن عمر بن حصن بن مالك بن عمر النعمان وهي أم أيمن الحبشية، مولاة رسول الله وحاضنته. ورثها من أبيه ثم أعتقها عندما تزوج بخديجة أم المؤمنين رضي الله عنها. وكانت من المهاجرات الأول- رضي الله عنها.وقد روي بإسناد ضعيف : أن النبي كان يقول لأم أيمن: " يا أم " ويقول : "هذه بقية أهل بيتي ". وهذا إن دل فإنما يدل على مكانة أم أيمن عند رسول الله وحبة الشديد لها، وحيث اعتبرها من أهل بيته.

      قال فضل بن مرزوق، عن سفيان بن عقبة، قال: كانت أم أيمن تلطف النبي r وتقول عليه. فقال : وقد تزوجها عبيد بن الحارث الخزرجي ، فولدت له : أيمن . ولأيمن هجرة وجهاد ، استشهد زوجها عبيد الخزرجي يوم حنين. ثم تزوجها زيد بن حارثة أيام بعث النبي فولدت له أسامة بن زيد، الذي سمي بحب رسول الله . وكان الرسول قد قال في أم أيمن :" من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة ، فليتزوج أم أيمن "، قال : فتزوجها زيد بن حارثة فحظي بها زيد بن حارثة.

      وعن أنس : أن أم أيمن بكت حين مات النبي . فقيل لها : أتبكين ؟ قالت: والله ، لقد علمت أنه سيموت ؛ ولكني إنما أبكي على الوحي إذ انقطع عن من السماء. وكذلك هذا القول يدل على حبها الشديد وتعلقها بالنبي والوحي.



      أم أيمن واسمها بركة مولاة رسول الله وحاضنته:


      أم أيمن ورثها الرسول صلى الله عليه وسلم من أبيه ، وورث خمسة جمال أوراك وكذلك قطيعا من الغنم ، وقام الرسول بعتق أم أيمن عندما تزوج خديجة بنت خويلد، وقد تزوج عبيد بن زيد من بني الحارث بن الخزرج أم أيمن ، فولدت ولداَ واسمتة أيمن ، ولكنه أستشهد في يوم حنين ، وكان مولى خديجه بنت خويلد. زيد بن الحارث بن شراحيل الكلبي الذي وهبته خديجة لرسول الله ولكنه أعتقه وقام بتزويجه لأم أيمن وذلك بعد النبوة فأنجبت له أسامة بن زيد .



      من إكرام الله لأم أيمن :


      ومما رواه ابن سعد عن عثمان بن القاسم أنه قال : لما هاجرت أم أيمن ، أمست بالبصرة ، ودون الروحاء ، فعطشت ، وليس معها ماء ؛ وهي صائمة ، فأجهدها العطش ، فدلي عليها من السماء دلو من ماء برشاء أبيض ، فأخذته ، فشربته حتى رويت . فكانت تقول : ما أصابني بعد ذلك عطش ، ولقد تعرضت للعطش بالصوم في الهواجر ، فما عطشت .

      لقد أكرم الله سبحانه أم أيمن وهى صائمة فقد أصابها العطش وهي لم يكن معها ماء فدلي عليها من السماء ماء فرويت فهذا يدل على كرم الله على أم أيمن ، منزلتها العالية وفوزها بمحبة الله والرسول وهذا كله يدل على رفق الله بعبادة وسعة رحمة الخالق .

      فقد حظيت أم ايمن بمنزلة عالية عند الرسول وأكرمها أعز مكرمة لها في الدنيا عندما قال رسول الله فيها: ." أم أيمن أمي ، بعد أمي " !!..وقوله " هذه بقية أهل بيتي " !!.

      وللنبي وقفة كريمة بعد انصرافه من غزوة الطائف منتصرا.. غانما .. ومعه من هوازن ستة آلاف من الذراري والنساء .. وما لا يعلم ما عدته من الإبل والشياه .. نتلمس من خلاها عظيم إجلاله .. واحترامه .. وتوقيره .. لمقام الأمومة التي كان يرعى حقها حق الرعاية .. وذلك حين أتاه وفدُ هوازن ممن أسلموا فقال قائلهم: يا رسول الله ! إنما في الحظائر وخالاتُك وحواضِنُك .



      وكانت حليمة أم النبي من الرضاعة .. من بني سعد بن بكر من هوازن .. فمن رضاعه من حليمة السعدية أصبح له في هوازن تلك القرابات .. فلمست ضراعتهم قلبهُ الكبير .. واستجاب سريعاً لهذه الشفاعة بالأم الكريمة ( حليمة السعدية ) التي أرضعتهُ .

      كذلك هذا الموقف يدل على تعظيم الرسول r للأمومة ، وحسن معاملتة للناس واحترامه الكبير لهم. حيث فقال لوفد هوازن ، ووفاؤه للأم الكريمة يملأ نفسه ،: " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم. وإذا ما أنا صليت الظهر بالناس فقوموا فقولوا : أنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين، وبالمسلمين إلى رسول الله، في أبنائنا ونسائنا فسأعطيكم عند ذلك، وأسال لكم " .

      فلما صلى رسول الله بالناس الظهر ، قام رجال هوازن فتكلموا بالذي أمرهم به . فقال: رسول الله : " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم "، فقال المهاجرون : وما كان لنا فهو لرسول الله . وقالت الأنصار : وما كان لنا فهو لرسول الله . وهذا يدل على روح التعاون والحب الشديد لرسول الله ويبين مدى تأثيرهم به وتعلقهم به .

      روايتها للحديث :

      روت عن النبي ، وروى عنها أنس بن مالك، و الصنعاني، والمدني .



      أمهات النبي - صلى الله عليه وسلم – الطاهرات:

      يقول الله تعالى : { وأمهتكم التي أرضعنكم .. } ( النساء :23 ) ،وقال رسول الله { أم أيمن أمي ، بعد أمي }.

      لقد اختار الله تعالى لنبيه محمد أمهات طاهرات كريمات .. ذوات صل عريق .. وأنساب شريفة .. كان لكل واحدة منهن دور في رعايته والعناية به إلى أن أصبح شابا سويا ..فمن أمهات النبي صلى الله عليه وسلم : آمنة بنت وهب : وهي الأم الكبرى له ... وكان لها شرف تكوين الله تعالى نبيه محمدا في رحمها الطاهر .. وحملها له إلى أن وضعته ، وقد واجهت في حملها لنبي الكثير حتى وضعته، وهذا من دلائل إقناعها بعظمة شأنة. وأما وحليمة السعدية : وهي الأم الثانية التي كان لها شرف إرضاعه وتغذيته بلبنها .. ورعايته في طفولته . وكذلك ثويبة ، مولاة أبي لهب ، وهي أم النبي بالرضاعة أيضا، أرضعته حين أعانت آمنة به. وكانت خديجة تكرمها وهي على ملك أبي لهب ، وسألته أن يبيعها لها فامتنع ، فلما هاجر رسول الله أعتقها أبو لهب . وكان رسول الله يبعث إليها بصلة ، وبكسوة ، حتى جاءه الخبر أنها ماتت سنة سبع ، للهجرة .

      من ذاكرة التاريخ: أبرز جوانب حياتها:

      ـ كانت حاضنة رسول الله ، ورثها رسول الله من أمّه، ثم أعتقها، وبقيت ملازمة له طيلة حياتها، وكانت كثيراً ما تدخل السرور على قلبه بملاطفتها إياه.

      ـ أسلمت في الأيام الأولى من البعثة النبوية.

      ـ زوّجها رسول الله ، عبيداً الخزرجي بمكة، فولدت له أيمن، ولما مات زوجها، زوجها الرسول زيد بن حارثة، فولدت له أُسامة.

      ـ هاجرت بمفردها من مكة إلى المدينة سيرا على الأقدام، وليس معها زاد .

      ـ اشتركت في غزوة أحد، وكانت تسقي الماء، وتداوي الجرحى، وكانت تحثو التراب في وجوه الذين فروا من المعركة، وتقول لبعضهم: ((هاك المغزل وهات سيفك)) .

      ـ شهدت مع رسول الله غزوتي خيبر وحنين.

      وفاتها :

      اختلف في تاريخ وفاتها فقيل: توفيت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم - بخمسة أو بستة أشهر، وقيل: توفيت بعد وفاة عمر بن الخطاب بعشرين يوما، ودفنت في المدينة المنورة.
    • كاتب الرسالة الأصلية ورد المنى
      بارك الله فيك أخي نجم الساحة


      [TABLE='width:70%;'][CELL='filter: dropshadow(color=gray,offx=4,offy=4) glow(color=burlywood,strength=5);']
      وبارك فيك أيضا أختي الكريمة ورد المنى وكثّر من أمثالك
      [/CELL][/TABLE]
    • كاتب الرسالة الأصلية الطوفان
      بارك الله فيكما جميعا أخويّ نجم الساحة وورد المنى على اتحافكم لنا بهذه الفوائد

      جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم


      أنا لم اقم بأي واجب أستحق عليه الشكر ، فصاحبة الشأن والموضوع أختنا ورد المنى التي لم تدّخر جهدا في سبيل اتحاف الساحة بكل جديد ومفيد .
    • أئمة الإباضية في عمان


      ذكر أهل السير أن أول من أسلم من عمان هو الصحابي الجليل مازن بن غضوبة. قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في السنة السادسة للهجرة فأسلم و دعا له النبي (صلى الله عليه وسلم ) ولأهل عمان بخير. ثم أرسل عليه الصلاة والسلام عمرو بن العاص بكتاب إلى جيفر وعبد ابني الجلندى – ملكي عُمان - يدعوهما إلى الإسلام فأسلما وأسلم معهم من تبعهما من قبائل الأزد.

      كانت عمان تابعة للخلافة الإسلامية حتى نهاية الخلفاء الراشدين وتوالى عليها عدة أمراء منذ أن ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص على عمان حتى فتنة التحكيم.

      ومنذ انقطاع الخلافة الراشدة تولى الحكم في عمان أئمة عدول إلا في بعض الأحيان عندمـا تضعف الإمامة. والملاحظ أنه كلما ظهر العدل في عمان صار الحكم مستقلا وكلما ظهر الظلم وجدناه يرتبط بالحكم العباسي أو غيره من ملوك الطوائف والإقطاع

      الإمامة الأولى

      الجلندى بن مسعود: تولى الإمامة سنة 131 هـ فأقام الحدود وحكم بالعدل ودانت له عمان إلا أنّ ذلك لم يرض أبا العباس السفاح فأرسل إليه جيشا بقيادة خازم بن خزيمة فقتله وأصحابه جميعا. ثم دانت عمان لجبابرة العباسيين حتى سنة 177 هـ.

      بعد مقتل الإمام الجلندى وأصحابه استولى الجبابرة على حكم عمان وارتبطوا بالحكم العباسي ومن هؤلاء محمد بن زائدة بن جعفر وراشد بن النظر بن جعفر وهما من أقارب الجلندى. وفي زمانهما استولى غسان بن سعد الهنائي على نزوى ونهبها. ولكن عمان غي ذلك الحين كانت على ارتباط وثيق بمركز الإشعاع العلمي بالبصرة وكانت الحالة التي آلت إليها عمان قد وصلت إلى مشايخ في البصرة فعمل حملة العلم جهدهم في عمان في توحيد المسلمين ولم الشمل واستطاعوا بعد أربعة وأربعين عاما أن يزيلوا الظلم عن أهل عمان وأن يقيموا الإمامة الثانية التي استمرت أكثر من مائة سنة.

      الإمامة الثانية
      ¨ محمد بن عبد الله بن عفان اليحمدي (177هـ – 179هـ):ولاه المشايخ ومنهم موسى بن أبي جابر الأزكوي، ومحمد بن المعلا الكندي ، وقد اختلفت آراء العلماء في هذا الإمام فمنهم من اعترف بإمامته ومنهم من قال أنه كان إمام دفاع ومنهم من قال أنه من الجبابرة،وخصوصا أنه لم يكن شديدا مع أبناء الجلندى الذين استمروا يمارسون الظلم على مرأى ومسمع منه فلم يهتم، ولذلك عزله المشايخ وولوا الوارث بن كعب الخروصي بعده. وبناء عليه فيمكن القول إن الإمامة الحقيقية في عمان بدأت بالوارث بن كعب سنة 179 هـ.

      ¨ الوارث بن كعب الخروصي ( 179 هـ –192هـ): عقد له موسى بن أبى جابر الأزكوي الإمامة بعد أن عزل محمد بن عبد الله بن عفان، فأقام الحق وأحسن السيرة حتى مات غرقا في الوادي وهو ينقذ بعض السجناء خوفا من أن يجرفهم السيل.

      ¨ غسان بن عبد الله اليحمدي( 192هـ – 207 هـ):عقد له بالإمامة وبايعه المسلمون في عمان بعد وفاة الوارث بن كعب الخروصي، فقام بالحق خير قيام، وشكر حسنَ سيرته الخاصُ والعامُ. كان من أهم إنجازاته أن قضى على قراصنة البحر الذين يروعون الآمنين ويسرقون أموالهم ويعيثون في الأرض فسادا، فأمر بصنع سفينة صغيرة وسريعة وخصص لها بحارة قادرين على التعامل مع البحر وطبيعته وظروفه و أمرهم بتتبع القراصنة والتخلص منهم بأسرهم أو قتلهم. وبذلك تخلص الناس من فسادهم فبسط الله على يده الأمن ولم يحدث بعد ذلك ما يعكر صفو الحياة مدة إمامته التي دامت خمسة عشر عاما.

      ¨ عبد الملك بن حميد العلوي ( 207 هـ 226هـ): عقدت له الإمامة في 27 ذي القعدة سنة 207هـ وقد وقع عليه الاختيار لمعرفة أهل الحل والعقد بصلاحه، فهو من جملة من حضر بيعة الإمام محمد بن عفان وممن بايعوا الإمام الوارث بن كعب، ونظرا لخبرته الطويلة وقربه ممن سبقه من الأئمة فقد كانت له خبرة في شئون الحكم. وقد ظهر العدل في زمانه، وعاش الناس في أمن وأمان مدة إمامته التي دامت ثماني عشرة سنة. توفى في رجب 226 هـ ودفن بمقبرة الأئمة بنزوى.

      ¨ المهنا بن جيفر اليحمدي (226هـ –237هـ) : بويع باتفاق العلماء بعد وفاة الإمام عبد الملك وقد بلغت عمان في عهده من القوة والازدهار و المجد ما لم تبلغه من قبل وقد تميز هذا الإمام بالهيبة والوقار وقوة الشخصية. توفي رحمه الله سنة 237هـ.

      ¨ الصلت بن مالك الخروصي( 237هـ-272هـ) :بعد وفاة المهنا بن جيفر اجتمع أهل الحل والعقد من العلماء والقادة وبايعوا الصلت بن مالك وكان ممن حضر البيعة محمد بن محبوب و بشير بن المنذر وكثير من العلماء حتى قيل إنه ربما لم يتفق عدد كبير من العلماء على بيعة إمام غيره. دامت إمامته خمسة وثلاثين سنة، وقد سلك الإمام الصلت سبيل من سبقه من الأئمة الراشدين، فأرسى دعائم الحق وهد أركان الباطل، فكثرت الأرزاق وبارك الله في الثمار والغلال وعم الرخاء والازدهار. وفي عهده أرسلت له امرأة من سقطرى رسالة تستغيث به من ظلم وقع على الجزيرة فكان مما قالت له:

      قل للإمام الذي ترجى فضائله



      ابن الكرام وابن السادة النجب



      وابن الجحاجحة الشم الذين هم



      كانوا سناها وكانوا سادة العرب

      جار النصارى على واليك وانتهبوا



      من الحريم ولم يألوا من السلب



      وأخرجوا حرم الإسلام قاطبة



      يهتفن بالويل والأعوال والكرب



      قل للإمام الذي ترجى فضائله



      بأن يغيث ذوات الدين والحسب




      إلى أن قالت:

      ما بال صلت ينام الليل مغتبطا



      وفي سقطرى حريم باد بالنه

      يا للرجال أغيثوا كل مسلمة



      ولو حبوتم على الأذقان والركب



      حتى يعود عماد الدين منتصبا



      ويهلك الله أهل الجور والريب




      فاستجاب الإمام الصلت لطلبها وأرسل جيشا وخلص سقطرى من ظلم الظالمين، ويذكرنا هذا الموقف الذي اتخذه الإمام الصلت بموقف شبيه للإمام أبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح (أول إمام بويع في طرابلس سنة 140 هـ) عندما استغاث به أهل القيروان من ظلم قبيلة ورفجومة فذهب بجيشه وخلص القيروان من ظلم ورفجومة ثم ولى عليها عبد الرحمن بن رستم الذي أسس الدولة الرستمية في الجزائر فيما بعد.

      وفي أواخر عمره خرج عن طاعته بعض العلماء منهم موسى بن موسى الأزكوي، فشعر أنه غير مرغوب فيه فاعتزل الإمامة ولزم بيته فقام هولاء العلماء بمبايعة راشد بن النظر اليحمدي. توفي الإمام الصلت رحمه الله سنة 275 هـ ودفن بمقبرة الأئمة بنزوى.

      ¨ راشد بن النظر اليحمدي. كان خروج بعض العلماء عن طاعة الإمام الصلت نذير فتنة قادمة فبعد مبايعة راشد بن النظر تفرق رأيهم وفسدت أمورهم واختلفوا فيما بينهم في الرأي. فكره قوم منهم إمامة راشد بن النظر ولم يبايعوه وبعد وفاة الإمام الصلت قامت فتنة كبيرة كانت بداية النهاية للإمامة الثانية. وتولى على عمان بعد ذلك في فترة قصيرة مجموعة من الأئمة منهم:

      ¨ عزان بن تميم

      ¨ محمد بن يزيد الكندي

      ¨ محمد بن الحسن الخروصي.

      ¨ الصلت بن قاسم الخروصي.

      بعد هؤلاء الأئمة الذين اختيروا حسب قواعد الشورى في الإسلام واتصفوا بالأمانة والعدل بدأت الفتنة بين القبائل فانتقل حكم عمان إلى الجبابرة بعد أن استعان بعضهم بمحمد بن بور الوالي العباسي على البحرين فأقبل محمد بن بور بجيشه واستولى على عمان بالتعاون مع العباسيين وبعض النفوس المريضة وعاش أهل عمان مدة أربعين سنة تحت ظلم وقهر الذين لا يخافون الله ولا همّ لهم إلا القتل والتخريب والتشريد. ثم قامت عدة إمامات أخرى بعدها متصلة وبعضها متفرقة، وأغلبها كانت إمامات دفاع أو إمامات في مناطق محدودة كنزوى أو الرستاق إلا أنها لم تشمل عمان كلها ،فقد كانت الفرقة والعصبية على أشدها وفي ما يلي بعض أسماء الأئمة العدول الذين حكموا عمان بعد محمد بن بور :

      سعيد بن عبد الله الرحيلى : توفي سنة 312 هـ

      راشد بن الوليد : تولى سنة 312 هـ وهو إمام دفاع

      الخليل بن شاذان : تولى الإمامة سنة 407 الى وفاته سنة 425 هـ.

      راشد بن سعيد اليحمدي : بويع سنة 425 وتوفي سنة 445 هـ.

      حفص بن راشد بن سعيد : بويع بعد وفاة والده سنة 445 هـ

      راشد بن على النزوي : عقدت له الإمامة بعد وفاة حفص بن راشد. توفي سنة 513 هـ

      الخليل بن عبد الله بن عمر الخروصي: آخر أئمة العدل في عمان قبل انتقال حكم عمان إلى بني نبهان الذين دام حكمهم على عمان مدة تقرب من أربعة قرون، ولم تحفظ كتب التاريخ أي محاولات لإقامة الإمامة في هذه الفترة حتى سنة 809 هـ عندما بويع الحواري بن مالك
      منقول
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)
    • بارك الله فيكِ أختي الكريمة علي هذا المجهود

      وجعلة الله في ميزان حسناتك

      يعطيك العافية

      تحيااااااااااااااتي لك
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن