الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ

    • الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ

      الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ(121). البقرة.

      عزمت بسم الله،

      بحثت في كتاب الله على دليل يأمر المولى تعالى فيه عباده أن يتبعوا كتابا، أو كتبا أخرى فلم أجد، إلا ما يثبت أن الله تعالى أنزل آخر الرسل ( الكتاب) على قلب آخر الأنبياء محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وجعله مهيمنا على الرسائل السابقة المنزلة على فترة من الرسل، عليهم جميعا الصلاة والسلام. في الحقيقة كنت أتمنى أن أجد ولو إشارة من المولى تعالى لرسوله والمؤمنين أن يتبعوا مع كتاب الله شيئا آخر، ـ حديثا قدسيا، حديثا متواترا، رواية (صحيحة)ـ مما نسب إلى أقوال النبي، أو مما نسب إلى أفعاله التي يتناقض الكثير منها مع كتاب الله، (وما أكثرها) لكن بصراحة لم أجد إلا ما يؤكد أن القرآن وحده هو الصراط المستقيم والنور المبين، لا شريك له، كما لا شريك لملك يوم الدين، وأن في ( القرآن) وحده الحكمة وما نوعظ به. ( وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(231).البقرة.

      وحذرنا سبحانه أن نكتم ما أنزل الله من الكتاب, وأن نشتري به أي بذك الكتمان ثمنا قليلا، وأن نرتزق بقراءته وتجويده أو ترتيله ابتغاء ثمن نأكله، فإن ذلك عند الله عظيم، ووصف الله تعالى ذلك كمن يأكل في بطونهم نارا، فلا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(174). البقرة. ويبين الله للناس أن في الكتاب الذي أنزل على رسوله منه آيات محكمات هن أم الكتاب، (أي أصل وجذع الكتاب) ولا يعلم تأويلها إلا الله تعالى، وفيه آيات متشابهات حيث يمكن لمن في قلوبهم زيغ ( أي انحراف وميل عن الحق) أن يؤولوها حسب هواهم وزيغهم وما تقتضيه مصالحهم الدنيوية، أما الراسخون في العلم والمؤمنون به حقا، فإنهم يعلمون أن ذلك كله من عند الله و أولائك تنفعهم الذكرى وهم أولو الألباب. (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)(7). آل عمران. فالذين يؤمنون بالكتاب المنزل فهم يتلونه حق تلاوته ولا يكفرون به، فلو كان مع كتاب الله كتب أخرى ( صحيحة وغير صحيحة) أو أقاويل أخرى، لما قال سبحانه (أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ ). فوصف الكتاب بالمفرد لا شريك له. (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ)(121). البقرة. لا حظوا معي أعزائي القراء الكرام وتدبروا معي قول الله تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ(151). آل عمران. من منا يرضى لنفسه أن يكون مثواه ومقامه الأبدي جهنم التي أعدها الله سبحانه للمتكبرين، أتباع إبليس الذي استكبر عن أمر الله سبحانه، (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)(12) محمد.
      ترى من هم أحرص الناس على الحياة؟ ويودون لو يعمروا ألف سنة...
      أليس هم الذين أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وكفروا واستكبروا ؟
      لو كان هؤلاء يؤمنون حقا وموقنين أن النار مأواهم ومثواهم إذا ما أشركوا، هل كانوا سيشركون بالله ما لم ينزل به سلطانا؟؟؟
      هل الأحاديث القدسية، والروايات المتواترة، والتي صححها السلف حسب زعمهم، أقول هل يمكن أن تدخل الأحاديث القدسية وغير القدسية في ما أنزل الله من الكتاب الذي يجب أن نؤمن به ولا نكفر به؟؟؟ وهو الذي سوف نسأل عنه وحده لا عن غيره من الكتب...

      لاحظوا معي أعزائي بيان أحسن الحديث كيف هو مبين حيث يقول المولى تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ(187). آل عمران.
      الذين أوتوا الكتاب هم بنو إسرائيل والنصارى، ويصدق ذلك على الأميين كذلك، لأن جميع الرسالات المنزلة من الله تعالى تدعوا إلى وحدانية الله سبحانه، وطاعة الرسُل فيما أنزل عليهم من ربهم. يقول الحكيم العليم منذرا عباده: يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ(15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(16). المائدة.
      يأمر الله تعالى رسوله أن يقول: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ(19). الأنعام.

      أعزائي ماذا يعني أمر الله تعالى لرسوله أن يقول: (قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ)؟؟؟ وهل بعد هذه الشهادة الربانية التي قال المولى تعالى عنها: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) أقول هل يمكن بعد ذلك أن يأتي مخلوق بكتاب ليوهمنا به أنه من عند الله، فيحل فيه الحرام، ويحرم فيه الحلال، تحت مسميات مختلفة ( أحاديث قدسية، ,وأخرى صحيحة وضعيفة ومرسلة، وما إلى ذلك من المصطلحات المفتريات؟؟؟ معنى ذلك أنها من عند الله بشكل ثان ووحي لم يخبرنا به المولى تعالى، ومع ذلك لا يمكن التعبد به رغم أنه نسب إلى قول الله تعالى!!!! (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلْ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)(35) يونس. وينسب كل ذلك كذبا وزورا إلى رسول الله الذي أُمر بتبليغ القرآن والإنذار به فقط لا غير. يقول سبحانه: يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67). المائدة. ويقول سبحانه: وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ(47). العنكبوت.

      والقرآن العظيم أنزله الله تعالى وتولى حفظه بقدرته، ولم يوكل أحدا من خلقه أن يحفظه كما حدث للكتب السابقة، ليبلغ للعالمين فيكون بشيرا ونذيرا لقوم يؤمنون به، ( وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)(51). الأنعام. ومع كل ذلك فقد كذّب به قوم النبي ظلما وجحودا، رغم أنه الحق من ربهم، وحزن النبي على تكذيب قومه لما جاء به من الحق. (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ)(66) الأنعام. (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (33) الأنعام. (وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)(23) لقمان. وجاء أمر الله تعالى لرسوله فقال سبحانه: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ(66) . الأنعام. والتكذيب في نظري هو اتباع غيره مما كتبت أيدي الناس، وتقديسه والقضاء به على أحكام الله، وتبديلها بأحكام ما أنزل الله بها من سلطان، مثل ( لا وصية لوارث، ورجم الزانية والزاني حتى الموت،) وما إلى ذلك من أحكام يستمسك بها المسلمون وهي من عند غير الله تعالى...

      يقول تعالى:( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِأَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُون)(70) . الأنعام. وضرب الله لنا مثلا في قوم إبراهيم عليه السلام لما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا. (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(81) الأنعام. وهذا المثل ينطبق علينا أهل القرآن كذلك، إذ كيف نخاف ما أشركتم، ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا. كل هذه الآيات تذكرة لقوم يؤمنون بوجود الحساب يوم الدين، فإما نعيم مقيم، وإما عذاب أليم والعياذ بالله. (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)(108) هود.

      فالنبي محمدا عليه السلام بعثه الله ليكون شاهدا على تبليغ الرسالة وبشيرا ونذيرا وداعيا إلى ربه بإذنه وسراجا منيرا السبيل إلى الصراط المستقيم. (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(45)وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا(46)وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا(47)وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)(48) الأحزاب. فهل يمكن لرسول الله أن يشرع أو يحرم أو يحل شيئا لم يأذن به الله تعالى؟؟؟ وهل يمكن أن يتقول على الله فيقول قولا غير الذي أنزل إليه ويسميه ( حديثا قدسيا) ليوهم الناس أنه من قول الله نزل عليه بوحي ثان فيقول فيه ما يشاء، مثل هذا الحديث الذي سمعته في خطبة جمعة، حيث يسعى المؤمنون إلى ذكر الله فأصبح فيها ذكر غير الله مقدسا، نعوذ بالله من الخذلان، (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) " 114 البقرة. فقد استنكرت ذلك على الخطيب بعد الصلاة، وفهمت منه أنه يعتقد جازما أن ذلك من عند الله، وإليكم الحديث القدسي الذي جاء فيه: 2569 حدثني محمد بن حاتم بن ميمون حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إن الله عز وجل يقول يوم القيامة يا بن آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده. مسلم ج 4 ص 1990 قرص 1300 كتاب.

      · أرجو تعليقكم على هذا الحديث الذي أسماه الخطيب في صلاة الجمعة بالحديث القدسي، كيف يقول الحديث عن رب العزة: (مرضت فلم تعدني) (لو عدته لوجدتني عنده )
      · وكيف ينسب إلى الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم له أنه مرض. حتى لو كان هذا تعبير مجازي فلا يجوز في نظري أن يوصف به رب العزة، ( ما لكم لا تعقلون...) فما رأيكم؟؟؟؟ !!!! وأجركم على الله.

      فهل مثل هذا الحديث يدخل في إطار قوله تعالى: (ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(88) . الأنعام. ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(153) . الأنعام. ( كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)(2) . الأعراف.

      ألم يكف الخطيب ما بين دفتي كتاب الله لينذر ويبشر المؤمنين به؟؟ أسوة بالرسول الذي كان ينذر ويذكر بالقرآن فقط. ما الذي ألجأه إلى التصديق بمثل هذه الروايات المفتريات، والأدهى والأمر أن يأتي بها في صلاة الجمعة حيث يأمر المولى تعالى المؤمنين بالسعي إلى ذكر الله، فهل في هذه الرواية ذكر لله تعالى، أم هي تشويش وشرك بالله سبحانه، كيف يجد العبد ربه عند المريض المزار!!! ؟؟؟
      ما ضر الخطيب لو رتل على مسامعنا آيات من الذكر الحكيم ثم نزل ليصلي بالناس، هل القرآن وما فيه من الآيات والحكمة لم يكفهم لينذروا به الناس؟؟؟ يقول المولى تعالى عن كتابه: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ(92) . الأنعام. ويقول سبحانه: طه(1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى(2)إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى(3)تَنزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا(4)الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى(5). طه.

      يحذر الله عباده في أحسن الحديث فيقول: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ(33) الأعراف. (وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ(86) . الأعراف.

      أتساءل بكل صدق، هل الذين يستمسكون بغير ما أوحي إلى الرسول، ويتبعون السبل وما كتبت أيدي الناس، أقول هل هم واعون بما يعملون؟؟؟ كان عندنا شيخ وقور ممن يتبع الألباني لدرجة العبادة، والدليل على ذلك كان يفتي بما يقول الألباني حتى لو تعارض ذلك مع كتاب الله تعالى، وكان يتبعه شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى دخل الألباني قبره وانكشف أمره، تبين له أنه ضل السبيل، وندم على أزيد من عشرين سنة كان يصدق قوله، فتحسر الشيخ أسفا على ما مضى من عمره، فقد كان يجمع فتواه وكتبه معتقدا أن الألباني عالم بالدين، وأن ما يكتب هو تبيان لكتاب الله تعالى، فما مصير هؤلاء المتبعين، ألم يقل المولى تعالى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الْأَسْبَابُ)(166) البقرة. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ(167). البقرة. وقال سبحانه: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا(27) الفرقان. فما ألجأكم إلى إتباع الظن من القول وترك أحسن الحديث وراء ظهوركم!!!

      فما علينا نحن أهل القرآن إلا أن نستمسك بالذي أرسل به الرسول، حتى لو أخطانا في تأويل آية فإن الله يغفر لنا، لأننا لم نحد عن كتابه ولم نتبع السبل، ولا نشرك كتابه بكتب غيره ( وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ(87) . الأعراف. وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ(40).يونس.

      ويوم الدين سوف يفصل الله بيننا ويحكم بالقسط على عباده، فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء. أنا واثق من أنه إذا حضر الموت أحد المتبعين غير الذي أنزل على محمد، والذين يشركون كتاب الله بكتب أخرى ما أنزل الله بها من سلطان، أقول فإنهم يندمون ويتنصلون مما كتبوا وقالوا، ويصدق فيهم قوله تعالى: أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ أَالْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ(51). يونس.
      يخبر رب العزة عباده المؤمنين، ومنهم رسوله أن لا يضيق صدرهم على الكافرين بكتاب الله، فالله على كل شيء وكيل وإليه يرجع الأمر كله. ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(12) . هود.

      أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنْ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ(17) . هود.
      فما على الرسول إلا البلاغ والإنذار بالقرآن فقط دون زيادة ولا نقصان، ولا تقول على الله ونسبة ذلك القول إلى الوحي من عند الله، ( هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) (52). إبراهيم.( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)(57) . هود.

      تدبروا يرحمكم الله في قوله تعالى: وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا(86). الإسراء. قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا(107). الإسراء.
      كيف يكون الرسول إذا ما ذهب الله بالذي أوحى إليه وهو سبحانه على كل شيء قدير؟؟؟ تخيلوا كيف يكون الرسول مجردا من الوحي ؟؟؟ فهل يمكن له أن يتقول على الله فيقول أشياء ما أنزل الله بها من سلطان؟؟؟

      مهمة المرسلين هي تبليغ ما أنزل إليهم من ربهم، فلا يمكن أن يزيدوا شيئا من عندهم أبدا (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(116) المائدة. ويقول سبحانه: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا(56). الكهف.

      لاحظوا معي أعزائي كيف يخاطب الله رسوله، وكيف يأمره يقول سبحانه: فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا(97). مريم. كل ذلك ليستعد ويجاهد في سبيل الله بكل ما أوتي من حكمة وقوة ليبلغ لقوم لدا ما أنزل عليه، فهم لم يقبلوا بما أنزل عليه من رب عليم حكيم، فكيف لو كان ذلك من عنده؟؟؟
      يقول المولى تعالى: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(54). الحج.

      ما دام الله سبحانه قد استجاب لدعاء إبليس (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(36) الحجر. ـ لاحظوا اعتراف إبليس بالربوبية لله، ومع ذلك استكبر عن أمره، ولم يسرع لطلب العفو، كما اعترف آدم وزوجه عليهما السلام لما دلهما بغرور، فأكلا من الشجرة المحرمة عليهما ـ (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ)(23) الأعراف. فإن الشيطان بالمرصاد إلى يوم البعث يتصدى لعباد الله ويضلهم عن الصراط المستقيم، ويمنيهم ويعدهم وما يعدهم إلا غرورا، ( لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا)(118). النساء. فيعبد الناس ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم، ولن يجدوا يوم الدين وليا ولا نصيرا. وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ(71). الحج.

      يخبرنا المولى تعالى أن الذين أوتوا الكتاب من قبل، هم بالقرآن مؤمنون وكانوا من قبله مسلمين: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ(52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ(53). القصص. أما الأميون فكان أول رسالة وآخرها ( القرآن) أنزل على بشر منهم، فلم يعترفوا بالرسول ولا بالكتاب الذي أنزل إليه، ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا)(32). الفرقان. رغم أنه من قومهم وقد لبث فيهم عمرا، لكن الشيطان سول لهم وأملى لهم وشاركهم في الأموال والأولاد و وعدهم غرورا. (وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)(64) الإسراء. فأصدر الله تعالى أمره لرسوله قائلا: فَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا(52). الفرقان. هل بعد هذا الأمر الرباني يمكن لرسول الله أن يتقول على ربه وينسب إليه ما لم ينزّل عليه من الكتاب ليجاهد به الكافرين؟ تحت مسمى ( حديث قدسي ) (أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ)(81) الواقعة. فقد حذرنا المولى تعالى أن نكذّب بالكتاب و بما أُرسل به رسل الله، فلا نجد في الكتاب إشارة إلى كتب غير التي جاء بها المرسلون،(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْف َيَعْلَمُونَ) (70).غافر.

      (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ)(33). الزمر.

      (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ)(52).سباء.

      (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)(52). فصلت.

      وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(52).الشورى.

      قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(10). الأحقاف.

      قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ(23). الأحقاف.
      كل هذه الآيات تشير إشارة واضحة إلى كتاب الله المبين ( القرآن العظيم)،
      حتى الجن لما سمعوا القرآن تعجبوا وأوحى الله إلى رسوله قولهم فقال سبحانه: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا(1)يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا(2) ... وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا(13) . الجن.

      فهل للجن من بلغ لهم الأحاديث القدسية والأحاديث البخارية؟؟؟

      لا يمكن للرسول أن يقول شيئا وينسبه إلى الله، إن لم يوحى إليه في الكتاب ليكون الرسول شاهدا عليه، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) "143" البقرة. ويبقى حجة على من بعده إلى يوم الدين، أما ما كتبت أيدي الناس من أحاديث قدسية وغير قدسية فهي من وحي الشيطان ليضل به الناس عن الهدى والصراط المستقيم، فما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون، وما هو إلا إتباع للظن وما يغني الظن من الحق شيئا.( وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا)(28). النجم.
      فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ(84). غافر.

      ختاما كل الآيات التي استشهدت بها هي من أحسن الحديث، ولن يؤمن بها إلا الموقنون بوحدانية الله تعالى، وتقشعر جلودهم لذكر الله وحده، أما الذين لا يوقنون فسوف يوقنون يوم الدين، (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ)(44) المعارج. يوم ينكسوا رؤوسهم عند ربهم ويعترفوا بجرمهم يخبرنا المولى تعالى عن ذلك اليوم العظيم فيقول: وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ(12) السجدة.
      ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا(39). الأنبياء.
      ولا يوجد حديث مثله، حتى لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فلن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.

      اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ(23). الزمر.
      يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا(136). النساء.

      وفي الختام يقول ملك يوم الدين: قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(3)وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ(4)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5)لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6). الكافرون.

      والسلام على من اتبع هدى الله.