* ! ــــــ مقتطفات قُرأنية ــــــ!* كيف نفهم معاني القرأن!~

    • * ! ــــــ مقتطفات قُرأنية ــــــ!* كيف نفهم معاني القرأن!~



      الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وجعله طريقاً إلى الجنان ونجاة من النيران فيا فوز من جعله رفيقاً ليكون له في القبر مؤنساً وفي القيامة شفيعاً ومن النار مخلصاً وإلى الجنة قائداًودليلاً.
      والصلاة والسلام على من قام بالقرآن حتى تورمت قدماه حباً له ولمن أنزله وعلى أصحابه وأتباعه ومن سار على نهجه إلي يوم الدين وبعد : فقد منَّ الله تعالى على أمة الإسلام بهذا القرآن الذي فيهنبأ ما قبلها، وخبر ما بعدها، وحكم ما بينها، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهوحبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، وهوالذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، ولم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: "إِنَّا سَمِعْنَاقُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً" (الجن: 1-2)، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هديإلى صراط مستقيم


      إن هذا الكتاب الذي لم ولن تر عين أعظم منه ولا أجل ولاأجمع ولا أبلغ ولا أنفع ولا أيسر وأوضح منه لكفيل بأن يلبي نداءات الحياة في كافةالميادين والنواحي، فلا غنى للأحياء عنه ولا سبيل للعيش الذي يستحق أن يسمى عيشاًإلا وفق هديه.(موقع قناة المجد)


      أخواني الكرام من اراد أن يتحفنا بجواهر القرأن الكريم من أحاديث


      وتفسير وأقوال العلماء فله الأجر والثواب ..


      أخي /أختي فلنضع صورة لأية قرأنية ..


      نقرأ القرآن و نحفظ منه ومع ذلك هناك كلمات لا نعرف معناهـا ..


      ولكـن هل بحثنا عن معانى هذه الكلمات حتى نفهم كلام المولى عز وجل ؟؟


      انها دعوة للبحث عن معاني هذه الكلمات في كتب التفاسير


      و للبعد عن جفاف العلوم نريد أن يكون ذلك فى ثوب تنافسي


      وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.


      يدخل أحدنا و يكتب آية من القرآن و يوضّح في أي سورة هي و رقم الآية


      و يسأل عن معنى كلمة فى هذه الآية .


      من يعرف و درس هذا المعنى يجيب ولله الحمد ومن لا يعرف فالحذر كل الحذر


      فى الخوض فى علوم القرآن حتى لو وافق المعنى ومن لا يعرف عليه بالبحث سريعاً


      و كتابة المعنى


      وكتابة آية اخرى فيها معنى جديد و رقم الآية و اسم الســـــــــــورة.


      وفقنا الله و إياكم لفهم معانى كلمات القران و تدبر آياته..



      ستكون صدقة جارية له ليوم الساعة..


    • إن القرآن هو الحياة لو عقل الناس، فالحياة الحقيقية هي التي تسير وفق منهج القرآن، وبغير منهجه فليس ثمة حياة وإن رآها الناس كذلك، قال الله تعالى: "أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَاكَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (الأنعام:122)، فلا حياةفي غير القرآن كيف وهو الروح فهل حياة بغير روح قال الله تعالى: "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا" (الشورى: من الآية52).
      وحياة بغير روح لا تكون فمتى سلبت الروح ذهبتالحياة

      ولقد وصف القرآن الذين عاشوا على غير هديه بالموتى، مع أنهم يأكلون ويشربون ويروحون ويغدون قال الله: "إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ" (النمل:80، 81)

      ووصف الله أولئك المعرضين عن القرآن بالعمى قال الله تعالى: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاًوَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىوَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى" (طـه:124-126)


    • وكيف لا يكون القرآن حياة وفيه كل مايطلبه العباد في معاشهم وما يسعدهم في عادهم، فيه نظام الأسرة ونظام المجتمع ونظام الحكم ونظام القضاء، فيه شفاء الأمراض وتصح العقيدة وتقويم الفكر وتهذيب السلوك.


      فيه بيان حق الوالد على ولده وحق الولد على والده وحق الحاكم علىالمحكومين وحق المحكومين على الحاكم فيه بيان حق الفرد على المجتمع وحق المجتمع علىالأفراد فيه بيان حق الزوجة على زوجها وحق الزوج على زوجته فيه بيان حق الأخ علىأخيه وحق أولى القربى وحق الجار على جاره، وفوق ذلك كله فيه بيان حق الله علىعباده، فهل يا ترى تكون الحياة شيئاً آخر غير ما ذكر؟


    • لقد أنزل الله كتابه الكريم لنبيه _صلى الله عليه وسلم_ من أجل غاية وهدف هو إصلاح الدنيا وتحقيق سعادةالآخرة، وذلك الهدف قد حوى القرآن في ثناياه ما هو كفيل بتحقيقه من الأحكاموالشرائع والعظات والعبر، قال الله تعالى: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا، قَيِّماً لِيُنْذِرَبَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً" (الكهف:1،2)، قال القرطبي: "أي مستقيمالحكمة لا خطأ فيه ولا فساد ولا تناقض"(1) وقد فصل الله تعالى فيه كل ما يحتاجه العباد قال الله تعالى:" وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً" (الإسراء: منالآية12)، ولقد أنزل الله الكتب السابقة على أنبيائه لهذا الهدف وتلكم الغاية، فلم ينزلها الله تعالى من أجل التذهيب والتقبيل ونحو ذلك بل أنزلها ليحي العباد علىهديها قال الله تعالى: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ" (الحديد: من الآية25)، وقال الله تعالى:"وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَىابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ" (المائدة:46)، وقال الله تعالى: "كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَالنَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ" (البقرة: من الآية213).


    • وغير هذه الآيات من القرآن كثير تدل على أن القرآن والكتب السماوية قبله وإن كانت البركة فيهاوالتعبد بمدارسة القرآن لأمة محمد _صلى الله عليه وسلم_ وبالكتب السابقة لتلك الأمم من أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى إلا أن الهدف والغاية الأساسية من هذه الكتب الشريفة ضبط حياة الناس وفق منهج الله تعالى وإصلاح الأرض بمنهج السماء، ولو فهم المشركون على عهد النبي _صلى الله عليه وسلم_ أن ما يلزمهم من القرآن فقط مجردالقراءة لما حاربوا النبي _صلى الله عليه وسلم_ وخاضوا معه تلك المعارك الداميةولكنهم فهموا أن المراد بالدعوة الإسلامية تحكيم القرآن في سائر الشؤون الخاصةوالعامة، والرب الحكيم العليم الذي اتصف بتلكم الصفات العلى، وتسمى بالأسماء الحسنى يستحيل عليه أن ينزل كتابه مبيناً للأحكام مفصلاً لأدق تفاصيل الحياة من ثم لا يكونله غاية سوى أن يتلوه الناس ويرددوا آياته.

    • وقد أوضح الله أن استهداء الخلقب ما أنزل من كتب هي الغاية التي من أجلها أنزل تلك الكتب قال الله تعالى:"نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإنْجِيلَ، مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ "(آل عمران: 3،4)، ولما أنزل الله آدم عليه السلام إلى الأرض بين له أن هدىً منه تعالى سينزل عليه وعلى ذريته، وعاقبة من اتبع ذلك الهدى وعاقبة من خالفه،فقال:"قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّايَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى،وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" (طـه:123،124)، ولقد بين الله سبحانه وتعالى أن السابقين لوأقاموا ما أنزل إليهم من ربهم لسعدوا في الدنيا والآخرة قال الله تعالى:"وَلَوْأَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌمُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ"(المائدة:66)، وقال الله تعالى في شأن هذه الأمة: "وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً،وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراًعَظِيماً، وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً" (النساء:66إلى68)، فالحياةالحقيقية إنما تكمن في تطبيق ما أنزل الله تعالى على رسله، والقيام بما أوجب الله فيها من الواجبات واجتناب ما نهى الله عنه فيها من المحرمات.

    • السلف والحياة القرآنية:
      وقد كان السلف يقرؤون القرآن قراءة من وطن نفسه ليحي به، قال ابنمسعود رضي الله عنه: "إذا سمعت قول الله تعالى يا أيها الذين امنوا فأرعها سمعك،فإنها خير يأمر به، أو شر ينهى عنه"(2). ولما نزلت آية الحجاب بادر نساء الصحابةللالتزام بها، ولما قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَاالْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ،إِنَّمَا يُرِيدُالشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِوَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة:90إلى91)، قال عمر رضي الله عنه: "انتهينا انتهينا"(3) ولمانزلت هذه الآية قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "إن الله تعالى حرم الخمر فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشرب ولا يبع"(4)
      فلبث المسلمون زماناًيجدون ريحها في طرق المدينة لكثرة ما أهرقوا منها


    • فانظر إلى سرعة استجابتهم لما به حياتهم، وكذا في تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام، كيف تلقواالأمر بالقبول وما كان تحويل القبلة إلا امتحان لهم، امتحان ليعرف الحي من الميت،قال سبحانه: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّالِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْه) (البقرة: من الآية143)، فنجحوا في ذلك الامتحان، فمن حديث البراء "كان أول ما قدمالمدينة نزل على أجداده أو قال أخواله من الأنصار وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشرشهرا أو سبعة شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وأنه صلى أول صلاة صلاهاصلاة العصر وصلى معه قوم فخرج ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال أشهدبالله لقد صليت مع رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قبل مكة فداروا كما هم قبل البيت"
    • “وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19(" سـورة لقمان
      وصايا لقمــــان (1): إنما أولادنا أكبادنا تمشى على الأرض




      ما تمثلت هذه الأبيات إلا وتذكرت قول المصطفي صلى الله عليه وسلم: "إن من الشعر لحكمة" (رواه أبي داود عن أبيّ بن كعب)، فإن أولادَنا بضعٌ منا لا ينزل أحد منزلتهم كائناً من كان، ولو كان الوالدين، ولهذا ذكّر الله سبحانه الأبناء بمنزلة الوالدين، وأوصاهم بمصاحبتهما معروفاً، ولم يوصٍ الوالدين بالأبناء لأن ذلك مما جُبلت عليه فطرُهم واستقرّ في قلوبهم، لا حاجة للتذكير به أوالحضّ عليه.
      والحب أصناف تتميز بتميز طرفيه، فحب الرجل لزوجه غير حبّ الرجل لأبويه، وكلاهما يختلف عن حبّه لأبنائه، وحب الأباء للأبناء حبُّ خاص مميّز لا مثيل له. فالمرء لا يتمنى أن يكون على الأرض أفضل منه علماً وأكثر منه مالاً وأعلى منه قدراً إلا وليده، فلذة كبده. وهو حب يَنْعَم به الآباء حينا ويشقوْن به أحياناً. يفرح الإبن بنجاح فيفرح الأب لفرحه، إذ إن فوزَه فوزُه ورفعَتِه رفعتُه، ويعترى الإبن ألماً، فتتداعي الآلام على الأبِ أضعافاً مضاعفة، فهو إن فرح لفرحه مرة، ألم لألمه مرات ومرات. ثم هو لا يستطيع إلى درء ذلك سبيلا ولا يقدر على أن يتحوّل عنه تحويلا، وها هو نبي الله يعقوب عليه السلام يبكى على ابنه يوسف عليه السلام حتى يفقد البصر، فسبحان من جعل هذا الحب مصدرا للنعيم تارة وللشقاء تارات.
      ثم إن أفضل ما يتمنى المرء أن يبلغ من منزلة أن يكون أكثر قرباً لله وأطوع له. ومن هنا نرى ذلك الخطأ الذي يقع فيه الكثير من الآباء، الذين يقصّرون في حقّ حبهم لأبنائهم حين يُقصِرون هذا الحب على توجيه الأبناء للتميّز في الدنيا، والسعي وراء المال والمنصب، دون أن يكون للنصيحة بطاعة الله والإلتزام بشرعه مكان في هذا التوجيه.
      من هنا ندرك مكانة تلك الوصايا العظيمة التي وردت في الذكر الحكيم على لسان لقمان عليه السلام وهو يعظ ابنه ويوجهه بأفضل ما ورد على لسان أب لإبنه. وحريّ بكل أب مسلم أن يترسّم خطى لقمان عليه السلام فيما نصح به ابنه ليضمن له الرفعة في الدنيا والفوز في الآخرة.


    • كثيرة هي الآيات التي تتحدث عن المنافقين وصفاتهم وأحوالهم، وتفضح ما هم عليه من نفاق ورياء، وافتراق ما بين ظاهرهم وباطنهم، وفراق ما بين سرهم وعلانيتهم، واختلاف ما بين ألسنتهم وقلوبهم .
      يأتي في هذا السياق قوله عز وجل: { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام } (البقرة:204). والآية - كما يذكر المفسرون - جاءت كاشفة لصفات أهل النفاق، فاضحة لما هم عليه من شقاق. ومع سبب نزول هذه الآية نجري الحديث في السطور التالية .
      يذكر المفسرون ثلاثة أقوال في سبب نزول هذه الآية:
      أولها: ما روي عن قتادة و مجاهد وغيرهما، أنها نزلت في كل مبطن كفراً، أو نفاقاً، أو كذباً، أو إضراراً، وهو يظهر بلسانه خلاف ذلك؛ وهذا القول يشهد له ما رواه الطبري عن محمد بن كعب القرظي، قال: إني لأجد صفة ناس من هذه الأمة في كتاب الله المنـزل: قوم يحتالون على الدنيا بالدين، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، يلبسون للناس مسوك الضأن، وقلوبهم قلوب الذئاب. يقول الله تعالى: فعلي يجترئون! وبي يغترون! حلفت بنفسي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم فيها حيران. قال القرظي: تدبرتها في القرآن، فإذا هم المنافقون، فوجدتها: { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه } .
      وروى الطبري أيضاً عن أبي معشر نجيح ، قال: سمعت سعيداً المقبري يذاكر محمد بن كعب ، فقال سعيد : إن في بعض الكتب أن لله عباداً ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرُّ من الصبر، لبسوا للناس مسوك الضأن من اللين، يجترون الدنيا بالدين، قال الله تبارك وتعالى: أعلي يجترئون، وبي يغترون!! وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم منهم حيران!! فقال محمد بن كعب: هذا في كتاب الله جل ثناؤه. فقال سعيد: وأين هو من كتاب الله؟ قال: قول الله عز وجل:{ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام }، فقال سعيد : قد عرفت فيمن أنزلت هذه الآية! فقال محمد بن كعب : إن الآية تنزل في الرجل، ثم تكون عامَّة بعد .
      وهذا الذي روي عن محمد بن كعب قريب مما رواه الترمذي في "جامعه" عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: إن في بعض كتب الله تعالى: إن من عباد الله قوماً ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرُّ من الصبر، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، يشترون الدنيا بالدين، يقول الله تعالى: أبي يغترون، وعلي يجترئون!! فبي حلفت لأتيحن لهم فتنة تدع الحليم منهم حيران. قال الترمذي : حسن غريب .
      ثانيها: أن الآية نزلت في قوم من أهل النفاق، وفي هذا خبران عن ابن عباس رضي الله عنهما: الأول: أن كفار قريش بعثوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أنا قد أسلمنا، فابعث إلينا نفراً من علماء أصحابك، فبعث إليهم جماعة، فنـزلوا ببطن الرجيع، ووصل الخبر إلى الكفار، فركب منهم سبعون راكباً، وأحاطوا بهم، وقتلوهم وصلبوهم، ففيهم نزلت هذه الآية. رواه الطبري بسنده .
      والخبر الثاني: أنه لما أصيبت سريَّة أصحاب خُبَيْب بالرجيع بين مكة والمدينة، قال رجال من المنافقين: يا ويح هؤلاء المقتولين الذين هلكوا هكذا! لا هم قعدوا في بيوتهم، ولا هم أدوا رسالة صاحبهم! فأنزل الله عز وجل في ذلك من قول المنافقين: { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا }، رواه ابن أبي حاتم .
      ثالثها: أنها نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، وهنا روايتان بهذا الخصوص: الأولى: أن الأخنس كان قد أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فأظهر له الإسلام، فأعجبَ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه، وقال: إنما جئت أريد الإسلام، والله يعلم أني صادق! وذلك قوله: { ويشهد الله على ما في قلبه }، ثم خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمرَّ بزرع لقوم من المسلمين ومواشٍ، فأحرق الزرع، وقتل المواشي. رواه الطبري عن السدي .
      والثانية: أن الأخنس أشار على بني زهرة بالرجوع يوم بدر، وقال لهم: إن محمداً ابن أختكم، فإن يك كاذباً كفاكموه سائر الناس، وإن يك صادقاً كنتم أسعد الناس به، قالوا: نِعْمَ الرأي ما رأيت، قال: فإذا نودي في الناس بالرحيل، فإني أتخنس بكم، فاتبعوني، ثم خنس بثلثمائة رجل من بني زهرة عن قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمي لهذا السبب أخنس .
      وقد ضعف الرازي هذه الرواية من جهة المعنى؛ لأنه - بحسب الرازي - ليس فيها ما يستوجب الذم، إذ إن قوله تعالى: { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه } مذكور في معرض الذم، فلا يمكن حمله عليه، بل الرواية الأولى أقرب إلى الصحة .
      ومما هو جدير بالذكر هنا، أن الطبري لم يرجح أيًّا من الأقوال التي قيلت في سبب نزول هذه الآية، ما يعني أن الروايات عنده متعارضة، وليس فيها ما يرحج على غيره لاعتماده والقول به .
      وإذا تبين ما قيل في أسباب النزول، نضيف إليه أن المفسرين ذهبوا في تفسير الآية مذهبين: الأول: يرى أن الآية خاصة بمن نزلت فيه من المنافقين .
      والثاني: يرى أن الآية عامة في كل ما كان ظاهره خلاف باطنه. وهذا المذهب الثاني هو الذي عليه جمهور المفسرين، وهو الذي قال عنه الرازي : "هو اختيار أكثر المحققين من المفسرين، أن هذه الآية عامَّة في حق كل من كان موصوفاً بهذه الصفات المذكورة". وقال عنه ابن كثير : وهو الصحيح .
      وعلى ضوء ما ذُكر من أسباب في نزول هذه الآية والمراد منها، نقول كلمة: إن على المسلم أن يكون ظاهره كباطنه في جانب الاعتقاد وجانب السلوك، بحيث يكون عمله ظاهراً متوافقاً لما يعتقده باطناً، فلا يليق بمن يشهد أن لا إله إلا الله، أن يعمل أعمالاً تخالف ما يعتقده؛ فإن الذي يتناقض ظاهره وباطنه، ويتنافر مظهره ومخبره، حريٌّ به أن يتصف بوصف النفاق، وأن يكون من أهل الشقاق، وليس جديراً بأن يكون في عداد المسلمين الصادقين .


    • الشجاع الزائف لا يظهره الا صنَاعه


      كثر في الآونة الاخيرة ظهور الشجاعة الزائفة دائما ما تكون نتائجها سلبية وعقيمة لا تخرج أية نتائج ولاثمار اتجاهاتها تبدأ من عثرات وتنتهي في عثرات اربابها اتخذوا من حب الذات عنوانا لهم في هذه الحياة.. اصحاب المصالح الملونة تعجبهم ويرتاحون لمجرياتها وخضم احداثها تدخل في معترك السلوك العدواني لدى علماء النفس فيرون من يمتلك الشجاعة المزيفة انهم اضداد ومتناقضون من عدة جهات اولا يتباهون بسلوكياتهم العدوانية لدى من هم أقل منهم سواء جسمانيا او معنويا او ماديا فترى آثارهم على هذه الطبقات واضحة ولكن دعهم يمارسون السلوكيات تلك أمام من هم اقوى واجرأ لا تظهر بل تجدها مكسورة الجناح لا حول لها ولا قوة انهم نمور من ورق اشعلتهم مبادئ النقصان وزادهم الجهل حيلة ومكرا وجهاتهم الحياتية دائما ما تنصب في معايير التردد والخوف من المستقبل.. طول الامد دائما ما يرافقهم في الحل والترحال يتمنون ولو للحظات ان يعيدوا توهجهم المفقود امام اقرانهم الاقوياء.. صور اولئك الشجعان المزيفين كثيرة ومنتشرة وقد تكون تلك الصور متفاوتة ما بين الفينة والاخرى على مدى الجنسين. الطلاب في المدارس تجد فيهم شجعانا مزيفين يمتلكونها ويتباهون ولكن ريثما ما يخمد وهجها بعد تقدم العمر.
      وكذلك مجريات الحياة الاسرية تزخر بصورة الشجاعة الزائفة وكيف اصبحت من السلوكيات المعلنة والصريحة فهل تقل تلك الشجاعة الزائفة وتخرج من طور العقلانية. الحلول ليست مقيدة لكن بيد العقلاء.
      حمد جويبر الحربي
    • ما شاء الله عليك يا ورود المحبة ..

      وربي من غير مجامله حبيت الموضوع كثير وان كنت ما قريت كل ما ذكر فيه ..

      جزاك الله ألف خير وجعله الله لك صدقة جااااااارية تجر لك الحسنات إلى يوم الدين ..


      وانا بشارك بتفسير الآيات من 6 - 10 من سورة الجن

      قال الله تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً*وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً*وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً*وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً*وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً{الجـن:6ـ10}.

      قوله تعالى: "وأنه كان رجال.." قال أهل التفسير: كان الرجل من عرب الجاهلية إذا أمسى في واد قفر وخاف على نفسه.. نادى بأعلى صوته: يا عزيز هذا الوادي أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك، يريد الجن وكبيرهم، فإذا سمعوا بذلك استكبروا وقالوا: سدنا الجن والإنس..

      فذلك قوله تعالى: "فزادوهم رهقا"، أي تكبرا وعتوا.. وقيل: زادوهم رهقا، أي إثما...

      "وأنهم ظنوا كما ظننتم" أي ظن الجن كما ظننتم أيها الإنس أنه لا بعث بعد الموت، أو لا يبعث الله رسولا إلى عباده وهو أنسب للسياق.

      وقالت الجن: "وأنا لمسنا السماء". أي أتيناها "فوجدناها ملئت حرسا شديدا"، وهم الملائكة الذين يحرسونها من استراق السمع "وشهبا" جمع شهاب وهو النجم المضيء

      "وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع" أي كنا نقترب ونستمع، فالآن حين حاولنا الاستماع بعد بعث محمد صلى الله عليه وسلم رمينا بالشهب، والرصد ما أعد وأرصد للشيء.

      "وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض" بإرسال محمد إليهم فيكذبونه فيهلكون. "أم أراد بهم ربهم رشدا" وهو أن يؤمنوا فيهتدوا، وقيل: لا ندري أشر أريد بمن في الأرض بحدوث الرجم بالكواكب أم صلاح.



      (والله أعلم)



      تقبل مروري أخي :)
    • تجزين خير موزوهـ والمقصد من أراد الأستفادة لقراءة بعض من أيات الله مع التفسير ..

      يمكنه ذلك والرجوع إلى هنا فشكراً لك أختي الفاضلة الكريمة على مشاركتك وأرجو أن ..

      تستمري معي هنا أخوك/ورود
    • قال الله تعالى : ( أيشركون مالا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً) الآية

      وقال : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير) الآية .

      وفي الصحيح عن أنس قال: شُجَّ النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكسرت رباعيته،

      فقال: ( كيف يفلح قوم شَجُّوا نبيهم )؟ فنزلت: ( ليس لك من الأمر شيء ) ، وفيه عن ابن

      عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا رفع رأسه من

      الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر: ( اللهم العن فلاناً وفلاناً ) بعدما يقول: ( سمع الله

      لمن حمده، ربنا ولك الحمــد) فأنزل الله تعالى: ( ليس لك من الأمر شيء ) الآية ، وفي

      رواية : يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام، فنزلت ( ليس

      لك من الأمر شيء) ، وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله

      عليه وسلم حين أنزل عليه: ( وأنذر عشيرتك الأقربين) قال: ( يا معشر قريش ـ أو كلمة

      نحوها ـ اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك

      من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا

      فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً ).


      فيه مسائل

      الأولى : تفسير الآيتين.

      في الآية الأولى توبيخ وتعنيف للمشركين في عبادتهم مع الله تعالى مالا يخلق شيئاً وهو

      مخلوق, والمخلوق لايكون شريكاً للخالق في العبادة التي خلقهم لها , وبين أنهم

      لايستطيعون لهم نصراً ولاأنفسهم ينصرون , فكيف يشركون به من لا يستطيع نصر عابديه

      ولانصر نفسه ؟ وهذا برهان ظاهر على بطلان ماكانوا يعبدونه من دون الله وهذا وصف كل

      مخلوق , حتى الملائكة والأنبياء والصالحين .

      وأما تفسير الآية الثانية : يخبر الله فيها عن حال المدعوين من دونه من الملائكة والأنبياء

      والأصنام وغيرها بما يدل على عجزهم وضعفهم , وأنهم قد انتفت عنهم الأسباب التي تكون

      في المدعو , وهي الملك , وسماع الدعاء .

      والقدرة على استجابته , فمتى لم توجد هذه الشروط تامة بطلت دعوته , فكيف إذا عدمت

      بالكلية؟ فنفى عنهم الملك بقوله: ( مايملكون من قطمير ).

      قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة , وعطاء والحسن وقتادة : ( القطمير: اللفافة التي تكون

      على نواة التمر
      ) .

      الثانية : قصة أحد.

      الثالثة : قنوت سيد المرسلين وخلفه سادات الأولياء يؤمنون في الصلاة.

      الرابعة : أن المدعو عليهم كفار.

      الخامسة : أنهم فعلوا أشياء ما فعلها غالب الكفار.

      منها: شجهم نبيهم وحرصهم على قتله، ومنها: التمثيل بالقتلى مع أنهم بنو عمهم.

      السادسة : أنزل الله عليه في ذلك ( ليس لك من الأمر شيء) .

      ومعناها :أن عواقب الأمور بيدالله , فامضِ أنت لشأنك, ودم على الدعاء لربك.

      السابعة : قوله : ( أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) فتاب عليهم فآمنوا.

      الثامنة : القنوت في النوازل.

      التاسعة : تسمية المدعو عليهم في الصلاة بأسمائهم وأسماء آبائهم.

      العاشرة : لعنه المعين في القنوت.

      الحادية عشرة : قصته صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) .

      الثانية عشرة : جدّه صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر، بحيث فعل ما نسب بسببه إلى

      الجنون، وكذلك لو يفعله مسلم الآن.

      الثالثة عشرة : قوله للأبعد والأقرب: ( لا أغني عنك من الله شيئاً ) حتى قال: ( يا فاطمة

      بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً) فإذا صرح صلى الله عليه وسلم وهو سيد المرسلين

      بأنه لا يغني شيئاً عن سيدة نساء العالمين، وآمن الإنسان أنه صلى الله عليه وسلم لا يقول

      إلا الحق، ثم نظر فيما وقع في قلوب خواص الناس الآن ، تبين له التوحيد وغربة الدين .


      المصـــــــــدر

      شرح الآيات من كتاب : فتح المجيد , للشيخ عبدالرحمن آل الشيخ.
    • يتكون القرآن الكريم من كلمات تماماً كما يتكون البناء من لبنات، ولذلك فمن الطبيعي أن تكون الخطوة الأولى لفهم القرآن هي التدبر في الكلمات القرآنية. ومع الأسف، فإن بعضا ممن يقرأون القرآن لا يقومون بهذه المهمة، ولذلك فهم:
      إما أن لا يفهموا معاني الكلمات،

      أو يفهموها بشكل مغلوط،

      أو بشكل باهتٍ لا يعكس المدلول الدقيق للكلمة.

      وعن هذه الظاهرة الثالثة ننقل فقرات من كتاب "بحوث في القرآن الحكيم":
      بالرغم من أن اللغة العربية أشمل وأدق وأجمل اللغات في أنها تعطي لكل حقيقة لفظاً قريبا يتناسب معها تماما، وبالرغم من أن العرب اختاروا لكل تطور ينشأ في شيء لفظا يخصه ويوحي إلى تلك الحقيقة متلبسة بذلك التطور، وبالرغم من أن هذا وذلك، فإن الكلمات العربية اكتنفها الغموض، مما أفقد إيحاء اللفظ وظلاله.
      فلم نعد - نحن العرب - نملك رهافة الحس /لنعرف الفرق/ الذي كان بين لفظتي "قَرُبَ" و "اقْتَرَبَ" أو "فَكَّرَ" و "افْتَكَرَ"، حتى لم نعد نعرف الفرق بين كلمتي "سار" و "سارب" و "دلك" و "أولج" وما أشبه.
      ويعود ذلك إلى:
      أولا: كثرة استعمال الألفاظ في غير معانيها الأدبية. فحينما يستعمل العربي كلمة "قرب" في المجال المحدد لـ: "اقترب" أو حتى كلما "سار" في موضع كلمة "سارب" تختلط ظلال الكلمتين مع بعضهما وتضيع الإيحاءات الخاصة.
      ثانيا: تعلقت أذهاننا بمعاني جامدة ومحددة كـ"ألفاظٍ عربية"، وفقدنا الشعور بمحور شعاع الكلمة. فنحن حينما نستعمل كلمة "جن" يتبادر إلى أذهاننا المخلوق الغريب دون أن نفكر ولا لحظة حول ارتباط كلمة "ج ن ن" مع هذا المخلوق. ونستعمل كلمة "جنين" دون أن نعرف أن هناك علاقة تتناسب بين معنى الولد في بطن أمه "جنين" ومعنى المخلوق الغريب "جن" وهي أن كليهما مستور عن أعين الناس.
      وكذلك نطلق لفظة "الخمر" للدلالة على السائل المسكر، ونطلق لفظة "الخمار" للدلالة على الساتر لوجه المرأة، ونلاحظ أن علاقة اللفظين ببعضهما إنما هي من ناحية الستر، فهذا يستر الوجه وتلك تستر العقل.
      وهكذا تتداخل إيحاءات اللفظ العربي ببعضه، ونفقد بذلك فهم أهم سمة من سمات اللغة العربية، التي لو فهمناها يسهل علينا فهم القرآن كثيراً.
      من هنا يتوجب علينا الخروج من الفهم التقليدي للألفاظ العربية نحو أفق أسمى يشتم المعنى الإيحائي العام منها، وهذا الخروج ضروري لفهم القرآن الحكيم، إذ أنه في قمة البلاغة التي تتلخص في رعاية التناسب الشامل بين الموضوع واللفظ وبين الواقع والتعبير، فيكون كشف المنحنيات التفسيرية والإيحاءات اللفظية ذا أهمية خاصة في القرآن أكثر من أية كتاب آخر، لأنها معنية في بشكل لا يوصف.
      يبقى السؤال عن كيفية الخروج، والجواب على الفرد:
      1. أن يتجرد أولا عن موحيات المناخ الفكري الذي يصور له معنى جامداً للفظ.
      2. ثم الرجوع إلى المادة الأساسية التي تجمع التصريفات للكلمة، والتفكير في المعنى المناسب لربط المجموعات باللفظ، فمثلا: نجمع معاني يعرشون، عرشا، معروشات، ونعود إلى تصريفات اللفظ الأخرى: عريش، وعريش - وما أشبه - لنستنبطها جميعا من البناء الفوقي، لأنه يجمع معني سرير الملك والبناء والمرفوع وسيباط الكرم والخيمة من الخشب. هذه المعاني التي ذكرها العرب لهذه الألفاظ.
      3. قياس موارد استعمال اللفظ ببعضها، ليعرف المعنى المشترك الذي يمكن أن يتصور جامعا بين هذه الموارد، ومن الطبيعي أن يعتبر في الاستعمال أن يكون على لسان أهل اللغة المعتنين بالبلاغة.
      وإذا كان قياس موارد الاستعمال ببعضها أفضل السبل لمعرفة المعنى الحقيقي للفظ ما، فإن أفضل قياس من هذا النوع هو قياس موارد استعمال الكلمة في القرآن ذاته، إذ انه - ولا ريب - ذروة البلاغة العربية التي عجز عن تحديها أبلغ فصحاء العرب.
      من هنا، يجدر بالذي يريد التدبر في القرآن ذاته، أن يبحث عن المعنى المحدد للكلمة في آيات القرآن ذاته، ليجد - بقياس بعض المواضع المستعملة فيهما الكلمة ببعضها، ليجد بذلك المعنى الدقيق - الذي يقصده القرآن.1
      فتأمل...
      فيما يلي نستعرض لأمثلة حول "التدبر في الكلمة القرآنية".

      (1)

      يقول القرآن الكريم: ((مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَان حَنِيفًا مُّسْلِمًا))2،لكي نفهم كلمة "حنيف" التي احتوت عليها الآية الكريمة، ونعود إلى اللغة، لنجد المواضع التي استخدمت فيها هذه الكلمة، ثم لنستنبط من هذا المجموع المعنى العام. فنجد في اللغة: حنف: مال، وحنف رجله: جعلها حنفاء، وحنف اعوجت رجله إلى داخل فهي حنفاء، وحوانف - الحنفاء: القوس، وهكذا، ونستنتج من كل ذلك أن معنى "حنف" هو "مال"، ونعود إلى التفسير لنجده يؤكد المعنى ذاته3.
      وعلى هذا فيكون معنى الآية: "إن إبراهيم كان مائلا عن كل المبادئ الزائفة، مسلماً لله وحده." ذلك أن للإيمان دعامتين: رفض كل القيم والأصنام والمبادئ الزائفة، والتسليم المطلق لله سبحانه - وحده لا شريك له. فالإيمان يتلخص في كلمة رفض تشمل كل الآلهة والأصنام: "لا إله"، واستثناء واحد ينبثق من ضمير هذا الرفض المطلق: "إلا الله". وبهذا تنهار كل الحلول الوسطى وكل المحاولات التوفيقية بين الله وبين الأصنام، مهما كان اسم الأصنام أو شكلها، وبهذا - أيضا - نعرف خطأ أولئك الذين يحاولون الجمع بين الله وسائر الآلهة.

      (2)

      يقول القرآن الكريم: ((لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم، قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِين))4. قد يبدوا للنظرة العابرة أن كلمة "الملأ" في هذه الآية تعني "الجماهير"، وعلى هذا الأساس فإن الذي كفروا بنوح وغيره من الأنبياء كانوا عامة الناس5.
      وهنا يثار السؤال التالي: لماذا كفرت الجماهير برسالات الأنبياء؟ ألم تكن رسالات الأنبياء تدعوا الناس إلى فطرتهم وضمائرهم؟
      والحقيقة أننا لو فتشنا حول مدلول كلمة "الملأ" لوجدناها أنها تعني: "أشراف القوم الذين يملأون العيون والصدور هيبة،" كما تؤكده معاجم اللغة العربية، وكتب التفسير6. ومن هنا نستنتج أن الذين كفروا برسالات الأنبياء لم يكونوا "الجماهير"، وإنما كانوا "الأشراف" و "الوجهاء"، كما نستنتج من ذلك أن رفضهم لرسالات الأنبياء لم يكن من أجل عدم اقتناعهم بها، وإنما من أجل الحفاظ على مصالحهم الشخصية.
    • تفسير اخر ايتين في سورة البقره..لابن كثير


      آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.


      عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِر سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَته كَفَتَاهُ .

      " قَالَ الإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا حُسَيْن حَدَّثَنَا شَيْبَان عَنْ مَنْصُور عَنْ رِبْعِيّ عَنْ خَرَشَة بْن الْحُرّ عَنْ الْمَعْرُور بْن سُوَيْد عَنْ أَبِي ذَرّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أُعْطِيت خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة مِنْ كَنْز تَحْت الْعَرْش لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي "
      قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " فُضِّلْنَا عَلَى النَّاس بِثَلاثٍ أُوتِيت هَذِهِ الآيَات مِنْ آخِر سُورَة الْبَقَرَة مِنْ بَيْت كَنْز تَحْت الْعَرْش لَمْ يُعْطَهَا أَحَد قَبْلِي وَلا يُعْطَاهَا أَحَد بَعْدِي.

      " كُلّ آمَنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله لا نُفَرِّق بَيْن أَحَد مِنْ رُسُله " فَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللَّه وَاحِد أَحَد فَرْد صَمَد لا إِلَه غَيْره وَلَا رَبّ سِوَاهُ وَيُصَدِّقُونَ بِجَمِيعِ الأَنْبِيَاء وَالرُّسُل وَالْكُتُب الْمُنَزَّلَة مِنْ السَّمَاء عَلَى عِبَاد اللَّه الْمُرْسَلِينَ وَالأَنْبِيَاء لا يُفَرِّقُونَ بَيْن أَحَد مِنْهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ بَلْ الْجَمِيع عِنْدهمْ صَادِقُونَ بَارُّونَ رَاشِدُونَ مَهْدِيُّونَ هَادُونَ إِلَى سَبِيل الْخَيْر وَإِنْ كَانَ بَعْضهمْ يَنْسَخ شَرِيعَة بَعْض بِإِذْنِ اللَّه حَتَّى نُسِخَ الْجَمِيع بِشَرْعِ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاتَم الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسَلِينَ الَّذِي تَقُوم السَّاعَة عَلَى شَرِيعَته وَلا تَزَال طَائِفَة مِنْ أُمَّته عَلَى الْحَقّ ظَاهِرِينَ وَقَوْله " وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا" أَيْ سَمِعْنَا قَوْلك يَا رَبّنَا وَفَهِمْنَاهُ وَقُمْنَا بِهِ وَامْتَثَلْنَا الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ " غُفْرَانك رَبّنَا " سُؤَال لِلْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَة وَاللُّطْف " وَإِلَيْك الْمَصِير " أَيْ الْمَرْجِع وَالْمَآب يَوْم الْحِسَاب .

      وَقَوْله " لا يُكَلِّف اللَّه نَفْسًا إِلا وُسْعهَا " أَيْ لا يُكَلَّف أَحَد فَوْق طَاقَته وَهَذَا مِنْ لُطْفه تَعَالَى بِخَلْقِهِ وَرَأْفَته بِهِمْ وَإِحْسَانه إِلَيْهِمْ وَهَذِهِ هِيَ النَّاسِخَة الرَّافِعَة لِمَا كَانَ أَشْفَقَ مِنْهُ الصَّحَابَة فِي قَوْله " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ اللَّه " أَيْ هُوَ وَإِنْ حَاسَبَ وَسَأَلَ لَكِنْ لا يُعَذِّب إِلا بِمَا يَمْلِك الشَّخْص دَفْعه فَأَمَّا مَا لا يَمْلِك دَفْعه مِنْ وَسْوَسَة النَّفْس وَحَدِيثهَا فَهَذَا لا يُكَلَّف بِهِ الْإِنْسَان وَكَرَاهِيَة الْوَسْوَسَة السَّيِّئَة مِنْ الإِيمَان وَقَوْله " لَهَا مَا كَسَبَتْ " أَيْ مِنْ خَيْر " وَعَلَيْهَا مَا اِكْتَسَبَتْ " أَيْ مِنْ شَرّ وَذَلِكَ فِي الأَعْمَال الَّتِي تَدْخُل تَحْت التَّكْلِيف. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُرْشِدًا عِبَاده إِلَى سُؤَاله وَقَدْ تَكَفَّلَ لَهُمْ بِالإِجَابَةِ كَمَا أَرْشَدَهُمْ وَعَلَّمَهُمْ أَنْ يَقُولُوا" رَبّنَا لا تُؤَاخِذنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " أَيْ إِنْ تَرَكْنَا فَرْضًا عَلَى جِهَة النِّسْيَان أَوْ فَعَلْنَا حَرَامًا كَذَلِكَ أَوْ أَخْطَأْنَا أَيْ الصَّوَاب فِي الْعَمَل جَهْلا مِنَّا بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيّ

      وَقَوْله " رَبّنَا وَلا تَحْمِل عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْته عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلنَا " أَيْ لا تُكَلِّفنَا مِنْ الأَعْمَال الشَّاقَّة وَإِنْ أَطَقْنَاهَا كَمَا شَرَعْته لِلْأُمَمِ الْمَاضِيَة قَبْلنَا مِنْ الأَغْلا ل وَالْآصَار الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ الَّتِي بَعَثْت نَبِيّك مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيّ الرَّحْمَة بِوَضْعِهِ فِي شَرْعه الَّذِي أَرْسَلْته بِهِ مِنْ الدِّين الْحَنِيفِيّ السَّهْل السَّمْح

      وَقَوْله " رَبّنَا وَلا تُحَمِّلنَا مَا لا طَاقَة لَنَا بِهِ " أَيْ مِنْ التَّكْلِيف وَالْمَصَائِب وَالْبَلاء لا تَبْتَلِنَا بِمَا لا قِبَل لَنَا بِهِ وَقَدْ قَالَ مَكْحُول فِي قَوْله " رَبّنَا وَلا تُحَمِّلنَا مَا لا طَاقَة لَنَا بِهِ " قَالَ الْعُزْبَة وَالْغُلْمَة رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم قَالَ اللَّه نَعَمْ وَفِي الْحَدِيث الآخَر قَالَ اللَّه قَدْ فَعَلْت . وَقَوْله " وَاعْفُ عَنَّا " أَيْ فِيمَا بَيْننَا وَبَيْنك مِمَّا تَعْلَمهُ مِنْ تَقْصِيرنَا وَزَلَلنَا " وَاغْفِرْ لَنَا " أَيْ فِيمَا بَيْننَا وَبَيْن عِبَادك فَلا تُظْهِرهُمْ عَلَى مَسَاوِينَا وَأَعْمَالنَا الْقَبِيحَة " وَارْحَمْنَا" أَيْ فِيمَا يُسْتَقْبَل فَلا تُوقِعنَا بِتَوْفِيقِك فِي ذَنْب آخَر وَلِهَذَا قَالُوا إِنَّ الْمُذْنِب مُحْتَاج إِلَى ثَلاثَة أَشْيَاء أَنْ يَعْفُو اللَّه عَنْهُ فِيمَا بَيْنه وَبَيْنه وَأَنْ يَسْتُرهُ عَنْ عِبَاده فَلا يَفْضَحهُ بِهِ بَيْنهمْ وَأَنْ يَعْصِمهُ فَلا يُوقِعهُ فِي نَظِيره . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيث أَنَّ اللَّه قَالَ نَعَمْ وَفِي الْحَدِيث الآخَر قَالَ اللَّه " قَدْ فَعَلْت ". وَقَوْله " أَنْتَ مَوْلانَا " أَيْ أَنْتَ وَلِيّنَا وَنَاصِرنَا وَعَلَيْك تَوَكَّلْنَا وَأَنْتَ الْمُسْتَعَان وَعَلَيْك التُّكْلَان وَلا حَوْل لَنَا وَلا قُوَّة إِلا بِك " فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْم الْكَافِرِينَ " أَيْ الَّذِينَ جَحَدُوا دِينك وَأَنْكَرُوا وَحْدَانِيّتك وَرِسَالَة نَبِيّك وَعَبَدُوا غَيْرك وَأَشْرَكُوا مَعَك مِنْ عِبَادك فَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ وَاجْعَلْ لَنَا الْعَاقِبَة عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة . .



      من قرأ اخر ايتين من سورة البقرة كفتاه


      والله أعلم



    • فضائل تلاوة القرآن الكريم وتعلمه وتعليمه:‏
      - أثنى الله عز وجل على التالين لكتاب الله فقال: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرّاً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور } [فاطر: 29-30] .
      ‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ) رواه مسلم.
      ‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترُجَّة، ريحها طيب وطعمها طيب ) رواه البخاري ومسلم.
      ‎‎ - ولاشك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه هو أكثر كمالاً لأنه مكمِّل لنفسه ولغيره، جامع بين النفع القاصر على نفسه والنفع المتعدي إلى غيره، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه ) رواه البخاري.
      فضائل حفظ القرآن الكريم:‏
      - ميّز الله عز وجل القرآن الكريم عن سائر الكتب بأن تعهد بحفظه، قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } [الحجر: 9].
      ‎‎ - ولقد يسّر الله سبحانه وتعالى تلاوة القرآن وحفظه لعباده فقال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر } [القمر: 17]. فنجد الطفل الصغير والأعجمي وغيرهما، يقبل على حفظ القرآن، فييسر الله له ذلك، رغم أنه لا يعرف من العربية ولا الكتابة شيئاً .
      ‎‎ - ولقد حثّ الإسلام على حفظ شيء من القرآن ولو كان يسيراً، وأن يجتهد في الزيادة عليه، وشبّه النبي صلى الله عليه وسلم قلب الرجل الذي لا يحفظ شيئاً من القرآن بالبيت الخرب الخالي من العمران، المهدم الأركان .. قال صلى الله عليه وسلم: (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وصححه السيوطي.
      فضائل أهل القرآن الكريم وتفضليهم على غيرهم :‏
      أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الدائمين على تلاوة القرآن ودراسته، العاكفين على تدبر معانيه وتعلم أحكامه ، حتى سماهم أهل الله وخاصته .
      ‎‎ - قال صلى الله عليه وسلم: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وصححه الحافظ العراقي والسيوطي.
      ‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه ) رواه البخاري.
      ‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (إن من إجلال الله تعالى: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط ) رواه أبو داود، وحسنه النووي والسيوطي.
      ‎‎ - وعن جابر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ثم يقول : (أيهما أكثر أخذاً للقرآن ؟ فإن أُشير إلى أحدهما قدّمه في اللحد) رواه البخاري.
      تدبر القرآن الكريم ومعانيه وأحكامه :‏
      - ينبغي عند قراءة القرآن أن يتدبّر القارئ ويتأمل في معاني القرآن وأحكامه، لأن هذا هو المقصود الأعظم والمطلوب الأهم، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } [سورة ص: 29].
      ‎‎ - وصفة ذلك: أن يشغل قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به، فيعرف معنى كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهي، فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مرّ بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوّذ، أو تنزيه نزّه وعظّم، أو دعاء تضرّع وطلب.
      ‎‎ - قال حذيفة رضي الله عنه: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها … إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوِّذ تعوّذ " رواه البخاري.
      فضائل ختم القرآن ، وفي كم يختم ؟‏
      - يستحب اغتنام ختم القرآن والدعاء عقبه لأنه من مظان إجابة الدعاء.
      ‎‎ - قال قتادة : "كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا ". رواه الدارمي.
      ‎‎ - وأما المدة التي يختم بها القرآن فتختلف باختلاف الأشخاص، ولكن ينبغي للقارئ أن يختم في السنة مرتين إن لم يقدر على الزيادة.
      ‎‎ - عن مكحول قال: "كان أقوياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأون القرآن في سبع، وبعضهم في شهر، وبعضهم في شهرين، وبعضهم في أكثر من ذلك ".
      ‎‎ - وكره العلماء أن يختم في أقل من ثلاث ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث ) رواه أبو داود والترمذي وصححه.
      ‎‎ - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: (اقرأ القرآن في شهر ) قال: إني أجد قوة. قال: (اقرأه في عشر ) قال: إني أجد قوة. قال: (اقرأ في سبع ولا تزد على ذلك ) رواه البخاري ومسلم.

    • فضل تلاوة القرآن الكريم

      عنأبيأمامةرضياللهعنهقال : سمعترسول صلى الله عليه وسلم يقول : "اقرؤواالقرآنفإنهيأتييومالقيامةشفيعاًلأصحابه" رواهمسلم.
      وعنأبيموسىالأشعريرضىاللهعنهقال : قالرسول صلى الله عليه وسلم : "مثلالمؤمنالذييقرأالقرآنمثلالأترجةريحهاطيبوطعمهاطيب ،ومثلالمؤمنالذيلايقرأالقرآنكمثلالتمرةلاريحلهاوطعمهاحلو ،ومثلالمنافقالذييقرأالقرآنكمثل الريحانةريحهاطيبوطعمهامر ،ومثلالمنافقالذيلايقرأالقرآنكمثلالحنظلةليسلهاريحوطعمهامر" متفقعليه.
      وعنابنعباسرضياللهعنهقال : قالرسولاللهصلى الله عليه وسلم :" إنالذيليسفيجوفهشئمنالقرآنكالبيتالخرب" رواهالترمذي وقال حديثحسنصحيح.
      وقالصلى الله عليه وسلم "مناستمعإلىآيةمنكتاباللهكتبتلهحسنةمضاعفةومنتلاهاكانتلهنوراًيومالقيامة" رواهأحمد.
      وقالصلى الله عليه وسلم "عليكبتلاوةالقرآنفإنهنورلكفيالأرضوذكرلكفي السماء" رواهابنعباس.
      ، وتعلم القرآن إنما هو العلم بقراءاته ولو بقراءة واحدة والعلم بناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقيده ومطلقه وعامه وخاصه والعمل به وجعله نبراسًا وهاديًا للحق وإمامًا للمسلمين.
      ثواب قارئ القرآن
      أما عن الثواب الذي يناله قارئ القرآن فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " رواه الترمذي
      فهذا الحديث الشريف يبين فضل وعظمة هذا القرآن العظيم ويبين أيضاً الجزاء الأوفى والأجر العظيم الذي يناله قارئ القرآن الكريم فبمجرد القراءة يأخذ الإنسان هذا الأجر فما بالنا بمن قرأ وأحسن وجود القرآن وعمل بما فيه فإن الله تعالى يعظم له الأجر كما قال تعالى " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".
      فضل معلم القرآن ومتعلمه

      وعن إبراهيم النخعي قال " معلم الصبيان تستغفر له الملائكة في السماوات والدواب في الأرض والطيور في الهواء والحيتان في البحار ".
      ولننظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لمعاذ رضي الله عنه : " يا معاذ إن أردت عيش السعداء وميتة الشهداء والنجاة يوم الحشر والأمن من الخوف والنور يوم الظلمات والظل يوم الحرور والري يوم العطش والوزن يوم الخسفة والهدى يوم الضلال فادرس القرآن فإنه ذكر الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان (أخرجه الديلمي).
      وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة : " يا أبا هريرة تعلم القرآن وعلمه الناس ولا تزال كذلك حتى يأتيك الموت فإنه إن أتاك الموت وأنت كذلك حجت الملائكة



    • آيات في فضائل القرآن
      قال تعالى " وهذا كتاب أنزلناه مبارك ". (الأنعام.92)
      وقال تعالى " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ". (الإسراء:9)
      وقال تعالى " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ". (الإسراء:1)
      وقال تعالى " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ". (الفرقان:1)
      وقال تعالى " قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورًا مبيناً ". (النساء:174)
      وقال تعالى " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ". (يونس:57)
      وقال تعالى " طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين ". (النمل:1)
      وقال تعالى " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ". (البقرة:185)
      وقال تعالى " إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور ". (فاطر:29)
      وأهل القرآن المتمسكون به هم الصالحون المصلحون كما يقول تعالى " والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين ". (الأعراف:170)
      والقرآن الكريم هو الذي هَدَى الله به نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم ،قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إن ربي سميع قريب ". (سبأ:50)
      ولقد أنزل الله عز وجل هذا القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم ليكون نورًا وهداية للناس وليخرجهم الله عز وجل به من ظلمات الشرك والجهل إلى نور التوحيد وعبادة الله رب العالمين قال تعالى " أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ". (الأنعام:122)


    • [ ص: 515 ] القول في تأويل قوله جل ثناؤه ( وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء )

      قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : " وخلق منها زوجها " ، وخلق من النفس الواحدة زوجها يعني ب"الزوج" ، الثاني لها . وهو فيما قال أهل التأويل ، امرأتها حواء .

      ذكر من قال ذلك :

      8403 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " وخلق منها زوجها " ، قال : حواء ، من قصيري آدم وهو نائم ، فاستيقظ فقال : "أثا" بالنبطية ، امرأة .

      8404 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

      8405 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " وخلق منها زوجها " ، يعني حواء ، خلقت من آدم ، من ضلع من أضلاعه .

      8406 - حدثني موسى بن هارون قال : أخبرنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : أسكن آدم الجنة ، فكان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها . فنام نومة ، فاستيقظ ، فإذا عند رأسه امرأة قاعدة ، خلقها [ ص: 516 ] الله من ضلعه ، فسألها ما أنت؟ قالت : امرأة . قال : ولم خلقت؟ قالت : لتسكن إلي .

      8407 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : ألقي على آدم صلى الله عليه وسلم السنة - فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم ، عن عبد الله بن العباس وغيره - ثم أخذ ضلعا من أضلاعه ، من شقه الأيسر ، ولأم مكانه ، وآدم نائم لم يهب من نومته ، حتى خلق الله تبارك وتعالى من ضلعه تلك زوجته حواء ، فسواها امرأة ليسكن إليها ، فلما كشفت عنه السنة وهب من نومته ، رآها إلى جنبه ، فقال - فيما يزعمون ، والله أعلم - : لحمي ودمي وزوجتي! فسكن إليها .

      8408 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وخلق منها زوجها " . جعل من آدم حواء .

      وأما قوله : " وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " ، فإنه يعني : ونشر منهما ، يعني من آدم وحواء " رجالا كثيرا ونساء " ، قد رآهم ، كما قال جل ثناؤه : ( كالفراش المبثوث ) [ سورة القارعة : 4 ] .

      يقال منه : "بث الله الخلق ، وأبثهم" .

      وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 517 ]

      ذكر من قال ذلك :

      8409 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " ، وبث ، خلق
    • سكنت حواء مع زوجها آدم عليه السلام أبو البشر الجنة، وأنذرهما الله تبارك وتعالى أن لا يقربا شجرة معينة، ولكن الشيطان وسوس لهما فأكلا منها فأنزلهما الله إلى الأرض ومكن لهما سبل العيش بها وطالبهما بعبادة الله وحده وحض الناس على ذلك.

      خلق حواء:

      عندما نقرأ القرآن لا نجد ذكراً لحواء أبداً (الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) لم يستعرض خلق حواء كما أفرد لخلق آدم في سبع سور وكل سورة فيها إختلاف. ليس في القرآن شيء عن حواء وأنا كمسلم المفروض أن أسلّم بهذا الكتاب وسبق أن نبّهنا الناس أنه يجب أن لا نقول: كان المفروض أن يكون كذا ولماذا لم يقل كذا ولماذا قال كذا؟ وهذه الألفاظ تُخرِج عن مناط الإسلام الصحيح. المسلم الحق يأخذ القرآن نبراساً ويأخذه مثالاً والقرآن هو الذي يبقى وليس أنا الذي أحدد ماذا يقول، هذا الكلام غير منضبط

      ماذا فعلت الإسرائيليات؟ إذا وجدوا أنك تشتكي من شيء معين فهم يأخذوك ويصطادوك ويتلقفون من يريد سماع قصة، ,وينسجون حكاية حولها والظروف خدمتهم في أن هنالك حديث للرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول فيه جملة - سأذكرها لاحقاً – لو كنت محققاً أو متدبراً أو واعياً يجب أن أعرف لماذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا الحديث وما هو سببه وما هي مناسبته؟ هل كان يتكلم عن خلق آدم وحواء؟ أو كان يستعرض خلق آدم وحواء؟ يجب أن نعرف مناسبة الحديث وسببه ولماذا قاله -صلى الله عليه وسلم-؟.

      مناسبة حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يشجع الرجال على حُسن معاملة النساء ويضرب لهم مثلاً بطبيعة المرأة لا بخلقها فيقول -صلى الله عليه وسلم-: "استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا" أول الحديث يقول استوصوا بالنساء خيراً، إذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلم أن طبيعة المرأة تجعل الرجل قد يسيء معاملتها لأنه لا يفهم حقيقة الأمر، فإن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل مع أنهما من جنس واحد وهذه الطبيعة التي قد لا تعجب الرجل في المرأة هي الميزة وهي قمة الإستقامة. الحديث ليس له علاقة بالخِلقة إنما النقطة التي تكلم فيها الحديث هي التي تكلمت فيها آيات سورة النساء، المضمون العام (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) أنت كرهته لأسباب وليس فجأة لكن هذه الأسباب شاء الله لو أنت صبرت سيجعل الله تعالى فيه خيراً كثيراً. آيات الطلاق فيها توصيفات بديعة وفيها مضامين ليس لها علاقة بالطلاق ولكنها تبشر الصابر (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً) (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) ما علاقة هذه الآية بالطلاق؟ لكن إذا تدبرتها تجد أن الرجل المستعجل بالطلاق لو صبر يجعل الله تعالى له مخرجاً. إذن مضمون سورة الطلاق هو مضمون حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-. إذا ذهب رجل ليطلق امرأته يقول له الحديث إنتبه أنت لم تفهم، استوصي بالنساء خيراً المرأة خلِقت من ضلع.

      الإسرائيليات دخلت هنا وأخذت هذه الجملة فقط وقالت أن آدم كان نائماً ثم أُخِذ منه ضلع خلقت منه حواء، من أين جاءوا بهذا الكلام؟ كلمة ضلع أصلها بعيد عن ضلع العظم الذي في جنب الإنسان. العرب قبل القرآن كانوا يسمون المنحني من الأرض ضلعاً هذا قبل القرآن وقبل محمد -صلى الله عليه وسلم- وقبل الحديث. ولما نفهم نحن هذا الأمر ما سُمّيَ هذا الجزء من الجسد ضلعاً إلا لأنه أعوج، كلمة ضلع هي الميزة التي في العظم و غاية إستقامة الأعوج أنه أعوج حتى يقوم بمهمته ولولا اعوجاجه لسقط القلب في الحشى وهذا تدبير إلهي. لذا قال تعالى (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) (29) (الحجر). نفخ الروح هو آخر مرحلة في الخلق بعد تمام التسوية. سوّى واستوى لا تطلق إلا على الشيء المنضبط الناضج المكتمل في مهامه. الرسول -صلى الله عليه وسلم- تدرّب على وحي السماء وتعلّم على وحي السماء فأصبحت مفردات كلماته عالية لغوية بليغة فقال : فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه. هذه تذكرنا بواقعة عيسى وآدم عليهما السلام (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ) ثم تكلم عن آدم خلقه من تراب. لغة الرسول -صلى الله عليه وسلم- مستقاة من الوحي وتأثير الوحي جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتكلم بلغة القرآن.

      القرآن كلام الله تعالى وقال سبحانه (خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ) فهل هناك مادة اسمها عجل خلق منها الإنسان؟ حتى لو لم أعرف المجاز والكناية والاستعارة، وفي آية أخرى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ). نحن لما سمعنا أنا خلقنا من تراب ذهب ذهننا إلى التراب الذي نعرفه لكن لما نسمع من ضعف فهل هناك مادة اسمها ضعف؟ أو عجل؟ هذه الكلمات كناية أو مجاز أو غيرها. لكن نفهم من (خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ) أنها كناية عن أن الإنسان بطبيعته يحب العجلة فكأنه مخلوق من مادة يوصَف بها. وكذلك كلمة من ضعف وكذلك كلمة من ضلع. من ضعف تساوي في الأداء من عجل تساوي عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- من ضلع.

      أما بخصوص الآية في مطلع سورة النساء، الله تعالى خلقنا من نفس واحدة وخلق منها زوجها

      (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (1) (النساء)

      من نفس واحدة (آدم) النفس الواحدة خلق منها آدم باتفاق العلماء وخُلِق منها حواء فهي لم تخلق من آدم وإنما من النفس. للأسف لا أحد ينتبه للتعبير الأدائي فنحن تصورنا أن الله تعالى خلق آدم من نفس ثم خلق حواء من آدم وهذا خطأ. في سورة الأعراف قال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (11) (الأعراف). وكأني بالله تبارك وتعالى يقول للعالمين افهموا أنه ساعة ما أراد خلق آدم كأنه خلقكم أنتم وساعة ما صوّر آدم كأنه صوّركم أنتم لأنكم أنتم قد تحتاجون لأدوات إذا أردتم أن تفعلوا شيئاً وتحتاجون لزمن لهذا الفعل أما الله تعالى بنصّ القرآن الكريم (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (82) (يس)، فساعة ما يقول أنا سأخلق آدم ليعمل ذرية تكون الذرية قد عملت وانتهى الأمر. الآية صحيحة إلى يوم القيامة (خلقناكم من عهد آدم، وخلق منها -أي من نفس النفس التي خلق منها آدم- خلق زوجها. آدم ليس هو النفس، وإنما هو جاء منها، وكما خُلِق آدم خُلِقت حواء، لأن الله تبارك وتعالى يقول توقيعاً لهذه النقطة (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (49) (الذاريات) يعني كلمة شيء إذا كانت موجودة في أي وقت أو زمان أو أي شيء يجب أن يكون فيه زوجان ذكر وأنثى لأن الخلق مثنى. حواء خلقت فوراً مع خلق آدم بدليل (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ). إذن حواء خلقت إما مع آدم جنباً إلى جنب أو بعد إتمام خلق آدم وعلى أي حال فهي خلقت بنفس الكيفية ولا داعي لتكرار طريقة خلقها في القرآن.

      ولتوضيح معنى (مِنْ نَفْسٍ) سنضرب هذا المثال. قال تبارك وتعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ) فهل تعني أنه أخذ قطعة منهم خلق منها محمداً -صلى الله عليه وسلم-؟ كلا وإنما هو توقيع مجازي يدل على أنه من طبيعتهم، من جنسهم، من أنفسهم، من نفس الخلقة، بشر مثلكم لأنكم لستم ملائكة ولو كنتم ملائكة لأنزل عليكم ملكاً رسولاً. كلمة رسالة تعني مرسِل وهو الله تبارك وتعالى ومرسَل وهو محمد -صلى الله عليه وسلم- ومرسَل إليه وهم البشر.

      لذلك، حتى لا يحصل لبس عند محاولة فهم الآيات والأحاديث، يجب على الشخص فهم أساليب العربية لذا قال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (2) (يوسف). اللغة العربية شأنها كبير جداً ولغة القرآن الكريم أكبر. اللغة العربية تختلف عن باقي اللغات فالقواعد في اللغات الأخرى يمكن أن يدرسها الإنسان في شهر أو سنة أو أكثر لكن اللغة العربية فليس لدراستها مدة محددة فقد نموت ولا ننتهي من دراسة اللغة العربية وقواعدها كلها. واللغة العربية مسألة ولغة القرآن مسألة أخرى.
    • أدعية من القرآن الكريم


      1- (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة/201]

      2- (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [البقرة/250]

      3- (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [البقرة/286]

      4- (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران/8]

      5- (رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران/16]

      6- (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء) [آل عمران/38]

      7- (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَِ) [آل عمران/53]

      8- (ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَِ) [آل عمران/147]

      9- (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَاد ِ) [آل عمران/191-194]

      10- (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف/23]

      11- (رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأعراف/47]

      12- ( رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) [الأعراف/126]

      13- (حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة/129]

      14- (رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [يونس/85-86]

      15- (رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ) [هود-47]

      16- (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء) [إبرهيم-40]

      17- (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) [إبرهيم-41]

      18- (رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا) [الإسراء-80]

      19- (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) [الكهف/10]

      20- (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) [طه/25-28]

      21- (رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [طه/114]

      22- (لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء/87]

      23- (رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) [الأنبياء/89]

      24- (رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ) [المؤمنون/97-98]

      25- (رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) [المؤمنون/109]

      26- (رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) [المؤمنون/118]




    • كيف نكسب
      الدواء . . والطعام .. والكساء

      إعداد

      د/ سعد الدين بن محمد الكبي


      بسم الله الرحمن الرحيم

      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيّنا محمد المبعوث رحمه للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .
      أما بعد،
      فإنه لا يخفى على أحد ما وصل إليه المسلمون من حياةٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ لا يحسدون عليها، وليس من الحكمة أن يبحث الإنسان في أحوال غيره وحاله في تدهورٍ كبير .
      فقر مدقع . . . عائلات لا تجد لقمة العيش . وقد حدثني بعضهم أنه يعرف عائلةً لا تأكل في اليوم إلا وجبة واحدة لعدم قدرتهم على الوجبة الثانية .
      كثير من المسلمين لا يجدون ثمن الدواء .
      أخبرني رجل من المسلمين أنه مرض ولد من أولاده، فاحتاج إلى الدواء وهو لا يملك ثمنه، وقد احتاج والده إلى عملية جراحيةٍ فصبر وصابر حتى مات .
      كثير من الناس لا يجدون القسط المدرسي فيتركون أبناءهم بلا تعليم .
      ضاقت الحياة بالناس ذرعاً، طرقوا كل باب، فلم يبق إلا باب واحد: إنه الدعاء وإخلاص الدعاء لله، إنه السلاح الوحيد الذي يقدر عليه الإنسان الضعيف .
      من ينصرنا إذا لم ينصرنا الله؟ ) أمّن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور ( [ الملك / 20 ] .
      من يرزقنا إذا لم يرزقنا الله؟ ) أمّن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور ( [ الملك / 21 ] .
      من يغير حالنا إذا لم يغيرها الله ؟
      ولكن المشكلة أيها الأحبة أن نخطئ طريق دعاء الله، وأن نستجلب أسباب غضب الله بدعاء غير الله .
      المشكلة أن يأتي أناس يدَّعون العلم فيقولون للمسلمين: ادعوا الأنبياء والأولياء والصالحين، اطلبوا الرزق من رسول الله e . ومن يملك الرزق غير الله ؟ واقرأوا معي إن شئتم:
      ) إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ( [ الإسراء / 30 ] .
      ) فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له ( [ العنكبوت / 17 ] .
      ) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ( . [ الذاريات / 58 ] .
      ) أمَّن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ( [ الملك / 21 ] .
      أيها المسلمون المعذبون، أيها الفاقدون للقمة العيش، تعالوا لنتأمل في رزق مريم عليها السلام، من الذي رزقها؟ قال الله تعالى: ) كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنّى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله ير زق من يشاء بغير حساب ( [ آل عمران / 20 ].
      يا أيها المسلمون الفاقدون للمياه، وكثير من المسلمين يشكون في العالم قلة الماء، بل إن اجتماعات دولية عقدت لحل مشكلة المياه، من الذي يرزق الماء؟ اسمعوا إلى قوله تعالى: ) قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماءٍ معين ( . [ الملك / 30 ] .
      أيها المسلمون . . هل نتوجه في طلب الرزق والشفاء وتفريج الكربات إلى غير الله؟ ونحن نقرأ القرآن الذي يدعو إلى دعاء الله، فالقرآن كله من أوله إلى آخره يدعو إلى توحيد الله وإخلاص العبادة لله . بل إن فاتحة الكتاب التي سميت بفاتحة الكتاب وأم القرآن لاشتمالها على كل ما في الكتاب الكريم من أحكام ومقاصد تضمنت إفراد العباد لله .
      نقرأ في فاتحة الكتاب في صلاتنا كل وقت: ) إياك نعبد وإياك نستعين ( قال العلماء: قدّم المفعول ) إياك( ليفيد الاختصاص، فيكون المعنى: إياك نعبد يا رب وإياك نستعين يا رب، فلا نستعين بغيرك ولا نعبد غيرك .
      وتأملوا معي أيها الأحبة كيف أن الله تعالى قال: ) إياك نعبد ( فدخل في هذا اللفظ جميع أنواع العبادة، ومنها الاستعانة، ومع ذلك أفرد ضميراً خاصاً للاستعانة لمزيد الاهتمام والعناية، فقال: ) وإياك نستعين ( .
      ولتقريب ذلك إلى الأذهان أقول: كمن يقول: جاء القوم وخالدٌ، فقد أفرد لخالد لفظاً خاصاً مع أنه داخل في لفظ القوم، وذلك لمزيد الاهتمام والعناية بخالد .
      أيها المسلمون . .
      هل ندعو غير الله تعالى ونحن نقرأ قوله تعالى:
      ) وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ( [ الجن / 18 ] وهذه الآية: نكرة في سياق النهي تفيد العموم . أي لا تدعوا مع الله نبياً ولا ولياً ولا إنساً ولا جناً ولا أحداً .
      هل ندعو غير الله تعالى ونحن نقرأ قول الله تعالى: ) إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ( [ الأعراف / 194 ] .
      هل ندعو غير الله تعالى ونحن نقرأ قول الله تعالى:) ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ( . [ الأحقاف / 5 ] .
      هل ندعو غير الله تعالى ونحن نقرأ قوله تعالى: ) أليس الله بكاف عبده ( [ الزمر / 36 ] .
      فهل نصدق الله فنقول: يا رب أنت تكفي عبدك فاكفنا، أم نكذب الله ونصدق الذين يأكلون ويشربون ويبولون ويتغوطون ويكذبون، فنقول: يا رب أنت لست بكاف عبادك والذي يكفي العباد هم الأنبياء والأولياء ؟!!
      هل ندعو غير الله ونحن نقرأ قوله تعالى يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام: ) قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً ( [ الجن / 20 ] ومعنى الآية: قل: أي يا محمد، إنما: تفيد الحصر . أدعو ربي: أي لا غيره .
      ولما كان الدعاء من العبادة قال: ) ولا أشرك به أحداً ( [ الجن / 20 ] أي في دعائه .
      هل ندعو غير الله تعالى ونحن نقرأ قولـه تعالى عن إبراهيم u إذ قال لأبيه: ) وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألاّ أكون بدعاء ربي شقياً ( [ مريم / 48 ].
      هل ندعو غير الله تعالى ونحن نقرأ قوله تعالى: ) الله الصمد ( قال ابن كثير: قال عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم .
      هل ندعو غير الله ونحن نقرأ قوله تعالى: ) ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوّة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ( [ آل عمران / 79 ] .
      هل ندعو غير الله تعالى ونحن نقرأ قولـه تعالى:
      ) قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إلهٌ واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ( [ الكهف / 110 ] .
      هل ندعو غير الله تعالى ونحن نقرأ قوله تعالى:) فادعوا الله مخلصين له الدين ( [ غافر / 14 ] فمن دعا غيره لم يخلص له الدين .
      هل ندعو غير الله تعالى ونحن نقرأ قوله تعالى: ) قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ( [ الأنعام / 162- 163 ].
      أيها المسلمون:
      كيف يجوز لنا أن ندعو رسول الله e ونحن نقرأ قول رسول الله e: » إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله « [ رواه أحمد والترمذي . انظر صحيح الجامع (7957) ].
      كيف يجوز لنا أن ندعو رسول الله e وقد قال لمن سمعه يقول: ما شاء الله وشئت، فقال رسول الله e: » أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده « [ رواه أحمد (1/214) وهو صحيح ].



      أيها المسلمون:
      كيف ننكر على النصارى قولهم: يا عيسى خلصنا ثم نبيح لأنفسنا أن نقول: يا محمد أدركنا؟ ولا نقول يا الله كما علمنا رسول الله e، وقد قال: » لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله « [ رواه البخاري (3445) ].
      كيف ندعو رسول الله e وهو القائل:
      » من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار « [ رواه البخاري (4297) ] فهل رسول الله e من دون الله ـ يعني غير الله ـ أم هو الله، أو معبود مع الله ؟
      كيف ندعو رسول الله e وهو القائل لمن سأله: » أي الذنب عند الله أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك« قال الشيخ ملا علي قاري في مرقاة المفاتيح: أي تجعل لله نظيراً في دعائك وعبادتك . [ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 1/ 218 ] .
      قال الغزالي في إحياء علوم الدين (4/245): وقرأ الخوّاص قوله تعالى: ) وتوكل على الحي الذي لا يموت ( [ الفرقان/ 58 ] فقال: ما ينبغي للعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله تعالى .
      وحكى الحافظ ابن رجب عن الإمام أحمد أنه كان يدعو فيقول: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصنه عن المسألة لغيرك . [ جامع العلوم والحكم 283 ] .

      شبهات وردها

      1ـ يقولون: إن رسول الله e حي في قبره يسمع .
      قلنا:
      أ ـ الرسول e حي في قبره حياة برزخية خاصة، لا نعلم كيفيتها، ومع ذلك فإن هذه الحياة لا تعطيه منزلة الإله .
      ب ـ إن الرسول e لا يسمع بنفسه في قبره، وإنما الملائكة تبلغه عن أمته السلام فقد روى الإمام أحمد والنسائي عن ابن مسعود t قال: قال رسول الله e: » إن لله تعالى ملائكةً سيّاحين في الأرض يبلِّغوني من أمتي السلام « وهو صحيح .
      ج ـ هل يمكن للنبي e سماع أصوات الآلاف في وقت واحد ؟ فإن قالوا نعم، فقد زعموا أن النبي e لا يشغله سمع عن سمع، وأضافوا إليه السمع الواسع والعلم المطلق وهذا تشبيه بالخالق سبحانه .
      2ـ يقولون: نحن نستشفي بالدواء بأقراص البنادول وغيرها، فهل هي أنفع من رسول الله e ؟ وكيف يجوز أن ننتفع بالدواء ولا ننتفع برسول الله e ؟
      قلنا:الاستشفاء نوعان: استشفاء بأمر دنيوي طبيعي، فهذا لا بد أن يقوم الدليل الطبيعي التجريبي على ثبوته ولا يستدل له بالدليل الشرعي، كالاستشفاء بأقراص البنادول فقد دل الدليل العادي على أنه يشفي ـ بإذن الله ـ من الصداع .
      وأما النوع الثاني: هو الاستشفاء بالأمر الشرعي فلا بدّ أن يدلّ عليه الدليل الشرعي، ولم يدلّ الدليل الشرعي على جواز طلب الشفاء من رسول الله e بعد وفاته .
      ثم إن الانتفاع برسول الله e بعد موته إنما يكون بالصلاة والسلام عليه e واتباع شرعه وسنته .
      وليس من لازم الانتفاع بشخص أن يُدعى ويُسأل ويُرجى ؟
      فقد انتفع الرسول e بموسى في المعراج بقول موسى له: » ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف « ومع ذلك فلم يدعُ موسى !! وقد انتفع بجبريل أكثر من انتفاعه بموسى عليه السلام فهل دعا جبريل ؟ وهل يجوز أن نقول يا جبريل أغثنا ؟ وإذا جاز عندهم، فلماذا الله إذاً !!
      نعوذ بالله من ضلالات هي في زعم القوم اعتقادات .

      أيها الأحبة في الله . .
      احفظوا دينكم، احتاطوا لعقيدتكم، احذروا أن تنحرفوا عن عقيدة التوحيد التي قال الله U عنها: ) إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ( [ النساء/ 48 ].
      فما هي المشكلة في أن ندعو الله وحده ؟ أليس الله بكاف عبده ؟
      أليس الله سميع الدعاء؟ أليس الله يقول: ) وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهمه يرشدون ( [ البقرة / 186 ] .
      أيها الأحبة: إذا أردنا أن يغيّر الله حالنا إلى أحسن حال، لنجد الدواء والطعام والكساء والتعليم، علينا أن نعود إلى الله ونخلص له الدعاء ولا نشرك مع الله
    • إذا دعا في السجود بدعاء وارد في القرآن الكريم

      أنا مسلم جديد وعلمت أنه لا يجوز تلاوة القرآن أثناء السجود . وكما تعلمون أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد . وسؤالي عن الأدعية المقتبسة من القرآن ، هل يجوز الدعاء بالأدعية القرآنية في السجود ؟ أم يعد هذا من التلاوة للقرآن المنهي عنها في السجود ؟.




      الحمد لله

      أولاً :
      نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن في الركوع أو السجود .
      روى مسلم (479) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا ، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ – أي جدير وحقيق - أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ) .
      وروى مسلم (480) عن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ : نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا .
      وقد اتفق العلماء على كراهة قراءة القرآن في الركوع أو السجود .
      انظر : "المجموع" (3/411) ، "المغني" (2/181) .
      والحكمة من ذلك :
      قيل : لأَنَّ أَفْضَل أَرْكَان الصَّلاة الْقِيَام وَأَفْضَل الأَذْكَار الْقُرْآن , فَجَعَلَ الأَفْضَل لِلأَفْضَلِ وَنَهَى عَنْ جَعْله فِي غَيْره لِئَلا يُوهِم اِسْتِوَائِهِ مَعَ بَقِيَّة الأَذْكَار . "عون المعبود" .
      وقيل : لأن القرآن أشرف الكلام , إذ هو كلام الله , وحالة الركوع والسجود ذل وانخفاض من العبد , فمن الأدب أن لا يقرأ كلام الله في هاتين الحالتين . "مجموع الفتاوى" (5/338) .
      ثانياً :
      إذا دعا في السجود بدعاء وارد في القرآن الكريم كقوله تعالى : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) البقرة/201 ، فلا بأس به إذا قصد بذلك الدعاء لا قراءة القرآن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1) ومسلم (1907) .
      قال الزركشي : " محل الكراهة ما إذا قصد بها القراءة , فإن قصد بها الدعاء والثناء فينبغي أن يكون كما لو قنت بآية من القرآن " انتهى .
      والقنوت بآية من القرآن جائز بلا كراهة .
      "تحفة المحتاج" (2/61) .
      قال النووي في "الأذكار" (ص 59) :
      " ولو قنت بآية أو آيات من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت ، ولكن الأفضل ما جاءت به السنة " انتهى .
      وهذا إذا قصد بالآية الدعاء .
      انظر : "الفتوحات الربانية شرح الأذكار النووية" لابن علان (2/308) .
      وسئل علماء اللجنة الدائمة : علمنا بأنه لا يجوز قراءة القرآن في السجود ، ولكن هناك بعض الآيات تشتمل على الدعاء مثل قوله تعالى : ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ) ، فما حكم الإتيان بمثل هذه الأدعية الواردة في القرآن في حالة السجود ؟
      فأجابوا : " لا بأس بذلك إذا أتى بها على وجه الدعاء لا على وجه التلاوة للقرآن " انتهى .
      "فتاوى اللجنة الدائمة" (6/443)