القــدس إسلاميــاً

    • القــدس إسلاميــاً

      القدس في الوعي الإسلامي: ثالثة المدن المقدسة، وفي السيرة النبوية: هي منتهى مسرى رسول الله  ، ومبتدأ معراجه الى السماء، حيث فُرض ركن الاسلام الأعظم - بعد الشهادتين - وعمود الدين أو عماده، والامر الذي بين أهله وغيرهم؛ فرضت الصلاة.
      وهي في التاريخ الإسلامي المتصل: قبلة العلماء والصالحين، ومقصد الفقهاء والدارسين، ومهوى أفئدة الزهاد والصادقين، حتى قيل في شأنها: « إنه ليس في بلدان الدنيا بلد يحق لها أن تفاخر بما حوته من مقدسات كمدينة بيت المقدس... فما فيه موضع شبر إلا صلى فيه نبي، أو قام فيه ملك... ».
      وهي في الحضارة الإسلامية: قطعة حية من مآثرها، وصورة متكاملة لإنجازاتها العلمية والتربوية والمعمارية والاقتصادية، يشهد لذلك السجل الغني في المكتبة العربية، وفي اللغات الاجنبية، لكتب تاريخها وعمارتها ومدارسها ومعالم تطورها عبر العصور.
      فالقدس ثالثة المدن المقدسة بنص القرآن الكريم: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}[الإسراء:1] والمسجد موضع السجود، والبَرَكَة الربانية - وهي تطهير وتقديس - لم تقتصر عليه بل اتسع مداها ليشمل المدينة كلها من حوله، ولذلك استحقت الاشتهار « ببيت المقدس ».
      وفي رحلة الإسراء لقي رسول الله إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء فصلى بهم إماماً قرب الصخرة المشرفة. فالتقت في هذه الرحلة مكة بالقدس، واجتمعت في شخص رسول الله  ورحلته دلالاتُ وراثته دعوة الأنبياء والرسل السابقين جميعاً إلى: أن يعبد في الأرض الله تعالى، وحده، والإشارة إلى وجوب أن يكون أهل الأديان على كلمة سواء في عمارة الأرض لنفعهم جميعاً، يصدّق ذلك ما جاء في الحديث الصحيح أن مَثَلَ النبي  « ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لَبِنَة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له! ويقولون: هلا وضعت هذه اللَّبِنَة؟ فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين ».
      أُتي رسول الله  في رحلة الإسراء بإناءين في أحدهما خمر وفي الآخر لبن، فاختار اللبن فقال له جبريل: « اخترت الفطرة ». وفي ذلك من الإشارة إلى أن سلامة الفطرة هي لب الإسلام ما يُحفل به ويُوقف عنده. وقد اختار ربنا - سبحانه - بيت المقدس لإعلان هذه الحقيقة وإعلائها.
      وقد زاد الله تعالى بيت المقدس شرفاً إذ أنزل على رسوله  في أثناء وجوده فيه قوله تعالى: {واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهةً يُعبدون} [الزخرف:45]. وهي الآية الوحيدة التي نزلت خارج مكة والمدينة وما بينهما. ولا شك أن نزولها في بيت المقدس يزيد قصة الإسراء جلالاً، ويزيد المدينة المقدسة قيمة في الضمير الإسلامي.
      وقد سميت باسم الإسراء سورة كاملة في القرآن، ومن أسمائها: « سورة بني إسرائيل »، إذ فيها جانب من قصتهم وما يحيق بهم من جرَّاء إفسادهم في الأرض.
      ويؤكد قدسية بيت المقدس أنها القبلة الأولى للمسلمين، صلى إليها رسول الله  إلى أن نزل الوحي بتحويل القبلة إلى مكة المكرمة: شطر المسجد الحرام. ومن هنا قيل للمسجد الأقصى: أولى القبلتين.
      وسمي المسجد الأقصى ثالث الحرمين لأن رسول الله  نهى عن أن تُشَدَّ الرحال - أي يسافر بقصد التعبد والتقرب إلى الله تعالى - إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الاقصى، والمسجد النبوي في المدينة المنورة.
      ولأن الصلاة في المسجد الاقصى من المأمورات النبوية إذ قال رسول الله  لمولاته ميمونة حين سألته عنه: «إئتوه فصلوا فيه... فإن لم تؤتوه وتصلوا فيه، فابعثوا بزيت يسرج في قناديله» [شرح السنة للبغوي، ج 2، ص 342].
      وأحاديث الترغيب في الصلاة في المسجد الاقصى كثيرة، وفي بعضها بيان: أن أجر الصلاة فيه كأجر خمس مئة صلاة فيما سواه. [نقلها المنذري في الترغيب والترهيب، في الجزء الثاني باب الترغيب في الصلاة في المساجد الثلاثة.ولذلك كله استحق المسجد الأقصى أن يسمى بثالث الحرمين، حرم مكة: المسجد الحرام، وحرم المدينة: مسجد رسول الله  .
      وفي رحلة المعراج التي كانت « بيت المقدس » مبتدأها لقي رسول الله  عدداً من المرسلين والأنبياء الذين سبقوه، وفيها فرضت عليه الصلوات الخمس، فازدادت قدسية الرحلة وقدسية المكان الذي بدأت منه رسوخاً في يقين المسلمين، يتمثلونه في كل يوم وليلة خمس مرات وهم يقومون لله خشّعاً وركًّعاً وسجوداً، فأي تعلّق يجده القلب بمكان على وجه الأرض - بعد بيت الله الحرام وحرم نبيه - أقوى من التعلق ببيت المقدس ومسجده الاقصى؟
      والقدس في التاريخ الإسلامي قبلة العلماء وطلاب العلم والصالحين والمريدين الذين يلتفون حول هؤلاء للتعلم والتفقه واكتساب آداب السلوك.
      فقد أثبت الباحثون أن مدارس القدس الإسلامية ربت على السبعين مدرسة ارتادها آلاف بعد آلاف من العلماء وطلاب العلم. وكان عدد زوايا الصوفية ورُباطاتهم أكثر من خمس وخمسين لا يزال كثير منها باقياً بناؤه حتى اليوم يشهد النشاط الذي كان يزاوله فيه مريدوه من المقيمين ببيت المقدس أو الزائرين لها.
      وقد اهتم الخفاء، منذ الفتح العُمري لبيت المقدس إلى زوال الخلافة العثمانية، بالمدينة المقدسة. فقد بويع فيها بالخلافة من بني أمية معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - وسليمان بن عبد الملك - الذي همّ بجعلها عاصمة للخلافة ثم عدل عن ذلك - وبنى عبد الملك بن مروان قبة الصخرة المشرفة ومسجدها، وقد كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هو الذي كشف بنفسه عن موقع الصخرة وأزال التراب عنها بثوبه وجعل بناء المسجد الذي أقامه أمامها.
      ويعد بناء القبة معجزة معمارية فريدة، وهي أقدم بناء إسلامي يظهر الشخصية الإسلامية في مراحلها الأولى، ويومئ إلى المساهمات الإسلامية المستقبلية في الحضارة الإنسانية معمارياً وفنياً. وهو أحد المباني النادرة في العالم الثابت تاريخ بنائها في القرن السابع الميلادي بشكل لا يرقى إليه شك. ولا تزال تحتفظ ببهائها ورونقها الأصليين. ولعله المبنى الوحيد الذي بقي دون تغيير منذ إنشائه إلى اليوم، فأبعاده ونسبة الأصلية ومخطط زخرفته وهيكله، كل ذلك لم يجر فيه أي تغيير، وكل التعميرات والإصلاحات أصابت القشرة الخارجية لعناصره فحسب، وهو أخيراً أول بناء إسلامي تستعمل الكتابه فيه كعنصر زخرفي رئيسي وتمثل الكتابة الأصلية فيه مرحلة مهمة من مراحل تطور الخط الكوفي
    • وعجوز أســـــــــــــرائيل تنسج غزلها لتخيط قــــــــــــــــاذوراتها لها حاميا

      إذا أنها تدري بأنـــــــــــــــــــــك مقبل ولها قطعــــــــــــت من الزمان فيافيا

      صبرا أيها صهيــــــــــــــون إن إمامنا يأتيك من غــــــــرب الجزيرة غازيا

      عدي سلاحا خانقـــــــــــــــــــا ومحرقا مهما صنعتــــــــــي فلن يكون الواقيا

      وابني معابد للسفــــــــــــــــــاح وعلقي في ثدي رب الســــــــــاقطين مخازيا

      صبي عصار الخمــــــــر فوقه وارقبي حتى يجـــــــــــــيء المارقون جواثيا

      لوطي بهم معنى الحيــــــــاء لكي ترى عوراتهم مــــــــــــــن أورشليم بواديا

      واحمي بهم وحش الســــــــلام وسيري بهم علـــــــــى أرض العروبة طاغيا

      من أملد نتن العبـــــــــــــــــارة شاحب كالقط من حـــــــــــول الموائد عاويا

      لا تعجبوا لو صــــــــــــار قصره حانة قد كان من قبــــــــــــل الرئاسة ساقيا

      في ملجأ الماســـــــــــــــــون علم مشيه فتراه من فــــــــــــوق الجماجم ماشيا

      صلفا بآيات الكتــــــــــــــــــاب مجادلا ولآية التلمــــــــــــــــود يسجد هاويا

      قال النصارى واليهــــــــــــــــــود بأننا للأرض أرهــــــــــــاب فقال محاكيا

      لن ترض عنك المشــــــــــركون خليفة إن لم تكن للمشـــــــــــــــركين مواليا
      قري جمـــــــــــــــــــوع الملتظين فإنه رجل سيجعـــــــــــــل كل ظلم لاضيا

      وترقبي صهيـــــــــــــــون وثبة فارس رؤف سيصبح فــــي حصونك قاسيا