ثماني مراات يا أمي

    • ثماني مراات يا أمي

      موضوع جميـــــــــــل جدًا ...

      أرتأيت أنه راائع ويستحق االنقــــــــــل ...

      أتمني من الجميع الأعتبااااار .:)

      ثماني مرات : كذبت أمي



      تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر


      فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا ....


      وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد جوعنا :


      كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى


      طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز ، فأنا لست جائعة ..


      وكانت هذه كذبتها الأولى




      وعندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شئون المنزل وتذهب


      للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، وكان عندها أمل أن أتناول سمكة قد


      تساعدني على أن أتغذى وأنمو ، وفي مرة من المرات استطاعت بفضل


      الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت إلى البيت وأعدت الغذاء ووضعت


      السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ، وكانت أمي


      تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك ، فاهتز قلبي لذلك ،


      وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي فورا وقالت :


      يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمك ..


      وكانت هذه كذبتها الثانية





      وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، ولم يكن معنا من المال


      ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد


      محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل


      وتعرض الملابس على السيدات ، وفي ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في


      العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ،


      ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ، فناديتها : أمي ، هيا نعود


      إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح ،


      فابتسمت أمي وقالت لي : يا ولدي.. أنا لست مرهقة ..


      وكانت هذه كذبتها الثالثة




      وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي على الذهاب معي ،


      ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ،


      وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة ودفء


      وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، ووجدت معها كوبا فيه مشروب كانت


      قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى ارتويت ،


      بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا وسلاما ، وفجأة نظرت


      إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها :


      اشربي يا أمي ، فردت : يا ولدي اشرب أنت ، أنا لست عطشانة ..


      وكانت هذه كذبتها الرابعة



      وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ، وأصبحت


      مسئولية البيت تقع عليها وحدها ، ويجب عليها أن توفر جميع الاحتياجات ،


      فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ، كان عمي رجلا طيبا


      وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ، وعندما رأى الجيران


      حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق


      علينا فهي لازالت صغيرة ، ولكن أمي رفضت الزواج قائلة :


      أنا لست بحاجة إلى الحب ..


      وكانت هذه كذبتها الخامسة



      وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ، حصلت على وظيفة


      إلى حد ما جيدة ، واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي


      وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ، وكانت في ذلك الوقت لم يعد


      لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا


      في السوق وتبيع الخضروات كل صباح ، فلما رفضت أن تترك العمل


      خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه قائلة :


      يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني ..


      وكانت هذه كذبتها السادسة






      وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ،


      وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ، ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها


      الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت بسعادة بالغة ،


      وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ، وبعدما سافرت وهيأت الظروف ،


      اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ، ولكنها لم تحب أن تضايقني


      وقالت : يا ولدي .. أنا لا احب المعيشة المترفة ...


      وكانت هذه كذبتها السابعة




      كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ، وأصابها مرض السرطان اللعين ،


      وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ، ولكن ماذا أفعل فبيني وبين


      أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا ، فوجدتها


      طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي


      ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ، ليست أمي


      التي أعرفها ، انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت أن تواسيني


      فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...


      وكانت هذه كذبتها الثامنة




      وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا ....




      إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته :


      حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها ...


      وإلى كل من فقد أمه الحبيبة :


      تذكر دائما كم تعبت من أجلك ، وادع الله تعالى لها بالرحمة والمغفرة ..






      أحبك يا أمـي ... أحبك يا أمـــي