##ــــ {...الورقه الأخيره ....}ـــ##

    • ##ــــ {...الورقه الأخيره ....}ـــ##

      بسم الله الرحمن الرحيم

      .
      .
      .
      .
      الحمد الله الذي خلق فسوى . والذي قدر فهدى .
      والذي أخذ وأعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ..
      وداعاً يا رمضان ....
      وداعاً ياخير الشهور ...
      خير الشهور عندنا ...
      وأفضل الشهور عند ربنا ...
      رمضان جئت كريما ً ...
      وذهبت عزيزاً ...


      * * شهر جعله مصباح العالم وانزل فيه كتابه فتح للتائبين بابه ,


      الدعاء فيه مسموع والضر فيه مدفوع والخير فيه مجموع .





      *رمضان شهر تنزلت فيه البركات وأجيبت فيه الدعوات



      و كشفت فيه الكربات وسكبت فيه العبرات .




      * رمضان شهر بدأ وانتهى ....فكم سجدفيه من ساجد ؟ وكم ذكر فيه من ذكر ؟


      وكم شكر فيه من شاكر ؟ وكم خشع فيه من خاشع ؟




      *شهر بدأوانتهى ... فكم فرطَّ فيه من مفرط ؟ وكم عصى فيه من عاصي ...؟




      * شهر بدا وانتهى ... فكم مات فيه من ميت ؟ وكم صح فيه من سقيم ؟


      وكم أقام فيه من مسافر ؟ وكم سافر فيه من مقيم ؟




      ***شهر رمضان ارتحل ...


      فما أعطر أنفاس الطائعين وما اطهر قلوب الخاشعين والغاضعين !


      وما أسعد نفوس الفائزين ! وما احلى عيش المقبولين ! وما أذل نفوس العصاة المذنبين !


      وما أقبح حال المفرطين المسيئين !





      واندماه على من فرط فيه ولم يبك ويندم ...


      واحسرتاه على من ضيع ليله وأيامه باللهو والغفله .


      واكرباه على من أدركه ولم يُغفر له فيه ...


      واخيبتاه على من لم يوفق لليلة القدر إذا كان من


      الغافلين .




      ***ودعاً يا رمضان وداعاً ياخير الشهور ولأعوام :


      رمضان مضى وارتحل أيها الصائمون ,


      فماذا قدمنا فيه من أعمال وماذا أسررنا وماذا أعلنا ؟


      فلنحاسب أنفسنا ولنبك على تفريطنا ولنسأل الله من


      خالص قلوبنا أن يتقبله منا وأن يعيده


      علينا اعواما عديده .




      يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( من لم يحاسب نفسه دامت
      حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته وقادته الى الخزي سيئاته ) .
      ويقول ميمون ابن مهران : ( لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه
      أشدُ محاسبة من الشريك لشريكه ) .


      وداعاً يا رمضان ...

      يا أيها الشهر الكريم .

      اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا .

      ولا تجعل حظنا من صيامنا الجوع والظمأ ولا من قيامنا التعب والسهر .

      اللهم اجعلنا فيه من المقبولين الفائزين




      اللهم تقبل منا صيامنا , والقيام واحسن لنا الختام ,


      اللهم اجبر كسر قلوبنا على فراق شهرنا ,


      اللهم اجعلنا ممن دعاك فيه فاجبت دعائه واستهداك فهديته ,


      واستنصرك فيه فنصرته , واستعان


      بك فأعنته , واسترحمك فرحمته اللهم ارحم ضعفنا


      وتولّ امرنا برحمتك يا أرحم الراحمين


      (امين ) يارب العالمين ....





      وعيدكم مبارك جميعا
    • يسلمو على هذي الجهود الراايعه
      لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين يا مُسخّر لحظات الجبر لعبادك، اكرمنا..
    • هاهو الآن في السنة الأخيرة من ثلاثينات عمره .. كان وكأنما وضع روحه هناك على الطاولة .. بجوار النافذة المفتوحة دائماً باتجاه الغرب .. ذلك الاتجاه الذي سار فيه منذ عقود .. محمولاً على عنق أمه .. ذلك العنق الذي بقي شامخاً مكافحاً في دروب الحياة بعد غياب الأب وتخلي القريب ..
      كان حينها يقلب رأسه الصغير يميناً ويساراً .. رغم الحمى التي ألمت به أياماً .. وكأنما يستكشف العالم من جديد .. لم يكن قد تجاوز السادسة من عمره بعد .. ولكن ملامح الذكاء كانت تبدو بوضوح .. في عينيه .. في سلوكه .. الذي كثيراً ما أحرج الكبار ..

      كان يرمق اخوته الصغار بين لحظة وأخرى بنظرة فخر .. وهم يسيرون أمام أمهم وخلفها .. فبدو كما صغار البط ..

      كانت أرجلهم تغوص في الرمل تارة .. وفي الطين تارة .. وعلى الأغصان اليابسة تارة أخرى .. ولم تغب عنهم عيون أمهم لحظة واحدة .. تمنت لو تستطيع حملهم كلهم فوق عنقها ..

      هاهم أخيراً يصلون بيت الشيخ الذي يقع في نهاية الحقول الممتدة حتى الشاطئ .. كان متكئاً على جنبه .. يسلي نفسه ببعض ثمار اللوز ..

      لم يفاجئه قدومهم .. فقد كان مقصداً للكثير من أهالي القرية والقرى المجاورة .. اعتدل في جلسته وأشار إلى الطفل .. الذي كان قد ترجل لتوه .. بعد أن أنزلته أمه من على عنقها .. ربما احتراماً للشيخ .. أو استسلاماً للتعب والإرهاق ..

      صاح الشيخ من بعيد .. لابد أنك المريض .. تعال .. تعال يا بني .. ألقاه في حجره على بطنه .. وشد ملابسه من أسفل الرقبة باتجاه الظهر .. تناول بيده الأخرى إبريق الماء الفخاري .. وملأ فمه بالماء .. أحس الطفل برذاذ الماء ينطلق كزخة مطر بارد على عنقه الصغير .. قرأ الشيخ في عجالة بعض التعويذات التي لم يفهمها الطفل .. الذي كان يختلس النظر بين لحظة وأخرى إلى أمه .. التي جمدت واقفة في مكانها كتمثال .. وكأنما أودعت روحها وقلبها جسد طفلها البائس .. فقط تحركت شفتاها في صمت وكأنما تردد هي الأخرى تعويذة للشفاء ..

      لحظات قليلة .. مكثها بلال بين يدي الشيخ .. يملؤه الخوف والحيرة مما ألم به .. قبل أن يحس بلسعة يد الشيخ قوية على ظهره .. صائحاً فيه : هيا .. انهض يا ولد ..

      قفز بلال مثل عصفور انسل من قبضة صياد .. ملأ رئتيه بالهواء .. وانطلق يجري حولهم عدة مرات قبل أن ينطلق إلى شجرة التين المقابلة حيث جلس أخيه محمد يأكل حبة ناضجة ..

      صاحت الأم : هيا يا أولاد .. هيا يا بنات .. استعدوا سنعود ..

      تسلل بلال عائداً إلى أمه .. جلس خلفها يختلس النظر إلى الشيخ وكأنما يراه للمرة الأولى .. سمعه يقول : ذلك الصغير على الشجرة ستفتقدينه مهاجراً لسنوات طويلة .. تقاطعه الأم :

      كم سنة يا سيدنا ..؟؟

      : اطمئني سيعود إليك في النهاية .. وسيكون عصاك التي تتكئين عليها ..

      : والبنات يا سيدنا ..؟؟

      : سيتزوجن جميعاً .. وستضجرين من شقاوة أطفالهن ..

      تبسمت الأم بعد أن ملأ كلام الشيخ قلبها البائس سعادة وسروراً .. واسترسلت سائلة :

      وهذا يا سيدنا .. قالت وهي تمسد رأس بلال وكأنما تتوسل من الشيخ إجابة تكلل سعادتها ..

      انفرجت أسارير الشيخ الذي لم يلحظ تدلي أذني الطفل إنصاتاً قبل أن يردف قائلاً :

      هذا الذي شفي للتو .. حسناً .. هذا سيملأ بيتك أولاداً وبنات ..

      أشرقت عينا الأم وانبثقت عن ابتسامة عريضة لم يرها الطفل من قبل علي وجه أمه لكنها سرعان ما انطفأت عندما استدرك الشيخ قائلاً : ولكن ..

      : لكن ماذا يا سيدنا ..

      : لا داعي يا ابنتي ..

      : احكي يا سيدنا .. أرجوك ..

      لم يجل بخاطرهما أن يسمع الطفل كلام الشيخ وهو يهمس : سيخطفه الموت مبكراً ..

      : مبكراً !! متى يا سيدنا؟ ..

      : لا حول ولا قوة إلا بالله .. لا داعي يا ابنتي .. خذي أطفالك واذهبي ..

      قالت في إلحاح يشبه التوسل : أرجوك يا سيدنا أخبرني ..

      : نعم يا ابنتي .. والله أعلم .. قد لا يصل الأربعين ..

      تجهم وجهها للحظات قبل أن تضيئه بسمتها من جديد.. تمتمت بكلمات ثم قالت: شكراً يا سيدنا .. فما قلته أسعدني .. والأعمار بيد الله ..

      لملمت صغارها وانطلقت عائدة بهم .. لم تكن بحاجة لحمل طفلها الذي بدا معافى تحمله قدماه يسير أمامها متقدماً الصف .. ولم تكن أيضاً تعرف أن كلام الشيخ قد حفر في ذهنه أخدوداً يلازمه سنوات طويلة ..

      لازال هاجس ذلك اليوم يتبعه كظله .. كان لا يؤمن بالعرافين والمنجمين وكل من يدعون .. لكن كلمات الشيخ لا تزال تطن في أذنيه .. مقتحمة عليه لحظات سعادته .. مثلها مثل الكثير من الأشياء التي يدرك الإنسان خطأها .. ومضارها .. ومع ذلك يتعاطاها ويمارسها ..

      كان يوماً خريفياً .. تطايرت مع رياحه أوراق جفت واصفرت على أغصانها .. حين جاءته أمه بصحبة أخيه محمد .. لاحظ بلال حقيبة صغيرة معلقة إلى كتف أخيه .. سادت لحظات من الصمت بينهما ما لبثت أن قطعتها أمه بصوتها :

      لقد حاولت أن أثنيه يا بني .. ولكنه مصر على السفر إلى البلاد البعيدة ..

      سالت دمعة على وجنة بلال حاول مسرعاً أن يخفيها .. واندفع محتضناً أخيه .. مودعاً له .. ومستقبلاً أولى نبوءات الشيخ .. تحط على الأرض أمام عينيه ..

      تذكر يوم كانت زغاريد النسوة تكاد تخرق طبلة أذنه .. بعدما عقد قرانه على ابنة خالته .. لقد راوغ كثيراً .. في تحديد موعد الزواج .. رغم حبه لعروسه .. لكنهم .. يباغتونه .. يضعونه في الأمر الواقع .. ورغم محاولاته المتعمدة إبطال مفعول النبوءة الثانية .. إلا أن عناد زوجته .. وبركات الشيخ .. حالت دون ذلك .. وامتلأ البيت أولاداً وبنات ..

      هاهو قد ملأ غرفة الخزين بمؤونة تكفي لعام قادم .. على الأقل .. لحين عودة أخيه المؤكدة .. ليصبح العصا التي تتكئ عليها ليس أمه فقط .. بل عائلة كاملة بعد الرحيل .. سدد ما كان قد تبقى عليه من ديون .. رتب أموره تماماً على المغادرة .. لم يبق إلا ثلاثين يوماً كان قد أحصاها على أوراق الروزنامة المعلقة على الحائط أمامه ..

      يستيقظ كل صباح .. وينتزع ورقة أخرى جديدة .. يعتصرها بين أصابعه ويلقي بها من ذات النافذة .. في طريق الغرب .. كم تمنى لو يسحبها كلها دفعة واحدة كي يريح أعصابه من وطأة الانتظار ..

      هاهو أخيراً يواجه قدره ..

      لم يصدق نفسه .. حين ألقى بالورقة الأخيرة .. حين أصبح أربعينياً .. يا له من عمر جديد .. وولادة جديدة ..

      مر اليوم الأول ..

      ومر الشهر الثاني ..

      وفي العام الثالث بعد الأربعين .. وبينما كان يجلس مع والدته قرب النافذة الغربية.. وقعت عيناه على صورة أخيه محمد المعلقة على الحائط المقابل .. اتجه صوبها على الفور ووقف أمامها وأخذ يتضرع إلى الله بأن يعيد أخيه من المهجر سالماً .. ثم التفت إلى أمه.. وللمرة الأولى أخذ يسألها .. يذكرها بنبوءات الشيخ .. لكن أمه ولدهشته الشديدة .. لم تتذكر من الأمر شيئاً .



      لجل عيوني