لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة

    • لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة

      أعجبتني قصة رائعة ذات معان رائقة وردت عن أحد الزاهدين " أحمد بن مسكين " وكان من التابعين ، قال :

      في البلدة رجل يُدعى أبا نصر الصياد ، يعيش مع زوجته وابنه في فقر شديد

      - مشى في الطريق ذات يوم مهموما مغموما ً، يسأل الله تعالى الفرج والرزق الحلال فزوجته وابنه يتضوران جوعاً .

      مر على شيخه أحمد بن مسكين’ يقول له أنا متعب يا سيدي ..

      وقرأ التابعي في وجه تلميذه ما يعانيه ، فقال له اتبعني إلى البحر


      فانطلقا إليه، وقال له الشيخ – راغباً في لجوء مريده إلى الله تعالى : " صلّ ركعتين على نية التيسير" واسأل الله تعالى الرزق الحلال الطيب …فصلى ، ثم قال له : "سم الله " ، - فكل شيئ بأمر الله .. فقالها . .. ثم رمى الشبكة ، فخرجت بسمكة عظيمة . … قال له "بعها واشتر بثمنها طعاماً لأهلك ".

      فانطلق إلى السوق يبيعها ، واشترى فطيرتين إحداهما باللحم والأخرى بالحلوى وقرر أن يعود إلى الشيخ فيقدم إحداهما له اعترافاً بصنيعه . ..

      رد الشيخ الفطيرة قائلاً : هي لك ولعيالك ، ثم أردف : " لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة "

      وفي الطريق إلى بيته قابل امرأة تبكي من الجوع ومعها طفلها، فنظرا إلى الفطيرتين في يده

      وقال في نفسه هذه المرأة وابنها مثل زوجتي وابني يتضوران جوعاً فماذا افعل ؟

      ونظر إلى عيني المرأة فلم يحتمل رؤية الدموع فيهما، فقدمهما لها قائلاً:

      الفطيرتان لكما ..

      ظهر الفرح والسرور على محياها ، وسعد ابنها سعادة رقصت لها أسارير وجهه..

      وعاد أبو نصر يفكر بولده وزوجته .


      ما إن سار حتى سمع رجلاً ينادي من يدل على أبي نصر الصياد؟

      فدله الناس على الرجل.. فقال له إن أباك كان قد أقرضني مالاً منذ عشرين سنة ثم مات ، خذ يا بني هذه الثلاثين ألف درهم فهو مال أبيك .

      يقول أبو نصر الصياد

      وتحولت غنياً بإذن الله تعالى وكثر مالي ، و ملكت البيوت وفاضت تجارتي ، وصرت أتصدق بالألف درهم في المرة الواحدة في شكرالله تعالى ..

      ومرت الأيام ، وأنا أكثر من الصدقات حتى أعجبتني نفسي!!


      وفي ليلة من الليالي رأيت في المنام أن الميزان قد وضع ونادى مناد : أبا نصر الصياد هلم لوزن حسناتك وسيئاتك ، فوضعت حسناتي ووضعت سيئاتي، فرجحت السيئات ..

      فقلت أين الأموال التي تصدقت بها ؟ فوضعت الأموال، فإذا تحت كل ألف درهم شهوة نفس أو إعجاب بصنيع كأنه لفافة من القطن لا تساوي شيئاً، ورجحت السيئات

      وبكيَت .. بكيت حتى كادت نفسي تذهب وأحشائي تتقطع . وقلت ما النجاة ؟

      وسمعت المنادي يقول : هل بقى له من شيء ؟

      فأسمع الملك يقول: نعم بقيت له رقاقتان …

      وتوضع الرقاقتان (الفطيرتان) في كفة الحسنات ، فتهبط كفة الحسنات حتى تساوت مع كفة السيئات.

      فبقيت خائفاً .. وأسمع المنادي مرة أخرى يقول: هل بقى له من شيء؟ فأسمع الملك يقول: بقى له شيء

      قلت: ما هو؟ …

      قيل له: دموع المرأة حين أعطيتها الرقاقتين .

      فوزنت الدموع، فإذا بها كالحجر الصقيل وزناً .فثقلت كفة الحسنات، ففرحت فرحاً شديداً ..

      وأسمع المنادي كرة أخرى يقول: هل بقى له من شيء؟

      فقيل: نعم ابتسامة الطفل الصغير حين أعطيَت أمُه الرقاقتان …

      وترجح كفة الحسنات…و ترجح …وترجح..

      وأسمع المنادي يقول: لقد نجا … لقد نجا

      فاستيقظت من النوم فزعا أقول ما قاله لي أحمد بن مسكين حين رد إليّ إحدى الفطيرتين : لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة .


      تقبلوا تحياتي#j