مجتمع السوق : ثقافة حياتيه لا غنى عنها

    • مجتمع السوق : ثقافة حياتيه لا غنى عنها

      كان السوق ولا يزال حاضر العرب وملتقاهم بين تاجر وشاعر وسيد وأمير فالسوق مجتمع بشري تقصده كل فئات المجتمع بمختلف أجناسهم وطبائعهم ومستوياتهم الإجتماعيه والثقافيه وبمختلف مهنهم وأعمالهم ومآربهم بين تاجر وصانع وحرفي ودلال ومشتري وبائع متجول ومتنزه وزائر وهو مكان عام تحتم الظروف على الصالح أن يلتقي بالطالح فهو بطبيعة حاله يقصده العالم والجاهل الغني والفقير
      الصغير والكبير وهنالك فئة كبيره يعج بها السوق وهم السوقه أو السوقيين وهؤلا قد يعد بعضهم خطرا قد يفسد عليك ما أنت به من خلق أو قد يؤثر سلبا على أبنائك فيزرع فيهم بعض الطبائع السيئه الدخيله التي قد تفسد عليك بذورا طيبه زرعتها فيهم فهنالك السفيه قولا وفعلا وهنالك المدلس والغشاش وهناك المحتال النصاب وهنالك المحتكر وهنالك السارق خفيف اليد وهنالك من يفسد على التجار ويكسد على تجارتهم لغرض في نفسه من حسد أو محسوبية وعمالة لتاجر منافس
      وعلى هذا الحال فالسوق واقع وظاهرة حياتيه لا غنى عنها وجهة إقتصاديه تضمن قوت اليوم لعدد لا بأس به من الناس كما يوفر إحتياجات البشر ولوازمهم وما يعينهم على الديمومه والبقاء بإذن الله تعالى
      وهو في نفس الوقت مجتمع حياتي مدرسي منهجي تعليمي ومناهجه وموارده وروافده
      كثيره وكل ظواهره المتباينه بين سلب وإيجاب تمثل مناهجا من الممكن أن توظف وتوجه إيجابا كي تفقه منها الأجيال أصول التعامل والمخالقه فالإيجاب نجعل منه سنة نقتدى بها ونشيد بمنتهجها كي نشجع الآخرين عليها والسلب نعتبره درسا عمليا شاهدا ماثلا للعيان نتجاوزه ونحذر منه ونشير له
      بعلامة الخطر كي يتجنبه الآخرون ويعتبرونه من النقاط المحظوره
      فالإنسان بطبعه الإجتماعي لا يمكن أن ينشأ بمعزل عن جنس معين ويخالط جنسا آخر لأنه إن حالفه الحظ وساعدته الظروف ليكون بمنآى عن الدونيه والسوقيه لوقت ما فإنه بلا شك ستجبره خطوب الزمان وصروفه أن يكون في قلب المعمعة يوما ما وحاله وقتها كحال من يبحر بلا مجاديف أو أشرعه لأن ثقافة التعامل العامه مختزلة لديه منقوصه
      إذا فالقاعدة السليمه تنصح على أن يخالط الإنسان البشر كي يفقه كيفية توظيف إيجابياتهم لينتفع بها وسلبياتهم حتى يتجنبها بلباقة وخبرة ووعي ومهاره وأن لا يحلم بمجتمع مثالي كي لا يقع ضحية العزلة والإنطواء والجهل بمواطن الخطر حينما تتربص به ويجد نفسه محاطا بها .
      علمتني الحياة أن لا أضع المعروف فيمن أخشى أن لو مددت له يدي يوما أن يقطعها
      هادئ

    • مجتمع السوق أو المجتمع العام الذي لا يرتبط بسلوكيات معينة أو ثقافة خاصة أو قاعدة ثابتة ولا حتى منهج يوصف بالمثالية ولا توجد فيه طبقة مخصصة وانما طبقات وثقافات وطباع مختلفة تماماً ..هنا تذكرت مقالة امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنَّه حين جاء شاهدٌ يشهد عنده، قال له عمر: ائتِ بمن يعرِّفك. فجاء برجل، فقال له: هل تزكِّيه؟ هل عرفته؟. قال: نعم. فقال عمر: وكيف عرفته؟ هل جاورته المجاورة التي تعرف بها مدخله ومخرجه؟ قال: لا. قال عمر: هل عاملته بالدينار والدرهم اللذين تعرف بهما أمانة الرجال؟ قال: لا. فقال: هل سافرت معه السفر الذي يكشف عن أخلاق الرجال؟ قال: لا. فقال عمر بن الخطَّاب: فلعلَّك رأيته في المسجد راكعاً ساجداً، فجئت تزكِّيه؟! قال: نعم يا أمير المؤمنين. فقال له عمر بن الخطاب: اذهب؛ فأنت لا تعرفه، ويا رجل ائتني برجل يعرفك، فهذا لا يعرفك[1].
      وهنا أقول مخالطة الناس بأجناسهم وفئاتهم وصفاتهم لتولد لدينا خبرة حياتية تجعلنا نعرف كيف نتعامل مع الناس بحكمة ..معاملة لا ينتج عنها ضرر ولا حتى خدع أو زيف كلام
      فالذي حجب نفسه عن مجتمع السوق أنى له بأن يتعامل معهم في شراء أو بيع وكيف له
      أن يصدق من كلامهم وأخبارهم شئ فالخبرة الحياتية تكُمن في التداخل مع العامة والخاصة بحسب المعطيات التي بأيدينا في ذلك الحين وكما ذكرت في آخر أطروحاتك بان الطبقتين لا بد وأن تلتقيا يوماً ما الدونية والطبقة العليا ولكل شواذ فإذا ما خبرنا
      مسبقاً طرق التعامل مع كلاً منهما أستطعنا أن نخلق أسلوباً مميزاً للتعامل يفئ بالمطلوب ويكون ناجحاً لكل الطرفين وهناك تتبادل المنفعة بطريقة تتمتع بسلوك حضاري رفيع جداً
      يبعث على الحكمة وتناول الأمور بطريقة سهلة ميسرة ...


      اللهم إني أستغفرك لكل ذنب خطوت إليه برجلي ، أو مددت إليه يدي ، أو تأملته ببصري ، أو أصغيت إليه بأذني ، أو نطق به لساني ، أو أتلفت فيه ما رزقتني .. ثم استرزقتك على عصياني فرزقتني ثم استعنت برزقك على عصيانك فسترته علي وسألتك الزيادة فلم تحرمني ولا تزال عائدا عليّ بحلمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .. (كم من مستدرج بالإحسان إليه ، وكم من مفتون بالثناء عليه ، وكم من مغرور بالستر عليه)
    • مرحبا بمرورك السخي أخي الكريم ورود وبما إقتبسته من مقولة سيدنا عمر بن الخطاب
      رضي الله عنه

      والسوق مدرسه وملتقى ثقافات والرابح منه والناجح هو من حاز فضله وإنحاز عن سقطه
      وعلى المرء السوي أن يخرج منه بأفضل مما دخله به كما أن للطالح فرصة أن يخرج منه
      بثوب منقى من كل دنس كان به
      وإن تقارب السفيه وتجالسه فتؤثر فيه وتغرس فيه شيئا من محاسن الأخلاق خيرا من أن
      تجافيه وتتجنبه وتتركه يتخبط في عمى الإنحراف وقد من الله عليك ببسطة من العقل والعلم
      وأذكر هنا أنموذجا طيبا لمن يسعون للصلاح ورتق جانب الفساد في حال الناس بما يعيد الصلاح إليه
      وهو عن رجل ذو علم وحكمة وكياسه عز عليه أن يجتمع قوم من وجهاء الناس في محل كسب رزق
      يتداولون فيه حديث السفاهة كي يضحك بعضهم البعض فما كان من شأنه إلا أن أقحم نفسه
      بمجلسهم وصار أنيسهم يحدثهم بسير الصالحين وأخلاق الأولين وما ينبغي عليه حال من كان على
      دين الله فشغفهم بحسن لقوله وأدركو كم كانو ضائعين تائهين في مسالك الظلام وصغرت نفوسهم في
      أعينهم فلم يعد حديث السسفاهة يجد مسرحا بمجالسهم وبدلو الخبيث بالطيب
      كما أذكر قصة طالب متعقل أبتعث للدراسة بدولة أجنبيه فوجد حال أبناء جلدته هناك منغمسون في الحرام
      فذهب إلى عقر دار فسادهم وجالسهم لكنه لم يداني المنكر ولكن أخذهم بطيب القول وذكرهم بمن هم وإلى
      من ينتمون وبالدين الذي يعتنقون وأخذهم في رحلة ذهنية روحانية بحسن حديثه نقاهم فيها مما ألم بهم من
      خبث .
      وهكذا يتضح لنا بأن السوق يعد مسرحا خصبا للخير يجزل فيه العطاء فإن لم يكن بالمال فبكلمة طيبه تصلح
      بها من حال غيرك كما أنه مورد لا ينضب لكل ناشد فكر وعلم وخبرة بأصول التعامل ومخالقة الناس
      علمتني الحياة أن لا أضع المعروف فيمن أخشى أن لو مددت له يدي يوما أن يقطعها
      هادئ