طفولة بائسة ..

    • طفولة بائسة ..

      في زمن اختفتْ فيه مُفردات العلاقات الإنسانية وتباعدت متانة العلاقة الاجتماعية وغدتْ المحبّة مُفردة بلا روح في الجسد الإنساني الحاني .
      فنرى التاجر لطيفاً مُبتسماً ، مَرِناً مع الزبون والشركاء وتجده عنيفاً قاسياً ربما مع أبنائه وأسرته وأهل بيته ، ونجد في المُقابل المرأة جميلة بزينتها حسنة المظهر واللسان مع جاراتها وصديقاتها وزميلات وزملاء العمل ، لكنها مع بناتها وبنيها وعيالها وزوجها سليطة اللسان ، غليظة القول ، على غير اهتمام أو اكتراث ولا حتى رعاية أمويّة بأبنائها .. فَجُلّ وقتها في مَعاش قليل أو متاع رخيص كلام وتسويف وسوالف مع الجارات حول مَلْهيات المعارض الاستهلاكية .. وجزء وقتها الأخر ، ربما يكون في قيلولة وخروج إلى تسوّق مَشْبوه لا طائل من ورائه أو قضاء حاجيات غير أساسية في حياتها .. تهرع وتركض وتنْجرّ وراء تساوقٍ وإغراءاتٍ الموضة وجنونها المُستعر هذه الأيام .. هذا النظام يراهُ المعتدلون انه نظام يفيض بفشل عارم في تأجيج ثورة بقاء الوحدة البيتية مُستقرّة .! لما يحدث من اختلافات وانزعاجات في تقويم أخلاقيات المودّة وسكن الهدوء المعهود ، إزْدراءً بالسلوكيات المُنكسرة غير المُحلّقة إلى آفاق الاهتمام الأسري ورعاية الأطفال ، ومسؤولية البيت .. فتجعل من الرجل أو المرأة ينعت الآخر ، بنعوتات لا قِبَل له بها أو لا مكانة لقولها ، الأمر الذي لا يفي بمتطلبات الهدوء وسكن المودّة الغريزية التي من أجلها تمّت الاشتراطات والمُوافقة عليها ، يوم نشأتها الأولى . وساعة ظهور نبتتها الأخرى .. فتجي هذه النعوتات تزدري الاختلاف وتَحُوج إلى طلب تحسين مستوى الأخلاقيات ، حين يرى الطرف الآخر انه لا خلاق لطرفه الأول .. عندها تحترق المشاعر الوُدّية ويبقى السكنْ خزائن لَفْظية لا مكان لها في جماليات الحياة الامنه ، حتى الاستئناس الجسدي ، يبقى مُغيّباً هو الآخر ، إذا ما بدا بعيداً كُلّياً عن المشاعر ،كمن يلوك طعم لا يستسيغ مذاقه ..!!! ، لا فيه تقارب ولا رغبة في التناوش من بعيد أو قريب .. عندئذٍ ، تموت مبادي الاحترام وتموت مشاعره ايضاً ، وإن أُعِيدتْ الكرّة فإن الازدواجية في تعديل السلوك تكون طافية ، فتنقلب رأساً على عَقِبْ .!!
      إن خطورة هذا الخطأ البيّن بين علاقة الرجل والمرأة في مفردات العيش الهاني السعيد ، لا يتجلّى في روح المودة وحدها ولكن في تجليات أسمى بالاهتمام بأسس الحوار وتقبّل الأخر .. التي من أجلها نشأتْ غاية السكن ومن حُثيْثياته نبتتْ رؤى مودته ، فجماليات الحوار ليس في إسكات الأصوات المُخالفة ، كلاّ ، ولكن في تقبلها كرأي قابل للتعديل ، خطأ أكان أو صواباً . فإدراك مُبررات الطرف الأخر ، وإثبات ما قد عَلِق من فهْم غير مُدْرَك للطرف الآخر .. خاصة إذا علم الطرف نفسه أن كل الاخطاءات تُغتفر طالما أن الذنوب والأخطاء التي يرتكبها الآدمي تغْتفر من قِبَل خالقه إذا أحسن النيّة تجاه السماء ..!! فكيف هيَ أن تكون من بشر وتتجه إليه ، فلا نكتب لها عفوَنا ، ولا نَطّلِع إليها بحسن نيّة ما جرى من خطإٍ أو نسيان . فالبشر يبقى بشراً خطاّء ولو اصطفى إلى درجة العبقرية .!
      إن ما ندعو إليه هنا في مقالنا الكتروني هو دعوتنا لشريحة اكبر لقراءة ما نكتبه من قضايا نستشف بعضها من واقعنا الحياتي ومن مطالعاتنا الاكترونيه .. ومن رغبتنا في إصلاح ذات البين والحياة بين الناس ، فبقاء البيوت مُشتتة ومسؤولياتها متفرقة ، تجعل من أحد الطرفين تثور أعصابه فيتجاهل الآخر ولو بحسن نية ، ربما نُسميها عِنَاداً أو تحدياً ..!! وحين لا نأتي بنتيجة ما .. تكون العواقب غير حميدة بل غير محمودة وغير حسنة ايضاً ، على الإطلاق ، لأن الدوائر السُّكُونية تعيش في ضبابية أو شِبْه مُعَتّمة او ظلامية التوجّه .! لا تحمل في طياتها غير مشاعل العواقب وفي وِزْرها سوء النية ، فتبقى على دوامة الغضب أو التحدي والحماقة تكون مُصاحبة لها ، فقد تتفتّق بخطورة التجاهل من قبل الزوجين فيعمدا كل منهما إلى الخيانة وهذه ادهي وأمر بل والأنكى منها هيَ التسيّبْ في الغِوَاية السيئة والانغماس فيها ، فإذا قلّ الحياء بغياب الوازع الأخلاقي . تقل معه الرغبة إلى الحياة الصحيحة .. !
      وسؤالي :
      س / هل يجوز لنا كأسرة فاضتْ بروح المودة والسكنِ المألوف والمرغوب ، وأفضينا إلى كل منا بحيث ما أفضينا من جماليات وحب ورغبة وشعور نفسي ، بتوفيق من رب السماء والأرض حين عَرّجنا إليه بألسنة تلهج بجماليات الدعاء والدعوة إلى التوفيق ، لينال كل منا رغبته وهدفه ، فتكون هذه الدِّفْئةِ من العلاقات البشرية تؤول بها الحال إلى كَسْر أحد جناحيها أو بتر جزؤها الآخر ، لا شيء سوى لغة الحوار غائبة أو غُيّبتْ أساساً من عند أنفسنا ، فيكون نتاجها ضياع صُنّاع الحياة ولُبْناة المسقبل حين يكون الخطر كبير ومُحيط بهم ويصعب تعديلها كل ذلك بسبب تصرفاتنا اللامسؤولة .؟!

      24/11/2009 المرتاااح
      |a