عندما يؤخذ بمبدأ التعمين إلى مساره الصحيح ليخدم مصلحة الوطن وأمته

    • عندما يؤخذ بمبدأ التعمين إلى مساره الصحيح ليخدم مصلحة الوطن وأمته

      فعندما كنت في مراحل الدراسة ، أتذكر الهيئة التدريسية في ذلك الصرح العلمي بمدرستي مازن بن غضوبة في ربوع فيحاء عمان ، كانت أعظمها من المدرسين الوافدين الذين استعان بهم الوطن للنهوض بمستوى التعليم في تلك الحقبة الماضية بداية النهضة العمانية المباركة وحتى أواخر الثمانينيات ، فكان عدد المدرسين العمانيين آن ذاك يعد بأصابع الأيدي ، تشتاق أنفسنا إلى تلك السنين وكيف كان مستوى التعليم يضرب به المثل ، مما أنعكس إيجابا على مستوى التحصيل العلمي لدى جميع الطلبة في المدارس ، وحتى لا نغيب بعيدا عن مضمون الموضوع الذي أريد التطرق إليه وهو( التعمين ) ، فإنه يجب علي أن أشيد بمبدأ التعمين الذي انتهجته حكومتنا الرشيدة للإحلال في مختلف مؤسسات الجهاز الإداري للدولة ، فبوركت تلك الأيدي الصادقة التي أخذت بذلك المسار فرسمت له هدفه الأسمى وغايته النبيلة وهو مصلحة الوطن وأمته ، وبدأت الكوادر البشرية العمانية تخطوا خطاها لإمساك زمام الأمور في مجال التعليم من مخرجات معاهد المعلمين ، قبل أن يتم تحويلها إلى كليات التربية ، ومن ثم أكملت مسيرة التعمين بمخرجات تلك الكليات ومخرجات جامعة السلطان قابوس ، وبدأت أفواج كبيرة من الخريجين تمسك زمام تعليم أجيال عمان الخير والسلام . والحمد لله قطع هذا المسار شوطا كبيرا وبنسبه كبيرة نلاحظها في معظم مدارس السلطنة .

      ومسار أخر رسمته جهود وزارة الصحة الموقرة في تعمين مهن التمريض ، والصيدلة والأشعة وغيرها من المهن المساندة للكادر الطبي في المؤسسات الصحية في مختلف مناطق السلطنة ، والحمد لله قطع هذا المسار أيضاء شوط كبيرا ، وأخذت مخرجات المعاهد الصحية بمختلف تخصصاتها دورها المنشود فساهمت في بناء هذا الوطن ، وما زال الأمل معقود عليها في ضخ الكثير من مخرجات الكوادر العمانية الشابة لشغل مختلف المهن الأخرى التي ما زالت العمالة الوافدة تشغلها حتى وقتنا الحاضر ، والتي تحتاج إليها الخدمات الطبية في مختلف مستشفيات السلطنة ، لنرى كافة مخرجاتها وقد رسمت طريقها في مختلف المؤسسات الصحية في هذا الوطن .

      ومسار ثالث لتعمين بادرت فيه حكومتنا الرشيدة بأن تكون لأبناء الوطن يد طيبة تساهم في بناء مؤسساته الخدمية فشرعت بمبدأ التعمين في كافة مؤسسات الجهاز الإداري للدولة بالتنسيقمع وزارة الخدمة المدنية ، وكان مبدأ الإحلال أحد اهتماماتها ، فصدرت أوامر سامية لتشكيل لجنة مهمتها متابعة التعمين في كافة مؤسسات الجهاز الإداري للدولة ، لأن المصلحة العامة للوطن لا تسموا إلا بيد الشباب العماني الطموح لبناء وطنه ، فحلت الأيدي العمانية الشابة ذكورا وإناثا محل الأيدي الوافدة ، وما زال هذا المسار يحقق أهدافه المنشودة ، بفضل الجهود الطيبة التي تقوم بها وزارة الخدمة المدنية . لكننا ما زلنا نأمل بأن تعيد بعض الجهات في مؤسسات الجهاز الإداري للدولة النظر في بعض الوظائف التي ما زالت تشغل من قبل الوافدين ، وأن تترك المبررات التي قد يراها البعض ضرورة لاستمرارها في الخدمة ، لأن مخرجات التعليم الجامعي والعالي جديرة بأن تأخذ دورها ، وأن تتاح لها الفرصة أن تسمك بزمام الأمور في مختلف المجالات والتخصصات الإدارية والفنية ، فيد التعمير والإصلاح في هذا الوطن لا يتأتى لها أن تنهض إلا بيدي أبنائه التي انغرست في ترابه الطاهر ، فهي التي سترسم للوطن مستقبلا زاهر ومشرق كونهم ثروته التي لا تنضب ، فمن الأولى أن تكون خيرات الوطن في يد أبنائه ـ لأن الريال الذي يصرف لهم يعود بالمنفعة للوطن وأمته ، فيكون شبيها بماء المطر الذي يمكث في الأرض فينفع البلاد والعباد ، أما ما يصدر منه إلى خارج البلاد فسيكون مثل الزبد الذي يذهب جفاء لا ينفع الوطن ولا يعود بفائدة على أمته .

      وهكذا تعددت مسارات التعمين ووصلت نسبته إلى نسب كبيرة في بعض مؤسسات الجهاز الإداري للدولة ، وما زال طموح الشباب المنارة عقولهم بالعلم والمعرفة قائم ، بأن يأخذوا دورهم في إيجاد وظائف لهم تناسب مؤهلاتهم سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص ـ تحقق طموحاتهم في بناء هذا الوطن ورفعة شأنه ، وفقا للنهج الحكيم الذي خطه قائد البلاد المفدى "حفظه الله ورعاه ".