كوفى أنان :
الانحباس الحراري لا يعرف الحدود الجغرافية، لذا مطلوب أن يحدث تغيير في الذهنية، لو أن قادة العالم بالفعل يريدون أن ينقذونا من أنفسنا. ولو أن مؤتمر التغير المناخي هذا، المنعقد في كوبنهاجن يحمل في طياته امكانية الوصول الى اتفاقية سياسية صلبة، يدعمها قادة العالم، وتشهد عليها شعوبه، فهذا من شأنه أن يضع أهدافا واضحة وخطا زمنيا لترجمة ذلك الى قانون. فنحن في مركب واحد ، وثقب في احد اطرافه يعنى غرقنا جميعا.
ولتكون تلك الاتفاقية إنجازا تاريخيا بالفعل، عليها أن تقوم بشيئين. أولا، عليها أن تضع الأسس لنظام عالمي واتفاقيات تابعة له للحد من ارتفاع درجات الحرارة الذي ثبت بالبرهان العلمي. ثانيا، على هذه الاتفاقية أن توفر الوضوح التام فيما يتعلق بحجم الموارد المالية لدعم الدول النامية في التوائم مع التغيرات المناخية. والجوائز ( في حال النجاح) كثيرة. فالنمو الاقتصادي يتحقق بكلفة بيئية واجتماعية أعلى، متسببا في عدم العدالة وتعريض البشر للخطر. التلف غير القابل لعكس مساره والواقع على النظم البيئية بما يؤثر سلبا عليها وعلى الإنتاجية الزراعية ونظم الغابات والمياه، يتسارع. والمخاطر التي تهدد الصحة والحياة والقدرة على البقاء تنمو. والكوارث أيضا تزداد في الحجم والتردد. لكن على الرغم من تراكم الأدلة على الآثار السلبية للتغير المناخي، لن يكون الوصول إلى اتفاقية مناخية بالأمر السهل. ستستلزم الاتفاقية شجاعة سياسية غير عادية - للوصول إلى الاتفاقية ولتوصيل أهميتها إلى الرأي العام.
والتغير في الذهنية أمر ضروري. فعدم الثقة والتنافسية بين دول الأقاليم والدول، لا ينتج عنها سوى "لا" ، و" أظهر أوراقك أنت أولا"، وهذا ما قوض كل المفاوضات بشأن المناخ قبل هذا المؤتمر. علينا أن نتغلب على هذا. والاتفاقية التي لا تقوم على أفضل دليل علمي ليست أكثر من خط في الرمال وقت المد. لكن الاعتبارات القصيرة المدى، والتي من بينها تلك من منظور جماعات المصالح الخاصة، تعمل ضد الحلول طويلة المدى. وسيستلزم النجاح في الوصول إلى اتفاقية من القادة أن يفكروا في الأجيال القادمة في المستقبل، وفي المواطنين أكثر من تفكيرهم في أنفسهم. سيستلزم الأمر منهم التفكير في اتفاقيات وترتيبات شاملة ، وليس اتفاقية مهلهلة تحتوي على نتف من مصالح هذه الدول أو تلك.والاتفاقية التي لا توقف الخطب والكلام والبلاغة ولا تلبي بالفعل احتياجات الدول الأكثر فقرا والدول الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية، هي ببساطة لن تنجح. فالمناخ لا يمكن إصلاحه في قارة وتركه في قارة أخرى. فالتغير المناخي لا يعترف بالحدود الجغرافية القومية. وكلنا في نفس القارب، ولو هناك ثقب في طرف منه سنغرق جميعا. ولكي تنجح الاتفاقية المناخية يجب أن تحتل العدالة المناخية منها موقع القلب. فأي اتفاقية غير عادلة لن تنجح.
والعثور على المصادر الإضافية الكافية وتوصيل أهميتها (للحاضرين) لن يكون أمرا سهلا، خاصة في الظروف الاقتصادية الراهنة، لكنه أمر واجب فعله. فالوصول إلى اتفاقية ناجحة لن يساعد فقط في التحفيز على الاستثمار في الغابات والاستخدام المستديم للأراضي الزراعية، بل أيضا سيحفز الاستثمارات الضخمة في النمو بكربون أقل وكوكب صحي في مجالات مثل توليد الطاقة والتشييد والبناء والمواصلات. بل يمكن لهذه الاتفاقية أن تكون بداية لعهد جديد من التعاون العالمي القائم على المسؤوليات المشتركة- ليس فقط من أجل السيطرة على التغير المناخي، بل من أجل التنمية البشرية والعدالة الاجتماعية والأمن العالمي. ويمكننا القول دون مبالغة أن ميراث ساسة اليوم مرهون بما سيتمخض عنه مؤتمر كوبنهاجن.
More...
الانحباس الحراري لا يعرف الحدود الجغرافية، لذا مطلوب أن يحدث تغيير في الذهنية، لو أن قادة العالم بالفعل يريدون أن ينقذونا من أنفسنا. ولو أن مؤتمر التغير المناخي هذا، المنعقد في كوبنهاجن يحمل في طياته امكانية الوصول الى اتفاقية سياسية صلبة، يدعمها قادة العالم، وتشهد عليها شعوبه، فهذا من شأنه أن يضع أهدافا واضحة وخطا زمنيا لترجمة ذلك الى قانون. فنحن في مركب واحد ، وثقب في احد اطرافه يعنى غرقنا جميعا.
ولتكون تلك الاتفاقية إنجازا تاريخيا بالفعل، عليها أن تقوم بشيئين. أولا، عليها أن تضع الأسس لنظام عالمي واتفاقيات تابعة له للحد من ارتفاع درجات الحرارة الذي ثبت بالبرهان العلمي. ثانيا، على هذه الاتفاقية أن توفر الوضوح التام فيما يتعلق بحجم الموارد المالية لدعم الدول النامية في التوائم مع التغيرات المناخية. والجوائز ( في حال النجاح) كثيرة. فالنمو الاقتصادي يتحقق بكلفة بيئية واجتماعية أعلى، متسببا في عدم العدالة وتعريض البشر للخطر. التلف غير القابل لعكس مساره والواقع على النظم البيئية بما يؤثر سلبا عليها وعلى الإنتاجية الزراعية ونظم الغابات والمياه، يتسارع. والمخاطر التي تهدد الصحة والحياة والقدرة على البقاء تنمو. والكوارث أيضا تزداد في الحجم والتردد. لكن على الرغم من تراكم الأدلة على الآثار السلبية للتغير المناخي، لن يكون الوصول إلى اتفاقية مناخية بالأمر السهل. ستستلزم الاتفاقية شجاعة سياسية غير عادية - للوصول إلى الاتفاقية ولتوصيل أهميتها إلى الرأي العام.
والتغير في الذهنية أمر ضروري. فعدم الثقة والتنافسية بين دول الأقاليم والدول، لا ينتج عنها سوى "لا" ، و" أظهر أوراقك أنت أولا"، وهذا ما قوض كل المفاوضات بشأن المناخ قبل هذا المؤتمر. علينا أن نتغلب على هذا. والاتفاقية التي لا تقوم على أفضل دليل علمي ليست أكثر من خط في الرمال وقت المد. لكن الاعتبارات القصيرة المدى، والتي من بينها تلك من منظور جماعات المصالح الخاصة، تعمل ضد الحلول طويلة المدى. وسيستلزم النجاح في الوصول إلى اتفاقية من القادة أن يفكروا في الأجيال القادمة في المستقبل، وفي المواطنين أكثر من تفكيرهم في أنفسهم. سيستلزم الأمر منهم التفكير في اتفاقيات وترتيبات شاملة ، وليس اتفاقية مهلهلة تحتوي على نتف من مصالح هذه الدول أو تلك.والاتفاقية التي لا توقف الخطب والكلام والبلاغة ولا تلبي بالفعل احتياجات الدول الأكثر فقرا والدول الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية، هي ببساطة لن تنجح. فالمناخ لا يمكن إصلاحه في قارة وتركه في قارة أخرى. فالتغير المناخي لا يعترف بالحدود الجغرافية القومية. وكلنا في نفس القارب، ولو هناك ثقب في طرف منه سنغرق جميعا. ولكي تنجح الاتفاقية المناخية يجب أن تحتل العدالة المناخية منها موقع القلب. فأي اتفاقية غير عادلة لن تنجح.
والعثور على المصادر الإضافية الكافية وتوصيل أهميتها (للحاضرين) لن يكون أمرا سهلا، خاصة في الظروف الاقتصادية الراهنة، لكنه أمر واجب فعله. فالوصول إلى اتفاقية ناجحة لن يساعد فقط في التحفيز على الاستثمار في الغابات والاستخدام المستديم للأراضي الزراعية، بل أيضا سيحفز الاستثمارات الضخمة في النمو بكربون أقل وكوكب صحي في مجالات مثل توليد الطاقة والتشييد والبناء والمواصلات. بل يمكن لهذه الاتفاقية أن تكون بداية لعهد جديد من التعاون العالمي القائم على المسؤوليات المشتركة- ليس فقط من أجل السيطرة على التغير المناخي، بل من أجل التنمية البشرية والعدالة الاجتماعية والأمن العالمي. ويمكننا القول دون مبالغة أن ميراث ساسة اليوم مرهون بما سيتمخض عنه مؤتمر كوبنهاجن.
More...