جويل برينكلي
حول العالم، هناك ستة مبعوثين لإدارة الرئيس أوباما يروحون ويجيئون، يحاولون دفع التقدم في بعض أصعب قضايا الكوكب الأرضي. ولكنهم، واحدا بعد الآخر، يكتشفون أنه إن قمت بدفع جسم غير متحرك بقوة أكثر مما ينبغي فإنه سيتحطم.
لقد عاد المبعوث الخاص، سكوت جريشن، لتوه من رحلة استغرقت أسبوعا في السودان، حيث كان يحاول تنظيم جولة أخرى من محادثات السلام بين الحكومة في الخرطوم ومتمردي دارفور. وإلى لحظتنا الراهنة، عمر الحرب في دارفور ست سنوات. وتقول الأمم المتحدة إن 300000 فرد ماتوا، وما يقرب من ثلاثة ملايين معظمهم من المقيمين في دارفور تم تسكينهم في مخيمات قذرة للاجئين على مدى سنوات.
وفي شهر مارس الماضي، قامت الحكومة السودانية بطرد كل وكالات الإغاثة تقريبا التي كانت تبقي على اللاجئين أحياء، مباشرة بعد أن أصدرت محكمة الجنايات الدولية مذكرة باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير. والآن تتفشى الأمراض وسوء التغذية والجريمة. وفي الشهر الماضي، قالت الأمم المتحدة إن الاغتصاب أصبح أمرا شائعا لدرجة أن كل امرأة قامت الأمم المتحدة بإجراء حوار معها قالت إنها خائفة. حسنا، كانت تبدو اتفاقية السلام منطقية بما يكفي للمبعوث الأمريكي جريشن. ولكنه قد يكون غفل عن حقيقة أن الأمم المتحدة قامت بدفع نفس الأطراف من قبل للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام منذ ثلاث سنوات، بلا جدوى. وعندما حان وقت توقيع المستندات، خرج أحد قادة التمرد، عبد الواحد النور، من الغرفة واستنكر العملية برمتها. وقد اتبع نهجه قادة عدة مجموعات صغيرة، وانهارت الاتفاقية.
وعند الضغط عليه بشدة للتفاوض من أجل اتفاقية جديدة، انهار الائتلاف الهش المكون من جماعات التمرد في دارفور مرة أخرى. وهذه المرة يرفض العديد من قادة التمرد حتى مجرد المشاركة. ولذا تستمر عمليات الاغتصاب والمجاعات والموت.
وفي وقت مبكر من هذا العام، عينت الإدارة الأمريكية دينيس روس مبعوثا خاصا لإيران، ثم استبدلت به الشهر الماضي جون ليمبرت، الذي كان رهينة سابقة في إيران. والمبعوثون ليسوا بمفردهم في عملهم؛ فالرئيس أوباما والأمم المتحدة وقادة آخرون قاموا جميعا بتطويق إيران، دفعا وردا وتهديدا – وخاصة بعد الانتخابات الإيرانية التي تمت الصيف الماضي.
ولم يجد كل هذا الضغط شيئا مع إيران، فقد أعلن الرئيس محمود أحمدي نجاد في أحد الأيام أن حكومته ستقوم ببناء عشر منشآت لتخصيب الوقود النووي. وقد جاء ذلك عقب شجب الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمحاولة إيران بناء منشأة تخصيب نووي بالقرب من مدينة قم.
وقد لاقت ملاحظات أحمدي نجاد احتجاجات كبيرة من كل أنحاء العالم. وحتى روسيا التي كان حليفا لإيران في يوم من الأيام استنكرت قائلة إن الكريملين "قلق جدا بالطبع من البيان الأخير للقيادة الإيرانية". والأكثر من ذلك أن الرئيس أحمدي نجاد أعلن الأسبوع الماضي أن إيران ستبدأ بإنتاج درجة أعلى من الوقود النووي – وهي درجة تخصيب تكفي، كما يقول الخبراء، للاستخدام من أجل صناعة سلاح نووي.
يقول المتخصصون في الطاقة النووية إنهم غير متأكدين من قدرة إيران على بناء كل هذه المنشآت الجديدة وتطوير جودة تخصيبها. ولا نستطيع أن نعرف إن كان ذلك صحيحا، لأن أحمدي نجاد قال منذ أيام قليلة إن الفنيين سيقومون بالعمل سرا.
ثم يأتي بعد ذلك الضغط غير المحدود الذي تمارسه إدارة أوباما على كل من إسرائيل والفلسطينيين للبدء في التفاوض حول اتفاقية سلام، وهو ما قد أدى إلى انهيار الوضع الراهن. تحت الضغط من جانب جورج ميتشل، المبعوث الأمريكي الخاص، رفض رئيس الوزراء نتانياهو إصدار الأوامر بالتجميد الكامل للنشاط الاستيطاني في الضفة الغربية. وعندما أصبح ذلك واضحا للعيان، نفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يديه من الموضوع وقال إنه سيستقيل. والرئيس عباس هو صديق للغرب، وليس هناك شخصية بنفس المواصفات ينتظر أن يحل محله.
كيف حدث كل ذلك؟ ليس للمبعوث الخاص البارز من وظيفة سوى الضغط بقوة. ويميل الدبلوماسيون في واشنطن إلى التنحي جانبا. وبدون المبعوثين، يمكن أن تختار الحكومة أن تضغط في الوقت المناسب، ولكنها تتراجع في أوقات أخرى. ألم يحن الوقت لإعادة المبعوثين إلى الوطن؟
More...
حول العالم، هناك ستة مبعوثين لإدارة الرئيس أوباما يروحون ويجيئون، يحاولون دفع التقدم في بعض أصعب قضايا الكوكب الأرضي. ولكنهم، واحدا بعد الآخر، يكتشفون أنه إن قمت بدفع جسم غير متحرك بقوة أكثر مما ينبغي فإنه سيتحطم.
لقد عاد المبعوث الخاص، سكوت جريشن، لتوه من رحلة استغرقت أسبوعا في السودان، حيث كان يحاول تنظيم جولة أخرى من محادثات السلام بين الحكومة في الخرطوم ومتمردي دارفور. وإلى لحظتنا الراهنة، عمر الحرب في دارفور ست سنوات. وتقول الأمم المتحدة إن 300000 فرد ماتوا، وما يقرب من ثلاثة ملايين معظمهم من المقيمين في دارفور تم تسكينهم في مخيمات قذرة للاجئين على مدى سنوات.
وفي شهر مارس الماضي، قامت الحكومة السودانية بطرد كل وكالات الإغاثة تقريبا التي كانت تبقي على اللاجئين أحياء، مباشرة بعد أن أصدرت محكمة الجنايات الدولية مذكرة باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير. والآن تتفشى الأمراض وسوء التغذية والجريمة. وفي الشهر الماضي، قالت الأمم المتحدة إن الاغتصاب أصبح أمرا شائعا لدرجة أن كل امرأة قامت الأمم المتحدة بإجراء حوار معها قالت إنها خائفة. حسنا، كانت تبدو اتفاقية السلام منطقية بما يكفي للمبعوث الأمريكي جريشن. ولكنه قد يكون غفل عن حقيقة أن الأمم المتحدة قامت بدفع نفس الأطراف من قبل للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام منذ ثلاث سنوات، بلا جدوى. وعندما حان وقت توقيع المستندات، خرج أحد قادة التمرد، عبد الواحد النور، من الغرفة واستنكر العملية برمتها. وقد اتبع نهجه قادة عدة مجموعات صغيرة، وانهارت الاتفاقية.
وعند الضغط عليه بشدة للتفاوض من أجل اتفاقية جديدة، انهار الائتلاف الهش المكون من جماعات التمرد في دارفور مرة أخرى. وهذه المرة يرفض العديد من قادة التمرد حتى مجرد المشاركة. ولذا تستمر عمليات الاغتصاب والمجاعات والموت.
وفي وقت مبكر من هذا العام، عينت الإدارة الأمريكية دينيس روس مبعوثا خاصا لإيران، ثم استبدلت به الشهر الماضي جون ليمبرت، الذي كان رهينة سابقة في إيران. والمبعوثون ليسوا بمفردهم في عملهم؛ فالرئيس أوباما والأمم المتحدة وقادة آخرون قاموا جميعا بتطويق إيران، دفعا وردا وتهديدا – وخاصة بعد الانتخابات الإيرانية التي تمت الصيف الماضي.
ولم يجد كل هذا الضغط شيئا مع إيران، فقد أعلن الرئيس محمود أحمدي نجاد في أحد الأيام أن حكومته ستقوم ببناء عشر منشآت لتخصيب الوقود النووي. وقد جاء ذلك عقب شجب الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمحاولة إيران بناء منشأة تخصيب نووي بالقرب من مدينة قم.
وقد لاقت ملاحظات أحمدي نجاد احتجاجات كبيرة من كل أنحاء العالم. وحتى روسيا التي كان حليفا لإيران في يوم من الأيام استنكرت قائلة إن الكريملين "قلق جدا بالطبع من البيان الأخير للقيادة الإيرانية". والأكثر من ذلك أن الرئيس أحمدي نجاد أعلن الأسبوع الماضي أن إيران ستبدأ بإنتاج درجة أعلى من الوقود النووي – وهي درجة تخصيب تكفي، كما يقول الخبراء، للاستخدام من أجل صناعة سلاح نووي.
يقول المتخصصون في الطاقة النووية إنهم غير متأكدين من قدرة إيران على بناء كل هذه المنشآت الجديدة وتطوير جودة تخصيبها. ولا نستطيع أن نعرف إن كان ذلك صحيحا، لأن أحمدي نجاد قال منذ أيام قليلة إن الفنيين سيقومون بالعمل سرا.
ثم يأتي بعد ذلك الضغط غير المحدود الذي تمارسه إدارة أوباما على كل من إسرائيل والفلسطينيين للبدء في التفاوض حول اتفاقية سلام، وهو ما قد أدى إلى انهيار الوضع الراهن. تحت الضغط من جانب جورج ميتشل، المبعوث الأمريكي الخاص، رفض رئيس الوزراء نتانياهو إصدار الأوامر بالتجميد الكامل للنشاط الاستيطاني في الضفة الغربية. وعندما أصبح ذلك واضحا للعيان، نفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يديه من الموضوع وقال إنه سيستقيل. والرئيس عباس هو صديق للغرب، وليس هناك شخصية بنفس المواصفات ينتظر أن يحل محله.
كيف حدث كل ذلك؟ ليس للمبعوث الخاص البارز من وظيفة سوى الضغط بقوة. ويميل الدبلوماسيون في واشنطن إلى التنحي جانبا. وبدون المبعوثين، يمكن أن تختار الحكومة أن تضغط في الوقت المناسب، ولكنها تتراجع في أوقات أخرى. ألم يحن الوقت لإعادة المبعوثين إلى الوطن؟
More...