ما فعله بلير بالعراق

    • ما فعله بلير بالعراق

      هانز بليكس

      قبل شن حرب العراق في مارس 2003، كان لدى العالم انطباع شكلته أمريكا وبريطانيا بأن الهدف من هذه الحرب القضاء على أسلحة الدمار الشامل. رغم هذا، تشير التعليقات الأخيرة التي أدلى بها توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، تشير إلى أن تغيير نظام الحكم كان هو الهدف الرئيسي. وكان بلير سيسعى مباشرة إلى الإطاحة بصدام حسين حتى لو لم يكن هناك أسلحة دمار شامل. لكنه وقتها كان سيضطر إلى نشر حجج مختلفة. أليست حجج وجود أسلحة دمار شامل هي الأفضل للترويج للحرب؟ لكن تعليقات بلير لا تستثني اعتقاده القوي – والخاطىء في الوقت ذاته- بوجود أسلحة دمار شامل. رغم هذا، وبعدما لم يجد مئات المفتشين الدوليين أي أسلحة دمار شامل، وبعدما تداعى الدليل المهم هذا، يمكن القول أن اعتقاد بلير هذا كان مبنيا على نقص التفكير النقدي.

      فكيف ضلل موضوع أسلحة الدار الشامل - والتي لا وجود لها- العالم لأكثر من 10 سنوات؟ ففي نهاية حرب الخليج في عام 1991، أمر مجلس الأمن الأممي العراق أن يكشف عن كل أسلحة الدمار الشامل وتدميرها تحت إشراف دولي. رغم هذا، اختار العراق أن يدمر الكثير من المواد بحوزته دون إشراف دولي، ما أثار الشكوك بأن الأسلحة تم التخلص منها. ونمت تلك الشكوك من خلال رفض المسؤولين العراقيين خلال التسعينيات السماح لمفتشي الأمم المتحدة بالدخول إلى بعض المواقع ومن خلال ردات الفعل العنيفة تجاه طلبات المفتشين. فما كانت المبررات وقتها لمنع المفتشين الدوليين من العثور على الدليل القاطع على وجود أو عدم وجود أسلحة الدمار الشامل؟ ربما أراد صدام أن يوجد انطباعا – زائفا - بأنه لا يزال يمتلك أسلحة دمار شامل. لكن الأكثر احتمالا من وجهة نظري هو إحساس صدام بجرح كرامته ورغبته في تحدي المفتشين كان يعرف أن بعضهم يعمل لحساب الاستخبارات الغربية.

      فقط في سبتمبر 2002، عندما نقلت أمريكا بالفعل قوات إلى الكويت، قال العراق إنه يقبل عمليات التفتيش التي تطالب بها الأمم المتحدة. في ذلك الوقت، أعلنت استراتيجية جديدة لمجلس الأمن القومي التابع لأمريكا، أعلنت أنه قد يكون هناك تحرك عسكري( استباقي أو وقائي) دون تفويض من الأمم المتحدة؛ رأى الكثيرون في إدارة بوش أن اشتراك الأمم المتحدة في الأمر قد يكون معطلا. والكثيرون مقتنعون أن العسكريتان الأمريكية والبريطانية نقلتا طائرات بتحكم عن بعد بالفعل وقتها، وأن حكاية المفتشيين الدوليين كانت تمثيلية. وأنا واثق أن الكثيرين في إدارة بوش شعروا بنفس الشيء. و بدا أن القادة الأمريكان والبريطانيين توقعوا أن يقنع انتهاك العراق لقرار مجلس الأمن رقم 1441 بالتصديق على تحرك عسكري لتغيير نظام الحكم في العراق. ومن جانبي كانت أميل إلى التفكير في الاستعدادات لحرب العراق كقطار يسير ببطء إلى الأمام ويساعد في تحويل العراق إلى عراق متعاون. ولو أن أمرا ما أزال أو خفض من أهمية موضوع أسلحة الدمار الشامل، اعتقدت أن هذا القطار سيتوقف.

      وكان انضمام بريطانيا إلى أمريكا فيما يتعلق بموقف الأمم المتحدة الذي لم يكن من الممكن توقعه، كان هذا مقامرة من جانب بريطانيا - وفي النهاية فشلت المقامرة. فالمفتشون الدوليون لم يعثروا على فتيل الحرب في العراق لتشعله أمريكا وبريطانيا، بل أنهم على العكس من ذلك، قوضوا الكثير من الأدلة التي كانت تستند إليها أمريكا وبريطانيا. وصار العراق أكثر تعاونا ، ولم يبد أي تحد يمكنه أن يتسبب في التفويض من جانب الأممية بالتحرك العسكري ضده. وبذلك، وبينما قطار الحرب يتحرك، كانت الأمم المتحدة أقل وأقل – مع سير القطار- احتمالا أن تفوض بالتحرك العسكري. فما الذي كان من الممكن أن تفعله بريطانيا لتجنب هذا التطور في الوضع؟ كان يمكنها أن تضع شرطا لاشتراكها في ذلك المشروع ، وهو أن يكون تحرك قطار الحرب موازيا لتحرك قطار الأمم المتحدة نحو التفويض باستخدام القوة مع العراق.

      ومع بدء المفتشيين الدوليين ممارسة عملهم في خريف 2002، كان على قطار العسكرية أن يتحرك ببطء شديد. وسمعنا أن كارل روف قد قال إن خريف 2003 هو آخر وقت ممكن لغزو العراق. فلما كانت تلك العجلة في 2002 كما قال يوشكا فيشر، وزير خارجية ألمانيا وقتها: ما معنى أن تكون هناك مطالبة لمفتشي الأمم المتحدة بالتفتيش لمدة عامين ونصف العام، وتركهم بعدها يعملون لشهور قليلة. وبالطبع، لو كان تغيير الحكم – وليس أسلحة الدمار الشامل – هو السبب الرئيس للغزو، تصبح السرعة المتواصلة لسير قطار الحرب أمرا منطقيا. ومسؤولية إشعال الحرب يجب أن نحكم عليها من خلال المعرفة التي كانت للحلفاء عندما بدأوها بالفعل. وكان يجدر ببريطانيا أن تعترف بأنه ما من بنادق مشرعة في العراق، وأنه في الشهور الأخيرة قبل بدء الغزو، بدأت الأدلة على وجود أسلحة دمار شامل تتهمش. وكما سمعنا في فترة قريبة: عشرة مواقع من أصل 19 موقعا عراقيا مشتبه به من قبل بريطانيا – رفعت بريطانيا هذه المواقع إلى لجنة التفتيش والتحري والمراقبة التابعة للأمم المتحدة- تم بالفعل تفتيشها، ولم يظهر في أي منها أسلحة دمار شامل. لكن يبدو أن مثل هذه التحذيرات لم تلق صدى. وبدت الأجهزة الاستخباراتية مقتنعة 100 بالمائة بوجود أسلحة دمار شامل، لكنها جميعا لا تعرف أين هي.

      الأسوأ هو أن اتفاق تخصيب اليورانيوم بين العراق ونيجيريا والذي كشفه بوش عام 2002 ، واعتمد عليه كثيرا لإقناعنا بضرورة غزو العراق، وجدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مثل هذا الاتفاق زائف. ولم يمنع غياب الدليل القاطع على وجود أسلحة الدمار الشامل قطار الحرب من أن يسير. ووصل قطار الحرب إلى الجبهة قبل أن يصبح الطقس حارا جدا، وقبل أن ينفد صبر الجنود. وفي النهاية حاولت بريطانيا يائسة الحصول على بعض التفويض من الأمم المتحدة كقاعدة تنطلق منها نحو التحرك المسلح- لكنها فشلت. مؤكدا مخاوف ديك تشيني، نائب الرئيس بوش، صارت الأمم المتحدة والمفتشون قوى تعطيل- ليس للتحرك المسلح، بل لشرعيته. وبخلاف أمريكا، لم تكن بريطانيا وبعض الدول الأخرى في الحلفاء مستعدة لتدعي الحق في شن حرب وقائية ضد العراق بغض النظر عن تفويض مجلس الأمن الأممي. وفي مثل هذه الظروف طورت بريطانيا الحجج على أن الحرب مفوض بها من قبل مجلس الأمن طبقا لسلسلة من قراراته السابقة. وكما وضحت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية وقتها، أيد التحرك العسكري سلطة مجلس الأمن. وكان ذلك على النقيض من القول بأن روسيا والصين وفرنسا وألمانيا عارضوا التحرك العسكري، ومناقضا لحقيقة أن غالبية المجلس الاممي رفضوا إعطاء الضوء الأخضر للتحرك العسكري.

      More...
    • تراه كلها لعبه باغيين عله بس لانه كانت العراق تملك أفضل طب وأفضل العلماء؛؛؛
      المؤشر يشير إلى هبوط أسهم القيم والمبادئ في بورصة الأخلاق والأدب
      Mr.3FrEeT:110103_ko