عندما تضح دماء جديدة في جسد الوطن

    • عندما تضح دماء جديدة في جسد الوطن

      فعندما أشير بكلامي بجسد الوطن في عنوان هذا الموضوع ، فأقصد به هنا بأن الجسد هو كافة مؤسسات هذا الوطن ، هذا الكيان الذي نكن له كل المحبة الصادقة ، والذي نتمنى له من قلوبنا كل التقدم والازدهار .

      هذا الوطن الذي سعى قائده "حفظه الله " إلى تغيير النظرة التي كانت سائدة قبل بداية النهضة المباركة ، بحكم العزلة التي عايشها عن محيطه الخارجي . فكانت للنظرة الحكيمة لقائده "حفظه الله" عند توليه مقاليد الحكم في البلاد أن تكون يد الشعب بمختلف فئاته مهما اختلفت انتماءاتهم وقبائلهم ومذاهبهم يد واحد مع الحكومة لبناء كافة مؤسساته ـ أثرها الطيب في تعزيز وحدة البلاد ، فكانت سمة من سمات هذا العهد الزاهر الميمون . فتكاتفت الأيادي فأصبحت يد واحدة ملتحمة مع بعضها تمسك زمام الأمور لبناء مؤسساته ، وتنهض بكافة الخدمات التي تقدمها لأمته ، وهي تتطلع إلى مستقبل مشرق يعمه الخير والوئام .

      لقد شهدت سلطنة عمان خلال السنوات التسعة والثلاثين الماضية عدة تغيرات في المناصب الوزارية ، فكانت هنالك بعض الأسس المتبعة في بداية النهضة المباركة في الأخذ بالاعتبار لمبدأ شغل المناصب القيادية العليا من هم ذو سلطة ونفوذ قبلي من كافة أرجاء الوطن ، بحكم الظروف والأوضاع التي كانت سائدة في تلك الحقبة الماضية ، وأستمر هذا الحال لسنوات طويلة ، وخلال السنوات القليلة الماضية ، بدأ هذا المسار يأخذ مسلك أخر ، بضخ دماء جديدة من الشباب العماني الطموح المنيرة عقولهم بالعلم والمعرفة ـ لتتولى مناصب قيادية في مختلف مؤسسات الوطن ، لكن بقى الوضع في بعض مؤسساته على ما هو عليه بقيادات عاصرت سنوات طويلة في مناصبها دون تغيير ، والبعض تم تدوريها في بعض منها ، تلك القيادات التي قدمت للوطن كل ما لديها من طاقات وقدرات وأراء ومقترحات ساهمت في بناء مؤسساته ، فضحت بوقتها وكافحت من أجل النهوض والرقي بمختلف الخدمات التي تقدمها معظم مؤسسات الوطن ، فلها الشكر والتعظيم والثناء من أمة هذا الوطن لما قدمته من جهود مخلصة وتضحيات ، طيلة تلك السنوات الطويلة التي قضتها في مناصبها القيادية .



      اليوم ونحن على أعتاب الأربعين سنة من عمر هذه النهضة المباركة ، وعمان تسابق الزمن بخطى واثقة ، وصول إلى قيام حكومة إلكترونية تواكب عجلة التقدم الذي تشهده دول العالم قاطبة . وتتطلع إلى تحقيق النماء والتطور والرخاء في مختلف المجالات ، فأنه آن الأوان إلى ضخ دماء بشرية جديدة بجسد هذا الوطن ، مؤهلة علميا وعمليا من مخرجات التعليم العالي ، عقولها منارة بالعلم والمعرفة ، تتمنى أن تتاح لها الفرصة فتشغل بعض المناصب القيادية في مختلف مؤسساته ، والتي هي اليوم بحاجة إليها من أي وقت مضى ، فتمسك زمام الأمور فيها ، فتنهض بكافة الخدمات المقدمة لأمته إلى مستوى أفضل مما عليه الآن .

      فإن أمة الوطن اليوم لا يدور بفكرها ما هو حاصل في تلك الحقبة الماضية مع بداية عصر النهضة ، وأياديها ملتحمة مع بعضها كأيدي الجسد الواحد ، وتحت لواء يدا القائد المفدى تساند يد الحكومة فيما تخطوا إليه من تطلعات لبناء عمان الخير والسلام ، ولأن مبدأ تدوير تلك القيادات لم يعد مبدأ مناسبا في وقتنا الحاضر، إذا أريد لهذا الوطن أن تنهض مؤسساته وأن تسموا خدماتها المقدمة لأمته ، وإذا أردنا أن نعالج ما تعرج إليه بعض الأقلام من نقد لبعض المسارات الخاطئة التي تتحدث عنها ، لترجع تلكم الأقلام تمد حبرها ثناء وتقديرا وإشادة بجهود صناع القرار في مختلف مؤسساته ، وتشيد بالمنجزات العظيمة التي تحققت على أرضه الطيبة كما عهد بها هذا الوطن ، ولكي لا نعطي ذريعة لأي فرد من أمته أن يبعثر ببعض أوراق مؤسساته خارج حضنه ، لنجد تلك الأقلام ، وتلك الحناجر التي غردت خارج حضنه ، قد راجعت ضميرها عن ما أسلفت عنه سابقا .

      لتبقى عمان واحة الخير والسلام ، وليضل الأمن والآمان مخيما في كافة ربوعها، لا تزعزعه كلمة ضالة عن صوابها ، ولا قضية بعثرت أحداثها في تلك المنابر ، ليظل يسطر التاريخ بأحرف من نور ملحمة تكاتف هذا الشعب مع قيادته الحكيمة والمتبصرة ، لتبقى عمان الغالية حضنا دافئ لأبنائها تحتضنهم في كافة ربوعها ، لتجدهم أسود مغاوير دمائهم الطاهرة وأرواحهم الزكية فداء لها ـ إذا لا قدرا لله حاولت أيدي الغدر أن تنال ذرة من ترابها الطاهر. ( لأن تربتها الطاهرة لا تنبت إلا طيبا ) .