الوطن -
صالح الفهدي

يحسبُ بعض الناس أنَّ القمَّةَ هي ذروة ما بلغوهُ، ولذلك يغشاهم ويخدرهم "الرضا الذاتي" وهو داءٌ سلبيٌّ في هذه الحالة ..!! القمّة في نظر البعضِ أن تحقِّق بعض الاشتراطات الأساسية للمعاش الحياتي ثم تنزوي بعيدًا ، خامدًا ، تضعُ القدمَ فوق القدمِ، لا تحبِّذ شُغلاً ، ولا تطيقُ ثقلاً ، ولا تمتهنُ عملاً ، وما ذلك إلا جهلاً ..! وهو ما يحدثُ لكثيرٍ من المتقاعدين ..!! أولئكَ الذين رأوا أنهم وصلوا القمةَ ، وما يعني التقاعدُ لهم سوى شهادة الكفاءةِ على منجزاتهم، بينما هو الانحدار للجانب الآخر من القمَّةِ إن هم اختاروا هذا السبيل ، واستسلموا لمنجزاتِ مرت ..!
لقد أعجبني صديق في كفاحهِ إذ إنه بالرغم من مسؤولياته العديدة في جوانب مختلفةٍ في الحياةِ أسريةٍ كانت أم وظيفية يواصلُ طِلب العلمِ قائلاً : ليس للعلم قمة ، مرددًا قول المتنبي:
إذا غامرت في شرفٍ مرومٍ .. فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموتِ في أمرٍ حقيرٍ .. كطعم الموتِ في أمرٍ عظيمِ
ولهذا فإن هذا الصديق لا تهدأ له نفس ، ولا يقرُّ له جفنٌ حتى يكتسبَ شيئًا ما يضيفُ إليهِ معرفةً. وجدَ ذات مرةٍ متسعًا في مدينةٍ من مدن دولةٍ غربية لبعض الساعات اعتذرتُ له فيها عن انشغالي لقضاء بعض الأعمال، وحين سألته كيف قضى وقته، قال لي: لقد أجريت إحصائية اقتصادية بعد أن مضيتُ إلى العديدِ من المحلات التجارية وقابلتُ العديد من العاملين فيها..!! كل هذا حدث في بضعِ ساعاتٍ وفي مدينةٍ غربية ..! ولم يكن ذلك غريبًا على رجلٍ لا يقنع "بما دون النجوم" ..! وتحدِّثني طالبةٌ في إحدى الكليات تقول: كنت أرى الحارس الكبير السن يقرأ فكنت أعجب باهتمامه بالقراءة ، ثم غاب فسألت عنه فقيل: إنه يختبر للشهادةِ العامة ، فازددتُ إعجابًا به ..!! وفي إحدى المناطق رأيتُ عمارةً بارزةً في فضاء فكانت عملاقة مقارنةً بغيرها .. قلتُ في نفسي: ربَّما يخالجُ الإعجابُ نفس صاحبها لأن البنايةَ هي أعلى قمةٍ في المكانَ ، ثم بعد فترةٍ من الزمن قامت عمارةٌ أخرى أعلى منها بثلاثةِ أضعاف فحدثت نفسي بمثل ما حدثتها للعمارةِ الأولى، ثم قلت: ما هو شعور صاحب العمارة الأولى الآن .؟! إن منظر هاتين العمارتين كالناسِ؛ إذ ينتابُ أحدهم الشعورُ بأنه قد وصل القمة التي لا يطاولها أحد، فإذا به يرى أن أحدًا قد بزه ، وطاوله فأصبح قزمًا أمامه ، فإما أن يواصل كفاحه مثابرًا ، وإما أن يرضخَ مستسلمًا أو يتفرغ للحسدِ والغلِّ ورمي الآخر بما شاء من الاتهامات..!! وقد يتعذر البعض بالقناعة .. إنما القناعةُ هي قرينُ العملِ والكفاح وليس قرينة الخمول والدعةِ والكسل..!! وإنني لأشفق على الكثيرين من الشباب والفتيات مضي العمرِ في المقاهي ، أولئكَ الذين يجسدون مثلاً غير حميد لأبناء أمتهم بإهدارهم الوقت ، والوقتُ جوادٌ غير محدود العطاءِ إن مُلئ بالعمل .. إنه لمنظر محزن ، ذلك التكدس في المقاهي من أجلِ (شيشةٍ) حقيرةٍ أصبح لها رواجها في مجتمعاتنا حتى جعلها البعض علامةً من علامةِ التحضر وما هي إلا علامة من علامات التقهقر .. ويؤلمني أكثر أن يكون الواعين، العقلاء هم من مناصريها .. ومن أبرزِ جلاسها ..!
إنَّ ما لا يدركه الكثيرون هو أنَّه كلما تقدم الإنسانُ خطوةً ازدادت مسؤولياته وواجباته ، وازداد تواضعه ..! وقد أعجبتني في هذا الصدد كلمة قالها رئيس الاتحاد الانجليزي حينما فرض عقوبات على مدرب نادي مانشستر يونايتد "السير فيرجيسون" لتهجمه على أحد الحكام ، قال: إننا نقدر إنجازات فيرجيسون الكبيرة ولكن كلما زادت إنجازات الإنسانِ كبر حجم مسؤولياته ..! وهو كلامٌ منطقي ومعقول يتجاهلُ حكمته الكثيرون.
المسؤوليات قمة ، والقمةُ سلطةٌ ، والسلطةُ قوةٌ ، والقوةُ إما أن تكون قهريّة ، استبدادية أو حكيمةً ، رشيدة . فالاستبدادية أوصلت الإنسان إلى حدود التمادي والتطرف ، والتجاوز، ففي الملكِ لقب أحد الملوك نفسه بـ "ملك الملوك" ، وتمادى فرعون : " فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى " النازعات-79 ، وفي المال قال قارون :" قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي" القصص-28 ، وهي نفس المقولة التي وردت في القرآن الكريم على لسان من ينعم الله عليه في قوله تعالى " فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ " الزمر-39 .. وبالرغم أن المنطق في العلم يقتضي الخشية من الله لقوله تعالى" إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"فاطر-35 ، فإن كثيرًا من الناس يقول ما قاله لي أحد الغربيين : إنني أشتغل في حقلِ العلم ولذلك لا أؤمنُ إلا بالدليل المادي على وجود الله ..!! وهذا وأمثاله لم يزدهم ما يكتشفونه أن الأرض هي مجرد كون بسيط في ملكوت عظيم ، يصيبُ بالرهبةِ والخشيةِ من خالقٍ عظيم .. ! ومن الناس من يزكِّي نفسه أو يُزكى على الله والله يقول: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا " النساء-49 ، وفي تفسير القرطبي قوله عن هذه الآية: وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَطَاء قَالَ : سَمَّيْت اِبْنَتِي بَرَّة ; فَقَالَتْ لِي زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَة : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الِاسْم , وَسَمَّيْت بَرَّة ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُزَكُّوا أَنْفُسكُمْ اللَّه أَعْلَم بِأَهْلِ الْبِرّ مِنْكُمْ ) فَقَالُوا : بِمَ نُسَمِّيهَا ؟ فَقَالَ : ( سَمُّوهَا زَيْنَب ) . فَقَدْ دَلَّ الْكِتَاب وَالسُّنَّة عَلَى الْمَنْع مِنْ تَزْكِيَة الْإِنْسَان نَفْسه , وَيَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى مَا قَدْ كَثُرَ فِي هَذِهِ الدِّيَار الْمِصْرِيَّة مِنْ نَعْتهمْ أَنْفُسَهُمْ بِالنُّعُوتِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّزْكِيَة ; كَزَكِيِّ الدِّين وَمُحْيِي الدِّين وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , لَكِنْ لَمَّا كَثُرَتْ قَبَائِح الْمُسَمَّيْنَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاء ظَهَرَ تَخَلُّف هَذِهِ النُّعُوت عَنْ أَصْلهَا فَصَارَتْ لَا تُفِيدُ شَيْئًا. وَأَمَّا تَزْكِيَة الْغَيْر وَمَدْحُهُ لَهُ ; فَفِي الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي بَكْرَة أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُل خَيْرًا , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيْحَك قَطَعْت عُنُقَ صَاحِبك - يَقُولهُ مِرَارًا - إِنْ كَانَ أَحَدكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَة فَلْيَقُلْ أَحْسَب كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللَّه وَلَا يُزَكِّي عَلَى اللَّه أَحَدًا ) فَنَهَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْرَط فِي مَدْح الرَّجُل بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَيَدْخُلهُ فِي ذَلِكَ الْإِعْجَاب وَالْكِبْر, وَيَظُن أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة بِتِلْك الْمَنْزِلَة فَيَحْمِلهُ ذَلِكَ عَلَى تَضْيِيع الْعَمَل وَتَرْك الِازْدِيَاد مِنْ الْفَضْل; وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيْحَك قَطَعْت عُنُق صَاحِبك ).. ولقد شهدتُ في مناسبةٍ منذ أيام أن أحد أصحاب النظم الشعبي قد مُدحَ بما ليس فيه فتسبب هذا المدحُ في إدخال الإعجاب والكبر في نفسه فأطال على الحضورِ، ونغصَّ عليهم ، وأثقلَ أنفاسهم ..!!
إن القمةَ قرينةُ المسؤولية، وهذه إن لم تفرض التواضع فإنها تكون شوكةً ، لا صرحًا شاهقًا .. والقمةُ قرينةُ الكفاح فلا قمةَ لشيءِ إنما القمم هي ما صنعه الخيالُ إما كي يحث الإنسانَ إلى الاجتهادِ وإما كي يخدره ويُسلمه للظلال وهي قرينة التراخي والكسل..! وما أكثر من المستسلمين، الواهمين في مجتمعاتنا..!
صالح الفهدي

يحسبُ بعض الناس أنَّ القمَّةَ هي ذروة ما بلغوهُ، ولذلك يغشاهم ويخدرهم "الرضا الذاتي" وهو داءٌ سلبيٌّ في هذه الحالة ..!! القمّة في نظر البعضِ أن تحقِّق بعض الاشتراطات الأساسية للمعاش الحياتي ثم تنزوي بعيدًا ، خامدًا ، تضعُ القدمَ فوق القدمِ، لا تحبِّذ شُغلاً ، ولا تطيقُ ثقلاً ، ولا تمتهنُ عملاً ، وما ذلك إلا جهلاً ..! وهو ما يحدثُ لكثيرٍ من المتقاعدين ..!! أولئكَ الذين رأوا أنهم وصلوا القمةَ ، وما يعني التقاعدُ لهم سوى شهادة الكفاءةِ على منجزاتهم، بينما هو الانحدار للجانب الآخر من القمَّةِ إن هم اختاروا هذا السبيل ، واستسلموا لمنجزاتِ مرت ..!
لقد أعجبني صديق في كفاحهِ إذ إنه بالرغم من مسؤولياته العديدة في جوانب مختلفةٍ في الحياةِ أسريةٍ كانت أم وظيفية يواصلُ طِلب العلمِ قائلاً : ليس للعلم قمة ، مرددًا قول المتنبي:
إذا غامرت في شرفٍ مرومٍ .. فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموتِ في أمرٍ حقيرٍ .. كطعم الموتِ في أمرٍ عظيمِ
ولهذا فإن هذا الصديق لا تهدأ له نفس ، ولا يقرُّ له جفنٌ حتى يكتسبَ شيئًا ما يضيفُ إليهِ معرفةً. وجدَ ذات مرةٍ متسعًا في مدينةٍ من مدن دولةٍ غربية لبعض الساعات اعتذرتُ له فيها عن انشغالي لقضاء بعض الأعمال، وحين سألته كيف قضى وقته، قال لي: لقد أجريت إحصائية اقتصادية بعد أن مضيتُ إلى العديدِ من المحلات التجارية وقابلتُ العديد من العاملين فيها..!! كل هذا حدث في بضعِ ساعاتٍ وفي مدينةٍ غربية ..! ولم يكن ذلك غريبًا على رجلٍ لا يقنع "بما دون النجوم" ..! وتحدِّثني طالبةٌ في إحدى الكليات تقول: كنت أرى الحارس الكبير السن يقرأ فكنت أعجب باهتمامه بالقراءة ، ثم غاب فسألت عنه فقيل: إنه يختبر للشهادةِ العامة ، فازددتُ إعجابًا به ..!! وفي إحدى المناطق رأيتُ عمارةً بارزةً في فضاء فكانت عملاقة مقارنةً بغيرها .. قلتُ في نفسي: ربَّما يخالجُ الإعجابُ نفس صاحبها لأن البنايةَ هي أعلى قمةٍ في المكانَ ، ثم بعد فترةٍ من الزمن قامت عمارةٌ أخرى أعلى منها بثلاثةِ أضعاف فحدثت نفسي بمثل ما حدثتها للعمارةِ الأولى، ثم قلت: ما هو شعور صاحب العمارة الأولى الآن .؟! إن منظر هاتين العمارتين كالناسِ؛ إذ ينتابُ أحدهم الشعورُ بأنه قد وصل القمة التي لا يطاولها أحد، فإذا به يرى أن أحدًا قد بزه ، وطاوله فأصبح قزمًا أمامه ، فإما أن يواصل كفاحه مثابرًا ، وإما أن يرضخَ مستسلمًا أو يتفرغ للحسدِ والغلِّ ورمي الآخر بما شاء من الاتهامات..!! وقد يتعذر البعض بالقناعة .. إنما القناعةُ هي قرينُ العملِ والكفاح وليس قرينة الخمول والدعةِ والكسل..!! وإنني لأشفق على الكثيرين من الشباب والفتيات مضي العمرِ في المقاهي ، أولئكَ الذين يجسدون مثلاً غير حميد لأبناء أمتهم بإهدارهم الوقت ، والوقتُ جوادٌ غير محدود العطاءِ إن مُلئ بالعمل .. إنه لمنظر محزن ، ذلك التكدس في المقاهي من أجلِ (شيشةٍ) حقيرةٍ أصبح لها رواجها في مجتمعاتنا حتى جعلها البعض علامةً من علامةِ التحضر وما هي إلا علامة من علامات التقهقر .. ويؤلمني أكثر أن يكون الواعين، العقلاء هم من مناصريها .. ومن أبرزِ جلاسها ..!
إنَّ ما لا يدركه الكثيرون هو أنَّه كلما تقدم الإنسانُ خطوةً ازدادت مسؤولياته وواجباته ، وازداد تواضعه ..! وقد أعجبتني في هذا الصدد كلمة قالها رئيس الاتحاد الانجليزي حينما فرض عقوبات على مدرب نادي مانشستر يونايتد "السير فيرجيسون" لتهجمه على أحد الحكام ، قال: إننا نقدر إنجازات فيرجيسون الكبيرة ولكن كلما زادت إنجازات الإنسانِ كبر حجم مسؤولياته ..! وهو كلامٌ منطقي ومعقول يتجاهلُ حكمته الكثيرون.
المسؤوليات قمة ، والقمةُ سلطةٌ ، والسلطةُ قوةٌ ، والقوةُ إما أن تكون قهريّة ، استبدادية أو حكيمةً ، رشيدة . فالاستبدادية أوصلت الإنسان إلى حدود التمادي والتطرف ، والتجاوز، ففي الملكِ لقب أحد الملوك نفسه بـ "ملك الملوك" ، وتمادى فرعون : " فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى " النازعات-79 ، وفي المال قال قارون :" قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي" القصص-28 ، وهي نفس المقولة التي وردت في القرآن الكريم على لسان من ينعم الله عليه في قوله تعالى " فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ " الزمر-39 .. وبالرغم أن المنطق في العلم يقتضي الخشية من الله لقوله تعالى" إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"فاطر-35 ، فإن كثيرًا من الناس يقول ما قاله لي أحد الغربيين : إنني أشتغل في حقلِ العلم ولذلك لا أؤمنُ إلا بالدليل المادي على وجود الله ..!! وهذا وأمثاله لم يزدهم ما يكتشفونه أن الأرض هي مجرد كون بسيط في ملكوت عظيم ، يصيبُ بالرهبةِ والخشيةِ من خالقٍ عظيم .. ! ومن الناس من يزكِّي نفسه أو يُزكى على الله والله يقول: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا " النساء-49 ، وفي تفسير القرطبي قوله عن هذه الآية: وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَطَاء قَالَ : سَمَّيْت اِبْنَتِي بَرَّة ; فَقَالَتْ لِي زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَة : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الِاسْم , وَسَمَّيْت بَرَّة ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُزَكُّوا أَنْفُسكُمْ اللَّه أَعْلَم بِأَهْلِ الْبِرّ مِنْكُمْ ) فَقَالُوا : بِمَ نُسَمِّيهَا ؟ فَقَالَ : ( سَمُّوهَا زَيْنَب ) . فَقَدْ دَلَّ الْكِتَاب وَالسُّنَّة عَلَى الْمَنْع مِنْ تَزْكِيَة الْإِنْسَان نَفْسه , وَيَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى مَا قَدْ كَثُرَ فِي هَذِهِ الدِّيَار الْمِصْرِيَّة مِنْ نَعْتهمْ أَنْفُسَهُمْ بِالنُّعُوتِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّزْكِيَة ; كَزَكِيِّ الدِّين وَمُحْيِي الدِّين وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , لَكِنْ لَمَّا كَثُرَتْ قَبَائِح الْمُسَمَّيْنَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاء ظَهَرَ تَخَلُّف هَذِهِ النُّعُوت عَنْ أَصْلهَا فَصَارَتْ لَا تُفِيدُ شَيْئًا. وَأَمَّا تَزْكِيَة الْغَيْر وَمَدْحُهُ لَهُ ; فَفِي الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي بَكْرَة أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُل خَيْرًا , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيْحَك قَطَعْت عُنُقَ صَاحِبك - يَقُولهُ مِرَارًا - إِنْ كَانَ أَحَدكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَة فَلْيَقُلْ أَحْسَب كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللَّه وَلَا يُزَكِّي عَلَى اللَّه أَحَدًا ) فَنَهَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْرَط فِي مَدْح الرَّجُل بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَيَدْخُلهُ فِي ذَلِكَ الْإِعْجَاب وَالْكِبْر, وَيَظُن أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة بِتِلْك الْمَنْزِلَة فَيَحْمِلهُ ذَلِكَ عَلَى تَضْيِيع الْعَمَل وَتَرْك الِازْدِيَاد مِنْ الْفَضْل; وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيْحَك قَطَعْت عُنُق صَاحِبك ).. ولقد شهدتُ في مناسبةٍ منذ أيام أن أحد أصحاب النظم الشعبي قد مُدحَ بما ليس فيه فتسبب هذا المدحُ في إدخال الإعجاب والكبر في نفسه فأطال على الحضورِ، ونغصَّ عليهم ، وأثقلَ أنفاسهم ..!!
إن القمةَ قرينةُ المسؤولية، وهذه إن لم تفرض التواضع فإنها تكون شوكةً ، لا صرحًا شاهقًا .. والقمةُ قرينةُ الكفاح فلا قمةَ لشيءِ إنما القمم هي ما صنعه الخيالُ إما كي يحث الإنسانَ إلى الاجتهادِ وإما كي يخدره ويُسلمه للظلال وهي قرينة التراخي والكسل..! وما أكثر من المستسلمين، الواهمين في مجتمعاتنا..!
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions