الشبيبة -
سعيد بن سلطان الهاشمي:

لقد اعتاد الناس على الخوف من السلطة، وعلى وصفها بصفات في مجملها سلبية, بل تم اشتقاق سمات غدت لصيقة بها؛ كالتسلط والجبروت والاستبداد والإضرار والإقصاء وغيرها. وفي اعتقادي فإن هذا الأمر يعود الى ثلاثة أسباب رئيسة؛ أولها: ضعف الناس أنفسهم وإهمالهم لمسائل وعيهم ويقظة أفهامهم, وتبنيهم لأحكام جاهزة - سلبية في مجملها- تعفيهم (كما يظنون) من تبعات مسؤولياتهم العامة تجاه وطنهم. فمن السهل جدا، بل من المتعة أحيانا أن تشارك في وصف الحاكم أو الوزير أو الموظف العام بأنه لص أو فاسد أو مستبد. خاصة وإن كانت الدائرة الضيقة التي ينتمي إليها الفرد تتلذذ بهذا النوع من الأحاديث, حيث تبدأ النفس تماشي الكلام السائد، وتستمتع به، لأن الطريق الآخر وعرٌ، وشاق؛ إنه طريق التثبت، والبحث، والتقصي عن الحقائق، والذي يحتاج دائما إلى صبر وحلم وعلم وروية.
فالفهم ثمرة العمل، ونتيجة الجهد، فبقدر ما تبذل من عمل؛ يرتقي ويترسخ الفهم, وإلا سيكون كشجرة برية شعثاء، لا تكاد تلفت الأنظار.
والسبب الثاني في شيوع الصفات السلبية للسلطة, النماذج الأولى التي أسست للنظام السياسي شكله وملامحه, فبقدر شعور هذه الشخصيات بأهمية دورها التاريخي، واستشعارها جسامة المهمة والدور الذي تقوم به, خاصة في مجتمع بسيط، ينتقل من طور القبيلة الى طور الدولة. أقول بقدر إيمان هذه الشخصيات بدورها المؤسس، ونُبل رسالتها تكون النتيجة. وهنا تبرز مسؤولية الحاكم في معايير اختياره لرجاله ونسائه؛ فإن اختارهم على مقياس العطاء، والكفاءة والتميز والأخلاق الرفيعة؛ سادت مشاعر الإيجابية، والثقة، وشاعت الطمأنينة والأمان عند بقية أبناء الوطن. وإن ترك مسائل اختيارهم وفق أهواء وأمزجة متقلبة، أو مصالح ضيقة؛ لنفسه،ولمن حوله من حاشيته؛ عاش هو في وهم الإنجاز والإبداع والعظمة. بينما صورة النظام في عقول الناس وفي قلوبهم تتآكل وتتحلل كلما تقادم الزمان, والأخطر من ذلك؛ أن الأجيال المتأخرة, ستكون مسكونة بسوء الظنون، والخوف من المستقبل؛ لأنها قلقة من ضياع كل شيء في لحظة، ولأنها لم تر تحويل هذا الإنجاز الى مؤسسات راسخة، تتجاوز الفرد مهما بلغ نفوذه، الى الوطن بمصالحه، وتطلعاته.
أما السبب الثالث في استبعاد الناس لصفات الخير عن السلطة؛ هو ممارسات أركان النظام وموظفيه وسلوكياتهم؛ سواءً العامة وفق أدوارهم، ووظائفهم، أو الخاصة. فالمواطن في هذا المقام، من أكثر المجسات التقاطا لعدالة النظام، وفساده.
دعك من الخطاب الإعلامي الذي يسعى أيما نظام الى إحكام وتجميل صورته من خلاله. فباستطاعة أي إنسان، يعيش في أقصى قرى البادية والريف؛ أن يستشعر كفاءة، وصلاح النظام؛ من خلال سعيه الى تخليص معاملة خدمية بسيطة, فإن هي تيسرت، فتلك إحدى دلائل الحرص على هيبة النظام واحترامه، وحيوية منفذيه. وإن هي تعسرت فهذه علامة تقصير، وتسوس بادئ بالزحف من الأطراف باتجاه الرأس.
ومن مظاهر ذلك أيضا سهولة استفزاز أركان النظام وموظفيه. لأن الخطوط الفاصلة بين الشخصي والعام غير واضحة، ولا مؤصلة، في ممارسات الحكم والإدارة. فبإمكان مسؤول ما تحويرغضبه من شخص سواء أكان موظفا في دائرة تأثيره، أو مواطنا حر؛ الى قضية كرامة وظيفة عامة، أو وطنا بكامله. بينما الوطن لا دخل له هنا.الإشكال أن هذا المسؤول اختزل الوطن المسكين في شخصه الكريم ليس إلا. يقول جون لوك:" الشرطي الذي يجاوز حدود سلطاته يتحول إلى لص أو قاطع طريق.. كذلك من يتجاوز حدود السلطة المشروعة. سواء أكان موظفاً رفيعاً أم وضيعاً، ملكا، أم شرطياً.
بل إن جرمه يكون أعظم إذا صدر عمن عظمت الأمانة التي عُهد بها إليه..". يبدو أن كثرة المكوث في كراسي السلطة تنسي البعض عظمة الأمانة الملقاة على عاتق الموظف العام مهما بلغت رتبته. أو ربما غياب العقوبة. حيث يقول (لوك) في مناسبة ذلك: " يبدأ الطغيان عندما تنتهي سلطة القانون، أي عند انتهاك القانون، وإلحاق الأذى بالآخرين". نحتاج إلى تنزيه الدولة من أمزجتنا المتقلبة، كما يجب علينا الفصل بين أهوائنا واشواقنا الخاصة، وبين المصلحة العامة. إن ذلك ليس بالأمر اليسير؛ نحتاج لبلوغ ذلك؛ إشتغالا حقيقيا على ذواتنا، وتحريرها من شهوة الاستحواذ ، خاصة عند اختبارها بمنصب رفيع. كما نحتاج بالتوازي إلى إصلاح مؤسسي وتشريعي؛ دائبٌ، ودائم؛ علنا نصل إلى الحياة التي نتمنى.
سعيد بن سلطان الهاشمي:

لقد اعتاد الناس على الخوف من السلطة، وعلى وصفها بصفات في مجملها سلبية, بل تم اشتقاق سمات غدت لصيقة بها؛ كالتسلط والجبروت والاستبداد والإضرار والإقصاء وغيرها. وفي اعتقادي فإن هذا الأمر يعود الى ثلاثة أسباب رئيسة؛ أولها: ضعف الناس أنفسهم وإهمالهم لمسائل وعيهم ويقظة أفهامهم, وتبنيهم لأحكام جاهزة - سلبية في مجملها- تعفيهم (كما يظنون) من تبعات مسؤولياتهم العامة تجاه وطنهم. فمن السهل جدا، بل من المتعة أحيانا أن تشارك في وصف الحاكم أو الوزير أو الموظف العام بأنه لص أو فاسد أو مستبد. خاصة وإن كانت الدائرة الضيقة التي ينتمي إليها الفرد تتلذذ بهذا النوع من الأحاديث, حيث تبدأ النفس تماشي الكلام السائد، وتستمتع به، لأن الطريق الآخر وعرٌ، وشاق؛ إنه طريق التثبت، والبحث، والتقصي عن الحقائق، والذي يحتاج دائما إلى صبر وحلم وعلم وروية.
فالفهم ثمرة العمل، ونتيجة الجهد، فبقدر ما تبذل من عمل؛ يرتقي ويترسخ الفهم, وإلا سيكون كشجرة برية شعثاء، لا تكاد تلفت الأنظار.
والسبب الثاني في شيوع الصفات السلبية للسلطة, النماذج الأولى التي أسست للنظام السياسي شكله وملامحه, فبقدر شعور هذه الشخصيات بأهمية دورها التاريخي، واستشعارها جسامة المهمة والدور الذي تقوم به, خاصة في مجتمع بسيط، ينتقل من طور القبيلة الى طور الدولة. أقول بقدر إيمان هذه الشخصيات بدورها المؤسس، ونُبل رسالتها تكون النتيجة. وهنا تبرز مسؤولية الحاكم في معايير اختياره لرجاله ونسائه؛ فإن اختارهم على مقياس العطاء، والكفاءة والتميز والأخلاق الرفيعة؛ سادت مشاعر الإيجابية، والثقة، وشاعت الطمأنينة والأمان عند بقية أبناء الوطن. وإن ترك مسائل اختيارهم وفق أهواء وأمزجة متقلبة، أو مصالح ضيقة؛ لنفسه،ولمن حوله من حاشيته؛ عاش هو في وهم الإنجاز والإبداع والعظمة. بينما صورة النظام في عقول الناس وفي قلوبهم تتآكل وتتحلل كلما تقادم الزمان, والأخطر من ذلك؛ أن الأجيال المتأخرة, ستكون مسكونة بسوء الظنون، والخوف من المستقبل؛ لأنها قلقة من ضياع كل شيء في لحظة، ولأنها لم تر تحويل هذا الإنجاز الى مؤسسات راسخة، تتجاوز الفرد مهما بلغ نفوذه، الى الوطن بمصالحه، وتطلعاته.
أما السبب الثالث في استبعاد الناس لصفات الخير عن السلطة؛ هو ممارسات أركان النظام وموظفيه وسلوكياتهم؛ سواءً العامة وفق أدوارهم، ووظائفهم، أو الخاصة. فالمواطن في هذا المقام، من أكثر المجسات التقاطا لعدالة النظام، وفساده.
دعك من الخطاب الإعلامي الذي يسعى أيما نظام الى إحكام وتجميل صورته من خلاله. فباستطاعة أي إنسان، يعيش في أقصى قرى البادية والريف؛ أن يستشعر كفاءة، وصلاح النظام؛ من خلال سعيه الى تخليص معاملة خدمية بسيطة, فإن هي تيسرت، فتلك إحدى دلائل الحرص على هيبة النظام واحترامه، وحيوية منفذيه. وإن هي تعسرت فهذه علامة تقصير، وتسوس بادئ بالزحف من الأطراف باتجاه الرأس.
ومن مظاهر ذلك أيضا سهولة استفزاز أركان النظام وموظفيه. لأن الخطوط الفاصلة بين الشخصي والعام غير واضحة، ولا مؤصلة، في ممارسات الحكم والإدارة. فبإمكان مسؤول ما تحويرغضبه من شخص سواء أكان موظفا في دائرة تأثيره، أو مواطنا حر؛ الى قضية كرامة وظيفة عامة، أو وطنا بكامله. بينما الوطن لا دخل له هنا.الإشكال أن هذا المسؤول اختزل الوطن المسكين في شخصه الكريم ليس إلا. يقول جون لوك:" الشرطي الذي يجاوز حدود سلطاته يتحول إلى لص أو قاطع طريق.. كذلك من يتجاوز حدود السلطة المشروعة. سواء أكان موظفاً رفيعاً أم وضيعاً، ملكا، أم شرطياً.
بل إن جرمه يكون أعظم إذا صدر عمن عظمت الأمانة التي عُهد بها إليه..". يبدو أن كثرة المكوث في كراسي السلطة تنسي البعض عظمة الأمانة الملقاة على عاتق الموظف العام مهما بلغت رتبته. أو ربما غياب العقوبة. حيث يقول (لوك) في مناسبة ذلك: " يبدأ الطغيان عندما تنتهي سلطة القانون، أي عند انتهاك القانون، وإلحاق الأذى بالآخرين". نحتاج إلى تنزيه الدولة من أمزجتنا المتقلبة، كما يجب علينا الفصل بين أهوائنا واشواقنا الخاصة، وبين المصلحة العامة. إن ذلك ليس بالأمر اليسير؛ نحتاج لبلوغ ذلك؛ إشتغالا حقيقيا على ذواتنا، وتحريرها من شهوة الاستحواذ ، خاصة عند اختبارها بمنصب رفيع. كما نحتاج بالتوازي إلى إصلاح مؤسسي وتشريعي؛ دائبٌ، ودائم؛ علنا نصل إلى الحياة التي نتمنى.
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions