لأسبابٍ كثيرةٍ ومتداخلة يوجد مجالٌ لذكرِها وإنما لا يسمح لي الكسل بذلك يكثر البشر القَميؤون في الحالات الاستثنائية.



بعضهم قميء بالفطرة، والآخر قميء لضرورةٍ عابرة، وكلاهما يتفقان في القماءة.

أتذكَّر أيامَ جونو، وأضحكُ الآن كثيراً على ما حدثَ. اتفقنا نحن مجموعة من الشباب المفلَّع أن نؤسس [خلية] إنقاذ متحركة، وطفقنا نعرض مساعدتنا لكلِّ من يريد. لم يرد الناس أكثر من مساعدتهم على نقلِ الأثاث لئلا يتوسَّخ بالطين، أما هؤلاء الذين تهدَّمت بيوتهم أو انقشعت أحلامهم وغرقت سياراتهم فقد صمتوا وذهبوا للمدارس مهطعين. والغريب أنَّ عددا من العُمانيين خرجوا بتناكرهم لبيع التنكر الواحد بمبلغ [50] ريال. تلك هي أصول القماءة، أن تعرفَ جيدا أن أباً له خمسة أبناء مستعد لدفع مائة ريال مقابل القليل من الماء، وفي المقابل خرج شباب عمانيون لتوزيع الماء مجاناً، وكما ظهر من يريد بيع المعلبات بأضعاف السعر فتح تاجرٌ مخازنَه ووزعَ ما بها للناس. الفارق أن القماءة قد خرجت من بعض النفوس وطفقت تكدِّس الطعامَ الذي كانَ قد يكفي لعدَّة أشهر. هناك القماءة خرجت من منابتِها.




أمام بشرٍ من هذا النوع، يحقُّ لكَ أن تسألَ نفسكَ قليلا: ماذا لو كنت قميئا بعض الشيء؟؟ ماذا لو زاحمت هؤلاء وتغلبت عليهم في لعبتهم؟؟ ألن أكون بذلك أحقَّ بما يحصدونَه؟؟ وماذا لو حصلت على بغيتي ومشيتُ بالمثل الشائع: يوم تسلم ناقتي ما عليي من رفاقتي ... كل هذه الأسئلة ترفُ في ذهنك وأنت ترى جموع البشر القميئين يزاحمونك العيش، بعضهم يطردك من شقتك، وآخرون يعرضون سعراً أكبر لسيارة تريد شراءها وربما جارٌ لك يخطب البنتَ التي تريدُ أن تتزوجها، وهو يعلم تماماً أنك خطبتَها.


خارج النص:



"القميئون للقميئات، والبغيضون للبغيضات، والأنانيون للأنانيات، والملاعين للملعنونات، وأولاد الحرام لبنات الحرام، وأولاد النقط لبنات النقط"






قال محمود درويش في يومٍ من الأيَّام: هل لا تحبِّك أنت شاعرها ويعجبها مجازك ..



هي قميئة أيضا، ربما جهلَ الشاعر الكبير ذلك ..



صباحاً بعيداً عن القماءة .... والقميئين ..