
ربما يكون مقالي هذا هو أقرب لأن يكون "محاولة ترجمة" لجزء من مقالة "نيكولاس كار" nicholas carr التي نشرتها مجلة الأطلسي The Atlantic في عددها لشهري يوليو وأغسطس، وهي مقتبسة من كتابه الأخير الذي حمل عنوان The Big Switch: Rewiring the World, From Edison to Google من أن تكون "محاولة قراءة" ذاتية لآثار "تسارع" العالم و "عولمته" والتي يمثلها - ولا يحصرها - موقع البحث الشهير جوجل في هذا المقال.
بداية التخوف من كل أداة تكنلوجية جديدة أو رؤية الأسوء فيها كان من العصور السحيقة حيث أن سقراط Socrates اشتكى في "محاورات أفلاطون" Plato’s Phaedrus من تطور الكتابة، وخشي أن يعتمد الناس على المواد المكتوبة كبديل عن المعرفة التي من المفترض أن يحملوها معهم في رؤوسهم، أو كما وصف الأمر على لسان إحدى شخصياته فهم " سيتوقفون عن تمرين ذاكرتهم ويصبحون كثيري النسيان "، وبما أنهم سيكونون " قادرين على إستقبال كمية كبيرة من المعلومات بدون إرشادات صائبة" سـ "يظنون أنهم واسعي الإطلاع في حين أن معظمهم جاهل" و " سيكونون محشوين بوهم الحكمة بدلاً من الحكمة الحقيقية".
ومع اختراع جوتنبرغ لآلة الطباعة في القرن الخامس عشر الميلادي بدأت جولة أخرى من الجدال والتشكيك بالتكنولوجيا، فالعالم الإنساني الإيطالي هيرمينيو سكيارفيكيو Hieronimo Squarciafico عبّر عن قلقه من أن توفر الكتب للجميع سيسبب كسلاً ثقافياً يجعل الناس "أقل ولعاً بالدراسة" وسيُضعف من عقولهم، وأبدى آخرون قلقهم من أن توفر الكتب الرخيصة المطبوعة سيُقوض من السلطة الدينية، وسيذل عمل العلماء والكتاب، ويساعد في إنتشار العصيان والفسق، و كما قال بروفيسور جامعة نيويورك كلاي شيركي Clay Shirky " معظم الإعتراضات على الصحافة المطبوعة كانت صحيحة، بل ودقيقة ".
وبالمقارنة مع الإنترنت و "جوجل" فإن تطور الكتابة وآلة الطباعة تبدوان ذات تأثير محدود في زيادة "كسل" الإنسان العقلي واعتماده على المعلومة السريعة والجاهزة دون أن يشغل نفسه في البحث والسؤال عنها ومن ثم في تحليلها بعد الحصول عليها، بل وإن "سقراط" لو جاء لعالمنا لازداد كآبة لأننا أصبحنا نعتمد على الذاكرات الإلكترونية في حفظ المعلومات لا الأوراق..ناهيك عن رؤوسنا.
وبالرغم من أن "جوجل" - وغيره من المواقع كــ"الموسوعة الحرة مثلاً- يقدم للبشرية خدمة رائعة بتسريع الحصول على المعلومة في ثوان إلا أنه في ذات الوقت يساهم في "تكسيل" عقولنا وتغيير نمط القراءة لدينا ناهيك عن تسهيل عملية نشر المعلومات الخاطئة نظراً لأننا أصبحنا نتعاجز عن "تحليل" ما يصل إلينا عبر جوجل وغيره.
وفي مشروع بحث بريطاني قام الباحثون بتسجيل حركة زوار موقعين من أكبر مواقع البحث البريطانية، فوجدوا أن الغالبية العظمى من الزوار تقرأ صفحة أو صفحتين على الأكثر من كل موقع قبل أن تقفز للموقع التالي، ونادرا جدا ما يعود أحدهم إلى موقع زاره سابقا، حتى وصل الباحثون إلى استنتاج يقولون فيه: أن الزوار لا يقرأون على الإنترنت بالطريقة التقليدية، بل يقومون بقراءة العناوين الرئيسية.. مقتطفات من هنا وهناك.
وربما تكون عبارة أستاذة علم النفس ماريان وولف أنه لم تعد القاعدة كما كانت في السابق: “أنت.. ما تقرأ” بل أصبحت: “أنت.. كيف تقرأ” هي الأكثر تمثيلاً لما يحدثه جوجل من تغيير لعادات القراءة لدينا وبالتالي جعلنا أغبياء بصورة أكبر إن صح التعبير.
لا يعني كل ما ورد أعلاه أننا لا نؤمن بـ"ببركات" جوجل في نشر المعلومات حول العالم وإثارته لعشرات الأسئلة الطازجة ومساهمته اللا محدودة في مجال نشر المعرفة، إلا أننا هنا نتساؤل عن حدود ذلك "التأثير الجانبي" - إن صح التعبير- الذي يتركه إستخدام جوجل بطريقة مفرطة في أدمغتنا.
فهل يجعلنا جوجل أغبياء حقاً أم أنها مجرد هلوسة؟!
لمتابعة الموضوع
المصدر : مدونة بدر العبري
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions