
بينما يتصبح البعض في عمان بزقزقة العصافير وبكوب شاي بالنعناع يشربونه في حديقة منزلهم الخلفية تصبحتُ أنا بـ[صنان] (=إبط) مجموعة مختلطة من العمانيين والهنود والمصريين وغيرهم بينما كنا ننتظر تحت الشمس افتتاح بوابة إحدى المراكز الصحية بمسقط، وفي تمام السابعة والنصف ولجتُ مع الداخلين إلى المركز الصحي وأنا ألعنُ في سري هذا الإنضباط في المواعيد الذي سيحرمني من كتابة [قشاب] في تخلف الموظفين الحكوميين عن مواعيد العمل، وفي ذات الوقت أحمد ربي على أن التكييف المركزي سيساعد في التخفيف من حدة هذه الرائحة الكريهة التي تعطرتُ بها منذ الصباح الباكر.
كنت - مثل الكثيرين غيري- قد أتيت لحجز موعد في عيادة الأسنان، وقبل أن تذهب بكم الظنون مذهباً سيئاً فإن سبب ذهابي كان للإطمئنان على صحة أسناني اللؤلؤية الناصعة البياض بعد أن شعرت بحكّة في إحداها قبل أيام، ونظراً لأننا في عصر النظام فقد ابتدع عباقرة وزارة الصحة -مشكورين- نظام الحجز بالمواعيد لمن هم ليسوا في حالة طارئة من أمثالي، ولكن لفرط العبقرية فإن الحجز لا يكون إلا يوم الأربعاء من كل إسبوع فقط لسببٍ لا يعلمه إلا الله!
ليس هذا هو ما غمني صباح اليوم، ولكن مشهد امرأة عجوز كانت تقود حفيدتها الدارسة في الصف السادس للمركز كان مؤثراً، فالمسكينة بعد أن انتظرت لربع ساعة افتتاح المركز واجهها الموظف بابتسامة صفراء كبقرة بني اسرائيل وهو يقول:
- الوالدة لازم تحجزي موعد.
كنت أهم بالتدخل لأقول أن الحالة يمكن أن تكون طارئة ولكن العجوز لم تكن بحاجة إلى مساعدة صديق في هذا الأمر فقد قالت بشبه عصبية:
- كيف أحجز موعد وأنا [مغبشة] من الصبح هنا؟
- هذا هو النظام الوالدة.
- انزين يوم هذا هو النظام مالكم ما تردوا على التلفون يوم أتصلبكم أمس عشان أحجز؟! تو يعني لازم أجي أمشي عشان أحجز ومرة عشان أتعالج؟! مو ذي الخسوفية؟!
وبعد عدة عبارات متبادلة من الطرفين لم تلتقطها أذناي بسبب الزحمة وانشغالي بـ[دفوشية] أحد الهنود غادرت العجوز بهدوء وهي تسحب حفيدتها المريضة..لتعود من حيث أتت تحت أشعة الشمس الدافئة جداً!
حينما جاء دوري سألت الموظف:
- ألا يمكن الحجز عبر الهاتف؟
أجابني بأنه يمكن ذلك ولكنهم يعطون الأولوية لمن يحضرون للمركز وأنهم لا يجدون الفرصة للرد على الهاتف، كانت طريقته في الإجابة حاسمة وجافة بحيث لا يمكن مناقشته، وفي نفس اللحظر رنّ هاتفه الجوال ليملأ القاعة ضجيجاً بإحدى أغاني بنت عجرم قبل أن يرد الزميل على الهاتف:
- آلو..صباح الورد يا ورد..هلا والله..هلا وغلا..(عيّل) النية نايمة أمس الساعة (هنتين) وأشوفك اليوم قايمة من وقت.
وأكمل حديثه الغزلي وهو ينظر بطرف عينه لزميله باسماً قبل أن يغمز له في حين ابتسم صاحبه ابتسامة واسعة واكتفى بالصمت وهو يواصل عمله.
طبعاً للأمانة عليّ القول أن الرجل كان يتحدث في الهاتف وهو يطبع بياناتي على الجهاز، وأنه لم يطل الحديث على الهاتف بل استأذن من ال(...) التي يكلمها متعللاً بعمله الذي عاد إليه بابتسامة قبيحة واسعة.
قلت له بهدوء:
- الطيب أقولك حاجة..
وبإسلوبه الفظ قاطعني:
- لا توجعلي راسي بسوالف الأمانة الوظيفية وعدم استخدام الهاتف وقت العمل..
قاطعته أنا هذه المرة:
- ما أقصد كذا..بس حبيت أقول إنه من تحب تغير لهجتك ما يصير تقول (عيّل) الإماراتية أو الخليجية ومن بعدها (هنتين)..يا تقول (عجب) و(هنتين)..يا (عيل) و(ثنتين)..وملاحظة أخيرة بخصوص الكاف ..أشوفك تثقلها واجد فزين لو تخففها لأن البنات يحبن كذا.
لفرط طيبة الرجل وتعوده على هذه المواقف من المواطنين السيئين أمثالي لم يرد علي واكتفى بمناولتي ورقة الموعد، وطبعاً غني عن القول أن موعدي سيكون بعد ثلاثة أشهر من الآن لأن الزحمة - وبقدرة قادر- نزلت فجأة على عيادة الأسنان.
نداء لـ[الباعقين] (=المنادين) بالحكومة الإلكترونية:
قبل علموا موظفوكم يردوا على هواتف العمل..بعدين [بوعقوا]!
المصدر : مدونة بدر العبري
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions