منذ قدومي للإقامة في مسقط قبل أربع سنوات تقريباً وأنا قد اعتدت على مشاهد التسول بمختلف أشكالها، من امرأة عجوز ومعها طفل صغير بين أحضانها، أو رجل [شيبة] تفوح منه رائحة السكر، إلى طفلة ذبل جمالها وهي تحاول أن تبيعك علبة لبان تقسم بأنها من أجود الأنواع بثمن بخس لا يتجاوز الريال أو قلادة عُلّق عليها مصحف شريف صغير لتضعها فوق سيارتك.







تعودت على تلك المشاهد بالرغم من أنني لم استسغها يوماً، خصوصاً تلك التي يلعب فيها ملائكة الرحمة دوراً بارزاً بها، وكنت أقنع نفسي تارة بأن الغلاء والحجاة هو ما يدفع الناس إلى تلك التصرفات، وأن تفكك المجتمع الـ"مسقطي" واتساعه هو ما يحول دون مساعدة أولئك بطريقة كريمة لأن الجار هناك - في مسقط- لا يعرف جاره.








لكن المشهد الذي صدمني الجمعة الماضية (التي توافق التاسع من اكتوبر لعام 2010م) هو وجود طفلة صغيرة بعد صلاة الجمعة بإحدى مساجد ولاية الحمراء وهي تطلب الصدقة!
تلك الطفلة التي كانت ترتدي الأسود من رأسها لأخمص قدميها جلست في صرح المسجد الذي يبعد [عقّة حصاة] (=رمية حجر) عن منازل مشايخ الولاية وهواميرها وعن منزل [سعادة] الوالي و [سعادة] وكيل وزارة الأوقاف والشؤون والدينية وربما بنفس المسافة عن منزل بعض كبار الضباط في الجيش والشرطة.










هذه الولاية لا يتجاوز عدد سكانها العشرين ألفاً - إن تجاوزوه- إلا قليلاً، ومعظم - إن لم يكن كل- أهاليها ينتمون لقبائل معروفة ولا أظن أنه توجد هناك عائلة "مقطوعة من شجرة" إن صح التعبير، فمن أين أتت تلك الطفلة ذو الملامح الحمراوية الصرفة إن لم تخطأ عيناي النظر؟!!
ما الذي يدفع أحدهم للزج بابنته في هذه "الفضيحة"؟!










ربما يخفف من وقع ذلك الأمر عليّ خبر سرقة إحدى صناديق الزكاة من أكبر جامع بالولاية في آخر جمعة من رمضان قُبيّل صلاة الجمعة بقليل، وربما يكون لتلك السرقة المباركة بالعشر الأواخر من الشهر الفضيل الأثر الأكبر في تسول تلك الطفلة!








إلى أين ستمضي بلدي بعد هذا اليوم؟!
سيقولون إلى الأمام .









نعم..لأن الهاوية يجب أن تكون هناك فنحن لم نأت منها حتماً!




المصدر : مدونة بدر العبري