عن حرية الصحافة - جديد عمار المعمري

    • عن حرية الصحافة - جديد عمار المعمري



      أعلم إن الحديث عن حرية التعبير والرأي بشكل عام وحرية الصحافة بشكل خاص من منطلق عملي فعلي وتطبيقي له حساسيته عند الجهات التنفيذية في البلاد خاصة مع وجود قوة غالبة للسلطة التنفيذية مقابل السلطة التشريعية والقضائية بشكل أو بآخر وهذه النقطة لا يمكن المرور عليها مرور الكرام خاصة أن النظام الأٍساسي للدولة أقر بفصل السلطات إلا أننا لازلنا واقفين حيارى أمام هذا التمازج والتداخل غير الدستوري لهذه السلطات مما يعكس بالسلب على الحقوق الممنوحة للمواطن والمكرسة في النظام الأساسي للدولة ومنها حق حرية التعبير وحرية الصحافة والنشر فمن واقع عملي لا يمكننا القول في هذه الحالة أن حرية الصحافة في السلطنة ومداها نابع عن تطبيق فعلي لما أقره النظام الأساسي ولباقي القوانين المنظمة لعمل أي مؤسسة إعلامية صحفية فواقع الصحافة في السلطنة يقول إن كل تلك المعايير التي تحدد طريقة عمل أي نشاط صحفي هي معايير متغيرة من فترة لأخرى تعكس مدى تسامح أو تسلط السلطة التنفيذية وقد لا يكون تطبيقاً عملياً للقوانين إلا أن وجود مثل هذه القوانين ضرورة لإضفاء الصبغة الشرعية على ممارسات السلطة التنفيذية في بعض الأحيان ولكن مع وجود أساس تطبيقي صحيح للقاعدة القانونية من قبل المخاطبين بذلك القانون بغض النظر عن الهدف التي جائت لأجله يمكننا القول حينها أننا أمام استخدام صحيح للحق الممنوح من قبل القانون ولا يتأتى هذا إلا بوجود وعي قانوني كاف يعرف فيها المشتغل في المجال الصحفي حقوقه وواجباته مما ينعكس ذلك بالإيجاب على مهنيته وإلتزاماته وبالتالي على المؤسسة الصحفية العامل بها من حيث مصداقيتها وتزداد ثقة الجمهور مما يعني زيادة في الإيرادات والمبيعات والإعلانات لتكون كل تلك الأسس هي المنطلق لممارسة دور السلطة الرابعة كحارس للمصلحة العامة فبإختلال أحد تلك الأسس نكون أمام إنتهاك لحق المواطن في معرفة المعلومة ولكن للأسف الشديد لا نرى ذلك بشكل واضح من قبل المعنيين وهذا ما تؤكدة إحصاءات السوابق القضائية في السلطنة فهل يعقل وجود سابقة قضائية واحدة فقط تم تكييفها وفق قانون المطبوعات والنشر منذ أن صدر قانون المطبوعات والنشر (49/84) في عام 1984 أم إن في الأمر مشكلة يجب الوقوف عليها بشكل صريح وواضح ؟











      أعتقد إن للجهات التنفيذية المشرفة على العمل الصحفي وعلى رأسها وزارة الإعلام لها الدور الفعال في ذلك وأيضاً في ترسيخ مفاهيم غير منطقية وغير مهنية للعمل الصحفي في خط سير المؤسسة الإعلامية الصحفية في السلطنة على مدى الأربعين سنة الماضية حدت من حرية العمل الصحفي عبر سعيها إلى ترسيخ مفاهيم إحدى المدارس الإعلامية العمانية القديمة القائمة على تأكيد دور الدولة الريعية والتي ثبتت فشلها في ظل المتغيرات الإنسانية الحديثة التي نعيشها في عصرنا الحالي متجاهلين وجود مواطن مراقب لكل ذلك الحراك لنرى ثمار تلك المدرسة البائدة حاضرة في شخوص إعلامية عمانية فرختهم تلك المدرسة للأسف الشديد ولا زالت فماذا يعني أن يطل علينا رئيس جمعية الصحفيين العمانيين في إحدى الحوارات الصحفية معه كممثل لإحدى مؤسسات المجتمع المدني مطالباً ومقترحاً ضم جمعية الصحفيين العمانيين لوزارة الإعلام وجميعة الكتاب والأدباء العمانيين لوزارة التراث القومي والثقافة هكذا بكل بساطة ضارباً بعرض الحائط دور مؤسسات المجتمع المدني بكل ما تعنيه من مفاهيم تنموية ومعاني وجودية لتنتقل لك المفاهيم للمواطن نفسه كونه المتلقي المباشر والحلقة الأخيرة لدائرة النشاط الإعلامي الصحفي .











      شخصياً لا أرى إن المشكلة في قانون المطبوعات والنشر بقدر ما إن المشكلة الكبرى هي في فهم القانون نفسه وإستخدام الحق الذي منحته القاعدة القانونية للمعنيين بالقانون وحينها سنرى مدى الرغبة الحقيقية للمحتكين بذلك القانون والملامسين له على ضرورة تحريك السلطة التشريعية -بالرغم من عدم وضوحها- لضمان حرية العمل الإعلامي والصحفي من موقع المطالب بالحق والتعديل من واقع عملي وتطبيقي مهني فمثلاً لم نرى في قانون المطبوعات والنشر أي ذكر لحق حصول الصحفي على المعلومة وهذا الحق هو من أحد أهم الحقوق الأساسية في العمل المهني الصحفي وقد أكدته أغلب قوانين الدول الأخرى فكان من المفترض على المشرع العماني تكريسه في قانون المطبوعات والنشر لتأكيد المبادئ الدستورية التي أقرت بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وحقيقية هي إحدى الهفوات التي تؤخذ على المشرع العماني فبدون هذا الحق يجعل من ممارسات السلطة التنفيذية ممارسات شرعية وقانونية ولكن في الجهة المقابلة لم نرى من المشتغلين في العمل الصحفي أي مطالبات حقيقية لوجود هذا الحق وتأكيده كمسلم من مسلمات العمل المهني للصحفي ولم تلقى هذه النقطة المهمة أي إهتمام .











      لا أنكر أن هناك بعض النقاط التي يكررها ويثيرها الوسط الصحفي دائما ولكن بشكل خجول جداً إلا أنها أيضاً نابعة عن عدم إحاطة كافية للثقافة قانونية كان على المنتمين لذلك الوسط والمؤثرين فيه مراعاتها والأخذ بها فمن بين تلك النقاط إنزعاجهم الدائم من الصلاحيات الكبيرة التي منحها قانون المطبوعات والنشر للجهات التنفيذية وأولها وزارة الإعلام وهذا الأمر صحيح و شاهدناه في الكثير من الأحداث المؤسفة في حق حرية الصحافة في السلطنة ولكن هذه الممارسات ليست سوى ممارسة لحق شرعي من قبل السلطات التنفيذية كفله القانون ولكن في الجهة الأخرى يجوز الطعن في تصرفات الإدارة في المحكمة الإدارية ويعد هذا حق آخر كفلة القانون الإداري للمتضررين بقرارات وزارة الإعلام وللأسف لم نرى تكريساً عملياً لهذا الحق من قبل المعنيين بالحق أنفسهم .







      أخيراً حتى نكون منصفين لا يمكننا القول أن قانون المطبوعات والنشر العماني هو قانون حاد لحرية الصحافة فبشكل تطبيقي فحرية الصحافة في عمان لم تتعرض لإختبار حقيقي بسبب ممارسات تتعلق بصميم العمل الصحفي أكثر مما هي ممارسات تحت غطاء قانوني شرعي من الجهات التنفيذية في البلاد رسخت مفاهيم تتعارض مع مهنية الصحافة وحريتها لم يقف في وجهها أحد من المعنيين والمهتمين بحرية الصحافة في البلاد .








      المصدر : مدونة عمار المعمري


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions