خفة الظل التي يحتملها الملتقى* - جديد سرنمات سعيد

    • خفة الظل التي يحتملها الملتقى* - جديد سرنمات سعيد













      *(نشر هذا المقال في عمود شرفة السماء)






      تخرج من بيتك وأنت تطأ ظلك دون أي إحساس بالألم، فرح خفيف كريشة طائر يحملك إلى السيارة، يأتلف ظلك وظل أخيك ويركنان بهدوء داخل السيارة التي احتفظت بظلها وهي تسير في شمس مسقط الحارقة، لا تنسى أن ظلك ينتظرك هناك في مبنى وزارة التراث والثقافة بمجرد أن تنزل من السيارة، تحمل ظلال حقائبك وراءك لتنضم إلى الظلال التي سبقتك في انتظار الحافلة التي ستقلكَ إلى البريمي حيث يقام ملتقى هذا العام. ظلك الذي لم يتقن تقليدك تماما كان بحاجة إلى ظل هو الآخر، فاتكأت على جذع الشجرة الواقفة بجانب بوابة الوزارة مفضلا إياها على غرفة الحارس المكيفة، التأم ظلك بك بل التأم بظلال عديدة رحتَ تتعرف على أصحابها وأنت تدرك تماما أن التعارف هي فلسفة كل الملتقيات الأدبية ونبض استمرارها.

      ها أنت الآن تحاول أن تقلد ظلك الخفيف أمام بعض المشاركين في الملتقى، تداعب هذا وذاك، وتخفف عن من حملوا ظلالهم إلى الملتقى لأول مرة، فلا شيء يكدر صفوك سوى ظل ثقيل ينوء صاحبه بحمله. تفاجأ بالحافلة الصغيرة وتفكر كيف لها أن تحمل كل هؤلاء وهم يخبئون ظلالهم في حقائبهم؟ وتفاجأ أكثر بأن الحافلة نفسها سوف تقل المشاركات في الملتقى أيضا إضافة إلى المشاركين وهذا ما لم يحدث في أي ملتقى شاركتَ فيه من قبل. تركب الحافلة وأنت تخشى على ظلك من طول الطريق، فما الذي سيحدث لو أنه نام عنك أو فر من النافذة؟ يشغلك هذا الشعور وتحتفظ به لنفسك كي لا تفقد خفتك التي عودتَ الملتقيات السابقة عليها، تصل إلى البريمي ويعانقك شعور غريب بأن ظلك في أمان.

      يبدأ الملتقى. تحضر فعالياته وأنت تحمل ظلك ليستمتع معك بقراءات في الشعر الفصيح والشعر النبطي والقصة القصيرة من قبل المشاركين والمشاركات، تأخذك الرجفة وأنت تلقي قصتك التي تتحدث عن ظل خفيف قمتَ بأنْسَنَتِه، يغضب ظلك منك وتختلفان حول من له الفضل الأكبر على صاحبه، فظلك يصر على أنه كان موجودا قبل أن تولد وأنه كان ينتظرك حتى تحملك قدماك لأول شمس تسقط أشعتها على جسدك، وأنت تصر على أن ظلك قد عرقلك مراراً وهو يتشبث بقدميك كي لا تصل الملتقى، وها أنت قد انتقمت منه أخيرا بكتابة قصة تشوه خفته، يقول ظلك حاسرا سواده: " إننا -معشر الظلال- مجرد لوحات سوداء لكم ترسمها الشمس بالظلام، وبعد أن كنا في الأصل توائمكم أصبحنا بسبب الشمس أسرى لكم تسحبوننا وراء ظهوركم دون أدنى شعور بالشفقة. "

      ترثي خفته بقصيدة خرساء ويصبح ثقله عبئاً عليك، تحاول أن تتخفف منه فتحاور القاص محمد القرمطي الذي ركن إلى ظله منذ زمن " رافضاً "، يدور بينكما حوار حول السرد، وتفاجأ كيف أن القرمطي على رغم توقفه عن الكتابة منذ فترة ليست بالقصيرة إلا أن لسانه طافح بالقصص ليقول لك بأن الحياة كلها قصة طويلة منذ بدء الخليقة حتى أيامنا هذه، حتى القصائد والروايات والمسرحيات ما هي إلا قصص! تعجبك عنصريته للقصة، وتتشبث برأيك الذي احتفظت به وتصر بأنك إذا ما أردت أن تخرج عن كتابة القصة فلن يكون ذلك إلا لتدخل في كتابة قصة أجمل، وتتذكر ذلك اليوم الذي كنت فيه تنوي أن تكتب مسرحية لينتهي الأمر بهذه المسرحية إلى قصة قصيرة تتحدث عن الظلال أيضا شاركتَ بها في ملتقى خصب عام 2007م.

      في ختام الملتقى تقف مع من وقفوا إجلالا للشيخ هلال العامري الذي خرّج شعراء وقاصين من مكامن ظلالهم طول خمسة عشر عاما، وترفض مع الرافضين أن يركن الشيخ العامري إلى ظله. تتخف من ظلك وتنساه تماما في هذا الملتقى رغم أنه كان يتبعك كذكرى حزينة.



      وليد النبهاني



















      المصدر : مدونة سرنمات سعيد


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions