أمس سرنمنا أنا وطاهر رياض، وهو شاعر متصوف كما لا يعلم بعضكم ومترجم وناشر أحيانا، اجتاحت طاهر " نرفانه" (واموه سمها) شرسة في الليل بينما كنا نسرنم بجوار البحر، ولأنه كان يرافق مسرنما لأول مرة شكك طاهر رياض في الليل الذي لم يكن كموج البحر يرخي سدوله علينا.

قال لي: ما هذا يا مسرنم؟ كأنه ليل!
قلت: آه يا ليل. ( وأخفيت ما في نفس يعقوب عنه)
قال لي: مابك؟ أيؤلمك الليل؟
قلت: جدا (واصلت إخفاء ما في نفس يعقوب خوفا عليه)
قال: لكنه لا يؤلمني!
قلت له (مظهرا نفس يعقوب بارتباك هذه المرة) : اسكت اسكت خيبك الله سيسمعك أديب عماني ويؤنبك إن نفيت الألم عنك.
قال لي: وهل يتألم الأدباء عندكم؟
قلت: أجل.
قال: لمَ؟
قلت: لا أدري. التفسير السرنمي لذلك هو أنهم غرباء كما يقول أجدادنا والغريب من الطبيعي أن يتألم بعيدا عن أوطانه.
قال: حقا! وما يقول أجدادكم؟
قلت: يا غريب كون أديب.

هنا جاءت "نرفانه" وأخذت مني طاهر رياض إلى حيث أمرها الله.

قلت: لعل هذا أديب آخر فضل أن يكون غريبا.

في اليوم التالي وجدت رسالة نصية قصيرة على هاتفي بعدما صحوت من سرنمتي تلك قال فيها طاهر رياض:


" يارمل استكن تحتي، يقول الموج،
كن سجادة لصلاة مائي
كن حدودا لينِّات، لا تعاند
حين أدفع شهوتي في حدك المرسوم
كن يا رمل أطيب نية
وارجع إلى الصحراء أمك،
لم يعد بيني وبينك
غير أن تبتل بي
وأجف فوقك،
عد إلى الصحراء منفى أهلك الأحياء
منفى أهلك الموتي، يقول الموج،
واصعد في الرياح كما تشاء
وعمِّر الكثبان،
واستسلم إلى صبَّارة عمياء
واحضن قطرة المطر اليتيمة ...."

ضحكت حتى سقطت نواجذي لأنني لم أجد سببا مبررا للألم.

ثم قرأت خبرا يفيد أن هذه الأبيات القصيرة قد امتدت لتصير قصيدة طويلة طبعها طاهر رياض عند عمو رياض الريس تحت عنوان ( كأنه ليل) !

ولمعرفة القصة الكاملة حول هذه السرنمة أنصحكم بقراءة قصيدة طاهر رياض الجميلة.