عن الدعاء مجددا:
لقد كان خط سير الكتاب متسقا ، فالفكرة الأولى أن سير الأحداث الكونية يتم عبر سنن كونية معهودة ورتيبة ، وإن الغيبيات عموما يجب أن يحتج بها بأدلة قطعية . وحتى الأخبار التي وردت في القرآن إن كان هناك تفسير يُغلِّب السنن الكونية المعهودة فالأفضل الأخذ به قبل النظر إلى كونها من المعجزات. على هذا يُطبِّق المؤلفان القواعد التي استخلصاها من القرآن على بعض الظواهر من قبيل المعجزة والإلهام والكرامة والسحر والجن والحسد والعين. وكل ذلك ، في رأيي ، يسير سيرا جميلا في ابداء الحجة وتوضيحها. لكن حينما جاءا إلى مسألة الدعاء فقد أصاب النظرية التي ينطلقان منها الشيء الكثير من الاختلال.
الفكرة الكلية من الكتاب تقول أن الغيب هو من علم الله، وأن الله يسير العالم والحوادث بسنن كونية وليس بكسر هذه السنن. والأولى دائما العودة للسنن الكونية حين الحديث عن الغيب غير المطلق. فهناك ملائكة لا نعرف عنهم الكثير إلا ما أخبرنا الله به . لكن الأخبار الواردة في القرآن عن الأقوام السابقين يمكن تأويلها إلى السنن الكونية ، فمثلا ، الحوت لم يبتلع النبي يونس بل التقمه بفمه ، فالابتلاع سيؤدي إلى موته بينما التقامه بالفم ثم لفظه هو الأنسب تأويلا، ولا يختلف مع سير الآية وتفسير المفردات.
على هذا يمضي الكتاب في رد الكرامات والسحر ( الذي هو غير الذي يقوم على تعمية الأبصار وتشويه المُدرَك) وشرح الإلهام كحالة نفسية وعدم تصديق العين إلا بما هي حالة نفسية ، ورد خرافة أن يكون للجن شأن في أمراض الإنسان . وكل ذلك كان متسقا تماما.
لكن في مسألة الدعاء هناك إشكالية كبيرة : فهما لا يردان الدعاء . فالدعاء موجود في القرآن بشكل لا يمكن تأويله إلا بالدعاء ذاته. والآن تقع المشكلة في الاستجابة للدعاء . المؤلفان يقولان أن الله يجيب الدعاء ، وذلك بنص القرآن وبعض الأخبار عن الأقوام السابقين ، بل حتى أن واحدا من المؤلفين يخبر عن حادثة استسقاء قام بها أحد الأئمة ( مع أنه يرفض النقل عن وكالة حدثنا!) ويقول أن المطر نزل استجابة لدعائه. وتلك هي المشكلة ، الدعاء مرتبط في رأيهما بالعمل ، بمعنى ألا استجابة إلا بعمل ، فالدعاء بلا عمل هو مجرد أماني ولقلقة لسان لا معنى لها. ولنا أن نفهم من هذا أن الدعاء يمر بثلاثة مراحل ، تمنى الشيء بداية ، والقول به ، والعمل به. فمثلا ، أتمنى لو أنجج ، أدعو الله أن أنجح ، وأعمل العمل الذي يؤهلني للنجاح. وهنا لا تكون هناك مشكلة لأن العمل هنا مقدور عليه. لكن ماذا عن الدعاء من أجل شيء لا طاقة للفرد به ، كاستنزال المطر. فالإمام دعا الله أن يمطره لكنه لم يعمل على إنجاح إنزال المطر ( بطريقة علمية مثلا) فكيف نزل المطر استجابة لدعائه من غير أن يقترن بعمله؟
القضية هنا كالتالي : الدعاء يوجب تدخل الله بالإجابة . حين يكون الدعاء لأمر شخصي فنستطيع أن نفهم رأي المؤلفيْن في أن الدعاء يجب أن يقترن بالعمل، لأن ذلك داخل ضمن سيرورة السنن الكونية . لكن الدعاء من أجل شيء يتعارض إلى حد ما مع السنن الكونية (في أن المنطقة قاحلة ولا مطر ينزل لفترات طويلة ) لا ينفع معه عمل يقوم به الفرد. ومعنى هذا أن استجابة الله هنا (إن وقعت ) هي كسر للسنن الكونية.
لقد حاجج المؤلفان في رد الكرامات والظواهر الأخرى لرفضها لعدم وجود دليل قطعي عليها ، ولأنها ستؤدي إلى كسر السنن الكونية من غير ما فائدة مرجوة ، واحتالا وأولا النص من أجل أن لا يدخل يونس بطن الحوت ،وألا يكون هناك أمر خارق في معرفة الذي لديه علم في قصته مع النبي سليمان، كل هذا لنكتشف أن الله يكسر السنن بتدخله لاستجابة الدعاء غير الشخصي.
لأقل الأمر مختصرا:
هل يجيب الله الدعاء؟
- نعم . وإذن هناك كسر للسنن الكونية!
- لا. وإذن إما أن نفسر الاستجابة المذكورة في القرآن بأمر آخر أو أن نرجئ الإستجابة إلى الآخرة!

المصدر : مدونة هرطقات
لقد كان خط سير الكتاب متسقا ، فالفكرة الأولى أن سير الأحداث الكونية يتم عبر سنن كونية معهودة ورتيبة ، وإن الغيبيات عموما يجب أن يحتج بها بأدلة قطعية . وحتى الأخبار التي وردت في القرآن إن كان هناك تفسير يُغلِّب السنن الكونية المعهودة فالأفضل الأخذ به قبل النظر إلى كونها من المعجزات. على هذا يُطبِّق المؤلفان القواعد التي استخلصاها من القرآن على بعض الظواهر من قبيل المعجزة والإلهام والكرامة والسحر والجن والحسد والعين. وكل ذلك ، في رأيي ، يسير سيرا جميلا في ابداء الحجة وتوضيحها. لكن حينما جاءا إلى مسألة الدعاء فقد أصاب النظرية التي ينطلقان منها الشيء الكثير من الاختلال.
الفكرة الكلية من الكتاب تقول أن الغيب هو من علم الله، وأن الله يسير العالم والحوادث بسنن كونية وليس بكسر هذه السنن. والأولى دائما العودة للسنن الكونية حين الحديث عن الغيب غير المطلق. فهناك ملائكة لا نعرف عنهم الكثير إلا ما أخبرنا الله به . لكن الأخبار الواردة في القرآن عن الأقوام السابقين يمكن تأويلها إلى السنن الكونية ، فمثلا ، الحوت لم يبتلع النبي يونس بل التقمه بفمه ، فالابتلاع سيؤدي إلى موته بينما التقامه بالفم ثم لفظه هو الأنسب تأويلا، ولا يختلف مع سير الآية وتفسير المفردات.
على هذا يمضي الكتاب في رد الكرامات والسحر ( الذي هو غير الذي يقوم على تعمية الأبصار وتشويه المُدرَك) وشرح الإلهام كحالة نفسية وعدم تصديق العين إلا بما هي حالة نفسية ، ورد خرافة أن يكون للجن شأن في أمراض الإنسان . وكل ذلك كان متسقا تماما.
لكن في مسألة الدعاء هناك إشكالية كبيرة : فهما لا يردان الدعاء . فالدعاء موجود في القرآن بشكل لا يمكن تأويله إلا بالدعاء ذاته. والآن تقع المشكلة في الاستجابة للدعاء . المؤلفان يقولان أن الله يجيب الدعاء ، وذلك بنص القرآن وبعض الأخبار عن الأقوام السابقين ، بل حتى أن واحدا من المؤلفين يخبر عن حادثة استسقاء قام بها أحد الأئمة ( مع أنه يرفض النقل عن وكالة حدثنا!) ويقول أن المطر نزل استجابة لدعائه. وتلك هي المشكلة ، الدعاء مرتبط في رأيهما بالعمل ، بمعنى ألا استجابة إلا بعمل ، فالدعاء بلا عمل هو مجرد أماني ولقلقة لسان لا معنى لها. ولنا أن نفهم من هذا أن الدعاء يمر بثلاثة مراحل ، تمنى الشيء بداية ، والقول به ، والعمل به. فمثلا ، أتمنى لو أنجج ، أدعو الله أن أنجح ، وأعمل العمل الذي يؤهلني للنجاح. وهنا لا تكون هناك مشكلة لأن العمل هنا مقدور عليه. لكن ماذا عن الدعاء من أجل شيء لا طاقة للفرد به ، كاستنزال المطر. فالإمام دعا الله أن يمطره لكنه لم يعمل على إنجاح إنزال المطر ( بطريقة علمية مثلا) فكيف نزل المطر استجابة لدعائه من غير أن يقترن بعمله؟
القضية هنا كالتالي : الدعاء يوجب تدخل الله بالإجابة . حين يكون الدعاء لأمر شخصي فنستطيع أن نفهم رأي المؤلفيْن في أن الدعاء يجب أن يقترن بالعمل، لأن ذلك داخل ضمن سيرورة السنن الكونية . لكن الدعاء من أجل شيء يتعارض إلى حد ما مع السنن الكونية (في أن المنطقة قاحلة ولا مطر ينزل لفترات طويلة ) لا ينفع معه عمل يقوم به الفرد. ومعنى هذا أن استجابة الله هنا (إن وقعت ) هي كسر للسنن الكونية.
لقد حاجج المؤلفان في رد الكرامات والظواهر الأخرى لرفضها لعدم وجود دليل قطعي عليها ، ولأنها ستؤدي إلى كسر السنن الكونية من غير ما فائدة مرجوة ، واحتالا وأولا النص من أجل أن لا يدخل يونس بطن الحوت ،وألا يكون هناك أمر خارق في معرفة الذي لديه علم في قصته مع النبي سليمان، كل هذا لنكتشف أن الله يكسر السنن بتدخله لاستجابة الدعاء غير الشخصي.
لأقل الأمر مختصرا:
هل يجيب الله الدعاء؟
- نعم . وإذن هناك كسر للسنن الكونية!
- لا. وإذن إما أن نفسر الاستجابة المذكورة في القرآن بأمر آخر أو أن نرجئ الإستجابة إلى الآخرة!
المصدر : مدونة هرطقات
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions