أعلم أن خواطركم قد ضاقت وتنغصت بكل ما للكلمة من معنى، بما دار ويدور الآن في رحى المنتديات حول العريضة التي يعتزم بعض الناشطين الإنترنتيين رفعها إلى جلالة السلطان قابوس، رغم كل هذا النقاش الذي يتشكل وكأنه صداع مؤلم ولكني مازلت أرى أن الوضع صحي تماماً، إلا أن عتبي على الطريقة في تداول النقاش بما يخص العريضة، كرهت أكثر ما كرهت الجانب التخويني، ما من داعٍ لذلك يا أخوة، فالمسألة لا تعدو أكثر من كونها فكرة، لا أكثر ولا أقل، فلا داعي لهياستنا ليل نهار أن من أتى بها هم خونة وما إلى ذلك.

موضوع آخر .. العريضة هي إلتماس ومخاطبة من فئة من هذا الشعب لوالدهم، فإذا بعضهم قد بدأ ينظر للأمر وكأنها أمر مفروغ منه، وبدأ يحسب العدة وكأن الموضوع سيصبح بعد غدٍ حقيقة واقعة، وهذه الحقيقة التي يتخيلوها وكأنما هي بحسب نص العريضة تماماً، وهذا فهم ساذج وإستعجال مقرف في الحقيقة يضيع ثمرة النقاش ويشتتها بالضبط كما يفعل التخوين، فهناك المتدينين والعلمانين والملحدين والحداثين .. إلى آخر ذلك من الإتجاهات المختلفة التي توجد في أي مجتمع، وكل من هؤلاء يرى أن العريضة يجب أن تكون بما يوافق توجهه ونظرته في هذه الحياة، وهذا صعب، ولربما تطلب الأمر أن يكون هناك إستفتاء على العريضة ذاتها !! ولا أرى داعٍ لأن يتم تعميق العريضة لتظهر بمظهر نواة لأي دستور، فهي فالنهاية إقتراح من أفراد موقعين عليها، فواللي يرحم والديكم، بس هلكتونا !

هناك فئة توجد بين المتناقشين من تبرز الجانب القانوني في المسألة، ومن تحذر من ملاحقات أمنية، في الحقيقة فهي وجهة نظر، يجب أن ينظر لها، ويجب أن يعلم كل فرد أنه مسئول عن نفسه وعن ما يقول وعن تصرفاته، ومطالبة شخص ما أن يتحمل مسئولية أحد آخر أظنه مطلب لا يمكن تلبيته حتى في الجنة ..

من الواضح أن ظهور مثل هذه العريضة لهو دليل على حاجاتنا إلى التغيير في طريقة تعاطينا مع الأمور في هذه البلاد، من نواحيٍ عدة، لا أعلم بالضبط ما هي الصورة التي يجب أن تكون عليها هذه البلاد، ولكن بالتأكيد هناك متسعٌ كبير لتغيير سياسيات معينة ترفع عن كاهل المواطن العادي الكثير من الأعباء الغير ضرورية ..

لا أشعر بالحرية حتى الآن أن أقول كل ما أريد قوله، قد يكون هو الخوف، وقد يكون رقيباً ذاتي، تولد في نفسيتي وطريقتي حتى في الحديث، فنحن نعيش في مجتمع قمعي، بغض النظر عن موقف حكومة هذه البلاد إزاء هذا الأمر على وجه الخصوص، وربما الحرية والقدرة على كفالة حرية التعبير هو أكبر المطالب الآن ..

فشكول يرى أن الأمر مناط قبل كل شيء بالحرية، على سبيل المثال لا أعلم إن كان يوجد هناك ميثاق عمل للصحفي، يبين له حقوقه وواجباته، وتوفر له كل الشروط اللازمه التي تحمي مهنته وتزيد من فعاليتها، مثلاً، هل يحق للصحفي أن يحمي مصادر معلوماته؟! أم أنه إن أظهر معلومة وجب عليه أن يكون في ضيافة الإدعاء العام ليحقق معه ويطلع كل شي من عينه؟! هل يوجد في القانون ما يؤكد بالضبط وبالحرف وبالأبيض وبالأسود ما يبين له الخطوط الحمراء والزرقاء والخضراء التي يجب عليه أن يُسّير عليها مهنته؟! .. إلى آخر ذلك مما يحدد حقوق/واجبات الصحفي ..

أظن أن العريضة هي إختزال ونتيجة لما يختلج بالنفوس من رغبة في تغيير الشعور بتدهور الثقة وإيجاد شيء من الشراكة والثقة بيننا وبينهم ..