قناع من أجل الحرية - جديد عيناك

    • قناع من أجل الحرية - جديد عيناك


      أود الكتابة اليوم عن الشفافية ، ذلك الشيء الذي صار ضربا من المستحيل في أيامنا هذي وبالأخص في مجتمع كمجتمعنا . كيف نكون نحن و نظهر بمظهرنا الحقيقي دون أن نواجه أشد التهم وتسقط علينا عقوبة الإقصاء ؟

      ميزة إيجابية أجدها لدى أفراد المجتمعات الغربية وهي أنهم يعلموا ويعودوا أطفالهم على التعبير عن مشاعرهم و يعطوهم مطلق الحرية في إبداء أرائهم منذ نعومة أظافرهم ، هناك مشاعر الحب والكره الصادرة من الأبناء معترف ومرحب بها لدى الآباء . لا عيب ولا ضرر أن يقول الطفل لأبيه أو أمه في لحظة غضب أنا أكرهك . أما في بيئتنا فالمشاعر السلبية غير مرحب بها بتاتا . لكم أن تتخيلوا مصير الطفل الذي يتجاهل كلام أبيه ، ذلك كفيل أن يوقع به أقسى العقوبات فما بالكم بقول أنا لا أحبكم ؟. أن يتعود الإنسان منذ طفولته على كبت مشاعره هذا خطير جدا ، كبت المشاعر وتراكمها قد يؤدي إلى الانفجار والوصول إلى الأمراض النفسية ، فتجد تعدد الشخصيات لدى الكثير من الأفراد فهم في البيت بوجه وبين الأصدقاء بوجه أخر ، وفي مراحل متقدمة قد يؤدي إلى "فصام الشخصية" . وهذا أيضا ينطبق على المشاعر الإيجابية ولي أن أسألكم كم فرد منكم لا يشعر بالحرج أن يقول لأبيه أنا أحبك ؟ وكم فرد منكم ليس لديه سر يخفيه عن عائلته ؟.

      هنا أكون قد ذكرت لكم فقط مدى الإقصاء الذي سيتعرض له الفرد نتيجة البوح بمشاعره السلبية وهذا أبسط الأمور و مرةً ثانية لكم أن تتخيلوا مدى الإقصاء الذي سيتعرض له الفرد إذا أبدأ رأيه في أمور أكثر تعقيدا كالمذهبية و القبلية.

      ما أود الوصول إليه هنا هو أن بيئتنا تجبر الكثيرون منا على التزيف و التصنع أمام الآخرين . ذلك لأنهم لا يقبلوا منا شيء أقل من الكمال و الكمال لديهم هو "أن نؤمن إيماناً كلياً غير مشروط و غير منقوص بكل ما يؤمنون به حتى و إن كان خاطئاً" (المثالية من المعيار الإجتماعي) . ذلك الأمر يدفع الكثيرون منا إلى البحث عن طرق أخرى في سبيل البوح بمكنونات الصدر ، إحدى هذه الطرق هي إرتداء الأقنعة. فميزة هذه الأقنعة أنها تتيح لنا الظهور على حقيقتنا و إبداء آرائنا بمطلق الحرية وفي نفس الوقت هي تحمينا من الإقصاء وذلك عن طريق إخفاء هويتنا الحقيقية خلفها . و للقناع القدرة على أن يتشكل في عدة أشكال ، وفي حالتنا نحن المدونون فالقناع هو ذلك اللقب الذي يخفي اسمنا الحقيقي .

      الذي يثير إستغرابي هو السبب الذي يدفع الكثير من إخوتي المقنعون إلى الاستمرار في الكبت و ربما التصرف بالمثالية التي يطلبها المجتمع وهم خلف القناع !. يا أصدقاء لماذا نضيف قناع آخر على قناعنا و نتصنع الفرح بينما نحن نتألم ؟ ولماذا نخفي عيوبنا ونتصنع الكمال ونحن هنا خلف القناع ولا حرج علينا ؟ و إلى كم قناع آخر تحتاجون حتى تظهروا على حقيقتكم ؟.

      يعجبني من إخوتي المدنون فشكول و المهذون العسكري (رغم أنه فارقنا) فهم بحق يعرفون كيف يستغلوا القناع الذي بحوزتهم أتم الإستغلال (use it to the limit) إن ما يفعلونه هو ليس توسيخ صفحاتهم بالشتائم كما يقول البعض لكن و في حقيقة الأمر هم ينظفون القلب من الهموم المتراكمة . أما بالنسبة لي فأقول لكم أنه شعور جميل جدا ذاك الذي يمنحني إياه هذا القناع ، هنا أنا أشعر أنني أمنٌ أكثر. لا زيف ولا تكلف فقط كن أنت (يقول لي القناع) . وأقول لكم لا يهمني أن أثير أعجباكم هنا ، يهمني فقط أن أكون كما أنا .

      كونوا شفافين ودعوا النور يخترقكم
      ود لكم ،،

      * الصورة من موقع art.com/




      المصدر : مدونة عيناك