الفصل الثالث
رأفت الهجان العُماني
تلك في الواقع افدح ما رأيت في حياتي وابشع ما سمعت طوال عمري ، ذلك إنني وعندما وطئت قدمي أعتاب مبنى الوطن أو الحديقة ZOO في العام 1984 كان هناك شاب عُماني نحيل الجسم طويل القامة اسمر البشرة واسمه (...........)، كان يعمل طباعا بمكتب سعادة /على الأنصاري وكيل وزارة الإعلام آنذاك ، كان دائم التردد على مبنى الوطن ، كان يدلف وعند وصوله إلى مكتب الطائي وبدون استئذان ، ثم يخرج مباشرة ويصعد الدرج إلى الطابق الثاني حيث مكتب عبد الله كنياتل الهندي الذي كان مناطا به الاحتفاظ بالنقد وبتذاكر البترول ، يدلف إلى عبد الله ثم يخرج إلينا حاملا تذاكر لبترول سيارته وأشياء أخرى ثمينة . سألنا بالعُماني :
ـ (ما السالفة ) ؟..
قالوا:
ـ انه (جاسوس) الوطن بوزارة الإعلام .. وانه يأت ليقدم المعلومات ويقبض الثمن ..
كانت الأعطيات تتدفق أمام أعيننا عليه ومع كل زيارة له لـ الحديقة ، وكنا نحن نحترق كل يوم ونتصبب عرقا من ضنى الجهد الذي نقدمه في اكثر من ميدان بيد إننا لم نتلق أبدا وطوال عشرين عاما من الاحتراق اليومي ربع ما يتلقاه(........ ( ، وعندما آلت اليّ الأمور الإدارية كان على (.......) ان يوثق علاقته بي فكان يحدثني أو هذا ما استدرجته فيه لاقف بنفسي على نوع الخدمات الجليلة والخاصة جدا التي يقدمها للطائي ..
قال يوما وهو مزهو بنفسه وفي حضرة الطائي إذ كنت هناك:
ـ تذكر ياريس عندما أرادوا ان يفعلوا ذلك الأمر ثم أخبرتك على الفور ..
هز الطائي رأسه كتأكيد على انه قد تذكر بالفعل ، اذن من هم الذين أرادوا ؟.. هل هو الكيان الصهيوني مثلا؟.. فاستوثقت من انه بالفعل كذلك وان ما يناله من الطائي هو في الواقع ثمن خيانته لوطنه سلطنة عُمان ، كان يعتقد أو هذا ما بات يؤمن به بعد غسيل الدماغ الذي أجراه له الطائي بان خدماته لـ الحديقة هي قمة الوطنية ، وبالتالي فان وزارة الإعلام هي بمثابة إسرائيل عدو العرب الأول ، وإذا كان الأمر كذلك فهو حكما (رأفت الهجان العُماني) ، نظرية شاذة ولا يوجد لها مثيل في قارات العالم ، وهكذا وطوال عقدين من الزمان كانت أخبار وزارة الإعلام والقرارات التي ينوي معالي الوزير عبد العزيز بن محمد الرواس إصدارها سيما تلك المتعلقة بالصحف والدوريات كانت تصل قبل كتابتها وصياغتها تصل مباشرة للطائي بوقت كاف ليتم اتخاذ الخطوات المضادة لها وبذلك كنا نتقدم على باقي المطبوعات العُمانية بالمعلومات الطازجة التي ترد إلينا .
عندما انتقلنا إلى المبنى الجديد أضيفت إلى أعبائي الوظيفية عبء آخر وهو إعداد مسابقة الوطن الرمضانية وهي مسابقة دينية في الغالب ، ثم تصحيح الإجابات واعلان الفائزين والتي كنا نرصد لها ثلاث سيارات على اقل تقدير تتبرع بها وكالات السيارات في السلطنة كجوائز أولى هذا فضلا عن الجوائز الاخرى المقدمة من باقي الشركات نظير نشر اعلاناتها على مدى شهر رمضان في الصفحة المخصصة لذلك ، فأردت ان استوثق عمليا عما إذا كان (......)لا يزال نشطا في عمله فقلت للطائي:
ما رأيك ان نمنح (........) إحدى السيارات وباعتباره فائزا بالجائزة الأولى..
فكرة خطيرة بكل تأكيد ، وكان حري به ان يسمعني مر الكلام في الاستقامة والأمانة والخلق النبيل الذي كان علينا التحلي به وأنا اضطلع بهذه المسئولية الأخلاقية الجسيمة ، حدث ذلك بعد ان احضر الىّ (........) مظروفا يزعم انه يحمل إجاباته على مسابقة الوطن الرمضانية ، ما حدث كان مفاجأة لي غير إنها متوقعة ، وبالتالي لا يمكننا وصفها بالمفاجأة إلا مجازا ، لقد وافق على هذا الرأي فورا وبدون تفكير ، كأنه قرأ أفكاري مسبقا ثم استنهض لساني للتعبير عما يجيش في حنايا صدره المكتنز بالأسرار والغموض والأكاذيب، سألت نفسي لو إنني قلت له قولا كهذا بشأن (س) من المواطنين العُمانيين فماذا كانت ستكون النتيجة؟..
كان سيعتبرني خارجا عن الملة وعن الجماعة وان كان في دواخله يعشق الفاسدين والمفسدين ، وهكذا فقد مرت إجابات (.......)على مسابقة الوطن الرمضانية بدون تصحيح ، وبدون قرعة ، فانا لم افتح المظروف الخاص به اصلا ، ثم تم تسميته كفائز أول بمسابقة الوطن الرمضانية وفي حفل بهيج ومهيب استلم مفاتيح السيارة من يد الطائي (الكريمة) مباشرة باعتباره فائزا أولا كان قد أبدع وبذل العرق والجهد وهو يبحث في أمهات الكتب والمراجع الإسلامية عن الإجابات الصحيحة لمسابقة الوطن الرمضانية !..
الأسف والاعتذار أقدمه الآن لكل قراء الوطن الذي ساهموا في مسابقة الوطن الرمضانية في ذلك العام على هذا الزيف والتزوير ، ثم أسال الله عز وجل ان يغفر لي خطاياي إن كان ما فعلته خطيئة ، ثم اطلب من قراء الوطن الأعزاء مرة أخرى الصفح الجميل فقد كان هدفي (الاستوثاق) من معلومة جد خطيرة تهم أمن عُمان الوطني وحرمة وزارات مولانا حضرة صاحب الجلالة ، إذ كان لابد من ان يأت يوم ارفع فيه للمقام السامي كل هذه الحقائق كثمن خالص وطاهر لحبي العميق لعُمان سلطانا وحكومة وشعبا ، وباعتبار إنني قد منحت كل شبابي لسلطنة عُمان بغير ندم ، وساهمت رغم الأهواء والأنواء في تقديم فكر وثقافة واضحة المعالم للأجيال العُمانية المتلاحقة حتى بات لي في عُمان أسم ومكانة بين الجموع وأصدقاء خُلص وأعزاء أعتز بهم أبدا .
هرب (.....) أو الهجان من وزارة الإعلام إذ يبدو انهم باتوا يشكون فيه ويضيقون عليه الخناق، كانت وجهته الطبيعية الحديقة الجوارسية إذ لامكان له إلا هي، جاءني يمشي على استحياء إذ كنت وقتها مسئولا عن التحرير وقبل ان يعود عبد الحميد الطائي من الولايات المتحدة الاميركية إذ(......................................)، قال لي :
ـ لم اعد قادرا على البقاء في الإعلام ..
قلت وقد وضعت على وجهي سريعا (قناع المكر) :
الوطن بيتك وهي ترحب بك ، اذهب للرئيس واخبره بتسميتك مديرا للإدارة..
تلك كانت الفترة التي أقصيت فيها من الإدارة بعد حادثة الأجر الإضافي الذي كنت ادفعه للعاملين ، وهي ذاتها الفترة التي ذهب(.....) إلى الطائي واخبره بأنه لم يعد قادرا على البقاء في الإعلام وانهم باتوا يضيقون عليه ، على الفور صدرت الأوامر بتسميته مديرا للإدارة خلفا (..........) تماما كما حددت له ، إذ كنت اعلم بان الطائي لا يملك غير ان يوافق على اقتراحي ، ف(.....) وبكل المقاييس رجل خطير لا يمكن للطائي وبأي حال من الأحوال ان يتركه بعيدا عن عينيه، فهو لا يثق في أصابعه ولا في عددها لذلك يعدها صباح كل يوم جديد ، وما بينه وبين (........) وان انفلت عياره كفيل بانتزاع رؤوس من أعناقها ، إذن بقاءه قريبا منه ومهما كلفه ذلك من مال أجدى وأنفع بكل المقاييس من بقاءه بعيدا عنه، ورغم ان (..........) يمثل الآن عبئا ماليا ثقيلا على الطائي ويعاني من كثرة طلباته التي لا يملك الطائي غير الاستجابة لها فانه وأيضا لا يستطيع طرده أو فصله ، انه المصير المشئوم الواحد.
وتردى العمل في الإدارة حتى وصل إلى الحضيض ، إذ كان (......) طباعا في الإعلام ، ثم وفجأة مديرا للإدارة بالحديقة الجوارسية ، وغاصت الإدارة حتى الأذنين إلى ما بعد الحضيض ، ثم غاصت مرة اخرى الى درك سحيق وغائر ، بعد ان جاء فاروق الاهواني فأوكل إليه أمر شئون الموظفين ، (.....) وجد في وجود الأهواني سانحة طيبة للهو والعبث والقفز كالجنادب ما بين المكاتب والتلهي بهواتفه.
كنت انظر إليه متحسرا إذ عندما كنت مديرا للإدارة كنت لا أنام احمل أوراقي وملفاتي إلى البيت وفي جلسة واحدة حتى الصباح أمام الكمبيوتر أعدادا وتنظيما وفهرسة وارشفة لسجلات الموظفين وغيرها من سجلات وملفات الإدارة ، وفي الصباح الباكر أعود بكل ذلك الحمل الثقيل إلى المكتب لأغذي كمبيوتر المكتب من خلال الأقراص المرنة أو (الدسكات) بما أنجزته ليلة الأمس ، انه فرق شاسع ما بين عهد وعهد ، وفكر وفكر .
فاروق الأهواني مصري الجنسية ضخم الجثة وصل سكن التقاعد ، معتل الصحة ، بالكاد وبجهد جهيد يقطع خطوة واحدة على الأرض ، كان يعمل بإحدى المجلات العُمانية ، عاد إلى مصر ولم يستطع البقاء فيها ، فعاد أدراجه لعُمان ، احتاروا أين يضعوه ، وبعد رحلة بحث فيما بين الأرشيف الصحفي إلى التصحيح إلى قسم التحرير لم يجدوا مكانا أجدى من شئون الموظفين ، سيما انه أي الاهواني اكتشف ان الطائي مولع بحقوق وعرق العاملين فعمل في هذا الاتجاه بقوة وعنف وقسوة بغرض تثبت أقدامه في الحديقة إذ ذلك كل ما كان يهدف إليه .
وكان له ما أراد ، طوال عدة سنوات سرق الأهواني مستحقات العاملين فقدمها كشراب طهور للطائي فتجرعها ثم اثني عليه خلافا لما ينص عليه قانون الحديقة الجوارسية ثم أبقاه حتى وضحت للعيان هياكل العاملين العظمية، تلك هي وحدها معايير الكفاءة المطلوبة في الحديقة.
في هذه الفترة صال الهجان والأهواني وجالا في كيفية استقطاع المزيد والمزيد من مستحقات العاملين كما أخبرتكم اذ هي الطريقة الوحيدة لاثبات الذات ، وفي هذه الفترة السوداء غيروا عقود عمل العاملين قسرا وبالإكراه ، فقانون العمل العُماني ينص صراحة على ان الإجازة هي 30 يوم كل سنة ، فإذا بهم يلغون هذه المادة ويجعلونها كل عامين ، هذه النقطة عاني منها الأجانب قبل غيرهم إذ هم يستحقون تذاكر سفر لموطنهم كل عام فإذا بها كل عامين ، يتعين عليهم رؤية أهلهم وذويهم كل عام، فإذا عليهم رؤيتهم كل عامين .
هم لا يعلمون مدى المرارة التي خلفوها في حلوق اؤلئك العاملين المساكين ، ثم ان قانون العمل العُماني أكد بوضوح وجلاء بأنه وإذا ما استدعت الشركة العاملين لديها للعمل أيام العطلات الرسمية والأعياد فانه يتعين عليها ان تدفع لهم نظير هذا اليوم بزيادة 25 % ، الهجان والاهواني الغوا هذا القانون بعد ان الغوا الـ 25% هذه وقدموها كهدية للطائي كتأكيد على انهما حريصان على أموال الحديقة الجوارسية فاثنى عليهما أيما ثناء فهذه هي الكفاءة الإدارية المطلوبة في ذاك الزمان وفي ذاك المكان كما حدثتكم. لم يكن في وسع أي من العاملين غيري الاعتراض على هكذا أفعال وبناء ما سأحدثكم عنه لا حقا .
في يوم من الأيام حدث صدام بيني وبين (......)، ذهب واخبر الطائي ، فجاء على الفور وفي قاعة قسم الإعلانات حيث مكتبي ومكاتب الشئون المالية رفع عقيرته بالصياح المدوي قائلا :
ـ جئت (باـ....... )لأضعه فوق الجميع .. فوق أخي عبد الحميد الطائي نفسه ..
كنت الوحيد الذي يعلم كيف ولماذا جاء (......) إلى الحديقة ، بل إنني سميت الوظيفة التي سيشغلها وقبل ان يشغلها وقبل ان يخبر الطائي بنيته وكنت اعلم أيضا بان طلبه مقبول مقبول ، ثم انني اعرف شيئا واحدا ساطع كالضؤ وباهر كالشمس ، هو ان الله عز وجل هو الذي فوق الجميع وليس (.......).
كتبت (.........) رسالة مطبوعة على الكمبيوتر تأكيدا على ثقتي بنفسي واثباتا لما قلته له إذ لا أزال احتفظ بنسخة منها ، قلت له فيها وبوضوح تام :
انك كنت دائما رجل الوطن في وزارة الإعلام ، وفي الحديقة انت فوق الجميع فاين هي مكانة الله عز وجل ، الله عز وجل هو الذي فوق الجميع ولست انت كما يزعم الطائي .. اما العلاقة بين الزملاء في العمل فتلك يحكمها قانون العمل العُماني وهو الذي ينظم العلاقة بين الرئيس والمرؤوس ، هذا كل ما هناك ..
هكذا كتبت له ، مصطلح رجل الوطن بالإعلام هو بطبيعة الحال قول مهذب لمصطلح ( جاسوس الوطن بالإعلام) ، وبما إنني كتبت إليه هذا الكلام ولم اقله شفاهة فقد حمل الرسالة إلى الطائي ، وقبلها أرسل اليّ ردا مطبوعا على الكمبيوتر أيضا لا أزال احتفظ به كذلك ، يمور مورا بعبارات الود الجميل مارا مرور الكرام على النقطة الوهاجة وهي قولي : انك رجل الوطن بالإعلام ، لم يعقب عليها ، لم يستنكرها ، لم يشجبها ، لم يغضب منها ، حمل الرسالة للطائي فماذا كان الرد الذي تلقيته ؟..
من المفترض جدلا ومنطقا ان يُعقد مجلس تأديبي وفوري لامثل صاغرا أمامه باعتباري قلت كلاما خطيرا في حق مدير الإدارة وكان يتعين فصلي من العمل فورا ، غير ان كل ذلك لم يحدث على الإطلاق يا أخوان ، العكس هو الذي قد حدث ، فقد أمر الطائي جاسوسه الأثير ان يقدم لي هدية عبارة عن طاقم أقلام باركر فاخر بني اللون لا أزال احتفظ به حتى اللحظة ، وسيبقى معي إلى ما شاء الله ولتبقى الذكرى حية متقدة كالجمر ، قال لي وهو يقدم طاقم الأقلام بعد ان تم تغليفه بالورق الخاص بالهدايا فبدا الصندوق أنيقا :
ـ تقبل يا أخي هذه الهدية كعربون صداقة وحب ..
ذلك كان ما يكفيني من دلائل على ان المعولي قد خان وطنه سلطنة عُمان لصالح الحديقة الجوارسية الجميلة . وهكذا بقى (.......) إلى الآن يتقلب في النعيم الحرام ، سيارات ، واعطيات ، واموال ، وفلل ، فهنيئا له بكل ذلك ، واللهم لا حسد..
من الكتاب الأسود لصحيفة الوطن العمانية- ضرغام أبو زيد- 4
رأفت الهجان العُماني
تلك في الواقع افدح ما رأيت في حياتي وابشع ما سمعت طوال عمري ، ذلك إنني وعندما وطئت قدمي أعتاب مبنى الوطن أو الحديقة ZOO في العام 1984 كان هناك شاب عُماني نحيل الجسم طويل القامة اسمر البشرة واسمه (...........)، كان يعمل طباعا بمكتب سعادة /على الأنصاري وكيل وزارة الإعلام آنذاك ، كان دائم التردد على مبنى الوطن ، كان يدلف وعند وصوله إلى مكتب الطائي وبدون استئذان ، ثم يخرج مباشرة ويصعد الدرج إلى الطابق الثاني حيث مكتب عبد الله كنياتل الهندي الذي كان مناطا به الاحتفاظ بالنقد وبتذاكر البترول ، يدلف إلى عبد الله ثم يخرج إلينا حاملا تذاكر لبترول سيارته وأشياء أخرى ثمينة . سألنا بالعُماني :
ـ (ما السالفة ) ؟..
قالوا:
ـ انه (جاسوس) الوطن بوزارة الإعلام .. وانه يأت ليقدم المعلومات ويقبض الثمن ..
كانت الأعطيات تتدفق أمام أعيننا عليه ومع كل زيارة له لـ الحديقة ، وكنا نحن نحترق كل يوم ونتصبب عرقا من ضنى الجهد الذي نقدمه في اكثر من ميدان بيد إننا لم نتلق أبدا وطوال عشرين عاما من الاحتراق اليومي ربع ما يتلقاه(........ ( ، وعندما آلت اليّ الأمور الإدارية كان على (.......) ان يوثق علاقته بي فكان يحدثني أو هذا ما استدرجته فيه لاقف بنفسي على نوع الخدمات الجليلة والخاصة جدا التي يقدمها للطائي ..
قال يوما وهو مزهو بنفسه وفي حضرة الطائي إذ كنت هناك:
ـ تذكر ياريس عندما أرادوا ان يفعلوا ذلك الأمر ثم أخبرتك على الفور ..
هز الطائي رأسه كتأكيد على انه قد تذكر بالفعل ، اذن من هم الذين أرادوا ؟.. هل هو الكيان الصهيوني مثلا؟.. فاستوثقت من انه بالفعل كذلك وان ما يناله من الطائي هو في الواقع ثمن خيانته لوطنه سلطنة عُمان ، كان يعتقد أو هذا ما بات يؤمن به بعد غسيل الدماغ الذي أجراه له الطائي بان خدماته لـ الحديقة هي قمة الوطنية ، وبالتالي فان وزارة الإعلام هي بمثابة إسرائيل عدو العرب الأول ، وإذا كان الأمر كذلك فهو حكما (رأفت الهجان العُماني) ، نظرية شاذة ولا يوجد لها مثيل في قارات العالم ، وهكذا وطوال عقدين من الزمان كانت أخبار وزارة الإعلام والقرارات التي ينوي معالي الوزير عبد العزيز بن محمد الرواس إصدارها سيما تلك المتعلقة بالصحف والدوريات كانت تصل قبل كتابتها وصياغتها تصل مباشرة للطائي بوقت كاف ليتم اتخاذ الخطوات المضادة لها وبذلك كنا نتقدم على باقي المطبوعات العُمانية بالمعلومات الطازجة التي ترد إلينا .
عندما انتقلنا إلى المبنى الجديد أضيفت إلى أعبائي الوظيفية عبء آخر وهو إعداد مسابقة الوطن الرمضانية وهي مسابقة دينية في الغالب ، ثم تصحيح الإجابات واعلان الفائزين والتي كنا نرصد لها ثلاث سيارات على اقل تقدير تتبرع بها وكالات السيارات في السلطنة كجوائز أولى هذا فضلا عن الجوائز الاخرى المقدمة من باقي الشركات نظير نشر اعلاناتها على مدى شهر رمضان في الصفحة المخصصة لذلك ، فأردت ان استوثق عمليا عما إذا كان (......)لا يزال نشطا في عمله فقلت للطائي:
ما رأيك ان نمنح (........) إحدى السيارات وباعتباره فائزا بالجائزة الأولى..
فكرة خطيرة بكل تأكيد ، وكان حري به ان يسمعني مر الكلام في الاستقامة والأمانة والخلق النبيل الذي كان علينا التحلي به وأنا اضطلع بهذه المسئولية الأخلاقية الجسيمة ، حدث ذلك بعد ان احضر الىّ (........) مظروفا يزعم انه يحمل إجاباته على مسابقة الوطن الرمضانية ، ما حدث كان مفاجأة لي غير إنها متوقعة ، وبالتالي لا يمكننا وصفها بالمفاجأة إلا مجازا ، لقد وافق على هذا الرأي فورا وبدون تفكير ، كأنه قرأ أفكاري مسبقا ثم استنهض لساني للتعبير عما يجيش في حنايا صدره المكتنز بالأسرار والغموض والأكاذيب، سألت نفسي لو إنني قلت له قولا كهذا بشأن (س) من المواطنين العُمانيين فماذا كانت ستكون النتيجة؟..
كان سيعتبرني خارجا عن الملة وعن الجماعة وان كان في دواخله يعشق الفاسدين والمفسدين ، وهكذا فقد مرت إجابات (.......)على مسابقة الوطن الرمضانية بدون تصحيح ، وبدون قرعة ، فانا لم افتح المظروف الخاص به اصلا ، ثم تم تسميته كفائز أول بمسابقة الوطن الرمضانية وفي حفل بهيج ومهيب استلم مفاتيح السيارة من يد الطائي (الكريمة) مباشرة باعتباره فائزا أولا كان قد أبدع وبذل العرق والجهد وهو يبحث في أمهات الكتب والمراجع الإسلامية عن الإجابات الصحيحة لمسابقة الوطن الرمضانية !..
الأسف والاعتذار أقدمه الآن لكل قراء الوطن الذي ساهموا في مسابقة الوطن الرمضانية في ذلك العام على هذا الزيف والتزوير ، ثم أسال الله عز وجل ان يغفر لي خطاياي إن كان ما فعلته خطيئة ، ثم اطلب من قراء الوطن الأعزاء مرة أخرى الصفح الجميل فقد كان هدفي (الاستوثاق) من معلومة جد خطيرة تهم أمن عُمان الوطني وحرمة وزارات مولانا حضرة صاحب الجلالة ، إذ كان لابد من ان يأت يوم ارفع فيه للمقام السامي كل هذه الحقائق كثمن خالص وطاهر لحبي العميق لعُمان سلطانا وحكومة وشعبا ، وباعتبار إنني قد منحت كل شبابي لسلطنة عُمان بغير ندم ، وساهمت رغم الأهواء والأنواء في تقديم فكر وثقافة واضحة المعالم للأجيال العُمانية المتلاحقة حتى بات لي في عُمان أسم ومكانة بين الجموع وأصدقاء خُلص وأعزاء أعتز بهم أبدا .
هرب (.....) أو الهجان من وزارة الإعلام إذ يبدو انهم باتوا يشكون فيه ويضيقون عليه الخناق، كانت وجهته الطبيعية الحديقة الجوارسية إذ لامكان له إلا هي، جاءني يمشي على استحياء إذ كنت وقتها مسئولا عن التحرير وقبل ان يعود عبد الحميد الطائي من الولايات المتحدة الاميركية إذ(......................................)، قال لي :
ـ لم اعد قادرا على البقاء في الإعلام ..
قلت وقد وضعت على وجهي سريعا (قناع المكر) :
الوطن بيتك وهي ترحب بك ، اذهب للرئيس واخبره بتسميتك مديرا للإدارة..
تلك كانت الفترة التي أقصيت فيها من الإدارة بعد حادثة الأجر الإضافي الذي كنت ادفعه للعاملين ، وهي ذاتها الفترة التي ذهب(.....) إلى الطائي واخبره بأنه لم يعد قادرا على البقاء في الإعلام وانهم باتوا يضيقون عليه ، على الفور صدرت الأوامر بتسميته مديرا للإدارة خلفا (..........) تماما كما حددت له ، إذ كنت اعلم بان الطائي لا يملك غير ان يوافق على اقتراحي ، ف(.....) وبكل المقاييس رجل خطير لا يمكن للطائي وبأي حال من الأحوال ان يتركه بعيدا عن عينيه، فهو لا يثق في أصابعه ولا في عددها لذلك يعدها صباح كل يوم جديد ، وما بينه وبين (........) وان انفلت عياره كفيل بانتزاع رؤوس من أعناقها ، إذن بقاءه قريبا منه ومهما كلفه ذلك من مال أجدى وأنفع بكل المقاييس من بقاءه بعيدا عنه، ورغم ان (..........) يمثل الآن عبئا ماليا ثقيلا على الطائي ويعاني من كثرة طلباته التي لا يملك الطائي غير الاستجابة لها فانه وأيضا لا يستطيع طرده أو فصله ، انه المصير المشئوم الواحد.
وتردى العمل في الإدارة حتى وصل إلى الحضيض ، إذ كان (......) طباعا في الإعلام ، ثم وفجأة مديرا للإدارة بالحديقة الجوارسية ، وغاصت الإدارة حتى الأذنين إلى ما بعد الحضيض ، ثم غاصت مرة اخرى الى درك سحيق وغائر ، بعد ان جاء فاروق الاهواني فأوكل إليه أمر شئون الموظفين ، (.....) وجد في وجود الأهواني سانحة طيبة للهو والعبث والقفز كالجنادب ما بين المكاتب والتلهي بهواتفه.
كنت انظر إليه متحسرا إذ عندما كنت مديرا للإدارة كنت لا أنام احمل أوراقي وملفاتي إلى البيت وفي جلسة واحدة حتى الصباح أمام الكمبيوتر أعدادا وتنظيما وفهرسة وارشفة لسجلات الموظفين وغيرها من سجلات وملفات الإدارة ، وفي الصباح الباكر أعود بكل ذلك الحمل الثقيل إلى المكتب لأغذي كمبيوتر المكتب من خلال الأقراص المرنة أو (الدسكات) بما أنجزته ليلة الأمس ، انه فرق شاسع ما بين عهد وعهد ، وفكر وفكر .
فاروق الأهواني مصري الجنسية ضخم الجثة وصل سكن التقاعد ، معتل الصحة ، بالكاد وبجهد جهيد يقطع خطوة واحدة على الأرض ، كان يعمل بإحدى المجلات العُمانية ، عاد إلى مصر ولم يستطع البقاء فيها ، فعاد أدراجه لعُمان ، احتاروا أين يضعوه ، وبعد رحلة بحث فيما بين الأرشيف الصحفي إلى التصحيح إلى قسم التحرير لم يجدوا مكانا أجدى من شئون الموظفين ، سيما انه أي الاهواني اكتشف ان الطائي مولع بحقوق وعرق العاملين فعمل في هذا الاتجاه بقوة وعنف وقسوة بغرض تثبت أقدامه في الحديقة إذ ذلك كل ما كان يهدف إليه .
وكان له ما أراد ، طوال عدة سنوات سرق الأهواني مستحقات العاملين فقدمها كشراب طهور للطائي فتجرعها ثم اثني عليه خلافا لما ينص عليه قانون الحديقة الجوارسية ثم أبقاه حتى وضحت للعيان هياكل العاملين العظمية، تلك هي وحدها معايير الكفاءة المطلوبة في الحديقة.
في هذه الفترة صال الهجان والأهواني وجالا في كيفية استقطاع المزيد والمزيد من مستحقات العاملين كما أخبرتكم اذ هي الطريقة الوحيدة لاثبات الذات ، وفي هذه الفترة السوداء غيروا عقود عمل العاملين قسرا وبالإكراه ، فقانون العمل العُماني ينص صراحة على ان الإجازة هي 30 يوم كل سنة ، فإذا بهم يلغون هذه المادة ويجعلونها كل عامين ، هذه النقطة عاني منها الأجانب قبل غيرهم إذ هم يستحقون تذاكر سفر لموطنهم كل عام فإذا بها كل عامين ، يتعين عليهم رؤية أهلهم وذويهم كل عام، فإذا عليهم رؤيتهم كل عامين .
هم لا يعلمون مدى المرارة التي خلفوها في حلوق اؤلئك العاملين المساكين ، ثم ان قانون العمل العُماني أكد بوضوح وجلاء بأنه وإذا ما استدعت الشركة العاملين لديها للعمل أيام العطلات الرسمية والأعياد فانه يتعين عليها ان تدفع لهم نظير هذا اليوم بزيادة 25 % ، الهجان والاهواني الغوا هذا القانون بعد ان الغوا الـ 25% هذه وقدموها كهدية للطائي كتأكيد على انهما حريصان على أموال الحديقة الجوارسية فاثنى عليهما أيما ثناء فهذه هي الكفاءة الإدارية المطلوبة في ذاك الزمان وفي ذاك المكان كما حدثتكم. لم يكن في وسع أي من العاملين غيري الاعتراض على هكذا أفعال وبناء ما سأحدثكم عنه لا حقا .
في يوم من الأيام حدث صدام بيني وبين (......)، ذهب واخبر الطائي ، فجاء على الفور وفي قاعة قسم الإعلانات حيث مكتبي ومكاتب الشئون المالية رفع عقيرته بالصياح المدوي قائلا :
ـ جئت (باـ....... )لأضعه فوق الجميع .. فوق أخي عبد الحميد الطائي نفسه ..
كنت الوحيد الذي يعلم كيف ولماذا جاء (......) إلى الحديقة ، بل إنني سميت الوظيفة التي سيشغلها وقبل ان يشغلها وقبل ان يخبر الطائي بنيته وكنت اعلم أيضا بان طلبه مقبول مقبول ، ثم انني اعرف شيئا واحدا ساطع كالضؤ وباهر كالشمس ، هو ان الله عز وجل هو الذي فوق الجميع وليس (.......).
كتبت (.........) رسالة مطبوعة على الكمبيوتر تأكيدا على ثقتي بنفسي واثباتا لما قلته له إذ لا أزال احتفظ بنسخة منها ، قلت له فيها وبوضوح تام :
انك كنت دائما رجل الوطن في وزارة الإعلام ، وفي الحديقة انت فوق الجميع فاين هي مكانة الله عز وجل ، الله عز وجل هو الذي فوق الجميع ولست انت كما يزعم الطائي .. اما العلاقة بين الزملاء في العمل فتلك يحكمها قانون العمل العُماني وهو الذي ينظم العلاقة بين الرئيس والمرؤوس ، هذا كل ما هناك ..
هكذا كتبت له ، مصطلح رجل الوطن بالإعلام هو بطبيعة الحال قول مهذب لمصطلح ( جاسوس الوطن بالإعلام) ، وبما إنني كتبت إليه هذا الكلام ولم اقله شفاهة فقد حمل الرسالة إلى الطائي ، وقبلها أرسل اليّ ردا مطبوعا على الكمبيوتر أيضا لا أزال احتفظ به كذلك ، يمور مورا بعبارات الود الجميل مارا مرور الكرام على النقطة الوهاجة وهي قولي : انك رجل الوطن بالإعلام ، لم يعقب عليها ، لم يستنكرها ، لم يشجبها ، لم يغضب منها ، حمل الرسالة للطائي فماذا كان الرد الذي تلقيته ؟..
من المفترض جدلا ومنطقا ان يُعقد مجلس تأديبي وفوري لامثل صاغرا أمامه باعتباري قلت كلاما خطيرا في حق مدير الإدارة وكان يتعين فصلي من العمل فورا ، غير ان كل ذلك لم يحدث على الإطلاق يا أخوان ، العكس هو الذي قد حدث ، فقد أمر الطائي جاسوسه الأثير ان يقدم لي هدية عبارة عن طاقم أقلام باركر فاخر بني اللون لا أزال احتفظ به حتى اللحظة ، وسيبقى معي إلى ما شاء الله ولتبقى الذكرى حية متقدة كالجمر ، قال لي وهو يقدم طاقم الأقلام بعد ان تم تغليفه بالورق الخاص بالهدايا فبدا الصندوق أنيقا :
ـ تقبل يا أخي هذه الهدية كعربون صداقة وحب ..
ذلك كان ما يكفيني من دلائل على ان المعولي قد خان وطنه سلطنة عُمان لصالح الحديقة الجوارسية الجميلة . وهكذا بقى (.......) إلى الآن يتقلب في النعيم الحرام ، سيارات ، واعطيات ، واموال ، وفلل ، فهنيئا له بكل ذلك ، واللهم لا حسد..
من الكتاب الأسود لصحيفة الوطن العمانية- ضرغام أبو زيد- 4
المصدر : عماني ممنوع من الكلام
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions