دراسات لمجموعة من النماذج المسرحية المنتقاة - جديد سعيد السيابي

    • دراسات لمجموعة من النماذج المسرحية المنتقاة - جديد سعيد السيابي

      12/26/2009كتبت - مديحة عثمان :أصدرت الناقدة الفنية عزة القصابية كتابا يضم دراسات لمجموعة من النماذج المسرحية المنتقاة من المسرح العربي، بعنوان "توظيف التاريخ والتراث في المسرح العربي الحديث" حيث قدمت من خلال تلك النماذج التاريخية دراسات تحليلية نقدية، بهدف عرض الاختلافات الواردة في النصوص المسرحية المؤلفة والمادة التاريخية، وأيضا مدى تشابههما سواء في الموضوعات أو الشخصيات والمدخل إلى الدراسات التي طرحتها الناقدة.بدأت الناقدة بتقديم نبذة عن العوامل التي أدت إلى اتجاه المؤلف المسرحي إلى التاريخ لتأليف نصوص مسرحية تنبض بالمتعة والمعرفة، وشرحت مفهوم الحقيقة التاريخية بأنها تتبع وتفسير التطور الذي تمر به المجتمعات، والتطور التاريخي، وهو محاولة في سبيل التوصل إلى رؤية الماضي عن طريق الربط بين الحقائق التاريخية بشكل تبدو متناسقة. وذكرت أن أول مسرحية تاريخية اقتبس موضوعها من التاريخ كانت مسرحية "الفرس" للكاتب الشاعر الإغريقي اسيخيليوس، وتعود المسرحية إلى عام 480 ق.م، حيث استعرضت هذه المسرحية الحرب بين الفرس والإغريق في معركة "سلاميس"، التي انتهت بانتصار الإغريق على الفرس، وفي المسرحية صور جند الفرس وهم في حالة يرثى لها، كما قدمت في هذا السياق مثالا آخر لعملاق المسرح الإنجليزي وليم شكسبير الذي استلهم مسرحياته من التاريخ العالمي بما تضمنته أعماله مثل "الملك جون، وريتشارد الثاني والثالث، وسيرة "هنري الرابع والخامس"، تطرقت بعدها إلى الحديث عن المسرح في الوطن العربي، فذكرت أنه ظهر في نهاية القرن التاسع وبداية القرن العشرين، وقد اعتمد في مراحله الأولى على النقل والاقتباس، وفي مرحلة لاحقة تم التأكيد على الهوية القومية العربية يستمد مادته من التاريخ العربي الإسلامي، ومن الأمثلة على ذلك المسرحيات التي أخذت موضوعاتها من التاريخ المصري العربي، والتاريخ المصري الفرعوني المتعلق بسيرة الملوك، وتاريخ مصر في ظل الحضارة الإسلامية مثل الدولة الفاطمية والإخشيدية وشجرة الدر، ومنهم من تناول موضوعات تتحدث عن الدولة العباسية. وفي الفصل الأول قدمت نموذجا مسرحيا ينتمي إلى العصر الجاهلي، من خلال مسرحية "الزير سالم" لألفريد الفرج، باعتباره نموذجا مسرحيا اعتمد في بنائه الدرامي على التاريخ والتأريخ الشعبي بالإضافة إلى احتواء العمل بعض الأحداث التي هي من صنع المؤلف، وتشير المؤلفة في ذلك الفصل إلى أن أوجه التشابه في السيرة الشعبية والرواية التاريخية هي ظهور شخصية سالم أو المهلهل، بعد مقتل أخيه كليب، وتتفق في ذكر السبب الرئيسي لقيام الحرب وتتجسد في مقتل ناقة البسوس وأيضا اتفاق المصدرين على تحديد نهاية المهلهل، وعن أوجه الاختلاف بين السيرة الشعبية والرواية التاريخية بينت الناقدة أنها تتمثل في عدة نقاط منها ميل السيرة الشعبية إلى ذكر العداء القائم بين ملك اليمن وكليب ثم مقتله على يد كليب، مما جعل سعاد تفكر في حيلة للثأر من كليب، بينما تصور كتب التاريخ المهلهل ماجنا لا هم له سوى الشراب إلى غيرها من أوجه الاختلاف. بعدها قامت بتحليل المسرحية ونقدها فذكرت من مجموع ما ذكرته في التحليل عددا من النقاط نذكر منها أن ألفريد فرج قدم المسرحية على أساس استرجاع الحدث أما الشخصيات فقدمت كما وردت في السيرة الهلالية القديمة، وأضاف الكاتب عددا من الشخصيات التي لم يرد ذكرها في التاريخ أو السيرة الشعبية بالإضافة إلى استخدامه لشخصيات مجردة رمزية، وقامت المسرحية على فكرة أساسية هي فكرة الانتقام، وعمد الكاتب إلى نقل الأحداث التي وقعت في التاريخ الشعبي لأيام العرب، واستطاع أن يجدد في الشكل المسرحي القديم، بغية إثارة الصورة الذهنية في عقل المشاهد من خلال سرد قصة من الماضي. أما في الفصل الثاني فقد قدمت نموذجا مسرحيا يجسد العصر الإسلامي، عارضا أهم وأخطر الفتن الكبرى التي حدثت في التاريخ الإسلامي، وذلك من خلال نص مسرحية "الحسين ثائرا" لعبدالرحمن الشرقاوي، وقامت الناقدة بتحليل أحداث المسرحية حدثا تلو الآخر، وبالمجمل تقول أن الشرقاوي وفق في صياغة مشاهد هذه المسرحية الشعرية وإن كانت أقرب إلى الملحمية، واستخدام اللغة الشعرية جاء ليتناسب مع موضوع المسرحية، على اعتبار أنها مسرحية تاريخية، وأضاف الكاتب بعض الأحداث والشخصيات من نسج خياله، وسار الشرقاوي في معالجته لهذه المسرحية على نهج أصحاب المدرسة الكلاسيكية القديمة، بالتالي قام المؤلف بإعادة صياغة التاريخ بصورة مختلفة ليصنع عملا فنيا يشبع فضول المتلقي القارئ والمشاهد في آن واحد. والنموذج الثالث الذي قدمته القصابية في ثالث فصول الكتاب، انتقته من فترة وجود العرب في الأندلس من خلال مسرحية "أميرة الأندلس" لأحمد شوقي، وتنتمي هذه المسرحية إلى عصر ملوك الطوائف في الأندلس، والذي كان مؤشرا لإنهيار الحكم العربي الإسلامي في أسبانيا، نسج فيها أحمد شوقي أحداث مسرحيته بأسلوب نثري. وقامت الناقدة في هذه الدراسة بعقد مقارنة بين الأحداث التي وردت في التاريخ كما في كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" للشيخ المقري (المجلد السادس) مع الأحداث التي وردت في المسرحية، وذكرت أن المؤلف المسرحي قام بتوظيف الواقعة التاريخية في صناعة الأحداث الدرامية، مع إضافة حبكة ثانوية إليها تتمثل في قصة حب خيالية دون أن يجعل رابطا حقيقيا بينهما وبين القصة الرئيسية والكاتب عندما مزج القصة الرئيسية بأخرى ثانوية من نسج الخيال، ألغى التأثير التراجيدي القوي لهذه المأساة، ودمج بذلك التراجيديا والكوميديا، وتؤاخذ على الكاتب عند رسمه لشخوصه عدم مقدرته على إيجاد نوع من المصالحة بين فعل الشخصية والسلوك الناتج عنها. وعرضت الناقدة الفنية عزة القصابية في الفصل الأخير من كتابها، نموذجا آخر من العصر الأموي "الأندلسي"، وتمثلت في مسرحية "الوزير العاشق" لفاروق جويدة، عالج فيها قصة الحب الشهيرة بين ولادة وابن زيدون بصورة استعارة رمزية، تنم عن حب الوطن، والتضحية، وتربط مصالح الفرد بمصالح الشعب، فلا يأخذ من الحادثة الحقيقية سوى الشخصيات مثل ابن زيدون وولادة، ولكنها تختلف عن المفهوم الضيق للحب إلى حب الجماعة والوطن. ويوجد فاروق جويدة في المسرحية كما تحلل الناقدة، تساؤلا هو هل هناك أمل في توحيد هذا الوطن من خلال التنبؤ بميلاد ابن زيدون وولادة جديدين، ليكونا شرارة تنطلق في سماء الأمة لتبشر بوجود وحدة عربية إسلامية؟، كما يبتدع في هذه المسرحية شكلا جديدا يقترب من التمسرح "الفرجة المسرحية" أكثر من التمثيل بالطريقة التقليدية. وختاما، تحدثت المؤلفة عن الإشكاليات العلمية التي واجهتها أثناء المقارنة بين الواقعة التاريخية، وأحداث وشخصيات المسرحية، حيث تعذر في بعض النماذج إجراء مقارنة دقيقة بين الواقعة التاريخية وأحداث المسرحية، وذلك لعدم وجود بعض المراجع التي من الممكن أن تخدم الدراسة عند الحديث عن الأحداث التاريخية أو عند رسم الإطار العام للشخصيات وسيرها، كما أنه وفي بعض المسرحيات فتوظيف المؤلف المسرحي للشخصيات والأحداث بصورة استعارية رمزية، حال دون القيام بمقارنة دقيقة، بين ما هو واقعي وبين ما هو من صنع المؤلف بالرغم مما حقق من المعادل الموضوعي عند توظيف التاريخ في الدراما. وتؤكد أننا في منطقة الخليج بأمس الحاجة إلى الباحثين في مجالات التراث والتاريخ ومقارنتها بالصيغ والأشكال الفنية في الدراما المحلية والعربية، وضرورة النبش في الصيغ والتنقيب عنها لتعزيز "الأمن الثقافي" الذي يمد بالدعم "اللوجستي" المطلوب إزاء إرثنا الحضاري وبالتالي إيجاد بديل أمام طوفان التدفق الثقافي الآتي إلينا من الآخرين


      المصدر : مدونة سعيد السيابي


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions