ليلة (رجل) السنة!

    • ليلة (رجل) السنة!

      الشبيبة -

      محمد بن سيف الرحبي:



      كلما حان اليوم الحادي والثلاثون ( ليلة رأس السنة) أتمسك جيدا برجلها، لا برأسها، مخافة أن تذهب، وتأتي تاليتها، لأنه ومع التجارب تبيّن لي بأن العام الذي بعده ليس أفضل من سابقه، ولا أتحدث عن ذاتي (الصغرى) إنما على صعيد الأحلام الكونية الكبرى.

      في تلك الليلة التي اختارها غالبية البشر يكون إطلاق التمنيات على أشده، كأنما بالتمنيات تتحقق الأحلام، وكأن البشر لا دخل لهم فيما يحدث من خير أو شر. هل نتذكر عام 2008..

      قلنا أنه الأفظع، والأسوأ.. وما حدث فيه فوق احتمال البشرية على الألم.. انساب الدم العربي في أماكن لا تحصى، ولأسباب لا تعد، من العراق واليمن والصومال والسودان وصولا إلى فلسطين، تزايد عدد اللاجئين وتنوعت هويات المخيمات، ضاقت بهم بلدان نزحوا إليها كما ضاقت بهم أوطان نزحوا منها، لكن للمخيم شكل التشرد، وللمأساة طعم الجوع..

      وجاء 2009، بكل الأحلام والألوان المبهجة، بأشكال الشموع التي أوقدت، والأمنيات التي أشعلت، والتهاني التي أطلقت.. تبخّرت مياه الأحلام سريعا.. بدا الوضع أكثر رعبا، لا العراق خرج من عنق الزجاجة، ولا فلسطين وجدت حلم الدولة، ولا الصومال اتخذ مسار الوحدة، واليمن مهدد في شماله وجنوبه، والسودان يكاد يفقد جنوبه، يأتي العام الجديد مع فيض (مسجاتنا) الآملة في عام أفضل، والقبلات المغموسة بوداع عام مرّ بمراراته، وآخر قادم بزهر أيامه، بكل طاقتنا على الحياة استقبلناه، وسنفعل مع تاليه مساء الغد ما نكرره في نهايات كل عام، كأن الأيام هي الفيصل بين كوابيس وأحلام، كأنها الحاجز بين صفحتين، واحدة نريد إغلاقه لشدة السواد فيها، وأخرى نفتحها للتو لنقرأ أسفار حظوظنا، نراها بلون بياض الصفحة، تماما كما نرى الأمس بسواد العام الذي يموت بين أيدينا ليولد آخر..

      قبل عشر سنوات كنّا نتأهب لمشكلة الصفرين اللذين سيحلان على أرقام السنوات، كأن العالم أمام فاصلة زمنية خطيرة، كل الاقتصاديين ومن أغوهم يحذروننا من مشكلة التسعتين إن تحولتا إلى صفرين، قد يأتي التاريخ على صيغة الرقم 1900، لأنه على مدار ما يقارب القرن ونحن نحتفظ بالنصف الأول من رقم السنوات، الواحد والتسعة، لم نستوعب الزيادات.

      مرت عشر أعوام منذ تلك المخاوف، تكاثرت تعقيدات الدنيا من حولنا، تعقدت حياتنا على نحو مذهل، ازدهرت الكوارث السياسية التي يأخذنا إليها سياسيون لا هم لهم سوى التدخل في مصالح دول، والعبث باستقرار الكون من حولهم ليكون لهم موطئ قدم دائم، ولو على نهر من دم، وارض كالمقابر.

      توسع مأزق البيئة رغم كثرة الحديث عنها، مؤخرا اجتمع ملوثوها وضحاياها في كوبنهاجن كأنها زفّة عرس من أجل الكرة الأرضية لكن الكلام لن يسد ثقب الأوزون، ولن يرحم الكون من ارتفاع متلاحق في درجات الحرارة، ولن يحميه من كوارث الطبيعة.

      مرعب العالم إن رأيناه بشمولية، ممتدة من عمقنا العربي والإسلامي، وصولا إلى شركائنا في الإنسانية.. إنما عالمي الصغير الذي أكونه فإن الأعوام فيه تحلو، وأرى الحياة أجمل كما أعيشها، أقيسها بميزان الربح لا الخسارة، كل يوم أصحو فيه بصحة وعافية إنما هو "نعمة من الله" ، وكل يوم أخلد فيه إلى النوم هانئا مطمئنا إنما هو "فضل من الله" .. وأتذكر قوله تعالى: ( وما بكم من نعمة فمن الله) .

      كما أن لي وطن يعظم سنة بعد أخرى.. فكل عام يا وطني وأنت في أمان، وكل فرح وأنت قنديل ضوء في عتمات هذا العالم الصاخب.

      وفي مجمل الأمر لا يعنينا إذا كان الغد ليلة رأس السنة أم رجلها..


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions