عُمان -

محمد بن أحمد الشيزاوي:



لعل أبرز الدروس المستفادة من الأزمة المالية الاقتصادية العالمية وأزمة ديون دبي وغيرهما من الأزمات الاقتصادية الإقليمية والدولية أن هذه الأزمات كشفت عن ضرورة اهتمام الشركات العمانية بالاستثمار في السلطنة نظرا لقلة المخاطر المتوقعة من الاستثمار في البلاد من جهة ولتعزيز أداء الاقتصاد الوطني من جهة ثانية.

وفي نظرنا ان قيام أي شركة مساهمة عمانية عامة بالاستثمار في الأوراق المالية أو في قطاع العقارات خارج السلطنة قد يكون مجازفة غير محمودة العواقب في الوقت الراهن، إذ لم يتضح حتى الآن إن كان الاقتصاد العالمي قد تخلص من آثار الأزمة التي ضربته منذ منتصف العام الماضي أو ان هناك مفاجآت غير متوقعة ستظهرها النتائج المالية للشركات الكبرى في المنطقة والعالم، وهذا ما يجعلنا ندعو الجهات المعنية في السلطنة إلى إصدار تشريعات أكثر حزما تجاه شركات المساهمة العامة التي تقوم بمجازفات للاستثمار خارج السلطنة سواء في أسواق الأوراق المالية التي لم تعد وعاء استثماريا مناسبا - من وجهة نظرنا - أو في أسواق العقارات التي فقدت كثيرا من أصولها في خضم الأزمات المتتالية التي شهدتها الاقتصادات المحلية والعالمية والإقليمية.

وعلى الرغم من اعتقادنا بنزاهة الشركات التي قامت بالاستثمار في الخارج رغبة منها في تحقيق عائدات جيدة لمساهميها الا اننا في الوقت نفسه نرى ان على هذه الشركات حماية أصولها وأموال المساهمين فيها، فليس من المعقول ان تأتي شركة ما لتقول ببساطة انها تكبدت خسائر بعدة ملايين من الريالات نتيجة لاستثماراتها في أسواق مالية أو عقارية خارجية.

وفي ظل الأوضاع العالمية غير المستقرة حاليا فإننا ندعو الهيئة العامة لسوق المال باعتبارها الجهة التي يقع عليها عبء حماية المساهمين في شركات المساهمة العامة إلى إصدار تشريعات تجبر الشركات على عقد جمعية عامة غير عادية لدراسة رغبة الشركة في استثمار أصولها خارج السلطنة، لأن الأموال الموجودة بالشركة هي أموال المساهمين وليست أموال مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية حتى يستثمروها في أسواق مضطربة أو في أوقات غير مواتية للاستثمار.

وفي اعتقادنا ان السلطنة مجال خصب للاستثمار نظراً لما تتمتع به من استقرار سياسي ووضع اقتصادي جيد وما تتميز به من شفافية في سوق الأوراق المالية وفي المناقصات التي ترسيها الحكومة إضافة إلى انها من الأسواق الناشئة التي أمامها فرص أكبر للنمو، وهذا ما يجعلنا ندعو الشركات إلى اغتنام الفرص المتاحة للاستثمار في السلطنة وتوظيف مدخراتها في البلاد، فالتنمية الاقتصادية التي يجني المجتمع بشركاته وأفراده مكاسبها لا يمكن ان تتحقق الا عندما نستثمر رؤوس أموالنا في اقتصادنا الوطني