السلام عليكم
قصـــة آلام الواقــع .. للكاتب .. حارس الارواح ..
ملاحظه قبل قراءة القصه:
.. القصه مزيــج من الواقع والحقيقه والخيال .. هناك مشاهد واقعيــه وأخــرى حقيقيه .. وأخـرى قـد لا تحدث الا بالخيــال فقــط وهناك مشاهد دراميه خياليه ايضا ، ولكن .. جميع الاوضاع النفسيه لابطال القصه أوضاع من صميم الواقع بغض النظر عن طبيعة المشاهد المعاشــة ..
( حارس الارواح ) ....
آلام الواقـــــع الجزء الاول
رفعت مريم عينها لفوق ، واطالعت الساعه المعلقه على جدار غرفة نومها ، وكانت الساعه تشير تقريبا للخامسه صباحا . وبعد ثواني من التأمل في عقارب الساعه ... نزلت مريم عيونها باتجاه الارض ، والضيق والالم والحسره واضحين بملامحها ..
رجعت مريم بذاكرتها الى ماضي قريب ... قبل ست شهــور تقريبا ... وبالتحديد في فبراير من سنة سبع وتسعين ( 1997 ) .. يوم ما دخلت عليها أمها الغرفه وقالت الها :
ام مريم : مريم ... بغيتج بموضوع مهم ..
سالتها مريم باهتمام :
مريم : موضوع شوه اميه ؟!
قعدت ام مريم على الكرسي المقابل وقالت :
ام مريم : شوفي يا مريم ... انتي والحمدالله اتخرجتي من الجامعه قبل شهر واحد .... صح ..
ردت عليها مريم بهدوء :
مريم : هيه صـح ... اتخرجت في الفصل الدراسـي الاول.. وبعدني ما اشتغـلت ؟!
ضحكت ام مريم وقالت :
ام مريم : انزين توج متخرجه ....ما صارلج شهر واحد وتبين تشتغلين على طول .. وعلى الاقل... ريحي شوي ...
ومع بابتسامه ممزوجه بالضيق قالت مريم :
مريم : شو اسوي .. خايفه اقعد وقت طويل وانا ما مشتغله .. وساعتها.. بعاني من الملل ووقت الفراغ الطويل ... وربيعاتي اللي اتخرجوا قبلي قالولي مآسي عن حالتهم بعد التخرج ... سائت حالتهم النفسيه بشكل فظيع .. خصوصا في السنة الاولى اللي تلي التخرج ..
حركت ام مريم كتوفها وهيه تسأل :
ام مريم : يعني اللي يشتغلون ....حالتهم احسن ؟
وبهدوئها المعتاد قالت مريم :
مريم : اكيد ... على الاقل ايلاقون شي يشغلهم ويقضي وقت فراغهم ...
سكتت ام مريم ثواني ثــم قالت :
ام مريم : كلامج صحيح ... موزه بنت جارتنا متخرجه قبل سنتين وقاعده في البيت .. وامها اتقول انها وايد تعبانه نفسيا .. واتقول ان السنه الاولى بعد التخرج اتعذبت معاها وايد ... مع ان موزه كانت دوم اتحن واتقول متى بتخرج ..
ابتسمت مريم وهيه اتقول :
مريم : صدقج يا اميه .. يوم كنا ندرس في الكليه ... كنا دوم انفكر وانقول متى بيي اليوم اللي نتخرج فيه .. ويوم اتخرجنا نتمنى نرجع ولو يوم للحياه الجامعيه بكل ما فيها من متاعب .... حنينا للكليه وبنات الكليه .. حنينا للمحاضرات والدكاتره .. الطيبين منهم والغلسين ...
سكتت مريم لحظات وبعدها تابعت :
مريم : اتذكر يوم كنت في السنه الثانيه بالكليه .. كنت دوم احن وازن على اربيعتي واقولها متى بنتخرج ... وهيه دوم تبتسم واتقولي : يا مريم .. لا تفكرين بها الموضوع بتاتا .. وعيشي يومج بكل حلاوته .. وصدقيني... مافيه اسرع من الايام .. وما بتوعين الا وانتي متخرجه .. وقاعده في بيتكم .... وساعتها بتتمنين ترجعين ولو ساعه وما بتقدرين ...
وبابتسامه خفيفه ردت عليها امها :
ام مريم : ربيعتج معاها كل الحق ... الانسان لازم ايعيش يومه .. ويترك المستقبل بكل ما فيه لتصريف الخالق ..
حركت مريم راسها باشارة الايجاب وقالت :
مريم : صدقتي يا اميه صدقتي ..و
قاطعتها ام مريم وقالت :
ام مريم : خذتنا السوالف ونسيتيني الموضوع اللي كنت ناويه اقوله ..
سألتها مريم باهتمام متزايد:
مريم : هيه صدق .. شو الموضوع......
صمتت ام مريم لحظات ثم قالت :
ام مريم : الموضوع هذا مرتبط بالموضوع اللي كنا اناقشه قبل شوي ..
استغربت مريم من كلام امها وقالت :
مريم : ما فهمت ..شو علاقة موضوعج ... بموضوع الملل والضيق اللي يعقب التخرج ..
ابتسمت ام مريم وقالت :
أم مريم : بوضحلج اكثر .. كيف تقدر البنت انها تكسر الملل والفراغ بعد التخرج ..
فكرت مريم دقيقه وقالت :
مريم : أحسن حل انها تشتغل او ..
قاطعتها امها وهيه اتقول :
ام مريم : او شوه .
سكتت مريم لحظات وهيه اتفكر ، وهمت انها اتجاوب ... لكن امها سبقتها وكأن الصبر نفذ منها وقالت :
أم مريم : انها اتعرس .. وفي ها الحاله بتلتهي بالريل والعيال ... .
بدت الدهشه واضحه على ملامح مريم وهيه اتقول :
مريم : يعني... تبيني اعرس ..
ردت ام مريم وهيه اتحرك ايدها :
ام مريم : هيه .. شوفيها لو عرستي .. وانتي مب صغيره.. وانا يوم كنت بسنج كنت معرسه وعندي عيال ...
سكتت مريم لحظات اطول وهيه اتفكر .. وفي النهايه جاوبت بحذر :
مريم : . افهم من كلامج انه في واحد متقدملي ..
ابتسمت ام مريم وقالت :
ام مريم : طول عمرج ذكيه ... وتفهميني دايما ... كلامج صح ... في واحد متقدملج .. ومتقدملج من زمــــان بعد .. من يوم ما كنت صغيره ..
فتحت مريم عينها من شدة الاستغراب وقالت :
مريم : امي ... انتي شو اتقولين .. كيف متقدملي من زمان ... لا... ومن يوم ما كنت صغيره بعد ... وبعدين انا ما سمعتج من قبل تتكلمين بها الموضوع ؟!
ردت ام مريم بهدوء :
ام مريم : شوفي يا مريم ... انتي ( محيره ) لولد عمج راشد من يوم ما كنتوا صغار .. يعني ابوج عطى كلمه لعمج انج اتكونين زوجة ولده لما تكبرين...
زاد تأثير المفاجاه عند مريم وقالت :
مريم : انا محيره لولد عمري راشد ... اول مره ادري ...
قاطعتها امها وقالت :
ام مريم : والحين دريتي ... شو ردج ...
سكتت مريم لحظات ثم قالت :
مريم : بصراحه يا امي .. انا ما ارتاح ابدا لولد عمي راشد ... وراشد معروف عنه انه لعاب وايد .. وما يقر في البيت دقيقه وحده .. وانا سمعت بعد ... انه يمشي مع شله تعبانه و ..
قاطعتها امها بسرعه وقالت :
ام مريم : ما عليج من هذا كله .. يوم بيعرس بيعقل .. وبيستوي خوش ريال .. وياما رياييل كانوا طايشين ومتهورين قبل الزواج ... وانصلحوا بعده ..
حركت مريم ايدها وردت بانفعال :
مريم : وانا ليش اخاطر وآخذ واحد طايش على أمل اصلاحه بعدين... ليش ما اخذ واحد صالح من البدايه .. بدل الدخول في مغامره مب مضمونة العواقب ..
سكتت امها شوي يوم حست ان كلام بنتها منطقي وقالت بصوت اهدى :
ام مريم : شو انسوي ... الواقع يفرض علينا ها الشي ... ابوج عطى كلمه لعمج وانا اعرفه زين ...لا يمكن يتراجع ابدا عن كلمته ... انتي الحينه اتوكلي على الله وانشا الله ما يصير الا كل خير .. وبعدين هذا ولد عمج .. من لحمج ودمج .. اكيد بيراعيج وبيعطيج كل حقوقج... و بتكسبين اجر كبير لو قدرتي تصلحينه و..
ردت عليها مريم بعد ما خف انفعالها :
مريم : ولو ما قدرت اصلحه .. بشو بيكون مصيري .. بتتحملون ذنبي وعذابي طول عمركم ..
ما عرفت ام مريم بشواتجاوب .. وعشان جذيه سكتت .. ولهذا تابعت مريم وقالت بعد ما خفت من لهجتها :
مريم : يا اميه.. انا ما ابغي اعصي امركم ... وطاعتكم واجبه علي .. وكلامكم على العين والراس .. لكن .. هذا زواج وعشرة عمر... واي خلل في اساسه وقواعده بيتسبب في هدم حياتي الزوجيه كلها.... ويمتد تأثيره على مستقبلي كله ..
جاوبتها امها والصدق يلمع بعيونها :
ام مريم : صدقيني يا بنتي ها الشي مب بيدي ... الشور والامر كله عند ابوج .. وانا... لاحول لي ولا قوه ..
ترددت مريم قبل لاتقول بصوت هادي وايد والخجل بدا ينرسم على وجها :
مريم : انزين ... ليش ما اتزوجوني ولد عمي الثاني ... اخو راشد الصغير حمد ... ماشاالله عليه .. خلوق ومؤدب ودين .. وانا احترمه واعزه وايد و ..
ردت عليها امها بابتسامه خفيفه وقالت :
ام مريم : معاج حق ... بس حمد ( محير ) ومحجوز حق اختج الصغيره ظبيه.
بدا الاحباط واضح على ويه مريم بعد سماعها عن سلسلة الحجوزات وكأنهم قاعدين في شركة طيران ... وقالت :
مريم : اسمحليلي يا اميه اقولج اني ما موافقه على راشد ... وابيج تقنعين ابوي بها الشي .. وانا ما مستعده اخاطر بمستقبلي عشان ....
قطع كلامها صوت طرق خفيف على الباب .. واتحركت ام مريم باتجاه الباب وفتحته ... واول ما انفتح الباب ... دخل عليهم ابو مريم وقال :
بو مريم : السلام عليكم ..
رد ام مريم السلام فقالت :
ام مريم : وعليكم السلام .
وبصوت عالي قال بو مريم :
بو مريم : هاه ام مريم.... خبرتي بنتج عن الموضوع .
ام مريم : هيه خبرتها .. بس ..
قاطعها بو مريم بصوت مرعب وقال :
بو مريم : بس شوه ...
وبصوت خافت قالت ام مريم :
ام مريم : بنتك ما مقتنعه فيه .. واتقوله انه طايش ومتهور و ..
وبصرخه عنيفه قاطعها ابو مريم وقال :
بو مريم : شو ها الكلام ياحرمه.. مقتنعه ولا ما مقتنعه .. هذا ولد عمها ولازم تاخذه .... انا عطيت كلمه لاخوي ولا يمكن اتراجــع عنها ولو على قص ارقبتي.
اتكلمت مريم للمرة الاولى من بداية كلامهم :
مريم : يا بويه.... الله ايخليج .. انا راشد هذا ... ما ارتاحله ابدا و ..
وبصوت اعلى قال بومريم :
بو مريم : شو ها المنكر اليديد اللي منتشر بين بنات اليوم ... هذا ما ارتاحله .. هذا ما داش خاطري ... قلبي عايفنه .... وما ناقص الا اتقول ..هذا ما حبيته و .
قاطعته مريم بصوت باكي :
مريم : يا بويه انا ما قلت جذبه بس ..
قاطعها ابوها بصوت منفعل وقال :
بو مريم : لا بس ولا شي بتاخذين ولد عمج راشد يعني بتاخذينه ... انا كلمتي ما تنزل الارض ابدا .. وانتي الحينه .... تبين على آخر زمن... تفضحين ابوج واتصغرين راسه جدام اخوه ..
سكتت مريم وما عرفت شو اتقول .. وفي ها اللحظه مسكها ابوها من ايدها ، واطالعها بنظره ناريه وقال بصوت حاد ومخيف اختزن فيه كل اصراره :
بو مريم : هاه ... موافقه..
نظرلته مريم بنظره خوف ورعب ... والتفتت صوب امها واطالعتها بنظرات حزينه .. وكأنها تطلب من امها التدخل واقناع ابوها بتغيير رايه ... لكن الام نزلت راسها للارض وهيه تتهرب من نظرات بنتها .. وكأنها اتقول: اسمحيلي يا بنتي ما بيدي شي ... والتفتت مريم مره ثانيه باتجاه ابوها وحطت عينها بعنيه بنظرة توسل... وكأنها تترجى ابوها وتطلب منه الرحمه ... وكأنها اتقول .. ارحمني يا يبا .. ارحمني من مستقبل مظلم ومصير مجهول ..
لكن .. الرحمه ما عرفت طريجها لقلبه .. أو انها موجوده لكن العناد او العقل المتحجر رفض هذا الطلب ..
وفي النهايه نزلت مريم راسها للارض بعلامة الاستسلام لواقع مرير وقالت في النهاية :
مريم : اللي اتشوفه ابوي ..
ابتسم ابوها وقال :
بو مريم : على بركة الله .. الاسبوع الياي بتكون الملجه .. وكلها شهرين بالكثير وبتكونين في بيت ريلج ...
انفتضت جسم مريم وهيه اتقول :
مريم : بها السرعه ؟!
حرك بو مريم ايده وقال :
بو مريم : عمج عوض وايد مستعيل .. يبا يفرح بولده .. وبعدين احنا ما علينا قصور.. وكل التكاليف مقدور عليها ...
حاولت مريم بيأس انها اتأخر كل هذا وقالت :
مريم : يا بويه ... راشد مخلص الثانويه من ثمان سنين .. ولين الحين ما اشتغل و ...
ضحك بو مريم من خاطره وهوه يقول :
بو مريم : وليش يشتغل .. ابوه ماشاالله عليه... عنده مجموعة شركات .. ومع هذا... اطمني.... راشد الحينه يشتغل عند ابوه بوظيفة مشرف عام على جميع مشاريع الشركة ..
حست مريم باحباط بعد ما فشلت ها المحاولة وقالت للمره الثانيه :
مريم : اللي اتشوفه يا بوي ..
سكتت مريم بعد ه الكلمه وغرقت في بحر من التفكير في مستقبل مجهول .. مستقبل فرضه عليها واقعها الأليم .. البنت محجوزه لولد عمها ...
.....وساعتها قالت في خاطرها... وبكل الالم والحزن :
حيرتوني لابن العــم وما دريتوا
................................... انهـــــــا في النفس حســره وضيقه
عقدتوني بحبل واهي وما وعيتوا
................................... انكم قطعتوا كــــل الرجاء و البصيـره
بتزفوني بكل فرحكـم وما علمتوا
................................... أن الكـدر والألــم واقـــع بعيشــــه
ومرت الايام وملجة مريم ... وعاشت ايام الملجه مثل كل البنات ... لكنها عاشتها غير .. لان زوجها كان قليل الزيارات .. شحيح الهدايا ... قليل الاهتمام فيها وبمشاعرها .. وما كانت تسمع منه أي كلام حلو سواء اكان مجامله او حتى كذب ...
لكنها اصبرت على أمل انه يتغير .. وقالت يمكن يتغير بعد العرس ...
وبعد شهرين عرست مريم .. كان العرس ضخم بحق... ومع ان مريم وزوجها راشد من سكان منطقة ( القطاره ) بمدينة العين .. الا ان العرس استوى بخيمه ضخمه في الساحه الكبيره بجوار حديقة العاب ( الهيلي )......
... وطوال الاربع الشهور اللي اعقبت العرس .. ما عاشت مريم الا بكل كدر وضيق والم ... راشد وبدل ما يتغير .. زاد طيشه وتهوره .. ما يقعد في البيت الا وقت الغداء او العشى او النوم .. يعني كفندق لا اكثر .. واصبرت مريم وحاولت اتغيره لكنه كل يوم يستوي اسوأ من اللي قبله ..
غرفة النوم اللي المفروض اتكون مكان للراحه والهدوء .. حولها لاستديو غنائي ... شرايط الاغاني والسيديهات الانجليزيه من ( الروك ) و ( الجاز ) و( الديسكو ) متشره في كل انحاء الغرفه ..
وفي منتصف الغرفه وبمقابل السرير كان هناك جهاز ستريو ضخم وعالي التقنيه .. وفي منتصف الجهاز شاشه كبيره كلها ازار .. ويعمل ها الجهاز بتقنيه متقدمه تسمى الصوت الدائري المحيطي ( DOLBY DIGITAL SURROUND ) ..... وهذا معناه ان الصوت ينتشر بعنف بكل ارجاء الغرفه ... وعلى طرف الغرفه الايمن كانت هناك سماعات صغيره اطلع صوت حاد مثل المطرقه وتسمى بسماعات التردد العالي ( super tweter ) ، وفي الجهه الثانيه اليسرى توجد ساعات حجمها اكبر وترددها واطي ( super woofer ) واطلع صوت يشبه الطبل او مرات يسمونه ( البيس bass )....
وكان كل هذا... يمثل صداع ما ينقطع لمريم ... وحاولت اكثر من مره تقنعه ان ها التصرفات تصرفات شباب طايشين .. مب ريال متزوج وعلى ذمته حرمه ... لكنه كان دايم الاستهزاء فيها .. ويقول : هذي حياتي واعيشها مثل ما احب ...
واليوم ... وبها اللحظه بالذات .. قررت مريم اتحط حد لكل هذا .. لازم اتواجهه .. وتجبره انه يحترمه ويقدرها .. ويمنحها كل حقوقها ..
وو ..
ما قطع تفكيرها .. وحبل الذكريات الطويله اللي كانت هايمه فيها الا صوت الباب وهو ينفتح.... ودخول ريلها راشد للغرفه ..
ولحظتها التفتت مره ثانيه للساعه ولاحظت انها اتجاوزت الساعه سته الصبح .. و قالت :
مريم : صباح الخير ..
جاوبها راشد بابتسامه باهته وساخره وقال بكل ثقل دم :
راشد : وانتي من أهله ؟ّ!
استفزها جوابه واستهزائه وقالت :
مريم : انته عارف كم الساعه الحينه ؟!
رد عليها بكل استهزاء وهوه ايأشربايده على الساعه المعلقه على الجدار ..
راشد : امم .. العقرب الصغير تحت.. وبنص الدايره تقريبا .. والعقرب العود فوق وبنص الدايره بعد ... يعني كم تستوي الساعه ... احزري ... انا اقول يمكن اتكون الساعه ست ...
احمر ويه مريم من كثر الغصه والضيق وقالت بانفعال :
مريم : وليش متأخر لين الحينه ..
ضحك راشد ضحكه طويله و ساخره وقال :
راشد : عشتوا ... مريوم قامت اتعصب واتحاسبني وين ساير ووين ياي ..
وفجاه انفعل راشد وقال :
راشد : انا كم مره قايلج لا تسأليني ها السؤال ... انا انسان حر .. احب اعيش حياتي مثل مابي ... و بحريه كامله ... اطلع واهيت على كيفي .. فهمتي ولا لا ..
حست مريم بخوف من كلامه لكنها قالت باصرار :
مريم : بس انا زوجتك ولي حقوق عليك .... من حقي انك تقعد معاي ... واتراعيني.... واتشوف كل طلباتي الماديه والنفسيه وو ..
قاطعها راشد بضحكه عاليه وايد وقالت :
راشد : الله عليج يا الفيلسوفه .... فكينا بس من فلسلفتج الاجتماعيه ... وخليني ارقد ... تراني اليوم وايد تعبت ...
ردت عليه مريم بهدوء :
مريم : وشوه متعبنك ..
ابتسم راشد بابتسامه خبيثه وهوه يقول:
راشد : من طول القعده .. وعلى فكرى ترى القعده كانت وايد حلوه اليوم ... لعب ورقه وشيشــه وبنــات ووو ..
صرخت مريم في ويهه وقالت :
مريم : واشكره اتقولها بويهي ... تقعد مع بنات يا راشد ..
استمر راشد في ضحكه واستهزائه وقال ببرود عجيب :
راشد : مب انتي زوجتي .. والزوج لازم ايصارح زوجته بكل شي .. وبعدين انتي لازم تفرحين يوم اتشوفين زوجج سعيد ومبسوط ..
حست مريم باحتقان شديد في كل شعره من جسمها.. بسبب استهزائه الغير معقول بمشاعرها وقالت بصوت عالي:
مريم : انته من شوه مخلوق... من حجر ..
ماسوالها راشد أي اعتبار واتجاهل سؤالها تماما .. ووقف جدام المنظره وبطل وفك لفة الشعر اللي رابط فيها شعره .. وانسدل شعره الطويل بنعومه على كتفه .. وبعدها طلع من الدرج سيديهات اغاني واختار منهم السي دي اللي عجبه وحطاه في المسجل وطول على الصوت بشده.. واستلقى على السرير وهو يردد كلمات الاغنيه على لسانه ..
وها التصرف ...كان له اثره العنيف على مريم اللي اقتربت من المسجل .. وسكرته بكل قوتها ... ولحظتها التفت الها راشد وقالت بكل عصبيه :
راشد : شو فيج ... ليش سكرتي المسجل ..
ردت عليه مريم بكل عصبيه :
مريم : ممكن اسألك سؤال واحد ..
بدا الضيق واضح على ويه راشد وقال :
راشد : اللهم طولك يا روح ... هذي الانسانه ما تبي اتعدي هاليله على خير ..اتفضلي اسألي يا سيدة الحسن والجمال ...
وبكل انفعال وقهر قالت مريم :
مريم : انته ليش اتزوجتني ..
ابتسم راشد بسخريه وقال :
راشد : لنفس السبب اللي اتزوجتيني عشانه .
ردت عليه بدهشه :
مريم : شو تقصد .
رد عليها بهدوء قاتل :
راشد : لانج كنتي محيره لي لما كنت صغيره .. يعني كنتي من ضمن أملاكي .. ومستحيل حد غيري ياخذج قبل لا اتمتع فيج انا اولا و ...
سكت راشد لحظات وبعدها تابع ببرود وهوه يطلع الولاعه ويشعل صلب سيجاره :
راشد : الحياه تجارب .. وانا اعتبرج تجربه مفيده و ..
قاطعته مريم بشده وقالت :
مريم : اتسمي اللي بينا مجرد تجربه و تنتهي..
جاوبها راشد ببرود قاتل رهيب وهوه يردد كلمات اغنيه لمطرب معروف :
راشد : تجربه كانت .. كانت حكيمه ... عمر المجرب حكيم ..
صرخت مريم بويهه :
مريم : بس انا بنت عمك ... يعني لحمك ودمك ..
مسك راشد صدره بيده ، وبدا يتحسسه بالكامل وقال ببرود وسخريه :
راشد : لحمي ودمي داخل جسمي ... ما اظن انه طلع واتشكل بصورتج ..
سكتت مريم لحظات بعدما ما بلغ الغضب عندها اعلاه .. وبعدها.. انفجرت بصرخه عظيمه اختزنت فيها كل مشاعرها المكبوته وقالت :
مريم : راشد ... الحينه ... وبها اللحظة لازم انحط حد لكل شي .. يا أنك تستوي مثل باقي الازواج ... وتعطيني كل حقوقي الزوجيه ... يا أما تتركني لحال سبيلي... واعيش حياتي بعيده عنك ...
ابتسم راشد بمكر وقال :
راشد : عرضج مقبول يا بنت العم ...
ردت عليه مريم بدهشه :
مريم : شو قصدك ..
راشد : يعني خلاص ... دورج انتهى ...شبعت منج ... مالج لازوم عندي .. سيري بيتكم وانتي طالق .. طالق ... طالق ....
اتراجعت مريم للخلف من شدة الصدمه ... لانها ما كانت تتوقع ان راشد يطلقها بمنتهى السهوله وكأنه يدخن صلب سيجاره...
صحيح ان حياتها معاه كانت كلها مراره .. لكنها ما تمنت ابدا توصل لها النهايه ...
ما كانت تتمنى ابدا انها تحمل ها اللقب ... اللقب اللي يرعب الكثير من البنات
لقب ... مطلقــــه ...
اللقب اللي بيصير واقــــع أليم لازم تتعايش معاه ..
الواقع اللي بيحمل معاه كل آلام الدنيا ......
آلام الواقع
......
وتستمر الآلام في الجزء الثانــي
قصـــة آلام الواقــع .. للكاتب .. حارس الارواح ..
ملاحظه قبل قراءة القصه:
.. القصه مزيــج من الواقع والحقيقه والخيال .. هناك مشاهد واقعيــه وأخــرى حقيقيه .. وأخـرى قـد لا تحدث الا بالخيــال فقــط وهناك مشاهد دراميه خياليه ايضا ، ولكن .. جميع الاوضاع النفسيه لابطال القصه أوضاع من صميم الواقع بغض النظر عن طبيعة المشاهد المعاشــة ..
( حارس الارواح ) ....
آلام الواقـــــع الجزء الاول
رفعت مريم عينها لفوق ، واطالعت الساعه المعلقه على جدار غرفة نومها ، وكانت الساعه تشير تقريبا للخامسه صباحا . وبعد ثواني من التأمل في عقارب الساعه ... نزلت مريم عيونها باتجاه الارض ، والضيق والالم والحسره واضحين بملامحها ..
رجعت مريم بذاكرتها الى ماضي قريب ... قبل ست شهــور تقريبا ... وبالتحديد في فبراير من سنة سبع وتسعين ( 1997 ) .. يوم ما دخلت عليها أمها الغرفه وقالت الها :
ام مريم : مريم ... بغيتج بموضوع مهم ..
سالتها مريم باهتمام :
مريم : موضوع شوه اميه ؟!
قعدت ام مريم على الكرسي المقابل وقالت :
ام مريم : شوفي يا مريم ... انتي والحمدالله اتخرجتي من الجامعه قبل شهر واحد .... صح ..
ردت عليها مريم بهدوء :
مريم : هيه صـح ... اتخرجت في الفصل الدراسـي الاول.. وبعدني ما اشتغـلت ؟!
ضحكت ام مريم وقالت :
ام مريم : انزين توج متخرجه ....ما صارلج شهر واحد وتبين تشتغلين على طول .. وعلى الاقل... ريحي شوي ...
ومع بابتسامه ممزوجه بالضيق قالت مريم :
مريم : شو اسوي .. خايفه اقعد وقت طويل وانا ما مشتغله .. وساعتها.. بعاني من الملل ووقت الفراغ الطويل ... وربيعاتي اللي اتخرجوا قبلي قالولي مآسي عن حالتهم بعد التخرج ... سائت حالتهم النفسيه بشكل فظيع .. خصوصا في السنة الاولى اللي تلي التخرج ..
حركت ام مريم كتوفها وهيه تسأل :
ام مريم : يعني اللي يشتغلون ....حالتهم احسن ؟
وبهدوئها المعتاد قالت مريم :
مريم : اكيد ... على الاقل ايلاقون شي يشغلهم ويقضي وقت فراغهم ...
سكتت ام مريم ثواني ثــم قالت :
ام مريم : كلامج صحيح ... موزه بنت جارتنا متخرجه قبل سنتين وقاعده في البيت .. وامها اتقول انها وايد تعبانه نفسيا .. واتقول ان السنه الاولى بعد التخرج اتعذبت معاها وايد ... مع ان موزه كانت دوم اتحن واتقول متى بتخرج ..
ابتسمت مريم وهيه اتقول :
مريم : صدقج يا اميه .. يوم كنا ندرس في الكليه ... كنا دوم انفكر وانقول متى بيي اليوم اللي نتخرج فيه .. ويوم اتخرجنا نتمنى نرجع ولو يوم للحياه الجامعيه بكل ما فيها من متاعب .... حنينا للكليه وبنات الكليه .. حنينا للمحاضرات والدكاتره .. الطيبين منهم والغلسين ...
سكتت مريم لحظات وبعدها تابعت :
مريم : اتذكر يوم كنت في السنه الثانيه بالكليه .. كنت دوم احن وازن على اربيعتي واقولها متى بنتخرج ... وهيه دوم تبتسم واتقولي : يا مريم .. لا تفكرين بها الموضوع بتاتا .. وعيشي يومج بكل حلاوته .. وصدقيني... مافيه اسرع من الايام .. وما بتوعين الا وانتي متخرجه .. وقاعده في بيتكم .... وساعتها بتتمنين ترجعين ولو ساعه وما بتقدرين ...
وبابتسامه خفيفه ردت عليها امها :
ام مريم : ربيعتج معاها كل الحق ... الانسان لازم ايعيش يومه .. ويترك المستقبل بكل ما فيه لتصريف الخالق ..
حركت مريم راسها باشارة الايجاب وقالت :
مريم : صدقتي يا اميه صدقتي ..و
قاطعتها ام مريم وقالت :
ام مريم : خذتنا السوالف ونسيتيني الموضوع اللي كنت ناويه اقوله ..
سألتها مريم باهتمام متزايد:
مريم : هيه صدق .. شو الموضوع......
صمتت ام مريم لحظات ثم قالت :
ام مريم : الموضوع هذا مرتبط بالموضوع اللي كنا اناقشه قبل شوي ..
استغربت مريم من كلام امها وقالت :
مريم : ما فهمت ..شو علاقة موضوعج ... بموضوع الملل والضيق اللي يعقب التخرج ..
ابتسمت ام مريم وقالت :
أم مريم : بوضحلج اكثر .. كيف تقدر البنت انها تكسر الملل والفراغ بعد التخرج ..
فكرت مريم دقيقه وقالت :
مريم : أحسن حل انها تشتغل او ..
قاطعتها امها وهيه اتقول :
ام مريم : او شوه .
سكتت مريم لحظات وهيه اتفكر ، وهمت انها اتجاوب ... لكن امها سبقتها وكأن الصبر نفذ منها وقالت :
أم مريم : انها اتعرس .. وفي ها الحاله بتلتهي بالريل والعيال ... .
بدت الدهشه واضحه على ملامح مريم وهيه اتقول :
مريم : يعني... تبيني اعرس ..
ردت ام مريم وهيه اتحرك ايدها :
ام مريم : هيه .. شوفيها لو عرستي .. وانتي مب صغيره.. وانا يوم كنت بسنج كنت معرسه وعندي عيال ...
سكتت مريم لحظات اطول وهيه اتفكر .. وفي النهايه جاوبت بحذر :
مريم : . افهم من كلامج انه في واحد متقدملي ..
ابتسمت ام مريم وقالت :
ام مريم : طول عمرج ذكيه ... وتفهميني دايما ... كلامج صح ... في واحد متقدملج .. ومتقدملج من زمــــان بعد .. من يوم ما كنت صغيره ..
فتحت مريم عينها من شدة الاستغراب وقالت :
مريم : امي ... انتي شو اتقولين .. كيف متقدملي من زمان ... لا... ومن يوم ما كنت صغيره بعد ... وبعدين انا ما سمعتج من قبل تتكلمين بها الموضوع ؟!
ردت ام مريم بهدوء :
ام مريم : شوفي يا مريم ... انتي ( محيره ) لولد عمج راشد من يوم ما كنتوا صغار .. يعني ابوج عطى كلمه لعمج انج اتكونين زوجة ولده لما تكبرين...
زاد تأثير المفاجاه عند مريم وقالت :
مريم : انا محيره لولد عمري راشد ... اول مره ادري ...
قاطعتها امها وقالت :
ام مريم : والحين دريتي ... شو ردج ...
سكتت مريم لحظات ثم قالت :
مريم : بصراحه يا امي .. انا ما ارتاح ابدا لولد عمي راشد ... وراشد معروف عنه انه لعاب وايد .. وما يقر في البيت دقيقه وحده .. وانا سمعت بعد ... انه يمشي مع شله تعبانه و ..
قاطعتها امها بسرعه وقالت :
ام مريم : ما عليج من هذا كله .. يوم بيعرس بيعقل .. وبيستوي خوش ريال .. وياما رياييل كانوا طايشين ومتهورين قبل الزواج ... وانصلحوا بعده ..
حركت مريم ايدها وردت بانفعال :
مريم : وانا ليش اخاطر وآخذ واحد طايش على أمل اصلاحه بعدين... ليش ما اخذ واحد صالح من البدايه .. بدل الدخول في مغامره مب مضمونة العواقب ..
سكتت امها شوي يوم حست ان كلام بنتها منطقي وقالت بصوت اهدى :
ام مريم : شو انسوي ... الواقع يفرض علينا ها الشي ... ابوج عطى كلمه لعمج وانا اعرفه زين ...لا يمكن يتراجع ابدا عن كلمته ... انتي الحينه اتوكلي على الله وانشا الله ما يصير الا كل خير .. وبعدين هذا ولد عمج .. من لحمج ودمج .. اكيد بيراعيج وبيعطيج كل حقوقج... و بتكسبين اجر كبير لو قدرتي تصلحينه و..
ردت عليها مريم بعد ما خف انفعالها :
مريم : ولو ما قدرت اصلحه .. بشو بيكون مصيري .. بتتحملون ذنبي وعذابي طول عمركم ..
ما عرفت ام مريم بشواتجاوب .. وعشان جذيه سكتت .. ولهذا تابعت مريم وقالت بعد ما خفت من لهجتها :
مريم : يا اميه.. انا ما ابغي اعصي امركم ... وطاعتكم واجبه علي .. وكلامكم على العين والراس .. لكن .. هذا زواج وعشرة عمر... واي خلل في اساسه وقواعده بيتسبب في هدم حياتي الزوجيه كلها.... ويمتد تأثيره على مستقبلي كله ..
جاوبتها امها والصدق يلمع بعيونها :
ام مريم : صدقيني يا بنتي ها الشي مب بيدي ... الشور والامر كله عند ابوج .. وانا... لاحول لي ولا قوه ..
ترددت مريم قبل لاتقول بصوت هادي وايد والخجل بدا ينرسم على وجها :
مريم : انزين ... ليش ما اتزوجوني ولد عمي الثاني ... اخو راشد الصغير حمد ... ماشاالله عليه .. خلوق ومؤدب ودين .. وانا احترمه واعزه وايد و ..
ردت عليها امها بابتسامه خفيفه وقالت :
ام مريم : معاج حق ... بس حمد ( محير ) ومحجوز حق اختج الصغيره ظبيه.
بدا الاحباط واضح على ويه مريم بعد سماعها عن سلسلة الحجوزات وكأنهم قاعدين في شركة طيران ... وقالت :
مريم : اسمحليلي يا اميه اقولج اني ما موافقه على راشد ... وابيج تقنعين ابوي بها الشي .. وانا ما مستعده اخاطر بمستقبلي عشان ....
قطع كلامها صوت طرق خفيف على الباب .. واتحركت ام مريم باتجاه الباب وفتحته ... واول ما انفتح الباب ... دخل عليهم ابو مريم وقال :
بو مريم : السلام عليكم ..
رد ام مريم السلام فقالت :
ام مريم : وعليكم السلام .
وبصوت عالي قال بو مريم :
بو مريم : هاه ام مريم.... خبرتي بنتج عن الموضوع .
ام مريم : هيه خبرتها .. بس ..
قاطعها بو مريم بصوت مرعب وقال :
بو مريم : بس شوه ...
وبصوت خافت قالت ام مريم :
ام مريم : بنتك ما مقتنعه فيه .. واتقوله انه طايش ومتهور و ..
وبصرخه عنيفه قاطعها ابو مريم وقال :
بو مريم : شو ها الكلام ياحرمه.. مقتنعه ولا ما مقتنعه .. هذا ولد عمها ولازم تاخذه .... انا عطيت كلمه لاخوي ولا يمكن اتراجــع عنها ولو على قص ارقبتي.
اتكلمت مريم للمرة الاولى من بداية كلامهم :
مريم : يا بويه.... الله ايخليج .. انا راشد هذا ... ما ارتاحله ابدا و ..
وبصوت اعلى قال بومريم :
بو مريم : شو ها المنكر اليديد اللي منتشر بين بنات اليوم ... هذا ما ارتاحله .. هذا ما داش خاطري ... قلبي عايفنه .... وما ناقص الا اتقول ..هذا ما حبيته و .
قاطعته مريم بصوت باكي :
مريم : يا بويه انا ما قلت جذبه بس ..
قاطعها ابوها بصوت منفعل وقال :
بو مريم : لا بس ولا شي بتاخذين ولد عمج راشد يعني بتاخذينه ... انا كلمتي ما تنزل الارض ابدا .. وانتي الحينه .... تبين على آخر زمن... تفضحين ابوج واتصغرين راسه جدام اخوه ..
سكتت مريم وما عرفت شو اتقول .. وفي ها اللحظه مسكها ابوها من ايدها ، واطالعها بنظره ناريه وقال بصوت حاد ومخيف اختزن فيه كل اصراره :
بو مريم : هاه ... موافقه..
نظرلته مريم بنظره خوف ورعب ... والتفتت صوب امها واطالعتها بنظرات حزينه .. وكأنها تطلب من امها التدخل واقناع ابوها بتغيير رايه ... لكن الام نزلت راسها للارض وهيه تتهرب من نظرات بنتها .. وكأنها اتقول: اسمحيلي يا بنتي ما بيدي شي ... والتفتت مريم مره ثانيه باتجاه ابوها وحطت عينها بعنيه بنظرة توسل... وكأنها تترجى ابوها وتطلب منه الرحمه ... وكأنها اتقول .. ارحمني يا يبا .. ارحمني من مستقبل مظلم ومصير مجهول ..
لكن .. الرحمه ما عرفت طريجها لقلبه .. أو انها موجوده لكن العناد او العقل المتحجر رفض هذا الطلب ..
وفي النهايه نزلت مريم راسها للارض بعلامة الاستسلام لواقع مرير وقالت في النهاية :
مريم : اللي اتشوفه ابوي ..
ابتسم ابوها وقال :
بو مريم : على بركة الله .. الاسبوع الياي بتكون الملجه .. وكلها شهرين بالكثير وبتكونين في بيت ريلج ...
انفتضت جسم مريم وهيه اتقول :
مريم : بها السرعه ؟!
حرك بو مريم ايده وقال :
بو مريم : عمج عوض وايد مستعيل .. يبا يفرح بولده .. وبعدين احنا ما علينا قصور.. وكل التكاليف مقدور عليها ...
حاولت مريم بيأس انها اتأخر كل هذا وقالت :
مريم : يا بويه ... راشد مخلص الثانويه من ثمان سنين .. ولين الحين ما اشتغل و ...
ضحك بو مريم من خاطره وهوه يقول :
بو مريم : وليش يشتغل .. ابوه ماشاالله عليه... عنده مجموعة شركات .. ومع هذا... اطمني.... راشد الحينه يشتغل عند ابوه بوظيفة مشرف عام على جميع مشاريع الشركة ..
حست مريم باحباط بعد ما فشلت ها المحاولة وقالت للمره الثانيه :
مريم : اللي اتشوفه يا بوي ..
سكتت مريم بعد ه الكلمه وغرقت في بحر من التفكير في مستقبل مجهول .. مستقبل فرضه عليها واقعها الأليم .. البنت محجوزه لولد عمها ...
.....وساعتها قالت في خاطرها... وبكل الالم والحزن :
حيرتوني لابن العــم وما دريتوا
................................... انهـــــــا في النفس حســره وضيقه
عقدتوني بحبل واهي وما وعيتوا
................................... انكم قطعتوا كــــل الرجاء و البصيـره
بتزفوني بكل فرحكـم وما علمتوا
................................... أن الكـدر والألــم واقـــع بعيشــــه
ومرت الايام وملجة مريم ... وعاشت ايام الملجه مثل كل البنات ... لكنها عاشتها غير .. لان زوجها كان قليل الزيارات .. شحيح الهدايا ... قليل الاهتمام فيها وبمشاعرها .. وما كانت تسمع منه أي كلام حلو سواء اكان مجامله او حتى كذب ...
لكنها اصبرت على أمل انه يتغير .. وقالت يمكن يتغير بعد العرس ...
وبعد شهرين عرست مريم .. كان العرس ضخم بحق... ومع ان مريم وزوجها راشد من سكان منطقة ( القطاره ) بمدينة العين .. الا ان العرس استوى بخيمه ضخمه في الساحه الكبيره بجوار حديقة العاب ( الهيلي )......
... وطوال الاربع الشهور اللي اعقبت العرس .. ما عاشت مريم الا بكل كدر وضيق والم ... راشد وبدل ما يتغير .. زاد طيشه وتهوره .. ما يقعد في البيت الا وقت الغداء او العشى او النوم .. يعني كفندق لا اكثر .. واصبرت مريم وحاولت اتغيره لكنه كل يوم يستوي اسوأ من اللي قبله ..
غرفة النوم اللي المفروض اتكون مكان للراحه والهدوء .. حولها لاستديو غنائي ... شرايط الاغاني والسيديهات الانجليزيه من ( الروك ) و ( الجاز ) و( الديسكو ) متشره في كل انحاء الغرفه ..
وفي منتصف الغرفه وبمقابل السرير كان هناك جهاز ستريو ضخم وعالي التقنيه .. وفي منتصف الجهاز شاشه كبيره كلها ازار .. ويعمل ها الجهاز بتقنيه متقدمه تسمى الصوت الدائري المحيطي ( DOLBY DIGITAL SURROUND ) ..... وهذا معناه ان الصوت ينتشر بعنف بكل ارجاء الغرفه ... وعلى طرف الغرفه الايمن كانت هناك سماعات صغيره اطلع صوت حاد مثل المطرقه وتسمى بسماعات التردد العالي ( super tweter ) ، وفي الجهه الثانيه اليسرى توجد ساعات حجمها اكبر وترددها واطي ( super woofer ) واطلع صوت يشبه الطبل او مرات يسمونه ( البيس bass )....
وكان كل هذا... يمثل صداع ما ينقطع لمريم ... وحاولت اكثر من مره تقنعه ان ها التصرفات تصرفات شباب طايشين .. مب ريال متزوج وعلى ذمته حرمه ... لكنه كان دايم الاستهزاء فيها .. ويقول : هذي حياتي واعيشها مثل ما احب ...
واليوم ... وبها اللحظه بالذات .. قررت مريم اتحط حد لكل هذا .. لازم اتواجهه .. وتجبره انه يحترمه ويقدرها .. ويمنحها كل حقوقها ..
وو ..
ما قطع تفكيرها .. وحبل الذكريات الطويله اللي كانت هايمه فيها الا صوت الباب وهو ينفتح.... ودخول ريلها راشد للغرفه ..
ولحظتها التفتت مره ثانيه للساعه ولاحظت انها اتجاوزت الساعه سته الصبح .. و قالت :
مريم : صباح الخير ..
جاوبها راشد بابتسامه باهته وساخره وقال بكل ثقل دم :
راشد : وانتي من أهله ؟ّ!
استفزها جوابه واستهزائه وقالت :
مريم : انته عارف كم الساعه الحينه ؟!
رد عليها بكل استهزاء وهوه ايأشربايده على الساعه المعلقه على الجدار ..
راشد : امم .. العقرب الصغير تحت.. وبنص الدايره تقريبا .. والعقرب العود فوق وبنص الدايره بعد ... يعني كم تستوي الساعه ... احزري ... انا اقول يمكن اتكون الساعه ست ...
احمر ويه مريم من كثر الغصه والضيق وقالت بانفعال :
مريم : وليش متأخر لين الحينه ..
ضحك راشد ضحكه طويله و ساخره وقال :
راشد : عشتوا ... مريوم قامت اتعصب واتحاسبني وين ساير ووين ياي ..
وفجاه انفعل راشد وقال :
راشد : انا كم مره قايلج لا تسأليني ها السؤال ... انا انسان حر .. احب اعيش حياتي مثل مابي ... و بحريه كامله ... اطلع واهيت على كيفي .. فهمتي ولا لا ..
حست مريم بخوف من كلامه لكنها قالت باصرار :
مريم : بس انا زوجتك ولي حقوق عليك .... من حقي انك تقعد معاي ... واتراعيني.... واتشوف كل طلباتي الماديه والنفسيه وو ..
قاطعها راشد بضحكه عاليه وايد وقالت :
راشد : الله عليج يا الفيلسوفه .... فكينا بس من فلسلفتج الاجتماعيه ... وخليني ارقد ... تراني اليوم وايد تعبت ...
ردت عليه مريم بهدوء :
مريم : وشوه متعبنك ..
ابتسم راشد بابتسامه خبيثه وهوه يقول:
راشد : من طول القعده .. وعلى فكرى ترى القعده كانت وايد حلوه اليوم ... لعب ورقه وشيشــه وبنــات ووو ..
صرخت مريم في ويهه وقالت :
مريم : واشكره اتقولها بويهي ... تقعد مع بنات يا راشد ..
استمر راشد في ضحكه واستهزائه وقال ببرود عجيب :
راشد : مب انتي زوجتي .. والزوج لازم ايصارح زوجته بكل شي .. وبعدين انتي لازم تفرحين يوم اتشوفين زوجج سعيد ومبسوط ..
حست مريم باحتقان شديد في كل شعره من جسمها.. بسبب استهزائه الغير معقول بمشاعرها وقالت بصوت عالي:
مريم : انته من شوه مخلوق... من حجر ..
ماسوالها راشد أي اعتبار واتجاهل سؤالها تماما .. ووقف جدام المنظره وبطل وفك لفة الشعر اللي رابط فيها شعره .. وانسدل شعره الطويل بنعومه على كتفه .. وبعدها طلع من الدرج سيديهات اغاني واختار منهم السي دي اللي عجبه وحطاه في المسجل وطول على الصوت بشده.. واستلقى على السرير وهو يردد كلمات الاغنيه على لسانه ..
وها التصرف ...كان له اثره العنيف على مريم اللي اقتربت من المسجل .. وسكرته بكل قوتها ... ولحظتها التفت الها راشد وقالت بكل عصبيه :
راشد : شو فيج ... ليش سكرتي المسجل ..
ردت عليه مريم بكل عصبيه :
مريم : ممكن اسألك سؤال واحد ..
بدا الضيق واضح على ويه راشد وقال :
راشد : اللهم طولك يا روح ... هذي الانسانه ما تبي اتعدي هاليله على خير ..اتفضلي اسألي يا سيدة الحسن والجمال ...
وبكل انفعال وقهر قالت مريم :
مريم : انته ليش اتزوجتني ..
ابتسم راشد بسخريه وقال :
راشد : لنفس السبب اللي اتزوجتيني عشانه .
ردت عليه بدهشه :
مريم : شو تقصد .
رد عليها بهدوء قاتل :
راشد : لانج كنتي محيره لي لما كنت صغيره .. يعني كنتي من ضمن أملاكي .. ومستحيل حد غيري ياخذج قبل لا اتمتع فيج انا اولا و ...
سكت راشد لحظات وبعدها تابع ببرود وهوه يطلع الولاعه ويشعل صلب سيجاره :
راشد : الحياه تجارب .. وانا اعتبرج تجربه مفيده و ..
قاطعته مريم بشده وقالت :
مريم : اتسمي اللي بينا مجرد تجربه و تنتهي..
جاوبها راشد ببرود قاتل رهيب وهوه يردد كلمات اغنيه لمطرب معروف :
راشد : تجربه كانت .. كانت حكيمه ... عمر المجرب حكيم ..
صرخت مريم بويهه :
مريم : بس انا بنت عمك ... يعني لحمك ودمك ..
مسك راشد صدره بيده ، وبدا يتحسسه بالكامل وقال ببرود وسخريه :
راشد : لحمي ودمي داخل جسمي ... ما اظن انه طلع واتشكل بصورتج ..
سكتت مريم لحظات بعدما ما بلغ الغضب عندها اعلاه .. وبعدها.. انفجرت بصرخه عظيمه اختزنت فيها كل مشاعرها المكبوته وقالت :
مريم : راشد ... الحينه ... وبها اللحظة لازم انحط حد لكل شي .. يا أنك تستوي مثل باقي الازواج ... وتعطيني كل حقوقي الزوجيه ... يا أما تتركني لحال سبيلي... واعيش حياتي بعيده عنك ...
ابتسم راشد بمكر وقال :
راشد : عرضج مقبول يا بنت العم ...
ردت عليه مريم بدهشه :
مريم : شو قصدك ..
راشد : يعني خلاص ... دورج انتهى ...شبعت منج ... مالج لازوم عندي .. سيري بيتكم وانتي طالق .. طالق ... طالق ....
اتراجعت مريم للخلف من شدة الصدمه ... لانها ما كانت تتوقع ان راشد يطلقها بمنتهى السهوله وكأنه يدخن صلب سيجاره...
صحيح ان حياتها معاه كانت كلها مراره .. لكنها ما تمنت ابدا توصل لها النهايه ...
ما كانت تتمنى ابدا انها تحمل ها اللقب ... اللقب اللي يرعب الكثير من البنات
لقب ... مطلقــــه ...
اللقب اللي بيصير واقــــع أليم لازم تتعايش معاه ..
الواقع اللي بيحمل معاه كل آلام الدنيا ......
آلام الواقع
......
وتستمر الآلام في الجزء الثانــي