الوطن -
عائشَة السيفيّ:

** فيْ إحدَى إذاعاتنَا المحليّة يطلّ علينا كل سَاعة أو نصف ساعَة إعلانٌ عن مسَابقة خاصّة بالهواتف والأرقام .. يبثّ الإعلان بصوتِ امرأة تنطقُ الإعلانَ باللغة العربيّة الفصحَى ولكنْ بأخطاء مؤذيَة جداً لأذن السامع .. فكلمَة إذاعَة تحوّلت إلى "إزاعَة" وكلمَة "بيسَة" تحوّلت بقدرَة قادر إلى ما يُشبه برج بيزَا المائل وهي تنطقُ "بيزَا" .. وتحوّل الرقم ثلاثة إلى "سلاسة" .. نحنُ لا نطالبُ الإذاعاتِ بأن تبثّ لنا إعلانات منقّحة لغوياً وتشكيلياً حين البثّ لكن على الأقلّ الحفاظ على أساسيات نطق الحروف العربيّة صحيحة ..
ثمّة مذيعين في قنوات كبيرَة كالجزيرة وغيرها يعانونَ من لثغة الرّاء أو حرف آخر .. لكن في الإعلانِ السابق أعلاه يتمّ مزج نطق اللهجَة المحليّة لتلك الحروف مع النطق الفصيح لها .. أي أنّ المرأة لم تستطِع أن تفصل لهجتها المحليّة في نطق الحرُوف عن اللغة العربيّة الفصيحة التي بثّ بها الإعلان .. ألا يوافقنيْ مسؤولو تلك الإذاعَة الرأي؟!
** اعتدنَا في طريق دواماتنَا أن نقفَ كعشراتِ الآلاف من الموظفين على جانبِ إحدى محطاتِ الوقود لنطلبَ من محلّ التسوّق هنالك شاي عاديّ أو بالنسكافيه من الآلَة .. نخرجُ من جيوبنا "مئة بيسة" ونتوكّل مواصلين طريقنا للعمل .. الحالُ اختلف اليوم فتلك الآلات العتيقة استبدلت بآلات أطول وأعرض وامتدّت أمامنا عشرات الخيارات .. اختفى الشاي الذي بمائة بيسَة وحلّ محله الهوت تشوكليت والكاباتشينو إلخ..
كوبُ الشاي أو القهوَة المحترَم من الآلة الجديدَة لا يقلّ عن 400 بيسَة ! يا جماعَة حرام عليكُم ..
موظف عادي .. سائق أجرَة .. سائق شاحنَة .. يدفع يومياً 400 بيسَة مشان 100مل شاي
يرتفعُ السّعر 400% ! .. تطوّروا لكنْ ليس على حسَاب جيُوبنا .. اليَوم أصبحت لدينا فوبيا من شيء اسمه "تطوّر" لأنهُ سيقابلهُ في المقابل "خرفة كبيرَة" لجيوبنا .. أعيدُوا لنا الآلات القديمَة وضعوها بجانب الآلاتِ المتضخّمة تلك التيْ تعبئ أكواب الشاي وتعبّ جيوبنا في الجانب الآخر..
القهوَة الفرنسيّة واللاتيه والاسبريسو لذيذة .. لكن ليست للشربِ اليومي الذي يكسرُ ظهر موظّف مستور على قدّ حالهِ أو عامل بناء أو غيره ممن يماثلهُ الحالُ..
سألتُ البائع في المحلّ أين ذهبتْ آلة الشاي القديمَة؟ فقال .. خلاص تخلصنا منها وتعاقدنا مع شركة فلانيّة لتزويدنا بهذهِ الآلات في كلّ فروع المحلّ بالسلطنَة .. تمتمتُ : أبوي عاذرين عن الكاباتشينُو !
** في إحدى طاولاتِ الكوستا .. اقتربَ منا ذلك الشابّ .. بدا في أولى عشرينيّاتهِ بدشداشَة وكمّة عمانيّة .. دونَ أن ينبسَ بكلمَة اقتربَ ومدّ ورقةً إلينا وعادَ مبتعداً عنّا مسافَة متر .. نظرَة سريعَة على تلك الورقَة أخبرتنا أن الشابّ يطلبُ المالَ للمساعدَة في عمليّة جراحيّة تكلّف 5 آلاف ريَال .. صرفناهُ بقليلٍ من المال فغادرَ باحثاً عن زبائن آخرين في الكافيه ليمدّ بورقتهِ إليهم .. بعضهُم أدخل بضع مئاتِ البيسة داخل الورقة والبعضُ الآخر صرفهُ خاليَ الوفاض ..
مشاهدُ كهذهِ أصبحتْ مألوفة ً جداً في مسقط .. امرأة ترتدي عباءة رأس أمام سُوبر ماركت في الخوض .. تجلسُ ساعاتٍ عند بابهِ تمدّ يدها سائلة ً الداخلينَ والخارجين .. من بينِ كلّ عشرة يقررُ واحدٌ أو اثنان أن يمدّ إليها بالمال .. وفي إحدى محطاتِ الوقود تطرقُ امرأةٌ وفي يدها طفلهَا الزجاجَ على سائقي السيّارات وهم يعبئونَ الوقود سائلة ً إيّاهم المال ..
آخر صرعَات التسوّل الاحترافيّة والتيْ كنت أسمع بها ولا أصدّقها لولا أني رأيتُها بأمّ عيني وقريبيْ يترجّل من السيّارة فيعترضه رجلٌ يرتدي غترَة إحدى دول الخليج المجاورَة وإليكُم سيناريو التسوّل الاحترافي .. يوقفُ الرجل أي رجلٍ عابرٍ أمامه .. يرصدهُ من بعيد ليرى نوعيّة سيارته ويقرر إن كانَ سيخرج منهُ بكم ريال أو لا .. يتوجّه إليه ويقُول له أنّ عجلَة سيارته ثقبت وأنهُ ذهب بها للجراج ولكنهُ أضاع محفظتهُ واتصل بأصدقائه ولا يردّون .. ثمّ يطلب 20 ريالا ويتبعها بطلب رقم هاتف الشخص الآخر حتى يردّ لهُ المبلغ حينَ يستعيدُ محفظتهُ .. رجلٌ " شدّة عدّة " لا يشتكي نقصاً ولا علّة .. غير قادر على العمل لكنهُ قادر على هذا التسوّل الاحترافي ..
يحكي لي قريبيْ عن صديقهِ الذي تعرض لنفسِ الموقف وأعطى ذلكَ "النصّاب" 80 ريَالا بعد أن حلّفه بأنه لا يكذب فأقسم الرجلُ وغادر وقد امتلأ جيبهُ بالثمانين ريالاً ولم يعد !
لم يعدْ غريباً اليوم مشاهدَة شباب مكتملي الرّجولة يمدُون أيديهم للمارّة .. لا يستحُون فعل ذلكَ .. لكنّهم يترفعون عن العمل الشريف .. تجدُه بكامل أناقتهِ .. متحلّقاً ونظيفاً .. أصبحُوا عصاباتٍ تمارسُ التسوّل بحرفنَة!
أينَ هي وزارَة التنميَة الاجتماعيّة عن هكذا ظاهرَة بدأت تتفشّى بشكلٍ مقلقٍ مؤخراً .. ألا ينبغيْ تشكيل لجان للوصولِ إلى هؤلاء ومعرفَة ظروفهم الاجتماعيّة .. مثلاً إن كانَت تلك المرأة يصرفُ لها راتبٌ من الشؤون الاجتماعيّة أو إن كانَ لها معيل .. ومعرفَة إن كان ادّعاء ذلك الشاب بحاجتهِ لعمليّة جراحيّة صحيحاً أم لا .. فإن لم ينقصهُم شيء تمّ تطبيق إجراءات عقابيّة لهم .. فقد أصبحتْ أيديهم تلاحق العُمانيّ والمقيم .. والعربيّ والأجنبيّ وأصبحَ منظرهم مؤذياً وهم يرتدُون الزيّ العمانيّ ويمدُون أيديهم "للرّايح والجاي" .. لا نريدُ أن يتحوّل التسول لدينا كحالِ بعض الدولِ المجاورة ممن يحجزُ كلّ متسوّل منطقته الخاصّة للتسول وتطوّر عمليّة التسول إلى صناعة وعصابات تدرّ مئات الآلاف من الدولارات !
** جميلٌ هوَ التعمين .. وجميلٌ أنْ نسعَى إلى إحلال الشابِ العُمانيّ ومنحهِ الثقة في إدارةِ مشاريعهِ بنفسهِ بدلَ إسنادهَا للوافِد .. لكنّ الحلوَ لا يكمل دائماً .. والمثاليّات لا تتحقّق إلا فيْ المدينَة الفاضلة التيْ رسمها أفلاطُون فيْ أحلامهِ..
قبلَ سنواتٍ كانَ الوافدُ يفتحُ محلّهُ في الساعَة السادسَة صباحاً أو السابعَة على أقصى الحدُود فإذا ذهبتَ لشراءٍ شيءٍ ما من المحلّ وجدتهُ مفتوحاً في الثامنة .. أمّا اليَوم فحتّى التاسعة والنصف تجدُ المحلّ مغلقاً لأنّ صاحبهُ أو البائع/ة في المحلّ يكونُ في ذلك الوقت قد استيقظَ قبلَ قليل وشرَع في شُرب "الشاهي" في بيتهِ ..
اليَوم كلّما احتجنا لسلعَة ما أو غرض معيّن .. نحسبُ حسابنا أنّ المحل لا يفتح قبلَ التاسعَة وفي المتوسّط .. الساعة التاسعَة والنصف أو العاشرَة ..
وفي أيّام الجمعة تجدُ نصف المحلاتِ مغلقَة عصراً رغمَ أنّ صلاة الجمعَة انتهتْ قبلَها بساعات !
الرّزقُ يحتاجُ همّة ويحتاجُ دأباً .. لا أنْ نأخذ إجازاتِ نهايَة الأسبوع براحتنا كأنّنا موظفُون في قطاعاتٍ حكوميّة .. رغمَ أن الدوام الرسميّ للقطاع الحكوميّ يبدأ في السابعة أو السابعة والنّصف وهؤلاء يمددُون بداية دوام الصباح للتاسعَة والنصف والسَاعة 12ظهراً قفلوا عائدين إلى بيوتهم حتّى الساعة الرابعة أو الخامسة عصراً ..
نعم ، لا نعمّم هذه العادة على جميع الاخوة العمانيّين فثمّة بينهم المجدون والمجتهدِون على مشاريعِهِم .. ونعَم نحبّ للشاب العمانيّ أن يعمل ويحلّ محلّ الوافد .. لكن ليسَ بهذا الشكل الذي لا يمنحنا الثقة َ بهِ وبأدائهِ ..
ندخلُ المحلّ فيقابلنا مكشّراً عابساً .. لا نستطيعُ مجادلته .. فإن حاولنا ردّ علينا بفظاظة ..
إنْ كانتْ حكومتنا الموقّرة تدفعُ بعجلةِ التعمين للأمام فلتفعلها وفقَ أسسٍ ممنهجَة .. أقلّها إخضاع هؤلاء إلى دورات قصيرَة تدريبيّة حول أسس التعاملِ مع الزبُون أو أسس إدارة المشروع الناجح ..
إذ ايّ مشروع نتوقعُ لهُ النجاح تصلُ الساعة التاسعة والنصف صباحاً ولافتة "مغلق" على واجهةِ محلهِ بينما صاحبهُ لا يزال يشرب شاهي في بيتهِ؟
كما لأصحاب المحلات وأصحاب المشاريع التجاريّة حقّ في احترامِهم فإنّ للزبائن أيضاً حقّ في أنْ ينالُوا نفسَ القدرِ من الاحترام !
** "كلّما غفوتُ نصفَ ساعَة .. وجدتُ بيتاً جديداً بنيَ في الجوَار"
هذا مقطعٌ منْ إحدَى روايات إيزابيل اللينديْ وأجدنيْ أتذكّرهُ الآنَ والعمارات الشاهقَة تمتدُ في الجوانبِ على طولِ الطريق الرئيسيّ في مسقط .. جولَة صغيرَة في العاصمَة وحسبة بسيطَة تجعلكُ تدركُ حجم التمدد الإنشائي القائم لدينا في مسقط ولكن السؤال.. هل انخفضت الإيجارات؟
لا طبعاً .. يرتفع سعر الشقة مئة ريال من الخوض للموالح ومئة أخرى من الموالح للحيل ومئة أخرى من الحيل للغبرة أو العذيبَة ومئة أخرى حتى تصل القرم !
بحقّ كيف يستطيعُ موظّف جامعيّ يستلمُ راتباً شهرياً قدرهُ 600أو 500ريال .. يدفع إيجار شقة "أقل من عاديّة" سعرها لا يقل عن عن 250 أو 300 أن يشتري أرضاً ويبني بيتاً؟ ووراءهُ مصاريف ماء وكهربَاء وعائلة؟ فما بالك بشابٍ لا يملكُ شهادَة؟
حتّى الشقق اليَوم أصبحتْ ترفاً كبيراً !
كلّما غفونا نصفَ ساعة .. استيقظنا فوجدنا عمارَة تبنى في الجوار .. لكن هل تنخفضُ الأسعار؟
لا .. لأنّ هنالك من يدفعْ دائماً .. وغير القادر ليذهب ويبحث عن بيتٍ صفيح أو شقّة مبنيّة بموادّ مغشُوشة أو ليذهب ليسكنَ الكهُوف والجبال فهناكَ وحدها لا يطالبهُ أحدٌ بأن يدفعَ إيجَارات شقق ومعَ ذلكَ ستلاحقهُ كسارات صخور الجبال لتطردهُ إلى العراء .. آهِ لو كانَ الفقرُ رجلاً ..
عائشَة السيفيّ:

** فيْ إحدَى إذاعاتنَا المحليّة يطلّ علينا كل سَاعة أو نصف ساعَة إعلانٌ عن مسَابقة خاصّة بالهواتف والأرقام .. يبثّ الإعلان بصوتِ امرأة تنطقُ الإعلانَ باللغة العربيّة الفصحَى ولكنْ بأخطاء مؤذيَة جداً لأذن السامع .. فكلمَة إذاعَة تحوّلت إلى "إزاعَة" وكلمَة "بيسَة" تحوّلت بقدرَة قادر إلى ما يُشبه برج بيزَا المائل وهي تنطقُ "بيزَا" .. وتحوّل الرقم ثلاثة إلى "سلاسة" .. نحنُ لا نطالبُ الإذاعاتِ بأن تبثّ لنا إعلانات منقّحة لغوياً وتشكيلياً حين البثّ لكن على الأقلّ الحفاظ على أساسيات نطق الحروف العربيّة صحيحة ..
ثمّة مذيعين في قنوات كبيرَة كالجزيرة وغيرها يعانونَ من لثغة الرّاء أو حرف آخر .. لكن في الإعلانِ السابق أعلاه يتمّ مزج نطق اللهجَة المحليّة لتلك الحروف مع النطق الفصيح لها .. أي أنّ المرأة لم تستطِع أن تفصل لهجتها المحليّة في نطق الحرُوف عن اللغة العربيّة الفصيحة التي بثّ بها الإعلان .. ألا يوافقنيْ مسؤولو تلك الإذاعَة الرأي؟!
** اعتدنَا في طريق دواماتنَا أن نقفَ كعشراتِ الآلاف من الموظفين على جانبِ إحدى محطاتِ الوقود لنطلبَ من محلّ التسوّق هنالك شاي عاديّ أو بالنسكافيه من الآلَة .. نخرجُ من جيوبنا "مئة بيسة" ونتوكّل مواصلين طريقنا للعمل .. الحالُ اختلف اليوم فتلك الآلات العتيقة استبدلت بآلات أطول وأعرض وامتدّت أمامنا عشرات الخيارات .. اختفى الشاي الذي بمائة بيسَة وحلّ محله الهوت تشوكليت والكاباتشينو إلخ..
كوبُ الشاي أو القهوَة المحترَم من الآلة الجديدَة لا يقلّ عن 400 بيسَة ! يا جماعَة حرام عليكُم ..
موظف عادي .. سائق أجرَة .. سائق شاحنَة .. يدفع يومياً 400 بيسَة مشان 100مل شاي
يرتفعُ السّعر 400% ! .. تطوّروا لكنْ ليس على حسَاب جيُوبنا .. اليَوم أصبحت لدينا فوبيا من شيء اسمه "تطوّر" لأنهُ سيقابلهُ في المقابل "خرفة كبيرَة" لجيوبنا .. أعيدُوا لنا الآلات القديمَة وضعوها بجانب الآلاتِ المتضخّمة تلك التيْ تعبئ أكواب الشاي وتعبّ جيوبنا في الجانب الآخر..
القهوَة الفرنسيّة واللاتيه والاسبريسو لذيذة .. لكن ليست للشربِ اليومي الذي يكسرُ ظهر موظّف مستور على قدّ حالهِ أو عامل بناء أو غيره ممن يماثلهُ الحالُ..
سألتُ البائع في المحلّ أين ذهبتْ آلة الشاي القديمَة؟ فقال .. خلاص تخلصنا منها وتعاقدنا مع شركة فلانيّة لتزويدنا بهذهِ الآلات في كلّ فروع المحلّ بالسلطنَة .. تمتمتُ : أبوي عاذرين عن الكاباتشينُو !
** في إحدى طاولاتِ الكوستا .. اقتربَ منا ذلك الشابّ .. بدا في أولى عشرينيّاتهِ بدشداشَة وكمّة عمانيّة .. دونَ أن ينبسَ بكلمَة اقتربَ ومدّ ورقةً إلينا وعادَ مبتعداً عنّا مسافَة متر .. نظرَة سريعَة على تلك الورقَة أخبرتنا أن الشابّ يطلبُ المالَ للمساعدَة في عمليّة جراحيّة تكلّف 5 آلاف ريَال .. صرفناهُ بقليلٍ من المال فغادرَ باحثاً عن زبائن آخرين في الكافيه ليمدّ بورقتهِ إليهم .. بعضهُم أدخل بضع مئاتِ البيسة داخل الورقة والبعضُ الآخر صرفهُ خاليَ الوفاض ..
مشاهدُ كهذهِ أصبحتْ مألوفة ً جداً في مسقط .. امرأة ترتدي عباءة رأس أمام سُوبر ماركت في الخوض .. تجلسُ ساعاتٍ عند بابهِ تمدّ يدها سائلة ً الداخلينَ والخارجين .. من بينِ كلّ عشرة يقررُ واحدٌ أو اثنان أن يمدّ إليها بالمال .. وفي إحدى محطاتِ الوقود تطرقُ امرأةٌ وفي يدها طفلهَا الزجاجَ على سائقي السيّارات وهم يعبئونَ الوقود سائلة ً إيّاهم المال ..
آخر صرعَات التسوّل الاحترافيّة والتيْ كنت أسمع بها ولا أصدّقها لولا أني رأيتُها بأمّ عيني وقريبيْ يترجّل من السيّارة فيعترضه رجلٌ يرتدي غترَة إحدى دول الخليج المجاورَة وإليكُم سيناريو التسوّل الاحترافي .. يوقفُ الرجل أي رجلٍ عابرٍ أمامه .. يرصدهُ من بعيد ليرى نوعيّة سيارته ويقرر إن كانَ سيخرج منهُ بكم ريال أو لا .. يتوجّه إليه ويقُول له أنّ عجلَة سيارته ثقبت وأنهُ ذهب بها للجراج ولكنهُ أضاع محفظتهُ واتصل بأصدقائه ولا يردّون .. ثمّ يطلب 20 ريالا ويتبعها بطلب رقم هاتف الشخص الآخر حتى يردّ لهُ المبلغ حينَ يستعيدُ محفظتهُ .. رجلٌ " شدّة عدّة " لا يشتكي نقصاً ولا علّة .. غير قادر على العمل لكنهُ قادر على هذا التسوّل الاحترافي ..
يحكي لي قريبيْ عن صديقهِ الذي تعرض لنفسِ الموقف وأعطى ذلكَ "النصّاب" 80 ريَالا بعد أن حلّفه بأنه لا يكذب فأقسم الرجلُ وغادر وقد امتلأ جيبهُ بالثمانين ريالاً ولم يعد !
لم يعدْ غريباً اليوم مشاهدَة شباب مكتملي الرّجولة يمدُون أيديهم للمارّة .. لا يستحُون فعل ذلكَ .. لكنّهم يترفعون عن العمل الشريف .. تجدُه بكامل أناقتهِ .. متحلّقاً ونظيفاً .. أصبحُوا عصاباتٍ تمارسُ التسوّل بحرفنَة!
أينَ هي وزارَة التنميَة الاجتماعيّة عن هكذا ظاهرَة بدأت تتفشّى بشكلٍ مقلقٍ مؤخراً .. ألا ينبغيْ تشكيل لجان للوصولِ إلى هؤلاء ومعرفَة ظروفهم الاجتماعيّة .. مثلاً إن كانَت تلك المرأة يصرفُ لها راتبٌ من الشؤون الاجتماعيّة أو إن كانَ لها معيل .. ومعرفَة إن كان ادّعاء ذلك الشاب بحاجتهِ لعمليّة جراحيّة صحيحاً أم لا .. فإن لم ينقصهُم شيء تمّ تطبيق إجراءات عقابيّة لهم .. فقد أصبحتْ أيديهم تلاحق العُمانيّ والمقيم .. والعربيّ والأجنبيّ وأصبحَ منظرهم مؤذياً وهم يرتدُون الزيّ العمانيّ ويمدُون أيديهم "للرّايح والجاي" .. لا نريدُ أن يتحوّل التسول لدينا كحالِ بعض الدولِ المجاورة ممن يحجزُ كلّ متسوّل منطقته الخاصّة للتسول وتطوّر عمليّة التسول إلى صناعة وعصابات تدرّ مئات الآلاف من الدولارات !
** جميلٌ هوَ التعمين .. وجميلٌ أنْ نسعَى إلى إحلال الشابِ العُمانيّ ومنحهِ الثقة في إدارةِ مشاريعهِ بنفسهِ بدلَ إسنادهَا للوافِد .. لكنّ الحلوَ لا يكمل دائماً .. والمثاليّات لا تتحقّق إلا فيْ المدينَة الفاضلة التيْ رسمها أفلاطُون فيْ أحلامهِ..
قبلَ سنواتٍ كانَ الوافدُ يفتحُ محلّهُ في الساعَة السادسَة صباحاً أو السابعَة على أقصى الحدُود فإذا ذهبتَ لشراءٍ شيءٍ ما من المحلّ وجدتهُ مفتوحاً في الثامنة .. أمّا اليَوم فحتّى التاسعة والنصف تجدُ المحلّ مغلقاً لأنّ صاحبهُ أو البائع/ة في المحلّ يكونُ في ذلك الوقت قد استيقظَ قبلَ قليل وشرَع في شُرب "الشاهي" في بيتهِ ..
اليَوم كلّما احتجنا لسلعَة ما أو غرض معيّن .. نحسبُ حسابنا أنّ المحل لا يفتح قبلَ التاسعَة وفي المتوسّط .. الساعة التاسعَة والنصف أو العاشرَة ..
وفي أيّام الجمعة تجدُ نصف المحلاتِ مغلقَة عصراً رغمَ أنّ صلاة الجمعَة انتهتْ قبلَها بساعات !
الرّزقُ يحتاجُ همّة ويحتاجُ دأباً .. لا أنْ نأخذ إجازاتِ نهايَة الأسبوع براحتنا كأنّنا موظفُون في قطاعاتٍ حكوميّة .. رغمَ أن الدوام الرسميّ للقطاع الحكوميّ يبدأ في السابعة أو السابعة والنّصف وهؤلاء يمددُون بداية دوام الصباح للتاسعَة والنصف والسَاعة 12ظهراً قفلوا عائدين إلى بيوتهم حتّى الساعة الرابعة أو الخامسة عصراً ..
نعم ، لا نعمّم هذه العادة على جميع الاخوة العمانيّين فثمّة بينهم المجدون والمجتهدِون على مشاريعِهِم .. ونعَم نحبّ للشاب العمانيّ أن يعمل ويحلّ محلّ الوافد .. لكن ليسَ بهذا الشكل الذي لا يمنحنا الثقة َ بهِ وبأدائهِ ..
ندخلُ المحلّ فيقابلنا مكشّراً عابساً .. لا نستطيعُ مجادلته .. فإن حاولنا ردّ علينا بفظاظة ..
إنْ كانتْ حكومتنا الموقّرة تدفعُ بعجلةِ التعمين للأمام فلتفعلها وفقَ أسسٍ ممنهجَة .. أقلّها إخضاع هؤلاء إلى دورات قصيرَة تدريبيّة حول أسس التعاملِ مع الزبُون أو أسس إدارة المشروع الناجح ..
إذ ايّ مشروع نتوقعُ لهُ النجاح تصلُ الساعة التاسعة والنصف صباحاً ولافتة "مغلق" على واجهةِ محلهِ بينما صاحبهُ لا يزال يشرب شاهي في بيتهِ؟
كما لأصحاب المحلات وأصحاب المشاريع التجاريّة حقّ في احترامِهم فإنّ للزبائن أيضاً حقّ في أنْ ينالُوا نفسَ القدرِ من الاحترام !
** "كلّما غفوتُ نصفَ ساعَة .. وجدتُ بيتاً جديداً بنيَ في الجوَار"
هذا مقطعٌ منْ إحدَى روايات إيزابيل اللينديْ وأجدنيْ أتذكّرهُ الآنَ والعمارات الشاهقَة تمتدُ في الجوانبِ على طولِ الطريق الرئيسيّ في مسقط .. جولَة صغيرَة في العاصمَة وحسبة بسيطَة تجعلكُ تدركُ حجم التمدد الإنشائي القائم لدينا في مسقط ولكن السؤال.. هل انخفضت الإيجارات؟
لا طبعاً .. يرتفع سعر الشقة مئة ريال من الخوض للموالح ومئة أخرى من الموالح للحيل ومئة أخرى من الحيل للغبرة أو العذيبَة ومئة أخرى حتى تصل القرم !
بحقّ كيف يستطيعُ موظّف جامعيّ يستلمُ راتباً شهرياً قدرهُ 600أو 500ريال .. يدفع إيجار شقة "أقل من عاديّة" سعرها لا يقل عن عن 250 أو 300 أن يشتري أرضاً ويبني بيتاً؟ ووراءهُ مصاريف ماء وكهربَاء وعائلة؟ فما بالك بشابٍ لا يملكُ شهادَة؟
حتّى الشقق اليَوم أصبحتْ ترفاً كبيراً !
كلّما غفونا نصفَ ساعة .. استيقظنا فوجدنا عمارَة تبنى في الجوار .. لكن هل تنخفضُ الأسعار؟
لا .. لأنّ هنالك من يدفعْ دائماً .. وغير القادر ليذهب ويبحث عن بيتٍ صفيح أو شقّة مبنيّة بموادّ مغشُوشة أو ليذهب ليسكنَ الكهُوف والجبال فهناكَ وحدها لا يطالبهُ أحدٌ بأن يدفعَ إيجَارات شقق ومعَ ذلكَ ستلاحقهُ كسارات صخور الجبال لتطردهُ إلى العراء .. آهِ لو كانَ الفقرُ رجلاً ..
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions