على أعتاب عام جديد..

    • على أعتاب عام جديد..

      الشبيبة -

      مسعود الحمداني:



      على أعتاب عام جديد. عامٌ يمضي، عامٌ يأتي، والنهارات هي هي، لا تنتظر أحدا، ولا تسوق في طريقها سوى لهاث السراب، تخترق فجوات السنين، وتتعثّر على قارعة الفجر الغائب، نحاول اللحاق بما تبقّى من أعمارنا، ونعتقد بأن ما فات يمكن اللحاق به، ولكن ذلك مستحيل، فكل لحظة من أعمارنا، تصبح ماضيا بعد أقل من ثانية، وتغيب إلى الأبد، لا نستطيع أن نعيدها إلى الحياة مرة أخرى، ولا نستطيع في الواقع أن نغيّرها أو نستبدلها، فكل الكلمات حين تنسلّ من بين شفاهنا، تصبح في حكم الذي لا يعود، وهكذا نظل نغرّد خارج السرب، وداخل السرب، ونكتشف بعد فوات الأوان أنه لا سرب موجود أصلا لنحلّق معه!!

      ********

      نشاهد بقعة ضوء في البعيد، نتبعها، نظلل رؤوسنا بغمامة قزحية، ونعتقد عبثا أن وصولنا أصبح وشيكا، ولكن حين نلتفت إلى الوراء، نجد أن طريقا طويلا قطعناه، وأنه لم يتبق أمامنا سوى القليل من الوقت لنصل إلى الغاية، ولكن هيهات..فالغايات لا يمكن إدراكها، والطريق يصبح موحشا، لا نرى ما هو أمامنا، ونجري خلف السراب، ونلهث، نلهث، حتى تنقطع أنفاسنا، ثم..نتهاوى كظل منكوس على جدار غير موجود أصلا إلا في خيالنا الواسع..

      ********

      نحاول كتابة ما نسمّيه (قصيدة)، نجتر الحروف، نسوّر أنفسنا بالعزلة، وندوس على كل واقع، لنصنع عالمنا الخيالي، ونجوع، ونعرى، في صحراء الكلام، وننتظر بزوغ المولود الضرير، نشاكس حتى أحلامنا، ونهيّج حروفنا الثملة، ونتوه في بيداء لا آخر لها، وحين تولد القصيدة، بعد عملية قيصرية متعسّرة، نجد أننا لم نصنع شيئا، ونتساءل في قرارة أنفسنا: هل تستحق منّا هذه القصيدة كل هذا العناء؟!!

      *********

      كتب أحدهم على ورقة توت ذابلة: (الآن يبدأ الحكي، الآن يبدأ السؤال)، يعود إلى ورقته بعد حين، يبحث عن سبب كتابته لتلك الكلمات، ما الذي تعنيه؟، متى كتبها؟، ولأجل ماذا؟..فيكتشف أنه لم يعد يذكر، وأن اللحظات لا تعود، وأنه لا مجال لحفظ أحداث قديمة، فالذاكرة تتجدد تماما كالحياة، فكل ما هو غير مهم لا يحتاج منّا إلى أن نحتفظ به أصلا، ربما كانت كلماته تلك، غير مهمة إلا في تلك اللحظة، ربما تأتي ريح أخرى فتسوق أمامها كلماتها الجديدة، والأخيرة معا..

      *********

      من منّا وضع نفسه في قمقمِ ساحر؟..تُرى كيف سيكتشف العالم؟..كيف سيرى الآخرين؟..هل سيتغيّر شيء من حوله؟..لا أعتقد بأن القمقم قد يعطينا انطباعا جيدا عمّا حولنا، ولكنّه قد يساعدنا على الانفراد بذواتنا، يساعدنا على النظر إلى أنفسنا، واكتشاف حقيقتنا الخالصة، هذه الحقيقة التي يلفّها الضباب والتشظّي، ولا نكاد نعرفها، إلا حين نختلي بأنفسنا، ونصفّي أذهاننا من كل شيء، لنكتشف بعدها أن كل ما حولنا كومة من الزيف، والأقنعة، والخواء الذي يلفنا منذ الولادة، وحتى الممات..حينها فقط سنتعرّف على عفوية الحياة، وعبثيتها..وأنّه علينا أن نغلق قمقم الساحر، ونتراجع إلى الداخل..داخل ذواتنا، ونراقب العالم وهو يصفو، ويصير أكثر وضوحا.. كل عام وكل ما حولنا أكثر بياضا وجمالا وشفافية..


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions