مخاطر عديدة تحيط بالمنطقة

    • مخاطر عديدة تحيط بالمنطقة

      عُمان -

      د.إبراهيم بن حمود الصبحي:



      (ما يجري في اليمن حقاً مؤشر على أن المنطقة قد تقبل على أوضاع غير مستقرة لأنني وغيري نربط أمن اليمن بأمن الخليج وشبه الجزيرة العربية كما قلت وأكبر دليل انشغال القوات السعودية لما يزيد عن شهرين لتطهير حدودها الجنوبية مع اليمن من المتسللين الحوثيين).

      ما يدور في اليمن ليس بغريب على ما يدور في العالم العربي، المضطرب جزء منه، وكلما هدأت منطقة اضطربت أخرى وهي سلسلة متتالية.

      الحوثيون وصعدة والجنوبيون وشبوة جزء من مخطط خارجي لزعزعة أمن واستقرار منطقة عرفت في الأدبيات السياسية بأنها الأكثر أمناً واستقراراً في العالم (منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية) ولطالما نبهنا إلى أهمية ربط الأمن في هاتين المنطقتين المتصلتين جغرافياً وقومياً. شط العرب إلى هرمز ومن هرمز إلى باب المندب ومنه إلى قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح. ارتباط الخليج ببحر عمان ثم البحر العربي بالمحيط الهندي من جهة والبحر الأحمر من جهة أخرى وهو أهم معبر تجاري في العالم إن لم يكن الأهم على الإطلاق. والدخول إلى المنطقة لا يأتي الا من الخاصرة وهي اليمن ولا يمكن زعزعة أمنه واستقراره إلا بإثارة القبائل التى تشكل نسيج اليمن ولحمته وهي المشكلة التي ظهرت قبل 47 عاماً عندما قامت الثورة في اليمن التي قادها عبدالله السلال وأطاح بالملكية فيها وبدأت عندها القلاقل والفتن مما حدا بالسلال أن يطلب الدعم العسكري من عبدالناصر. وإذا كانت الجمهورية قد قامت وتعاقب عليها الرؤساء الذين اغتيلوا إلا أن ولاء القبائل كما يبدو بقي لشيوخ القبائل المحرك الرئيسي للنظام السياسي في اليمن. وحركة الحوثيين ليست إلا نموذج لصراع سياسي قبلي. وما ساعد على استمرار هذا الصراع بين الحكومة والحوثيين هو وعورة المنطقة وصعوبة الوصول والسيطرة على نقاط استراتيجية فيها إلا باتباع أساليب تكتيكية.

      ولإطالة أمد الصراع كان لا بد من تغذية المعركة بشتى الطرق والوسائل كتهريب المال والسلاح وارتباط بالقاعدة ومد ساحة المعركة لتشمل أجزاء غير صعدة وما حولها لجر أطراف أخرى، كما حدث في حدود المملكة العربية السعودية وبعدها مناطق شبوة حيث آبار النفط والآن تعاون الحوثيون كما يبدو مع الشطر الجنوبي للانفصال وكأن التجزئة عند العقل العربي الحل الأوحد للتفرد بالسلطة. المطلوب اشغال العرب والعالم بما يدور في هذه الدول عسكرياً بدلاً من إشغالها في تطوير وتنمية هذه الدول وشعوبها. ولعله من الملاحظ ترابط الأحداث ببعضها فما يجري في إيران والعراق مرتبط بما يجري في اليمن والصومال أو القرن الإفريقي.

      زعزعة الأمن والاستقرار أصبح هاجس هذه الجهات المتربصة وإلا لماذا لا يحدث ذلك في اجزاء أكثر ثراء من هذه المنطقة وهي اليوم تنعم بالأمن والأمان أكثر من غيرها. ولو قلنا إن الفقر عامل مساعد لتلك الحركات فهل إيران بلد فقير وهو يسعى لامتلاك القوة النووية. وهل العراق بلد فقير وهو يختزن ثروة نفطية هائلة تحت أرضه وثروة زراعية وحيوانية وقوة بشرية تتمثل في ملايين المتعلمين والمتثقفين الذين يعيشون اليوم في المهجر. لماذا تنعم إسرائيل بالأمن والاستقرار وهي تقع في قلب منطقة عرفت بعدم استقرارها على مدى قرن من الزمان تقريباً بشكل عام والتخصيص ليس إلا نماذج غير متفردة عن القاعدة لكنها اختطت لها سياسات بعدت بها عن مسببات الصراع الأيديولوجي أو الانتمائي.

      ما يدور في اليمن نوع من التصعيد في مناطق رخوة سياسياً أو اجتماعياً أو عسكرياً وهي حركات الأطراف عندما يصاب الجسم بالبرد ترتخي أطرافه أو تتحرك لمقاومته.

      إن زج القاعدة وقادتها في هذه المعادلة السياسية الصعبة وربطها من جهة بشيوخ الدين وعلمائه أو بجهات تعيش خارج الحدود يستهدف اعطاء الحركة طابعين: إرهابي وعالمي أو إرهابي عالمي.

      إن اختيار القاعدة لليمن تكتيكي وليس استراتيجياً فهى أي القاعدة كانت موجودة في المملكة العربية السعودية لكنها اهتزت قواعدها ولم تعد لها إلا خلايا إما نائمة أو ضعيفة لفقدانها الرابط مع قواعدها الأصلية في أفغانستان وباكستان والقاعدة في العراق وجدت من حزب البعث حليفاً فراحت تنفذ عملياتها بصورة عنيفة وخلايا القاعدة في الصومال وفي لبنان ومن يدري ربما تجد القاعدة حليفاً في مجاهدي خلق في إيران فتحكم قبضة الكماشة على المنطقة من الجهات الأربع وبذلك تمد أذرعها مثل الاخطبوط.

      والسؤال : هل تمثل حركة الحوثيين خطراً على السلطة في اليمن؟ وهل تمثل القاعدة مصدر تهديد دائم للمنطقة؟ ولماذا لجأ مجلس التعاون الخليجي في هذا الوقت بالذات لاتخاذ قرار بإنشاء قوة التدخل السريع rapid deployment force؟ مع أن الحرب العراقية ـ الإيرانية التي انتهت في عام 1988 واستمرت ثماني سنوات لم تكن كافية لإنشاء هذه القوة. بل اكتفى القادة حينها بإنشاء درع الجزيرة الذي انتهى بعودة قواته إلى دولها إلى حين الحاجة إليها. أسئلة كثيرة كبيرة تحتاج لتحليل الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة ولا نسقط من حساباتنا الوضع الاقتصادي والمالي الذي مرت به المنطقة إثر الأزمة المالية العالمية التي لا يزال العالم يعاني من تأثيراتها ولربما استمرت حتى عام 2011. ما يجري في اليمن حقاً مؤشر على أن المنطقة قد تقبل على أوضاع غير مستقرة لأنني وغيري نربط أمن اليمن بأمن الخليج وشبه الجزيرة العربية كما قلت وأكبر دليل انشغال القوات السعودية لما يزيد عن شهرين لتطهير حدودها الجنوبية مع اليمن من المتسللين الحوثيين وما ورد في البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الثلاثين التي عقدت في الكويت حول أمن المملكة العربية السعودية إلا دليل على استشعار المجلس بمدى الخطورة التي تمثلها الحالة في اليمن وقد تتكرر في مناطق أخرى ذلك أن اليمن يرتبط بحدود مشتركة مع أكثر من دولة من دول المجلس ويمثل كما قلنا بعداً استراتيجياً.

      هل على اليمن وحده أن يدفع هذا الشر عن أرضه؟ ويبدو أن القضية داخلية بحتة ولم يتعرض اليمن لعدوان خارجي فهي في مفهوم القانون الدولي قضية داخلية بحتة ولا يجب التدخل في الشؤون الداخلية للدول وهو مبدأ محترم أو هكذا يفترض ولكن على المحك الفعلي هناك حالات أخرى جرى فيها تدخل إقليمي أو دولي والأمر يعود لحسن تقدير الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن تقرر ما تراه ضرورياً من وجهة نظرها.

      المسألة مرتبطة بمصالح الدول في اليمن أو في المنطقة. فهل يترك اليمن يواجه مصير الصومال والسودان والعراق والعرب لا يحركون ساكناً أم أن مقولة أبي الأسود الدؤلي (سكنّ تسلم) اصبح شعار العرب المنتخب من بين الشعارات الباردة.

      المسألة أبعد من صعدة والحوثيين وأبعد من شبوة واليمنيين في الجنوب والمثل يقول إذا شب حريق عند جارك فكن جاهزاً بالماء لأن النار لن ترحمك ولا تعرف حدوداً سياسية أو جغرافية وقوة النار من مستصغر الشرر.

      أرى تحــت الرمـاد وميض نــــــــــــار

      وأخشى أن يكـــــون لهــا ضـــــــرام

      فــــــإن لم يطفهــــــا عقـــــلاء قــــوم

      يكـــــون وقــــــــودها جثث وهـــــام

      أقــــــول مـــــن التعجب ليت شعــــري

      أأيقـــــــــاظ أميـــــــــــة أم نيـــــــــــام

      فـــــــإن كــــانوا لحينهـــــم نيــــــــــام

      فقــــل قــــومـــوا فقد حــــان القيـــــام


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions