استمرار التنقيب في موقع رأس الحمرا الأثري

    • استمرار التنقيب في موقع رأس الحمرا الأثري

      الشبيبة:*تواصل وزارة التراث والثقافة التنقيب في موقع رأس الحمرا الأثري بمحافظة مسقط وذلك ضمن خطتها السنوية والممتدة منذ سنوات عديدة في الحفاظ على جانب التراث الأثري بالسلطنة.

      ويتشكل هذا الموقع في قمة جبل جيرية من العصر الثلثي داخلة في البحر، مُشِكِلاً بروزات صخرية عديدة وممرات ضيقة ومتعرجة صغيرة، تُدخلُ بنفسها بين الشواطئ المسطّحة لمنطقة الباطنة غرباً والخطّ الساحلي الصخريّ شرقاً والذي يمتد إلى رأس الحد. ويؤرخ موقع رأس الحمرا الأثري الى فترة (الألف الخامس إلى الألف الرابع قبل الميلاد- 3300-4100 ق.م)، وهو من بين 14 موقعا رئيسيا تم اكتشافها في المنطقة وذلك اذا ما تتبعنا تعاقب التسلسل الطبقي، فإن موقع رأس الحمرا "5" هي من أهم هذه المواقع، ويتبعها بالأهمية مواقع (رأس الحمرا: 4، 10، 6).



      ** قطاعات الموقع

      ويتضمن الموقع عدة قطاعات أثرية مختلفة ومتنوعة من بينها بقايا أكواخ احدث طبقة استيطانية وتتوافق بخطوط عريضة، لتلك التي عثر عليها د. باولو بياجي لنفس الطبقة في وسط رأس الحمرا ، أضف إلى ذلك بيوت نموذجية وهي أصغر حجما، توُصَفُ بالحُفَر العميقة العديدة التي تستخدم لتثبيت الدعامات المصطفة بشكل نصف دائري والتي يمكن ان تقع ضمن تصنيف الملاجئ ذات المداخل الكبيرة الحجم، وسلسلة أخرى من الحُفَرْ المصفوفة بشكل طولي (باتجاه شمال-شرق/جنوب-غرب) التي يمكن ان تقع ضمن تصنيف الملاجئ التي تستخدم لممارسة أنشطة لها علاقة بالغذاء. وليس ببعيد عن أربع من هذه المجموعات المصطفة تظهر هناك حُفر بعمق المترين، وتستخدم لتثبيت الدعامات، كما أن هناك مبنى غير مألوف للمواقع الساحلية العمانية المؤرخة لفترة (الألف الرابع-الألف الخامس قبل الميلاد). فهو بناء إحراق مُعَقّدْ مدفون ومبطن بحجارة كبيرة الحجم ، ووضعت على الجانبين بدون استخدام الطين، قريبة جدا، حيث تضفي على المبنى شكل شبه مستطيل.

      المبنى قابل للمقارنة مع حفرةِ فرنٍ نموذجية، حيث ان معظمه تقريبا مُحَاطٌ بسلسلة متعاقبة من حُفر رمي المخلفات، وحفر عامودية عميقة على الأرجح انها تستخدم لحفظ الطعام. ويظهر مَوْقِدْ مستند، على الجانب الشمالي، ويرتبط بدقة بنفس الفرن، مشيد من أحجار وحصيات صغيرة الحجم صفت بعناية , مرتبة بشكل دائريّ وفقا للمخطط التقليديّ للمواقد ويمكن التحقق منه من خلال خطّ من الحجارة، وتكتشف هذه الأنواع منتشرة في المنطقة الجنوبيّة من منطقة الاستيطان أثناء المسوحات التي أنجزت، وكذلك في المساكن الساحلية المعاصرة لها بجعلان. تجدر الإشارة الى أنه حتى أثناء المسوحات التي أجريت في هذا الموسم يُلاحظ ان المادة الثقافية تعيد ربط نفسها بمعثورات الأبحاث التي اجريت سابقاً. ومن خلال التحليل المبدئي لتصميم المقاطع باستطاعتنا التاكيد على وجود تسلسل طبقي معقد يتمثل في : الطبقات الاستيطانية المختلفة، والتميز باحتوائها على العديد من حُفر الدعامات، ومستويات فاصلة تتألف من الأصداف، عظام السمك، الطبقات التي تحتوي على مواد كربونية والرماد وطبقاتٍ رمليةٍ.

      ويأتي اهتمام وزارة التراث والثقافة باستخدام الموقع كمتحف ومنتزه أثري ما هو إلا ابراز لهذه المنطقة الأثرية العريقة التي تتأصل فيه مرتكزات الحضارة العمانية والتي استضافت العديد من الخبراء وعلماء الآثار الذين تعاقبوا بالعمل في هذا الموقع المؤرخ الى فترات ما قبل التاريخ (الألف الخامس-الألف الرابع قبل الميلاد) فضلا عن احتضانها لـ300 قبر يُعد الأبرز من حيث الأهمية في منطقة شبه الجزيرة العربية والموقع الذي ما زالت قبوره الأخرى تنتظر الاستكشاف في المواسم الأثرية القادمة.

      ** تنقيبات أثرية حديثة

      ففي عام 2005 ، تم اجراء حفريات انقاذية بالموقع، حيث تعرض الموقع لخطر التدمير الكامل. وظهرت اول قبور في حدود الجهة الشمالية-الغربية من حفريات فترة الثمانينيات، وذلك في الخنادق التجريبية أولا ومن ثم خلال عملية كشط سطح المنطقة.

      وبفضل جهود وزارة التراث والثقافة تمت المحافظة على هذا الموقع واستمر العمل العلمي الأثري في بداية 2008م. حيث بدأت بالفعل عمليات الحفر لعدد من القبور والمباني الاستيطانية في الجزء الشمال-الغربي من الموقع. وتم الحفر في 22 قبرا في الأعوام (2005-2008) ، والتي تنتمي الى مستويات أكثر حداثة من المدافن. فلقد احتوت على رفاة أربعين فردا على الأقل لبالغين واطفال من كلا الجنسين. وما زالت الدراسات الانثروبولوجية لهذه الرفاة والعطايا الجنائزية قيد الدراسة حيث سيساعد ذلك في الكشف عن طرق الحياة اليومية التي كان يمارسها صيادو الألف الرابع قبل الميلاد في تلك الفترة.

      وتبعاً للبحوث الحديثة التي أجريت حالياً، يجب اعتبار مدفن موقع رأس الحمرا "5" كوحدة ذات اهمية قصوى وامتداد واسع عما كان ينظر اليه سابقا . وان التنقيبات الأثرية الحديثة تسمح بتأكيد نوعية القبور والرفاة التي تحتويها، وان طقوس الدفن الرئيسة التي تمت دراستها خلال الحفريات السابقة تسمح ايضا بتأكيد ان التنوع الجنائزي الذي برهنه علماء الآثار في فترة الثمانينيات مثال ذلك : ظهور عدد من الرفاة المدفونة في قبر واحد، والتي حوت جثثا لبالغين وأطفال فضلا عن ذلك، التحاليل التفصيلية للتسلسل الطبقي الداخلي للقبور يسمح لنا اثبات معرفتنا بطقوس الدفن الجماعي. وحالة الحفظ الاستثنائية لبقايا قطع من الحصير، الحبال، والخيوط يضيف معلومة جديدة للتقنيات الحرفية المتبعة في فترة الألف الرابع قبل الميلاد. وتمت برهنة استخدامها داخل القبور وفحصها، ودمجها مع الدراسة العضوية، تزودنا بمعلومات عن كيفية التعامل مع الميت. ان الدراسات القائمة على التقنيات التي تم توظيفها في القطع المكتشفة داخل القبور ما زالت جارية. واذا ما اثبتت هذه الدراسات ان التقنيات والمواد التي تم توظيفها من قبل صيادي السمك في فترة الألف الرابع قبل الميلاد مشابهة لتلك التي نشاهدها اليوم في السلطنة ، لن يكون هناك خيار إلا أن نشير الى العمق التاريخي والكرونولوجي للثقافة العمانية، التي عرفت كيفية التعامل مع معطيات البيئة المحيطة ، والاستمرار القوي لثقافة تقنيات التعلم، التي ربما تم تداولها وتورثها من جيل لآخر. كما أن البقايا البشرية المكتشفة حديثا، تزيد من المجموعة الانثروبولوجية المتاحة لهذه الفترة، ستمكننا من اعادة التفكير لبعض التقييمات الإحيائية والديموجرافية-القديمة. وان مشروع التغذية الذي قامت بتأسيس نواته المختصة بعلم النثروبولوجيا / اوليفيا مونوز في عام 2008 م وتم البدء به فعليا عام 2009 م و سيزيد حجم المعلومات عن طرق الحياة التي اتبعها صيادو الأسماك من الساحل العماني، وتكيفهم مع البيئة المحيطة بهم.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions