ماما «ميري»

    • ماما «ميري»

      عُمان -

      هدى الجهورية:



      يبدو أنني سأعاود الحديث مجددا عن العزيزة «ميري» بعد أن كنتُ منذ زمن قد كتبت عن هاتفها. لأن «ميري» تفعل العجب العجاب وهي المرأة «السوبر ومن» التي تستحق أن نتحدث عنها كثيرا..

      إذ أن «ميري» والتي لا أعرف جنسيتها تحديدا إن كانت فلبينية أو سريلانكية أو هندية أو حتى أندونيسية - هذا ما لا يهمنا أن نعرف الآن - لم تعد تكتفي بمزاولة أعمال المنزل، وهي التي كان أقصى حدودها أن تصل إلى الدكان المجاور لتحضر الخبز أو الروب أو حلاوة للأطفال. طلبت منها ربة المنزل أن تذهب معهم إلى المركز التجاري الكبير. تعجبت «ميري» من هذا الطلب فاتضح لاحقا أن الأم تريد أن تتناول العشاء مع صديقاتها في الوقت الذي تقضي «ميري» وقتها مع الأطفال بالقرب من الألعاب. وافقت «ميري» بترحاب كبير بالرغم من اضطرابها قليلا، إلا أن اضطرابها سرعان ما تبدد عندما شاهدت العديد من الأطفال يلعبون بصحبة عاملات المنازل، وكان يجب أن تبحث «ميري» هي الأخرى عن بعض التسلية فأخرجت هاتفها، وبدأت تتلصص على الرسائل التي تصلها من حين لآخر، ولا أدري تماما إن كانت «ميري» قد تركت البلوتوث مفتوحا إذ أنها كانت تبتسم وتكتم ضحكتها كلما حدقت بالهاتف.. لم تنتبه إلا على صوت صراخ الطفلة التي وقعت من على سلم اللعبة.. خافت «ميري» أن يصل صوت صراخها إلى الأم، فتناولت شوكولاته وأعطتها الطفلة، التي ابتلعت نشيجها، وعاودت اللعب بحماس. شعرت «ميري» براحة الضمير، وعادت ترقب هاتفها مجددا.

      المفاجأة الأخرى والتي لم تكن أبدا في حسبان «ميري» أن تذهب إلى السينما بصحبة الأطفال الذين أصروا على مشاهدة فيلم الكرتون الجديد في السينما في إجازة «الويك إند»، بينما الأم لا تحب الكرتون، وتحب أن تقضي وقتها في التسوق. لذا طلبت من «ميري» أن تفعل ذلك نيابة عنها. لم تكن «ميري» لتمانع بالرغم من اضطرابها مجددا إلا أنها وما أن دخلت إلى السينما، وشاهدت العديد من عاملات المنازل بصحبة الأطفال حتى شعرت بارتياح كبير. اشترت التذاكر.. جلس الأطفال منسجمين في مشاهدة الفيلم، بينما انسجمت «ميري» بالأحاديث الودية.

      لم يتوقف الطفل الكبير عن سؤال «ميري» أن تساعده في حل واجباته لأن والديه منشغلان بالعمل في النهار، وبالزيارات الاجتماعية في المساء. هزت كتفيها.. إنها خارقة في كل شيء إلا في واجبات المدرسة: «انا لو في دراسة زين.. أنا ما في يجي مني» إلا انه وعندما أصر، ولأنها تؤمن أنها المرأة «السوبر ومن». بدأت تشرح له كما اتفق لها الأمر.

      وعندما يتورط الزوج بالضيوف الذين يحصل أن يحضروا إلى بيته فجأة لا تكون هنالك.. إلا «ميري» لتحضر ألذ الأطباق، وعندما كان الزوج يتذمر أحيانا ويردد هذه الجملة «أنا متزوج الشغالة.. والله العزوبية كانت أرحم» اقترحت الزوجة حلا أغاضه إلى حد كبير، وجرح رجولته إذ قالت: « إيش رأيك أنا أطبخ، وإنت تساعدني».

      لا أدري إن كانت «ميري» تتفق معي بالرأي نظرا لخبرتها في أكثر من أربعة منازل خليجية، فبما أن المرأة خرجت إلى خارج المنزل من أجل العمل، وتحصيل الرزق، فعلى الرجل أن يكون شريكا في تدريس الأطفال، وفي أعمال المطبخ؛ لأن اللوم في مسألة مخاطر العاملات على الأطفال ليس مسؤولية المرأة وحدها!

      هزت «ميري» كتفيها ورأسها ولم تبد موقفا مما قلتُ لها - وهذا غير مهم أيضا-

      لكن ما لن تنساه الأم أبدا، وبدا كالصفعة في حياتها أن الطفلة الصغيرة التي تحب الشوكولاته، وتصحبها «ميري» عصر كل يوم لشرائها بدأت تردد كلمة «ماما» لـ«ميري»، وتجاهلت أن تقول هذه الكلمة لأمها، وعندما تمرض كانت تندس في حضن «ميري» وتبكي، ولا ترضى أن تقضي ليلتها في غرفة أمها.

      بعد أسبوعين من هذه الحادثة اقتطعت الأم تذكرة لـ«ميري» وأرسلتها إلى بلدها، وبقيت الطفلة لمدة أشهر تبكي وتنادي باسم «ميري»!


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions