حديث عن أهمية المطالبة بدستور جديد
دائماً ما تأتي القاعدة القانونية لتعبر عن تطور الحياة الإجتماعية لمجموعة من الأفراد تربطهم علاقة معينة داخل منظومة سياسية بغض النظر عن هيئة هذه المنظومة السياسية إقليمية شعبوية دينية.. إلخ. وحتى لا أكون مجحفاً في ذهابي إلى ديمومة حدوث ذلك الأمر، سأقول بغالبية حدوث ذلك من واقع تطبيقي، فأحيانا كثيراً ما تكون إرادة فرد واحد موازية لإرادة شعب بأكمله لتحقيق أغراض معينة قد تكون حميدة أو خبيثة. ما أرغب قوله هنا أن القاعدة القانونية دائما ما تكون القناة التي يمكن عبرها مشاهدة الواقع المتعايش داخل أي منظومة إجتماعية، أي أنها المرآة التي تعكس الواقع وتعبر عنه بشكل مستمر. يمكن الاستخلاص من أي قاعدة قانونية أمامنا مدى تطور أو تخلف أي مجموعة تحكمهم. وهنا يأتي دور المشرع في تأكيد ذلك التطور أو تجاهله أو تقويم ذلك التخلف أو تأكيده، فنستخلص المؤثرات والعوامل والخطوط التي يأخذها المشرع بعين الإعتبار وقت سنه لأي قانون.
فعلى سبيل المثال دائما ما أقول أن السلطنة هي دولة قبلية من الطراز الأول، وأن حكومتها -وبرغم ذلك الرطن الزائد ليل نهار على رؤوس العباد في مجال المساواة وسيادة القانون على شريعة القبيلة وما إلى ذلك من كذب- لازالت تؤكد تلك المبادئ الرجعية في قوانينها عندما اعتبرت شأن القبيلة هو شأن يتعلق بأعمال السيادة لا تقوم القوانين المختلفة بتنظيمه ولا القضاء بل أن ذلك الأمر يختص به فرد واحد أو مجموعة أوكلت لهم تلك الإختصاصات لخدمة أغراض معينة أرجح أنها خبيثة وربما أكون مخطئاً هنا. هذه الصورة تكونت في ذهني وتتكون في ذهن أي شخص يطلع على القوانين العمانية فمثلا في التعديل الأخير لبعض أحكام قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (3/2009) جاء بالتالي : (المادة 7: لا تختص المحكمة بالنظر في الآتي: 3- الدعاوي المتعلقة بالجنسية والشؤون القبلية)، وهذا يؤكد عدة نقاط سياسية بحتة لست بصدد شرحها حاليا،إلا أني أرغب أن أنوه أن بعضاً من دارسي القانون ذهبوا إلى عدم دستورية هذا النص القانوني عبر مخالفته للنظام الأساسي للدولة -سأقوم بشرحها لاحقا في موضوع منفصل-. خلاصة القول هنا أن القاعدة القانونية يمكن أن تكون تلك المرآة التي تعكس الجوانب الإجتماعية والسياسية والاقتصادية لأي مجموعة من الأفراد داخل المنظومة السياسية، ولكن المشكلة تتعاظم أمامنا في حال اتساع الفجوة ما بين القاعدة القانونية وبين واقع الأفراد أو رغبات الجماعة وهذا الأمر واضح في بلادنا وضوح الشمس في كبد السماء، فالخطورة تكمن في عدم تعبير القاعدة القانونية وعدم تجسديها وتأكيدها تطلعات الأفراد ما يزيد من حدة تلك الخطورة إذا كان ذلك الأمر يتعلق بقاعدة قانونية دستورية. نرى هذا أيضاً في دستورنا أو في النظام الأساسي للدولة -كما سمي- سواء أكان ذلك الأمر يتعلق بنظام الحكم أو في الحقوق والواجبات، أو حتى في حريات الأفراد الأمر الذي يؤدي إلى عدة نتائج لا تحمد عقباها كالثورات والانقلابات والنزاعات المسلحة باعتبارها الطريقة الوحيدة للتعبير عن رفض أو عدم تقبل لوضع سياسي معين. يرى هذا أيضاً الفقة القانوني الدستوري كما صوره الفقيه القانوني الدكتور طعيمة الجراف، فالقانون -حسبه-: هو التصوير المقبول لفكرة العدل المستنة في ضمير الجماعة وهو التجسيد السلمي لمعنى الصالح العام الذي يجب أن يسود . من واقع البلد المعاش: الخطورة تكمن في وجود قناعات معينة مجمعة ومنزعجة أو رافضة لشكل قاعدة دستورية أو واقعها التطبيقي. تكون هذه الأسباب سبباً في خلخلة النظام السياسي عبر أي نشاط غير متوقع، وبالتالي وجود مشاكل في باقي النظم الأخرى. قطعاً هذه القناعات لا دخل لها بوعي سياسي أو قانوني متعمق جداً حتى تظهر تلك على السطح. لذا يمكن استخلاصها من عدة مؤشرات تجدها في كل الوحدات التي يتكون منها المجتمع، فمن الفرد الواحد إلى الجماعة وتكون في هيئات وأشكال مختلفة، وهنا يدخل الوعي السياسي والقانوني المتعمق في تحديد تلك الهيئة وشكلها، لا القناعات والمعتقدات التي يكون دورها في معالجة تلك الإشكاليات بالمطالبات المستمرة.
يمكن تحديد تلك المشاكل والأسباب التي تكون تلك القناعات التي تذهب إلى أهمية تأكيد دور القاعدة الدستورية أو رفضها لواقع القاعدة التطبيقي في البلاد مع وجود انفتاح كبير على العالم وسيادة لغة القانون، ويكون ذلك عبر النظر إلى مدى تعبير أو عدم تعبير القاعدة القانونية الدستوري لواقع المجتمع وماضيه وتطلعاته وآماله وهذا مالا نراه في دستورنا وأيضاً إلى مدى تطلع المشرع العماني أثناء سنه للقاعدة الدستورية إلى المستقبل وقرائته للأوضاع والمتغيرات السياسية والإجتماعية والإقتصادية الداخلية والخارجية، والتي ستؤثر لا محاله على واقع المجتمع وتطلعاته، وأيضاً هذا ما لا نراه من المشرع العماني على افتراض أن المشرع الذي يسن القوانين العادية هو نفسه الذي سن النظام الأساسي للدولة فهو في السرداب قدس الله سره .
لن أغرقكم في جزئيات قانونية أكاديمية بحتة، لكنني أشير هنا أن هذا الحديث يتعلق بعريضة المطالبة بدستور تعاقدي للبلاد. ما ارغب بقوله أن مثل هذه المطالبات بغض النظر عن شكلها أو من يقوم بطرحها هي مطالبات مهمة خاصة في هذا الوقت مع بدء انتشار لغة القانون بين الناس وتنامي الوعي القانوني فهي تؤكد وجود قناعات لكن شكل طرح تلك القناعات مختلفة من شخص لآخر. لهذا ظهرت خلافات تتوزع ما بين عدة نظريات مكتسبة وثقافة سائدة ما بين الصدامية والإنهزامية من جهة وما بين اليسارية واليمنية من جهة أخرى، وأيضا ما بين الواقع المتعايش وما بين ما يجب أن يكون عليه الحال ففي النهاية هي تسجيل لموقف عام ووجهت نظر سائدة تتعلق بالدستور الحالي .
المصدر : مدونة عمار المعمري
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions