الجيران .. النوويون

    • الجيران .. النوويون

      الوطن -

      د.عبدالله عبدالرزاق باحجاج:



      كيف يبدو لنا المشهد في منطقتنا الخليجية في ظل تسابق بعض دولها الفاعلة والمقتدرة ماليا على امتلاك الطاقة النووية؟ وما هو المطلوب من بلادنا لمواجهة عصر نووي خليجي قادم لا محالة؟ وهل هناك علاقة بين إصرار إيران على عدم تجميد برنامجها النووي وبين مساعي بعض الدول الخليجية الدخول للعصر النووي في سرعة زمنية قياسية وبقوة فائقة وبآخر التقنية؟ كيف تدخل منطقة الخليج العصر النووي دون أن تثير المخاوف الغربية و.. ؟ تساؤلات تتبادر إلى الذهن منذ الوهلة الأولى بمجرد أن فكرت في تناول هذا الموضوع المهم وهي تساؤلات لابد أن يطرحها أي مراقب لتطورات الوضع في الخليج والملم بخلفياتها التاريخية في ظل استمرار معطيات الصراع بين بعض دول المنطقة لأسباب جغرافية وفكرية وهذا يجعل الصراع والحرب مسألة حتمية تؤرقنا كثيرا ويجعل من امتلاك دول المنطقة للتقنية النووية مثيرا وخطيرا.

      وتبرز فكرة الحتمية كمسألة بديهية في ظل ادعاء بعض الدول بوجود حقوق تاريخية لها في المنطقة وكذلك تباين مصادر المرجعية الدينية ، وهذه بيئات مولدة لأية صراعات مستقبلية مثلما كانت في الماضي والحاضر ، من هنا يتزايد القلق في الخليج من الطموح النووي الإيراني غير السلمي وحتى السلمي ، ففي الأولى ستظهر طهران كأقوى قوة عسكرية إقليمية دون منازع والثانية كأقوى قوة اقتصادية إقليمية تمتلك مصدر الطاقة النووي الى جانب ما تمتلكه من احتياطي نفطي كبير مما (قد) يبدو لنا خيار الطاقة النووية السلمية لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي وكأنه رد فعل طبيعي وإن كان متأخرا ربما لعدم نضوج القناعة الخارجية بأهمية توازن الردع الإقليمي من داخل المنطقة لا من خارجها وتحديدا من قبل بعض دولها دون جميعها لاختلاف البنية الفكرية التي تؤطر مجتمعاتها وربما كذلك لاقتناع الغرب وعلى رأسهم واشنطن باستحالة إقناع طهران أو حتى حملها بالقوة على التراجع عن طموحاتها النووية ويرجح هذا الاحتمال ما أعلنته إسرائيل مؤخرا من أن المفاعلات النووية الإيرانية محصنة إلى درجة لا يمكن تدميرها بالقوة العسكرية التقليدية وهاجس الاستفراد أو التفوق العسكري الإيراني له ما يبرر طرحه كدافع يدفع بعض الدول الخليجية إلى الخيار النووي ، دليلنا في ذلك زيادة حجم الإنفاق الدفاعي الخليجي السنوي المتواصل بحيث احتلت احدى دوله المرتبة الثالثة كأكبر مستورد للأسلحة في العالم بعد الصين والهند عام 2008 بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام فيما زادت أخرى إنفاقها العسكري من (43) مليار دولار إلى (52) مليار في محاولة لسد الفجوة العسكرية مع طهران ، لكن هل يمكن الحديث عن توازن في القوة إذا ما امتلكت إيران الطاقة النووية دون غيرها في المنطقة ، من هنا لا يمكن لأي محلل أن يستبعد الردع النووي من توجه الخليج النووي حتى لو كان تحت المظلة المدنية.

      وفي ظل هذه الأبعاد والخلفيات العسكرية والاقتصادية للخيار النووي ، بادرت الإمارات بإقامة أربعة مفاعلات نووية بمبلغ (40) مليار دولار من أصل ستة تعتزم إقامتها ويتوقع لها ان تمتلك بحلول عام 2017م أحدث مفاعل نووي في العالم مما قد يفتح سباقا خليجيا خليجيا نحو الطاقة النووية لأغراض سلمية وسباقا عالميا خاصة بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا .. من أجل الفوز بالصفقات النووية ، هكذا تتحدد لنا ملامح المستقبل لمنطقتنا الخليجية في إطار جغرافيتها الإقليمية ، فالمستقبل سيكون عصر الطاقة النووية للأغراض المدنية في ظل النوايا الحسنة ولسنا ندري هل ستظل هذه النوايا قائمة أم ستغيرها التطورات المقبلة؟ ليس هناك ضمانة أكيدة ما دامت الدول قد أصبحت تمتلك التقنية النووية والبنية التحتية لها سواء من حيث التقنية والمنشآت والكوادر البشرية وما دام كذلك مسببات ودوافع تفجر الصراعات والحروب الإقليمية والعالمية قائمة ، وعلينا أن نسجل هنا للتاريخ ، بأن الإمارات تعد الدولة الأولى داخل المنظومة الخليجية التي بدأت هذا العصر بصورة غير مسبوقة وهى بذلك قد يكون لها السبق في التحول من عصر النفط الى العصر النووي أو الجمع بينهما ، وبلادنا ليست بمعزل عن هذه التطورات التي تحدث بالقرب من حدودها ، فكيف ينبغي إدارة هذه التطورات الإقليمية المستقبلية ؟ وبتساؤل أخر ، كيف ينبغي أن نظل فاعلين في العصر النووي الإقليمي وامنين داخل بلادنا من الإشعاع والكوارث النووية على الأقل في ظل خيارنا بعدم اللجوء إلى الطاقة النووية إلا في حالة الضرورة القصوى؟ وهذا الخيار قد كشفه معالي وزير الاقتصاد الوطني في مؤتمره الصحفي بمناسبة الموازنة الجديدة الذي أوضح فيه كذلك تمسك بلادنا بخيار النفط والغاز كمصادر للطاقة في الوقت الذي كانت توقعاتنا تذهب الى الخيار النووي المدني آجلا وليس عاجلا لحاجة اقتصادنا المتنامي للطاقة ولنظافته بيئيا أكثر من خيار الفحم الحجري الذي سيعقد من اجله ندوة عالمية متخصصة في نهاية الشهر الحالي ، ودعونا نتأمل في المشهد التالي : جيراننا يتجهون نحو العصر النووي وبلادنا ترجع للعصر الحجري.

      ويفرض علينا السباق النووي الإقليمي تحديات كبرى لابد من مواجهتها منذ الان مهما كان موقفنا الآني من الطاقة النووية لأنه العصر المستقبلي للخليج شئنا ام أبينا حتى لو ظلت النوايا الحسنة دائمة ولم تغيرها التطورات او القيادات المتعاقبة ، لذلك ينبغي اتخاذ مسارين اولهما التفكير في كيفية حماية بلادنا من الإشعاع والمخاطر النووية ، فالأشعة القاتلة قد تودي بالكثير من البشرية الى الوفاة أو الى اصابة الباقين بالسرطانات المختلفة كما حدث عام 1986وثانيهما تجهيز البنية التحتية للطاقة النووية سواء في مجال التعليم والتدريب أو في مجال تحضير المؤسسات اللازمة والاطار التشريعي والقانوني لمرحلة الطاقة النووية المقبلة وعلينا الاستفادة فورا من مذكرة التفاهم التي وقعتها بلادنا مع روسيا والتي تقضي التعاون في مجال استخدام الطاقة النووية التي تنص على التدريب والتعاون ...


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions