من اكتئابيات أمِّ كلثوم إلى اكتئابيات مثقفي العسق العُمانيين ..
تداعٍ حر في منطقة اسمها عُمان ..
من على المكتبِ حيثُ ينامُ العملُ ولازحامَ مع الشتاءِ تصيبُ أيام العَمل المرء بالملل ولا سيما مع تغيِّر الروتيناليومي. تمام السادسة صباحاً أركبُ السيَّارة وأشغِّل المسجِّلَ فورَ إدارتيللمفتاح في ثقبِه الخاص. أحدهم أهداني مجموعة كاملة من الــ [DVDs] للأغاني الكلاسيكية التي كنتُأحسبُ أنني أحبُّها. أعني مزاجي قديمي جدَّا وأحبُّ أمّ كلثوم وعبد الحليم وفريدالأصم وعبد الوهاب الأخرس، وما لم أتوقعه أن تسبب لي أم كلسوم كسوفاً جزئياً فيالمزاج.
دهشة !
بصدق أصابني لوعان تام وأنا أقلِّبالأغنيات واحدة تلو الأخرى [يا ظالمني ــحب إيه ــ أنا لن أعود إليك ــ علوه تراك هالكني ــ وافقري الحب ما غاوي]والموضوعات المثيرة للسقم والسأم والقرف واللوعان. عشَّاق أم كلثوم يخرجونها منسياقِها كمؤدية رائعة وفنانة حقيقية ليحشروها في زمرة [القرآنيين] وكذلك فيالمدرسة الطربية المصرية في الموسيقى، والمصريون دافعوا عن أمِّ كلثوم باستماتِةوقاتلوا فيروز مثلاً بمختلفِ السمات والصفات، فهي المسيحية الدلوعة الحسناء ذاتالصوت المسيحي الكنسي المسرسع أو شيء من هذا القَبيل.
تدهشني أم كلسوم، وما يزيد دهشتي أننيأنتبه الآن إلى عبقرية الملحنين الذين تعاملوا معَها ولحنوا لها، تجدُ انتقالاًسلساً بين المقامات وتشعرُ أن المؤدية للحن تملؤه حسَّا بقدرتِها الخارقة. أيضاأمُّ كلثوم تشعرك أنَّ الزمان بخير لولا الموضوعات التي تثير الغيظ.
أعني من يسمع الأغنيات لا أظن أنهايمارس طقساً من طقوس التعذيب النفسي، أعني من كان يريد البكاء فليقصد إحدى المآتموليبكِ، تلكم فترة محددة للبكاء والحزن وخلع ثوب الفرح [كما كتبت مسقطية الهوى فيتدوينة رائعة لها].
ولكن أن تجدَ أم كلثوم صباحاً تملؤكبالحزن والغمِّ ووافقري خلاني ووافقري علوه ما أرجع لك، ذلك فوق طاقتي. أم كلثوماكتئابية للغاية وربما تكون من المساهمين الرئيسيين في نشر وتأكيد ثقافة الفروطيةوالألم والوجع وعلوه تراني أتألم، ولعلها السبب الرئيسي في اعتماد الشعراء [وتقمصِّهم]وادعائهم [ثيمات] مثل الحزن والألم والوجع لأنَّ الشارع المستهلك لأشعارِهموأغانيهم يبحثُ عن الوجع ليملأ فجوةً ما في ذاتِه ربما، فجوة حتى فرويد نفسه لميستطع الانتباه إليها.
بعدَ لأيٍ وتعبٍ وتجاوزي لتنكر ماء كدتأن أكفخَه من الخلف وجدتُ أغنيةً رائعة للغاية [أغداً ألقاك] ولعلها من الأغانيالخفيفة على القلب والتي تحاكي مئات أو آلاف القصص التي يعيشها الناس العاديونمثلي. أعني ما جدوى الاستماع إلى إرثٍ موسيقي مازوشي النزعة؟؟؟ عساني ما سمعت أمكلثوم طوال حياتي لن يجعلَني هذا إنساناً أقل.
&&&
قصة جانبية:
في عام 2003 تعرفتُ إلى إنسان كانيحبُّ أن يقدَّم نفسَه للبشر على أنَّه [فاهم في الموسيقى].
كان من النوع الذي فجأة يسكت وينصت إلى المسجلويقول لك [اسمع الشيمة هذه الجُملة الموسيقية]. يا إلهي أن يقول لك شخص [جملةموسيقية] معناه ببساطة بالغة أنه يفهم [اللغة الموسيقية]، لم أكن أدرك أنهااستعارة مفهومية أخرى من ضمن استعارات كثيرة جداً، جداً.
كنتُ أراه في تلك الأيام [أضخم كائن في الأرضوأفهم كائن في الموسيقى] وقد اعتمدت بعض الكلام الذي يقولُه لأنني حسبتُ أنه [يفهمما يقول] فوجئت أن أبا الشباب كان يتكئ على كلمتي [الجملة الموسيقية ــ واللازمةالموسيقية] والسلام عليكم. الآن بعدَ أن درستُ ــ قليلاً ــ فكرة المقاماتالموسيقية الشرقية، أدركتُ شيئا مهما للغاية: أن الأوساط الثقافية في عُمان مملوءةبالمدَّعين الفارغين الذين يمارسون دجَلهم على البشر باسمِ الثقافة والفكر. بعضهمللأسف عن جهل والبعض عن قصد. جلست ذاتَ يوم إلى شاعرٍ وطفق يثرثر عن العَروض،وعرَّج على الرياضيات ويا إلهي لقد خبصَ الرياضيات والمنطق ولو خرجَ آينشتاين إلى الحياةلانتحرَ من الغيظ.
أبو الشباب كان يتحدث عن النسبة بين نصف قطرالدائرة والمحيط ويحاول [شعرياً] فهمَ ذلك ويربطه بآيات من القرآن؟؟ تو موه كالفنكيا مخلوق تفعل هذا الأشياء؟؟ موه الكالف؟؟ رحم الله الصديق الطيِّب عبد اللهالمعمري، على الأقل هو الشاعر الوحيد الذي أجدُه يكتب كلاماً مفهوماً وواضحاً فيأفكارٍ جديدة يطرحُها ويلقيها في شرفات دون أن يكلِّف الادعائيون أنفسهم الانتباهإلى الموضوعات الخطرة التي يطرحها، طرح عبد الله المعمري موضوعات مثل [المثقفالأعلى ــ إعادة تدوير المادة ــ عدم قدرة الرياضيات على فهم العالم] ولست أدري إنكنتُ قد فهمتُ ما قالَه ولكنني بعدما قرأتُ شعرتُ أنَّ يقول كلاماً [كبيراً] ويمكنفهمَه ومنطلق من حس صادق ورغبة حقيقية في التفكير، وبينما يكتب خميس العدوى عنالمتبقي في التكفير وعن الفكرة في حقيقتها وتمظهرها [حلوة لاه تمظهرها] يبقى البعضفي عالم [ثيمة الوجع والألم والعسق في الشعر والقصة العُمانيين] وعلوووووههييييييييييييه يو زماني.
&&&
لا أعرف ما الذي جلبني من أم كلثوم إلىالادعائيين. أشعر بالأسى للبعض الذي ابتلعوا الفخَّ حتى آخرِه وصدقوا الحكاية،واشعر بالغيظ بسبب هؤلاء الذي يمارسون دجَلهم ببلاهة منقطعة النظير. البعض اتخذهامهنة أن يكون [قاصاً] أو [شاعراً] أو [كاتب مقالات] وآخرون أيضا اتخذوها مهنةً أنيكونوا [مدونين ــ كتاب منتديات] وتخرجُ الأشياء من سياقِها دائماً.
أن يفهمَ الإنسان نفسَه:
لا أقول هذا الكلام وأبرئ نفسي، فحتىهذه اللعبة يحلو لي لعبها مرة ومرَّة، إنما بشروط ومع بشر يستحقون ذلك. البشرالذين ينعتهم الأدباء [بالعاديين] أكثر مقدرةٍ على فهمِ أنفسِهم من هؤلاء الذينيثرثرون عن الشعر والقصَّة، وما يقتلني من الغيظ أن أجدَهم يتبنون مواقفَ تجاهالمجتمع والثقافة العُمانية وكأنَّهم هم حاملي الخلاص للأرض. أحدهم جاء من أقصىالأرض مملوءا بشعورِه بالنقص، والآخر جاء من أقصى الريف مملوءا بشعورِه بالزائدوثالث حداثي عنصري قبيلي، ورابع ملحد إسلامي، وخامس اشتراكي يطبل للحكومة، وخامسحكومي يطبل لأمريكا وسادس معارض يعملُ في الديوان وسابع شاعر يداوم الساعة 11.مهما حاولْنا أن نفترضَ أن البشر موضوعيين وأنَّ عليكم بالفكرة، المجتمع يريد أنيرى أثر فكرتِك على نفسك، وإن المجتمع يحب أن يرى أثر فكرته على فردِه، ببساطةبالغة في عُمان إن أردتَ أن تنالَ القَبول المبدئي فأنت تعرف ما عليك فعلَه، وإنأردت أن تنال الرفض الأزلي فأنت تعرف ما عليك تجاوزه، الباقي مراهنات على الزمانوالأخلاق العامة والتفكير الجمعي، وحتى هذه اللحظة ــ وهذا رأي شخصنا الضعيف ــ لاأستطيع أن أقولَ أنَّه ثمة كاتب أو مفكر أو إنسان عُماني أو غير عُماني استطاعَ ــبشكل تامٍ ــ فهمَ المجتمع العُماني وتعاملَ مَعه ونالَ قبولَه، لا أستطيع أن أرىذلك غيرَ الموجودين في جماعة الدينيين، أمَّ الجانب الآخر فهم قلّة إما طفشانين مناليسار المزعوم، أو من مؤمني الحانات، أو من معارضي الديوان، أو من شعراء جهازالأمن، أو من جَماعة حقوق الإنسان العَاملين في الشرطة. هذا المجتمع أقوى مما يمكنناتوقعه، وفي اللحظة التي نكتشفُ فيها صفة الجرائم العُمانية، وصفة الأخلاقالعُمانية ونزور سجن سمائل المركزي يزيد الدوار ويشعر المرء أنَّه يحتاج للكثيرالكثير من الوقت لفهم ما يحدث في عُمان.
قصة جانبية أخرى [قد تكون غير حقيقية]:
اثنان، أبُ وابنَه اغتصباً امرأة.خدعاها وقالا لها سوف نقدم لك وظيفة. الأب انتظر ابنَه خارج السيارة بعدما أخذاهافي السيح، وعندما انتهى الابن سألَه [أين ضاجعتها] يقصد من أي موقع القبل أمالدبر. قال له: القبل، فقامَ الأبُ باغتصابِها من الدبر مسببا لها المزيد منالدماء والتشققات في جسدِها. سهّل ذلك على الطبيب الحصول على عينات من [DNA] المجرمين، وعندما سألوه لماذافعلَ ذلك أجاب باستنكار: أتريد مني أن أجتمع أنا وابني في مكانٍ واحد؟؟
نعم ــ قد ــ تكون هذه القصة حقيقية، وقد تكون واقعية وإن كانت فهذا يعني أنالعُمانيين ليسوا كما يطرحهم الإعلام، كما أنهم ـ وهذا أكيد ــ ليسوا كما يتخيلهممن يحسبون أنفسهم [نخبة] الكتَّاب سواء كانوا من ساكني الحانات أو من عاكفيالمساجد.
&&&
رحمَ الله الإنسان الطيب وليدالنبهاني:
هذه شهادة أكثر من كونِها كلمة حب فيحق صديق حقيقي. الشلَّةُ التي احتوت مجموعة من البشر راحت وجاءت في جنونِها وفيادعائِها، ومنها من تحوّل لدجال محترف أو منها من صدَّق الوهم ومنها من قرر الفرارمن هذا العالم المقرف، عالم المثقفين والمثقفات في عُمان. وحدَه هذا الإنسان الذيبقيَ نفسَه، كما ولدَ وكما خرجَ من بوشرَ إلى الجامعة ذاتَ يوم. ثمة نموذج واحدعلى الأقل لم يصبح في يومٍ من الأيَّام [نسخةً] أخرى من الأشباه التي تمشي فيشراشفِها الليلية ناقلةً ما تقولُه وقائلة ما تنقله.
&&&
أن تجدَ بغيتَك وهي أمام عينُك لسنوات:
لولا وعدي الذي لا أستطيع أن أتنصلَمنه لقلتُ لكم عن هذا الكتاب الذي وقعَ في يدي مؤخراً. وعدت من أعطاني إياه ألاأخبرَ أحداً عنه، ولا أعرف كيف أشرحَ لكم ما أشعر به حيالَه. أتعرفون المقارباتالتي يتخذها الإنسان في فهم الكون والعالم؟ بعضهم يحاول فهمَه بالدين الكلاسيكي،وبعضهم بالديانات الشرق أوسطية كما يقول أحدهم، أو بعضهم بالعلم المادي المجرَّد،أتعرفون تلك النقاط الغامضة التي تفشلُ فيها كل هذه المقاربات [طبعا بسبب نقصالإنسان ومحدودية عقلِه وتلك حكمة أرادَها رب العالمين] ولا تستطيع أن توصلَه إلىشيء، مجرَّد مأزق آخر. هذه هي البغية التي وجدتُها، والتي سأحتفظ بها سرَّا.
أعني هي قالت لك: إن أجمل الحب هو الذيتجده عند بحثك عن شيء آخر، مستعيرة جملتها من أحلام مستغانمي، وكذلك كان الأمر إنأكبر الإجابات تجدها وأنت في بحثك عن إجابة صغيرة هامشية قد تكون ببساطة رغبة فيقراءة كتاب بسبب رغبتك في التعرف أكثر على كاتبِه، وتكتشفُ أن هذا الكتاب يحمل كلالإجابات التي كانت تثقلُ رأسَك ودماغك، الإجابات على الأسئلة التي لم يستطع الدينأو العلم أو الفكر المجرَّد أو الرياضي أو التعامل مع الأرض كمتغيرات فيزيائيةوكيميائية لم يستطع كل ذل الإجابة عليها. ومع ذلك أقول، يمكنني الصمت والاستمتاعبهدوءٍ تام وببطء شديد بامتصاص الأوراق واستيعاب ما بها.
وتراه ما شيء عجلة، مصيرها الحياة تمضيوتنتهي وتمر ونتحول إلى ورق معجَّن في مصنع في الصين تجلس عليه فتاة صينية بائسةخائفة من كل شيء ولا تدرك أنَّ الورقة التي تضع مؤخرتها الجميلة عليها هيلعُمانيِّ جداً عاش قبل ثلاثمائة سنة وكان يحلو له أن يثرثر على الملأ خالطاالكلام المهم بالكلام غير المهم. وعلوووووووووووه هيييييييييه يو زمان.
كلام أخير: لا تسمعوا الأغنياتالاكتئابية، دعوها للباحثين يدرسونَها، واكتفوا بسماع ما يجعلكم سعداء وأكثرفرحاً، عدا ذلك سوف تكونون من الذين يضحكون على أنفسهم ولا يشعرون.
المصدر : مدونة معاوية الرواحي
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions