التمييز العنصري ضد المسلمين في أمريكا

    • التمييز العنصري ضد المسلمين في أمريكا

      التمييز العنصري ضد المسلمين في أمريكا يتعرض المسلمون للكثير من أشكال التعصب والتمييز في المجتمع الأمريكي المعاصر، وبشكل خاص في الفترة التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وإذا كان البعض يحلو له الحديث الدائم عن أوضاع الأقليات في المنطقة، وهو حديث يجمع في أحيان كثيرة بين الصدق والإدعاء، فإنه من الضروري الحديث عن المسلمين وما يواجهونه كأقلية في أمريكا. وتنبع أهمية هذا التناول من خلال الكشف عن حالة حقوق الإنسان في أمريكا، وهى حالة تبين إلى حد بعيد واقع الانتهاكات التي يتعرض لها الكثيرون من المقيمين في المجتمع الأمريكي وعلى رأسهم المسلمين، باعتبارهم العدو الجديد منذ ما يزيد على عقدين من الزمان بالنسبة لأمريكا وللكثير من الدول الغربية.
      ويتفاوت الإحساس بالتعصب والتمييز بين المسلمين من شريحة لأخرى ومن فئة عمرية لأخرى؛ فالأغنياء من المسلمين قد لا يتعرضون لأشكال التمييز ذاتها التي يتعرض لها متوسطي الحال والفقراء منهم، كما أن المتعلمين قد لا يواجهون أشكال التمييز نفسها، وأخيرا فإن الأطفال أكثر إحساسا بالتمييز عن غيرهم من الفئات العمرية الأخرى.
      ومن الضروري هنا الإشارة إلى أن المجتمع الأمريكي يرتكز في بنيته التاريخية على التمييز والتعصب ضمن مستويات وأشكال وتحولات زمنية مختلفة. وهناك العديد من أشكال التعصب والتمييز يواجهها الكثيرون من غير المسلمين أيضا مثل السود واللاتين والشعوب الصفراء وغيرها من أشكال التعصب العديدة.
      وربما ينسي البعض أو يتناسى أن المجتمع الأمريكي في جوهره قد تأسس على فكرة إزاحة الآخر والإحلال محله، وهي الفكرة ذاتها التي تأسست عليها الدولة العبرية العنصرية. فمن إزاحة الهنود الحمر إلى إزاحة السود إلى إزاحة أبناء أمريكا اللاتينية. وعبر كل هذه الإزاحات المختلفة فإن مشروع الدولة الأمريكية لم يتغير عبر التاريخ. فحينما تتوقف الإزاحة بفعل حركات المجتمع المدني، والأثمان الباهظة التي دفعها أبناء الأقليات داخل المجتمع الأمريكي نظير حصولهم على بعض الحقوق، يتحول المجتمع الأمريكي إلى استدماج هؤلاء ضمن نسيجه الرأسمالي وضمن تركيبته القائمة على الاستغلال غير المحدود.
      إن ما يواجهه المسلمون في أمريكا اليوم هو استمرار لحالة التنميط التي يفرضها البعض على البعض الآخر في الكثير من مناطق العالم. فالتصور الأمريكي الأبيض القائم على أن السود مجرمون وقتلة وكسالي، هو تصور خاطئ تعززه وتقويه تلك الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يخلقها لهم سياق هيمنة البيض ونفوذهم الهائل في المجتمع الأمريكي. وتلعب الظروف الدولية الآن، وأوضاع المسلمين في العديد من مناطق العالم المختلفة دورا كبيرا في تغذية تلك الصورة النمطية عن المسلمين، وهي صورة يدعمها ويغذيها الإعلام الغربي والأمريكي بشكل يتعمد الإساءة إلى المسلمين والنيل منهم.
      والتمييز العنصري ضد أبناء الأقليات في أي مكان في العالم يرتبط بالعدوانية والرغبة في إبادة الآخرين. وهي المشاعر السيئة نفسها التي يضمرها بعض المسلمين للآخرين من أبناء الأقليات في العالم العربي أو للآخر الغربي. ولا ترتبط تلك المشاعر بالموقف من الحكومات والسياسات الخاصة بالدول لكنها تتعدى ذلك إلى الموقف من الجماعات العرقية والدينية المختلفة. وهو الأمر الذي ينقل دائرة العداء من إطارها الفكري والسياسي إلى مستواها التنميطي الضيق المضاد الراغب في إبادة الآخر والانتقاص منه والتضاد مع هوياته المختلفة.
      ولكي ينجح التمييز لابد من معاملة الآخرين والحكم عليهم خارج سياق وجودهم العام، فالتمييز العنصري اجتزائي وانتقائي ويتسم بدرجة خطيرة من التعميم. فما يقال عن المسلمين، حتى وإن كان صحيحا في بعض الحالات، يعتمد على أحداث جزئية لا يمكن الانطلاق منها لتشمل كافة المسلمين في كل مكان. كما أن الحط من شأنهم، والاستهزاء بهم وبعقائدهم يمثل عنصرية بالغة لا تتعلق بالنقد العقلاني الهادف بقدر ما تتمثل في ازدرائهم وإشاعة أجواء العداء ضدهم. وهنا تكمن إحدى أكثر مخاطر التمييز العنصري تأثيرا حينما تنتقل من مستواها المرتبط بإطلاق التعميميات المحطة من شأن الآخرين إلى مستواها المرتبط بالحض على الاعتداء والضرب وإزهاق الأرواح. ولعل ذلك الأمر يفسر تلك الصراعات الدموية التي تتم وفقا لأحكام وقواعد التمييز العنصري وجرائم الكراهية وذلك الحجم الهائل من القتل والإبادة المرتبط بها.
      يتعرض المسلمون اليوم لكافة أشكال التمييز العنصري في أمريكا، وهو توجه تغذيه الهيئات الرسمية والإعلامية المختلفة، كما تغذيه وتدعمه مراكز البحث العلمي المختلفة إضافة إلى المؤسسات التعليمية مثل المدارس والجامعات. وعلى ما يبدو أن ازدياد مستوى التمييز العنصري الذي يتعرض له المسلمون اليوم يرتبط ارتباطا طرديا بمستوى الإخفاقات التي تتعرض له أمريكا في الكثير من مناطق العالم مثل العراق وأفغانستان، ناهيك عن تضارب الأجهزة الأمنية والمخابراتية الأمريكية المختلفة.
      يأتي الأطفال من أبناء المسلمين على رأس الفئات التي تتعرض للكثير من أشكال وأوجه التمييز داخل المجتمع الأمريكي. فعلى سبيل المثال لا الحصر يواجه التلاميذ في المدارس مستوى هائل من أشكال التمييز والعنف العنصري الذي يمارسه التلاميذ البيض وغيرهم من أبناء الجنسيات الأخرى وتدعمه إدارات المدارس المختلفة أو تتساهل تجاهه. يواجه هؤلاء التلاميذ الكثير من النعوت السيئة التي تُطلق عليهم مثل "إرهابي"، "أسامة"، "كاره أمريكا". إضافة إلى المضايقات التي يتعرض لها الكثيرون منهم مثل تكالب التلاميذ عليهم والصياح في وجوهم وتعرضهم للضرب وفي بعض الأحيان الركل بالقدم.
      إن هذه الأشكال المتواصلة من العنف ضد الأطفال من أبناء الجاليات المسلمة قد أدت بالبعض منهم إلى الإصابة بالأحلام المفزعة أثناء النوم، بل إن البعض منهم لم يعد يرغب في أن يكون مسلما، ويريد أن يغير اسمه، ويتوقف عن الصلاة، كما لم يعد يريد الصيام أثناء شهر رمضان. واللافت للنظر أن هذه المشاعر الناجمة عن الضغوط التي يمارسها المجتمع الأمريكي على المسلمين قد انسحبت أيضا على رغبة الأبناء في ألا يروا آباءهم يمارسون أي من الشعائر التي تمت إلى الإسلام بصلة.
      ورغم حديث الآباء المسلمين مع المدرسين حول ما يعانيه أبناؤهم في المدارس الأمريكية من اضطهاد وتمييز متواصلين فإنهم لا يحصلون على أي استجابة، حيث يخبرهم المدرسون بأن الأمر ليس بهذا السوء، كما أنهم في أحيان كثيرة يلقون باللوم على التلاميذ من أبناء المسلمين أنفسهم. بل إن البعض منهم يصل به الأمر إلى حد اتهام هؤلاء التلاميذ باختلاق تلك المزاعم المرتبطة بالتعصب والتمييز. وتنعكس أشكال التمييز الذي يتعرض له الأطفال على الآباء، فالبعض منهم الآن يفكر في مصير أبنائه في المستقبل، كما أن الأمر يصل إلى التفكير في مصير أطفاله بعد الولادة وما سوف يواجهونه من أشكال تمييز مختلفة.
      لا يتوقف الأمر عند الصغار بل يرتبط وبشكل شامل بالكبار، حيث يتم التمييز وفقا للشكل ولون البشرة ونوعية الملبس والحجاب واللحية وطبيعة الاسم. ولا يقف الأمر عند هذه الرموز فقط لكنه يتعداه إلى تلك المضايقات والملاحقات التي يواجهها المسلمون في أمريكا. فالمسلم مدان ومتهم وملاحق إلى أن ترغب السلطات الأمريكية في اعتباره غير موصوم. وحتى هذا الاعتبار غير مطلق ودائم، حيث يحق للسلطات الأمريكية الاتهام أو القبض على أي فرد مسلم والتحقيق معه لأي فترة بغض النظر عن حقوقه القانونية التي يوفرها الدستور الأمريكي. إن هذا التوجه الرسمي من جانب الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العرب والمسلمين في أمريكا يوفر مناخا خصبا لتصاعد أجواء التمييز العنصرية ضد العرب والمسلمين. وهو ما يكشف عن الطبيعة العنصرية لبنية المجتمع الأمريكي الميالة لخلق أعداء عبر كل فترة زمنية، والتوقف عندهم ومناصبتهم العداء وفرض أشكال التمييز العنصرية المختلفة ضدهم.
      وتشمل أشكال التمييز العنصرية ضد المسلمين التمييز في فرص العمل والأجور، وعدم قبول توظيف المسلمين، والفصل غير المبرر من العمل، والتهديد بالقتل ضد النساء والرجال على السواء، والاستهزاء بالحجاب وبالنساء المسلمات، وكتابة الألفاظ النابية على حوائط المساجد، وإطلاق النكات الساخرة على المسلمين…إلخ من كافة أشكال الممارسات العنصرية التي يمارسها الأمريكيون اليوم ضد المسلمين في كافة أنحاء أمريكا. واللافت للنظر هنا أن هذه الممارسات العنصرية لا تطال المسلمين المهاجرين فقط، لكنها تطال أيضا المسلمين من الأمريكيين البيض أو السود الذين تحولوا إلى الإسلام من النساء أو الرجال.
      من الضروري على المسلمين في أمريكا عبر المنظمات المختلفة التي ينتمون لها أن يواجهوا هذه الانتهاكات وأشكال التمييز المختلفة بقوة وحدة وصرامة. فإذا كانت أمريكا قد قبلت بهم كمواطنين فعليهم أن يتوحدوا في سبيل حصولهم على كافة حقوقهم المختلفة بما في ذلك حق العبادة والاعتقاد وصيانة أبنائهم من ذلك التمييز العنصري القمعي. إن المسألة لا تتعلق فقط بحاضر المهاجرين من الآباء لكنها تتعلق أيضا بمستقبل الأبناء والأحفاد على السواء.

      هذا وبا الله التوفيق
    • Atwar كتب:

      الله يعين المسلمين،،،،أمه مضطهده في كل مكان،،،،

      مشكور ع الموضوع.........


      الحبيب عليه الصلاة والسلام لنعلم أين مكمن الخلل ونسعى لإصلاحه! إذ يقول عليه
      أفضل الصلاة والسلام: “توشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: أومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن. فقال قائل: يا رسول الله! وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت....!!!!

      وهذا هو حالنا اليوم الله المستعان !!!
      شرفني مرورك اختي الفاضله تحيتي لك
    • الشمس الساطعة كتب:

      ولن تتحرر الامة الاسلامية الا اذا وحدت صفوفها و كلمتها في سبيل هدف واحد
      ان تنقذ نفسها من الذل و الخنوع ...


      حياك الله اختنا الفاضله

      انظر إلى خارطة العالم فسوف تجد أن القتل والتدمير والتفجير في الدول الإسلامية، ففي فلسطين والعراق والصومال وباكستان وأفغانستان سفك للدماء وإزهاق للأرواح ونسف للبنية التحتية وتخريب للعمار، وفئات يكفّر بعضها بعضا، وفتاوى طائشة تستحل دم المسلم وتخرجه من الملة وتحرم عليه الجنة، ماذا أصاب أمة الإسلام؟ أين نصوص الشريعة التي تدعو إلى المحبة والألفة والأخوة والوحدة والسلام؟ أين قول الباري عز وجل: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا»، وقوله: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حمل علينا السلاح فليس منا»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا». لماذا بقية العالم مشغولون في البناء والصناعة والإنتاج والإبداع والاختراع والاكتشاف، وأمة الإسلام منهمكة في العداوة والفرقة والتقاتل والتناحر والتكفير؟ أخبار أمة الإسلام تتصدر أخبار العالم وأقوال الصحف وأنباء الفضائيات، فلا تسمع إلا أخبار تطاير الأشلاء وسقوط الجماجم وتيتم الأطفال وترميل النساء وهدم المباني ونسف الجسور وإحراق المدن وتعطيل النماء وترويع الآمنين وتعطيل العلم والحركة والتطور. أين علماء الأمة وساستها وعقلاؤها ومفكروها؟ إلى متى هذه المجازر؟ متى تنتهي هذه المذابح؟ متى تُغلق فصول هذه الملحمة الإبليسية الكيدية؟ متى تُقفل هذه اللعبة القذرة؟ متى يصحو الضمير؟ متى نعود إلى رشدنا ونحكّم نصوص الكتاب والسنة التي تدعو إلى الرحمة والأمن والاتفاق ونبذ الشتات والتباغض والتقاتل؟ ألا يستحي من الله هؤلاء القتلة بمدن الإسلام الذين يحملون السلاح على المسلمين والمعاهدين والعزّل والأبرياء والأطفال؟ ألا يكفينا ما أصاب بلاد الإسلام من فقر وأمية وبطالة وظلم حتى قامت طوائف تضيف لنا مصائب إلى مصائبنا وكوارث إلى كوارثنا، أمم الأرض مستغرقة بأنشطتها الاقتصادية والفكرية والإبداعية، وأمتنا في حالة عزاء في قتلاها وجرحاها ومفقوديها، كلما فتحنا التلفاز إذا أخبار المصائب في بلاد الإسلام تذهل العقل وتعمي البصر وتقتل الروح، أصبحت أعصابنا مشدودة وخواطرنا مكدرة ونفوسنا منـزعجة مما نشاهده في بلاد الإسلام، جماجم مقطعة في السكك، دماء تسيل في الشوارع، مساجد تُهجر من المصلين، بيوت تُحرق أمام العالم، جامعات ومستشفيات ومدارس ومصانع تُهدم من أساسها وتُنكّس على ساكنيها، ألا دين يمنع؟ ألا عقل يردع؟ ألا شهامة تشفع؟ ألا حميّة تدفع؟ ألا عين تدمع؟ إلى متى هذا المسلسل الحزين المبكي؟ متى تعلن صفارة النهاية لهذه المأساة الدموية التي تجري على أرض الإسلام وباسم الإسلام وبنصوص الدين وبأيدي المسلمين؟ كلٌ يعد العدة وينشئ جيشا ويتحين الفرصة لينقض على إخوانه المؤمنين، أحزاب ترفع رايات الإسلام وتمني أتباعها بالشهادة في سبيل الله وتعدهم الجنة وتبشرهم بالنصر والتمكين وتستحل دماء الأحزاب والجماعات الأخرى بعدما تكفرهم وتشهد بردتهم وتقر بأنهم من أهل النار مع الخطابات الحاقدة التي تغرس الكراهية والعدوانية في النفوس، فينشأ الشاب غاضبا عدوانيا مكفّرا خارجا عن الأمة حاملا للسلاح على المجتمع مبيتا نية القتل العمد لإخوانه، فالله نسأل أن يرفع عن الأمة الإسلامية سوط العذاب، وأن يكشف عنها هذا البلاء، وأن يزيح عنها هذه الغمة، وأن يردها إلى الصواب، وأن يجمع كلمتها على الحق، وأن يهديها سواء السبيل.الله المستعان

      اشكرك على المرور مودتي