أخوة أشقاء تربطهم روابط المحبة الصادقة ووشائج القربى ، تربوا تحت كنف والديهما ، غرسوا فيهم روح التعاون والمحبة الصادقة ، عدلوا في معاملتهم لهم ، فلم تميل كفة الحنان إلى احد منهم فكلهم سواء في نظرهم ، عاشوا معا تحت سقف بيت واحد ، يتقاسموا الحلوة والمرة في هذه الحياة .
مرت الأيام والسنين ، أكملوا تعليمهم ، بحثوا في هذه البسيطة على مورد رزق فنالوا ما تمنوا ، سنين تمر ـ والعمر يمضي ، والأجيال تكبر ، تزوجوا وخلفوا ما رزقهم الله من ذرية ، وما زالوا تحت حماية جناح الحنان الدائم كنف الوالدين ، لكن دوام الحال من المحال ، رحلت تلك الأجنحة الحاضنة لهم إلى باريها ، سنوات مرت وبدأت القلوب تتنافر ، و المشاكل تتأجج فيما بينهم ، وبدأ الشيطان وأعوانه يلعبوا بعقولهم ، فيرسموا لهم طريقا أخر مغايرا للواقع الذي عايشوه لسنوات طويلة ، طريقا نهاية التفرقة وتشتت الشمل ، الذي ظل سنوات تحت سقف بيت واحد ، ازدادت الخلافات فيما بينهم ، وتأججت المشاكل ، وأزداد لهيبها فإنكوت به تلك القلوب ، بسبب ماذا يا جماعة الخير ؟ بسبب مالا زائل ، وربما بسبب خلافات عائلية بسيطة ، كان بالإمكان معالجتها وتداركها ، لو حكم العقل ، ولم تترك تلك الأنفس مجال للشيطان وأعوان من بني البشر أن يتدخلوا فيما بينهم . فيزرعوا لهم طريق الشقاق .
هنا تفرق الأخوة وتشتت الشمل ، وكتبت تلك القلوب على نفسها أن تتباعد ، فهجر الواحد منهم الثاني لسنوات طويلة ، يكاد لو يسمع كل طرف منهم أن الثاني طريح الفراش ، يئن من أسقام المرض لما نظر إليه ، يا للهول ويا لها من قلوب ميتة ، بعدما كانت تنبض بمشاعر الحب والحنان والتعاون الصادق ، يا جماعة الخير هل الأموال باقية لو نظرنا إليها وقدرنا ماذا تسوى ، وهل الخلافات غير مقدور على حلها ، لماذا أصبح المال أعز من الأخ ، ولماذا تتجرد تلك الأنفس من مشاعرها ويموت ضميرها ، فيبع الأخ أخاه ويهجره لسنوات طويلة ، لو فكرنا في ذلك وحكمنا عقولنا لعرفنا أن تلك الأموال ، والخيرات التي رزقنا الله إيها مصيرها إلى الزوال ، أتسوى أن يهجر الأخ أخاه ، طالما أن الدنيا فانية .
قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم " ( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ، ما سقى كافرا منها شربة ماء ) . صدق رسول الله .
إذن لماذا تتركوا أيها الأخوة لشيطان وأعوانه فرصة لزرع الأحقاد فيما بينكم ، ولماذا تقدسوا المال وتجعلوه سببا لتفرقة فيما بينكم ، لماذا لا تصفوا قلوبكم ، وتزيلوا الأحقاد الجاثمة في صدوركم ، لماذا لا تكونوا سندا لبعضكم بعض في هذه الحياة ، ولماذا لا تحلوا الخلافات التي قد تنشب فيما بينكم بسبب أو بأخر بالحسنى ، أين ذهبت المحبة التي كانت قد جمعت شملكم ، وأين ذهب نبع الحنان الذي غذيت به قلوبكم لسنوات طويلة عندما كنتم في كنف ولاة أمركم ، لماذا لا تكونوا قدوة لأبنائكم ، ليأخذوا بها عندما يكونوا في سن أعماركم . للأسف هذا هو حال بعض الأخوة الأشقاء في هذا الزمان في بعض الأسر بمجتمعنا.