الخطاب السامي.. الموجه للحكومة

    • الخطاب السامي.. الموجه للحكومة

      الوطن -

      د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج:



      وجه عاهل البلاد المفدى ـ حفظه الله ورعاه ـ الحكومة إلى ما يجب عمله لصالح الوطن والمواطن خلال المرحلة المقبلة، وهنا علينا أن نتساءل عن طبيعة وماهية هذه المرحلة؟ وذلك حتى نقف على أبعاد التوجيهات السامية ومن ثم علينا التوقف عند بعض المفردات التي وردت في توجيهات جلالته أثناء ترؤسه لمجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي، فكل مفردة لها دلالات محددة لا يمكن فصلها عن إطارها الزمني والمكاني خاصة في المرحلة الراهنة التي تجد بلادنا نفسها بسبب إكراهات داخلية وخارجية ليس أمامها من خيار سوى فتح اقتصادها وربطه بالاقتصاد العالمي مع ما يستتبع ذلك من تحولات قد تطول المجتمع.

      وهذه مرحلة من بين أخطر المراحل التي تمر بها بلادنا في عصرها الحديث ـ إن لم يكن أخطرها ـ لأن الانفتاح في حد ذاته يجعلنا في مواجهة مع الآخرين الذين يختلفون معنا في ثقافتهم وأنماط تفكيرهم وفي موقفهم من قضايانا العربية والإسلامية .. وربما يكون مجتمعنا قد هيأته المراحل السابقة لهذه المرحلة بحيث لم تعد مسألة التعايش مع مجموع الثقافات المختلفة تثير إشكاليات اجتماعية كما كانت تحدث في السبعينيات لكنه ـ أي المجتمع ـ لن يتحمل بسهولة عملية تبادل الأدوار الاقتصادية بين الدولة والقطاع الخاص وهو يدفع ثمنها الآن بصورة متفاوتة ومتصاعدة حسب حجم انفتاحنا ومستوى ارتباط اقتصادنا بالاقتصاد العالمي والمستقبل يحمل معه المزيد من الانفتاح والارتباط حيث تنوي الحكومة كما كشف ذلك معالي وزير الاقتصاد الوطني مؤخرا استئناف برنامج الخصخصة المتوقف بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية رغم ما صاحب هذا البرنامج من بعض السلبيات التي تلقي بظلالها على أفراد المجتمع عامة ما يجدر بنا تقييم تجربتنا مع الخصخصة قبل استئنافها. كما أن الحكومة قد حددت قطاعات الصناعة والسياحة والخدمات كمصادر مساعدة وبديلة لقطاع النفط والغاز وتشكل هذه القطاعات بوابات مفتوحة لالتقاء الثقافات وتجمع وتلاقي المصالح المحلية والعالمية في بلادنا ما قد يتحول اقتصادنا من حالة الارتباط إلى حالة الاندماج في الاقتصاد العالمي بحيث نخشى معها فقدان جوهر التنمية الاجتماعية المتمثل في التكافل والتضامن وحماية الطبقات الأضعف في المجتمع، فهل هذا يعني أن حجم الآلام الاجتماعية ستكون كبيرة؟ سياق الطرح السالف الذكر يشير إلى ذلك بصورة صريحة كما يشير إلى أن حدة التناقضات لن تكون فكرية فحسب وإنما قد تمس بعض الحقوق الأساسية كالحق في العمل والحق في التنمية .. وهذا ما ينبغي التفكير فيه بصوت مرتفع وذلك حتى نتجنب الثنائية المتصارعة التي وصلت إليها بعض المجتمعات التي سبقتنا في عمليتي الانفتاح والارتباط، فقد انقسم مجتمعها الواحد والمتماسك إلى فريقين الأول يملك عناصر القوة فيسود ويطاع وهم أقلية والثاني ليس أمامهم من خيار سوى الطاعة وإلا يدخلون في دائرة التهميش والإقصاء وبالقانون لأن الفريق الأول يملك من القوة المطلقة ما يجير حتى القانون لصالحه وفي كلتا الحالتين، فإن ذلك سيؤدي إلى نتيجتين لا ثالث لهما وهما: عولمة الثراء وعولمة الفقر والذي عبرنا عنهما في مقال سابق بالأسياد الجدد والعبيد الجدد، وهذا قمة التناقض الذي يحمل في طياته صراع لا تعايش على المدى المنظور وليس البعيد.

      تظل تلك مجرد افتراضات علمية لاستشراف المستقبل في ظل انتقال بلادنا من واقع اقتصادي كانت تديره الحكومة بنفسها بصورة كاملة إلى واقع جديد أصبح فيه القطاع الخاص المحلي والعالمي للاعب الرئيسي الآن والوحيد في المستقبل ما ترتب على هذه النقلة النوعية والكمية تحويل قطاع العمل والتوظيف من يد الحكومة إلى القطاع الخاص بحيث وجد جيل كامل من شبابنا نفسه في بيئة تسيطر عليها الربحية الميكافيلية خلافا لوضعية الجيل السابق الذي بناء مستقبله في بيئة تربط بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي وفي حالات كثيرة يكون للبعد الاجتماعي الأولوية على البعد الاقتصادي وفق حسابات تاريخية وجغرافية دقيقة ينبغي أن يؤخذ بها مهما كانت التحولات والاكراهات الخارجية لأنها تظل ثابتة وقد تستدعي نفسها تلقائيا إذا ما تم القفز فوقها، فكيف تدير بلادنا هذه المرحلة الحساسة؟ الإجابة نجدها في التوجيهات السامية الأخيرة لعاهل البلاد المفدى ـ حفظه الله ـ للحكومة لمواجهة التحديات الناجمة عن التحول التاريخي لدور الدولة شريطة ان تجسد في برامج تستوعب أهدافها ومراميها، فقد حمل جلالته الحكومة مسئولية ايلاء الإنسان العماني الاهتمام الأكبر وتنمية قدراته من خلال تسخير معطيات العصر الحديث له وبما يؤهله للتعاطي مع مضامينها الايجابية ،، وتعكس كل مفردة من مفردات تلك الفقرة دلالات كبرى وغايات أسمى ينبغي ان لا تمر علينا مرورا عابرا، فجلالته قد استخدم مفردة (الإنسان) وليس (المواطن) وهذا يعني أن الاهتمام الحكومي بالمواطن العماني ينبغي أن يرتقي في المرحلة الراهنة إلى التعامل معه ككونه إنسانا كصفة تسمو عن كيانه المادي المعبر عنه بصفة المواطنة، وهذا يعني من جهة ثانية ربط البعد الاقتصادي بالجانب الإنساني حتى نتحكم في تداعيات العولمة ولم يتوقف بلاغة ودلالة الخطاب السياسي عند ذلك رغم أهميته وإنما دعا الحكومة إلى مضاعفة اهتمامها بالجانب الإنساني للمواطن العماني وذلك عندما استخدم جلالته مفردتي (الاهتمام الأكبر) وهذا يعني أن هناك اهتماما كبيرا بالإنسان ينبغي رفعه لما هو اكبر منه، ثم عطف جلالته هذا الاهتمام الأكبر الذي جاء في صيغة عامة وشاملة بضرورة الاهتمام بجانب مهم من جوانب التنمية البشرية وهو تنمية قدرات الإنسان العماني من خلال تسخير معطيات العصر الحديث من أجل أن يكون المواطن ضمن الفاعلين فيه لا المهمشين أو المقصيين، وهذه التوجيهات الجديدة ينبغي أن تقودنا إلى مراجعة تجربة التعمين على نحو واقعي وصريح لنرى هل حقق أهدافه كما أرادها قائد مسيرتنا والمتمثلة في قول جلالته،، إن التعمين مطلب أساسي وبدونه لا يمكن أن نضمن للأجيال القادمة المستوى الكريم من العيش الذي نرجو لهم ،، وذلك حتى تتحدد للجهات التنفيذية ماهية الاهتمام الأكبر بالإنسان العماني في عصر العولمة، وعندها ستظهر لنا نماذج عديدة تحدد لنا الأسباب المفسرة لبعض الآثار السلبية للتعمين، كالأجور المتدنية للآلاف من الشباب التي تتراوح ما بين (120-140) ريالا وكذلك إخفاق برامج التدريب والتأهيل في نموذجها الحالي .. وتتفقون معنا إذن، بأن هناك فارقا كبيرا بين التعمين وفق ما يريده القائد وتطبيقاته على الأرض .. القضية مفتوحة.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions