ميلادية سعيدة وهجرية جديدة

    • ميلادية سعيدة وهجرية جديدة

      الوطن -

      خولة الحوسني:



      ما زلت أتذكر والحمدلله على نعمة التذكر، أتذكر تلك السبورة السوداء التي كان يعتليها من اليمين التاريخ الهجري ومن اليسار التاريخ الميلادي، وكانت المعلمة التي ستحضر في الحصة الأولى هي من تقوم بتغيير تاريخ اليوم الماضي أما إذا تغيبت فتقوم رئيسة الصف بإعطاء الأمر لأفضل خطاطة في الصف لتقوم بالتفنن في كتابة التاريخ وتأطيره بإطار من النقوشات التي تختفي مع نهاية اليوم لأن أداة الكتابة هي الطباشير، الجميع يتنافس على الكتابة لأن التاريخ يمثل شيئًا جميلاً دون معرفة ماهية الجمال به، ودون أن نعي أهمية تقدم يوم بعد يوم وبأن ذلك زمان ينقص من عمرنا في الحياة ويقترب من موعد رحيلنا منها، فكان تقدم التاريخ بالنسبة لنا هو بداية يوم دراسي جميل وبتقدمه اقتراب من نهاية العام الدراسي معنى ذلك أننا كبرنا وأننا سننتقل إلى صف دراسي أكبر فيه مقدرة أكبر على اتخاذ القرار وبأن هناك الكثير من الطالبات سيصغرننا سنًا وبإمكاننا إلقاء الأوامر عليهن وتأنيبهن كما تفعل المعلمات ومديرة المدرسة.

      في الوقت نفسه وعودة إلى التاريخ الهجري والميلادي فكتابة كل تاريخ ارتبط بنظام وتقليد معين لمعلمة كل مادة ، فمثلاً معلمة التربية الإسلامية كانت تكتفي بوضع التاريخ الهجري فقط وإلغاء التاريخ الميلادي أما معلمة اللغة الانجليزية فكانت تضع عنوانا أعلى عنوان الدرس التاريخ الميلادي بالانجليزي، ومعلمة التاريخ كانت تكتفي بوضع الشهر مع السنة للميلادي والهجري أما معلمة اللغة العربية فكانت تضعه بالحروف مع التشكيل ومعلمة العلوم لم تعره اهتمامًا وكانت تكتفي بتذكيرنا بما تبقى من أيام على مواعيد الاختبارات، وأما في الدفتر المدرسي فكل معلمة لها نظامها الخاص في وضعية التاريخ فهناك من يحبذه في اليمين والأخرى في اليسار وثالثة في الوسط، كل ذلك مجرد التزام يجب أن نتبعه دون معرفة السبب. وكان استخدام كل تاريخ يرتبط بهدف معين فالميلادي يعني بداية السنة الدراسية وإجازة نصف السنة ونهايتها ومواعيد الاختبارات أما الهجري فهو يذكرنا بالأعياد وشهر رمضان وموعد الحج وغيره من الواجبات والفرائض التي يجب على المسلم أداؤها أو الاحتفال بها ، أما غير ذلك فالمرجع للتاريخ الميلادي، وهكذا اعتدنا وأصبح التاريخ الميلادي بحكم المعتاد والضرورة. فله الآن وقع خاص في حياتنا الفعلية نعتمد في تنظيم الحياة كأفراد وأسر ودول، فنهاية السنة الميلادية يعني نهاية ميزانية وإعلان ميزانية لعام ميلادي جديد نهاية تنفيذ خطط وإعلان خطط جديدة .. وغيرها من الأمور التي ترتبط بنهاية السنة الميلادية، قد يقول قائل وذلك تماشيا مع دول العالم الأخرى ، لكن لماذا لا نحلم قليلاً ونجعلهم يعتمدون على تاريخنا العربي بدلاً من اعتمادنا على تاريخهم المسيحي الذي نحتفي به في الأماكن العامة والمراكز التجارية والمحلات، فتجد شجرة الميلاد مضيئة على مداخل المحلات، وألوان الكريسماس الحمراء أخذت مساحتها الواسعة، والفنادق والمطاعم تقدم عروضًا لتلك المناسبة، بل إن الأسر (المسلمة) أصبحت تحتفي به وتقيم الحفلات والعزومات في ليلة رأس السنة ، وبطاقات التهاني وخاصة الإلكترونية والرسائل القصيرة أصبحت تتبادل في عيد رأس السنة الميلادية ونسينا أنه قد سبقتها بأيام عيد السنة الهجرية تاريخ المسلمين.

      فعلى الرغم من قرب دخول السنتين الميلادية والهجرية إلا أن دخول السنة الهجرية يمر مرور الكرام لولا وجود تلك الإجازة التي ترتبط بدخولها والتي تنبهنا بذلك، فلما عرفنا متى تبدأ ومتى تنتهي لارتباط تقويم حياتنا بالميلادي ، فاختفت مظاهر الاحتفال به لتترك المجال للميلادي وخاصة دخول السنتين يأتي في نفس الفترة.

      أين هي مظاهر الاحتفاء بالسنة الهجرية من محاضرات وندوات وأدعية تجمعات دينية ، وإن وجدت تكون خاصة أو ترتبط بفئات معينة، الاحتفاء يجب أن يكون جماعيًا يشارك فيه الجميع فنحن في بلد مسلم والاحتفاء أحق بالسنة الهجرية من غيرها، وحتى ترسخ هذه القيم والعادات في الأجيال القادمة للمحافظة عليها وخوفًا من اندثارها ونسيانها كليًا في عصور العولمة. مع مراعات مناسبات الديانات الأخرى وترك المجال للاحتفال بها أيضًا. فمتى سنرتبط بالسنة الهجرية ونحتفل بها كمسلمين كما تفعل الديانات الأخرى.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions