الشبيبة:*نظمت الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء بالتعاون مع النادي الثقافي مساء أمس ندوة "التصوف في الأدب والفكر العماني " بمشاركة وحضور عدد من الباحثين والمهتمين في التصوف أو السلوك الذي شاع لفظه في الكتب الصوفية, كما أكد الدكتور عادل المطاعني ,ويعني سلوك طريق الحق بكثرة العبادات و الأذكار، بالإضافة إلى الزهد المتمثل في نبذ الدنيا والتوجه إلى الله تعالى ، ولهذا الطريق شروطه الخاصة به منها التوبة إلى الله والانشغال به عمن سواه حيث أن المتتبع لتاريخ الحركة الصوفية في الإسلام ، يطلع على ما عرفته هذه الحركة من انشقاقات متعددة بين أقطابها 0 فمنهم من اهتم بالأوراد والأذكار وفلسفة بعض الأفكار الغريبة والبعيدة عن الإسلام ، حيث ظهرت فيه الشطحات ، وإهمال الفرائض والعبادات ، واعتبارها من الطقوس التي يطلع عليها جميع الناس.



ومن هنا جاءت أهمية هذه الندوة التي أدارها الأديب والشاعر سماء عيسى واشتملت على ثلاثة محاور ، حمل المحور الأول الذي قدمه الباحث خميس بن راشد العدوي،عنوان "العرفان عند الشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي" حيث قدم تعريفا للعرفان وهو الحصول على المعرفة عن طريق الباطن كالكشف والإلهام، وهي طريقة ترتفع عن تحصيل المعرفة من طريق البحث والبرهان وتطرق الى أهم قضايا العرفان التي تطرق إليها فيلسوفنا كالكشف والإلهام والفيض والنور وهي تنوير العقل بنور العلم لتذهب ظلمة الجهل، وهي التخلق بالصفات الحميدة والتخلي عن الصفات الذميمة، وانكشاف حقائق الوجود الكبرى، التوحيد والمآل، والدلالة عليهما، وإنما هذه كلها أسماء واستعارات مجازية، وجاز القول في معانيها كذلك تمثيلاً، ليهتدي أهل العقول إلى الحق الموصل إليها وتساءل :لماذا يتم اللجوء إلى العرفان والتصوف بكثافة ؟ مجيبا على ذلك بأنه " نوع من التعويض النفسي الداخلي عن الإخفاق على المستوى الاجتماعي الخارجي و الحفاظ على الذات بإبقاء الأمل، فالضعف السياسي قد يؤدي إلى تلاشي الفكرة ويحقق نوعاً من السرية يصعّب على الخصم السياسي كشفها. ثم تحدث حول تصنيف كتاب "الإخلاص بنور العلم والخلاص من الظلم" و إدراك الشيخ ناصر أن اللامنطق "علم الأسرار" غير قادر على تحقيق الأهداف السياسية، ودخوله تحت مظلة السلطة القائمة

فيما تناول المحور الثاني "البعد الصوفي في الفكر الإباضي"، وقدمه الباحث سلطان الحراصي وقد قسم ورقته إلى مبحثين، تحت كل مبحث عدة مطالب، وقد بين في المبحث الأول وما فيه من مطالب: بعض التأملات في الظاهرة الصوفية عموما، من حيث المعنى والنشأة والخصائص، والإيجابي من التصوف والسلبي، وأما المبحث الثاني: فقد تناول في مطالبه التصوف والفكر الإباضي، من حيث حقيقة التصوف عند الإباضية، وأنواعه، وبعض خصائصه وسماته وقال الحراصي : "رغم أن شيوخ التصوف الإباضي لم يعنوا كثيرا بدراسة مباحث الفلسفة الصوفية ومصطلحاتها، إلا أن الرغبة ربما كانت ظاهرة من بعضهم، في خوض غمار هذا الجانب المعرفي، ولا أدل على ذلك من إطلاق لفظ " الشيخ الرئيس" على الشيخ جاعد بن خميس الخروصي، ومعلوم أن هذا اللفظ قد أطلق من قبل على ابن سينا، وهو من مناصري نظرية الفيض والإشراق الفلسفية، وكذلك اهتمام الشيخ ناصر بن جاعد بالفلسفة الصوفية، وشرحه لتائيتي ابن الفارض، شرحا عميقا، بحيث انه لم يرد من ذلك الشرح، مجرد شرح لأبيات شعرية سلوكية، بل ربما كان يريد تأسيس النواة الأولى للمعرفة الصوفية، والتي تتعدى التصوف المصطلحي إلى التصوف الفلسفي، في محاولة جادة لوضع كتاب أسماه "نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك"، وتوجيه كثير من تلك الأبيات الشعرية إلى ما يراه من الحق والاستقامة في الدين كما ذكر ذلك بنفسه.

وتناول العديد من المفاهيم التي بحثت في مجال التصوص في الفكر الإباضي من حيث أن التجربة السلوكية الأباضية لا يتحقق اكتمالها إلا باكتمال أركانها ، وتقوم في أصلها على الطرائق العملية كما أشار الدكتور عادل المطاعني في ورقته "الشعر السلوكي العماني (موضوعاته وخصائصه) بالمحور الثالث حيث قدم دراسة موضوعية وصفية تاريخية لشعر السلوك العماني خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وبداية القرن العشرين من خلال أعمال الشعراء الأربعة سالفي الذكر كنماذج تمثيلية نحاول من خلالها التعرف على موضوعات هذا الشعر وخصائصه ومميزاته وطرائق اشتغاله وخلص " إلى أن التجربة الشعرية السلوكية أخذت من التجربة الصوفية على مستوى البنية الفكرية ، واللغوية ، والفنية ما يتفق مع طبيعتها ، فأفادت في حدود ما يوافق الاتجاه الفكري السلوكي ، ولكنها رسمت لنفسها حد الاستقلال كتجربة مستقلة عن الصوفية " ثم دارت مناقشات مع الحضور أثرت الجلسة .