التسوّل الهاتفي

    • التسوّل الهاتفي

      عُمان -

      د. شريفة بنت سالم آل سعيد:



      المسلم في المجتمع الإسلامي مطالب بالعمل تحصيلا لرزقه، وحفظًا لكرامته، وهو مأمور بأن يمشي في مناكب الأرض، ويأكل من رزق الله، قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه). الملك/15.

      وحثّ الإسلام المسلم على العمل حتى وإن كان شاقًّا أو قليل الثمرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره فيتصدّق به، فيستغني عن الناس، خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أو منعه، ذلك بأن اليد العليا خير من اليد السفلى).رواه الترمذي والبيهقي، وفي رواية: (والذي نفسي بيده ليأخذ أحدكم حبلا فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا آتاه الله من فضله، فيسأله أعطاه أو منعه). رواه الربيع والبخاري

      ولكن للأسف فمن الناس من انصرف عن العمل والسعي في مناكب الأرض، وأقبل على التسوّل، واتخذه صنعة، إذ وجده بابًا واسعًا للكسب السريع، وسلك في ذلك حيلا كثيرة للوصول إلى غرضه، والظهور بمظهر الفقير المستحق، واستغل بماء وجهه عاطفة الناس ورقّة قلوبهم.

      وقد ازدادت ظاهرة التسوّل في السنوات الأخيرة، وتنوعت أساليب المتسولين في الزيف والخداع من أجل الحصول على استعطاف الآخرين، وكسب مزيد من المال بدون أدنى جهد أو عناء، وآخرهذه الأساليب التسول الهاتفي، أي التسول عبر المكالمات أو الرسائل الهاتفية ، ولاقى هذا الأسلوب نجاحا كبيرا في جمع أكبر قدر من الأموال بأسهل الطرق في نظر المتسولين، وبعيدا عن ملاحقة الأجهزة الأمنية، وأصبح أشبه ما يكون بالشيء العادي أن يتصل المتسولون بمن لا يعرفونهم ويطلبون منهم مساعدات مالية لعلاج أو زواج أو حج أوشراء طعام وغيرها من الأمور والتي غالبا ما تكون حججا كاذبة لمجرد استغلال الآخرين، وللأسف يتعاطف الاشخاص المتصل بهم مع المتسولين فيتبرعون لأناس لا يعرفونهم شخصيا،فيقومون بتحويل مبالغ نقدية إلى حساباتهم البنكية.

      وقد حرّم الإسلام التسوّل وحذّر منه، فلا يحلّ للمسلم أن يلجأ إلى سؤال الناس، فيريق ماء وجهه، ويخدش كرامته من غير ضرورة تُلجئه إلى السؤال، ولا فرق في ذلك بين أن يلتقي المتسول بالمحسن مباشرة أو أن تكون وسيلة التواصل بينهما الهاتف فقط، وبذلك فلا يضطر المتسول إلى الالتقاء بالمحسن .

      وقد وردت بعض الأحاديث في ذمّ التسوّل، منها قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزّعة لحم)، أي: قطعة لحم. رواه البخاري، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من سأل الناس أموالهم تكثّرًا، فإنما يسأل جمرًا فليستقلّ أو ليستكثر)،رواه مسلم، وسؤال الناس تكثرًا أي: ليكثر ماله، وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فأعطاني، ثم سألته، فأعطاني، ثم سألته، فأعطاني، ثم قال: (إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس – بتطلع - لم يبارك فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع). رواه مسلم.

      وينبغي للمسلم الراغب في البرّ والإحسان أن يجتهد في البحث عن الفقراء والمساكين المستحقّين للصدقة والزكاة، ولا يجوز أن يخرج ماله إلى غيرمستحقيه من متسولين يتخذون التسول مهنة لهم، وعلى المتصدق أن يبدأ بأرحامه وأقاربه فهم أولى بالمعروف، وبعد أن يسدّ حاجة المستحقين منهم بالصدقة يبحث في جيرانه ورفاقه، ثم يبحث عن الفقراء والمحتاجين من غيرهم الذين لا يجدون حيلة، ويمنعهم الحياء من الظهور بمظهر المتسوّلين، وقد وصفهم الله تعالى بقوله: (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربًا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافًا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًّا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون). البقرة/273-274.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions