ـ لمْعلمة حَميدةْ ـ - جديد ابن المرار

    • ـ لمْعلمة حَميدةْ ـ - جديد ابن المرار


      عندما كُنت صغيرا كان أخي الكبير يصطحبني معهُ إلى مجلس "لِمْعَلْمة حميدةْ"؛ التي وضعت على عاتقِها تَدريس الأطفال والشباب القرآن الكريم تلاوةً وحفظًا، ولهذا يتهافت المئات من الأطفال والشباب على منزل هذه المرأة الفاضلة كل يوم، وخاصة خلال أيام الإجازات الرسمية وأبرزها الإجازة الصيفية.

      لم تَكن مدرسة "لمْعلمة حَميدةْ" مجرد مدرسة لتعليم القرآن الكريم فحسب؛ بل كانت مدرسة للقيم والمبادئ والأخلاق المستوحاة من الدين الإسلامي، والمغلفة بمجموعة من العادات والتقاليد التي تُكسب الأبناء المتعلمين هوية اجتماعية وطنية، وتجعلهم يحافظون على هويتهم بألية فريدة من نوعِها لا يُتقنها الكثير من "فلاسفة هذا العصر" .

      وعلى الرغم من أن المدرسة كانت في "حُوشْ" منزل هذه المرأة الفاضلة التي جعلت منهُ قِبلة لطلاب العِلم، أن المكان كان مناسبًا للطلاب ومهيّاً لهم، بداية من المظلة المصنوعة من سعف النخيل ومروراً بمجموعة "الحصير" المفترشة للأرض، ونهاية بتلك المصاحف التي تنتشر في "حوش" المنزل الذي يعج بأصوات التلاميذ وهم يقرؤون الآيات القرآنية عند كل صباح.

      أضف إلى ذلك كلِـّهِ "الاختلاط" حيث الذكور يتعلمون مع الإناث دون الحاجة إلى "ألة تصوير" لمراقبتهم، أو "مشرفات" لتوجيههم، فقط هي المُعلمة والأستاذة الوحيدة التي تجلس هناك على رأس "الحُوش" وعن يمينها ويسارها وأمامها مجموعة من الأطفال والمراهقين والشباب ذكوراً وإناثًا ولا يجْرُؤُ أحدهم على مخالفة نظام "لمْعلمة حَميدةْ ".
      أكثر من مائة طالب يملؤون "الحُوش"، وكل شيء يتم على قدم وساق وفق أنظمة ولوائح بسيطة ومتواضعة، فإذا رفعت "حميدة" العصا سكت الطلاب، وإذا أشارت بها لطالب من طُلابها اِرتجف وتعلثم وطأطأ رأسه للأسفل اِحترامًا وتقديراً لأستاذته وقال : "مُرِينيِ ماه حميدة".

      ولم تَغفل الأستاذة عن الأنشطة التي تخدم الطلاب وتجعلهم أكثر فعالية وتخرجهم عن الروتين اليومي، فقد كانت تُعد لهم الحفلات بمناسبات عديدة أبرزها "حفظ أحد الطلاب للقرآن الكريم"، حيث يقام إحتفالُ يليق بالمدرسة وطلابها، وتوزع الحلوى العُمانية، ومجموعة من الأكلات الشعبية الأخرى، إلى جانب الأناشيد والأهازيج التي يرددها الطلاب، "مولانا مولانا ... السميعُ دعانا ... في أمة محمد ...."، وفق نظام عجيب لا تجدهُ إلا في "خلايا النحل وفي مدرسة "لمْعلمة حَميدةْ ".

      هذه الأمّ والمعلمة والشخصية التاريخية التي ألفها الكثير من الناس وتعلم الكثير من الشباب على يديها هي أنموذج من نماذج المعلمات الفاضلات، حيث أكدت على قدرتها العبقرية في إدارة مدرسة تضمّ مجموعة من الأطفال والمراهقين والشباب بجنسيهم الذكور والإناث، وكأنها تُدير روضة أطفال ومدرسة للتعليم الأساسي وأخرى للتعليم العام في وقت واحد، كانت الأستاذة والمديرة والأخصّائية الاجتماعية والمنسقة والموجّهة والمشرفة و ... و ....

      ويجب على كل المعلمين والمعلمات الذين يتذمرون من مهنة التدريس أن يحتذوا بمثل هذه الشخصيات التي يفخر التاريخ بها على مر العصور، وأن يتخذوا من هذه "المرأة" منهجًا دراسيًا لتنمية قدراتهم في مجال التعليم والتعامل مع طلاب المدارس .

      ابن المرار، محمد سعيد
      الأربعاء 13يناير ????




      المصدر : مدونة ابن المرار


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions